روابط للدخول

خبر عاجل

(مرحبا بكم في طهران – كيف استولت إيران على السيطرة في البصرة) عنوان مقال منشور في صحيفة الغارديان البريطانية


أياد الكيلاني و سميرة علي مندي

- نشرت صحيفة الـGuardian البريطانية تقريراً لمراسلها في البصرة بعنوان (مرحبا بكم في طهران – كيف استولت إيران على السيطرة في البصرة) ، تقول فيه أن سياسيين ومسئولين أمنيين ورجال أعمال شرحوا خلال زيارة استمرت تسعة أيام إلى هذه المحافظة الجنوبية ، شرحوا كيف باتت شوارع المدينة تحت السيطرة الفعلية لميليشيات متناحرة تسعى إلى تحقيق السيطرة على الأرض، وعلى آليات الدولة الهشة في الفترة التالية لنظام صدام حسين، وعلى الموارد المالية المتحققة من النفط وتهريب الأسلحة.
ويوضح التقرير أن المسلحين الذين شأنهم شأن أقرانهم في بغداد يسرعون بسياراتهم المعدة للنقل الخفيف ، في مدينة تتقاسمها ميليشيات تتبادل الشكوك والريبة فيما بينها ، تماما مثل عائلات عصابات المافيا.
وينقل المراسل عن أستاذ جامعي متخصص بالقانون قوله النبي محمد لو جاء إلى البصرة اليوم ، لتعرض إلى القتل لكونه لا يمتلك ميليشيا ، ويشير الأستاذ الى عدم وجود دولة قانون ، مؤكداً ان القانون الوحيد هو قانون الميليشيات على حد تعبيره.
ويمضي المراسل الى القول أن هذا الوصف للحياة في المدينة يتطابق مع ما يقوله سياسي بصري بارز يدعى (أبو عمار) ، الذي كان يمني نفسه بآمال كبيرة حين وصلت القوات البريطانية إلى مدينته قبل ما يزيد عن أربع سنوات ، إذ يقول ان الأحزاب الدينية حين تقول إن البصرة تنعم بالهدوء ، فهذا يعود إلى كونها تسيطر على المدينة وتقوم بنهبها.
أبو عمار يرى إن البصرة هادئة ليس لكونها واقعة تحت سيطرة الشرطة ، وإنما نتيجة لمصالح الميليشيات المختلفة الراغبة في الحفاظ على الوضع القائم فيها ، مضيفاً انه في اللحظة التي تتعرض فيها مصالح تلك المليشيات إلى التهديد ، يمكن للمدينة بأكملها أن تحترق – بحسب ما نقل عنه المراسل الذي يوضح بأن (أبو عمار) – كالعديد من الذين تحدث معهم – أكد له بأن مظاهر الدولة العاملة في البصرة ليست سوى أوهام ، وأضاف ان قوات الأمن مكونة من أفراد الميليشيات ، وان قوات الشرطة سوف تنقسم وفق انتماء أفرادها السياسي في أية مواجهة تنشب بين الأحزاب السياسية التي سوف تتقاتل فيما بينها – بحسب تعبيره.

------------------فاصل-----------------

ويتابع مراسل الصحيفة بأن المسيطرين الحقيقيين على البصرة هم من أمثال رجل يدعى (سيد يوسف) – وهو قائد متوسط المرتبة لمليشيا (نقمة الله) – إلا أن اسمه واسم الميليشيا التي ينتمي إليها تثير الفزع في جميع أرجاء البصرة.
ويوضح التقرير بأن (سيد يوسف) الذي كان طالباً سابقاً لعلوم الدين – كان قد بدأ بمجموعة صغيرة من المسلحين تحتل أحد المباني العامة الصغيرة، وتمكن من تكوين سمعة بأنه سفاح لا يهاب شيئا، فكان يقتل البعثيين السابقين وبياعي الخمور، قبل أن يصبح منفذ عمليات قتل لكل من كان على استعداد لدفع الثمن.
ويروي المراسل بأنه ذهب لمقابلته في مجمعه في البصرة حيث شاهد المسلحين يحرسون الخارج، وقناصا يراقب الشارع من سطح المبنى.
وكانت الغرفة المجاورة لمكتبه تضم زعماء عشائر ومسئولين حكوميين والمزيد من المسلحين، جالسين على الأرض في انتظار مناداتهم لمقابلة (سيد يوسف). كان البعض منهم يتطلع إلى مساعدته في تعيين أحد أقربائهم في الجيش أو الشرطة، وكان البعض الآخر لديهم مشاكل مع ميليشيات أخرى فجاءوا لطلب حمايته. ولكن الأغلبية العظمى من الموجودين حضروا لتقديم الولاء لرجل قوي قد يحتاجون مساعدته في يوم من الأيام. وفي الوقت الذي تنزلق فيه آليات الدولة نحو الفوضى أصبح أشخاص من أمثاله المصادر الرئيسية للعدالة والرعاية، وما من أحد في البصرة يتم تعيينه في الجيش أو الشرطة أو في وظيفة رسمية بلا كتاب تأييد من إحدى الميليشيات أو الأحزاب السياسية.
وينسب التقرير إلى (سيد يوسف) توضيحه بأنه منشغل هذه الأيام في صراع مع حزب الفضيلة الذي ظل يسيطر على المحافظة ومرافئ النفط طوال السنتين المنصرمتين. ويمضي إلى التوضيح بأن (سيد يوسف) – مع ميليشيات أخرى لها روابط وثيقة مع إيران – تسعى إلى إزاحة حزب الفضيلة، وينقل عنه قوله إلى أحد مساعديه: "لقد أبلغت جميع أعضاء مجلس المدينة بأن عليهم أن يختاروا، فإما أن يصوتوا ضد المحافظ أو يموتوا.

-----------------فاصل--------------

ويتابع مراسل الـGuardian في تقريره بأنه زار جنرالا عراقيا كبيرا في وزارة الداخلية، حيث شاهد نحو إثني عشر مسلحا يرتدون الزي العسكري نائمين هنا وهناك، فرافقه ضابط برتبة متدنية عبر متاهة من الممرات المحصنة بأكياس الرمل. كان الجنرال يجري مكالمة هاتفية مع ضابط آخر لدى دخول المراسل، فسمعه يهدد المتحدث بسخرية: "عليك أن تسكت، وإلا أرسلت الديمقراطية إلى مدينتك." وبتابع المراسل بأن الجنرال الذي طلب عدم نشر اسمه خشية إثارة نقمة الميليشيات صافح الزائر لدى انتهائه من المكالمة، ورحب به قائلا: "مرحبا بك إلى طهران" – بحسب تعبيره الوارد في التقرير.
ويمضي المراسل إلى أنه سأل الجنرال عن صحة الادعاءات البريطانية بأن الوضع الأمني بات يتحسن ، فأجابه ان البريطانيين أتوا بصفة سائحين عسكريين ، فارتكبوا أخطاء جسيمة حين قاموا بتشكيل قوات الأمن ، إذ قاموا بتعيين أفراد ميليشيات كضباط في الشرطة وفضلوا عدم الدخول في مواجهة مع الميليشيات، فوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من كون الميليشيات تمثل سلطة شرعية في الشارع _ بحسب الجنرال الذي تابع قائلا ان قوات الشرطة تنقسم في أغلبها بين حزب الفضيلة الذي يسيطر على وحدة الدعم التكتيكي، وجماعة مقتدى التي تسيطر على الشرطة النظامية. كما يسيطر الفضيلة على مرافئ النفط ما يجعله يسيطر على قوة حماية النفط وعلى جزء من البحرية. ويسيطر مقتدى على الموانئ والجمارك، فيسيطر بالتالي على الجمرك وعلى الشرطة وعلى الاستخبارات. أما رجال الكوماندو فيقعون تحت سيطرة فرقة بدر.

-----------------فاصل---------------

ويمضي مراسل الصحيفة في تقريره إلى أن مسئولا استخباريا عسكريا – شاء أن يسميه سامر – أكد له في غرفة الجلوس بمنزله المتواضع في البصرة بأن الميليشيات قادرة – لو شاءت – على السيطرة على المدينة في غضون نصف ساعة، وتابع بوصف القوى الاقتصادية التي تقف وراء تنامي الميليشيات، بقوله: "الميليشيات والعشائر ليست سوى (كارتيلات)، فهي تسيطر على الموانئ الرئيسية والمرفأ الرئيسي للنفط، كما لديها موانئ خاصة بها، ويوقم الجميع بتهريب النفط. أما حين يحدث خلل في موازنة القوى، تكون النتيجة القتال في الشوارع".
وينقل المراسل عن (سامر) أن منذ بضعة أسابيع مضت، تم استبدال مسئول موال لمقتدى الصدر بمديرية الكهرباء، بمسئول آخر موال لحزب الفضيلة، ما أشعل صدامات في الشوارع بين وحدات شرطة مختلفة. أما الذي يزيد الأمور تعقيدا – بحسب ما ينقل التقرير عن (سامر) – هو أن معظم أفراد الميليشيات يحتفظون بعدد من بطاقات الهوية، تنسب إلى حاملها الانتماء إلى جماعات مختلفة، فهذا يتيح لهم الانتقال بولائهم إلى الجهة التي تدفع أكثر – بحسب تعبيره.

----------------فاصل-------------

ويؤكد مراسل الـGuardian في تقريره بأنك لا يمكنك التحرك بعيدا في البصرة دون الاحتكاك بما يدل على النفوذ الإيراني في المدينة، فالبضائع الإيرانية تروجها جميع أسواق المدينة، من منتجات الألبان إلى الدرجات النارية إلى الأجهزة الالكترونية. كما تعرض كراسات تعليم اللغة الفارسية في المكتبات، وتزين الجدران صور (آية الله الخميني). غير أن النفوذ الإيراني موجود أيضا في أماكن أكثر إثارة للريبة، وينقل المراسل عن المدعو (أبو مجتبى) وصفه لمستوى التعاون بين وحداته وإيران، موضحا بأن الرواية تتطابق مع ما كان سمعه من أشخاص آخرين. فيروي المراسل بأنه كان جالسا في منزل (أبو مجتبى) في أحد أفقر أحياء البصرة، حين قال له:" نحن بحاجة إلى الأسلحة، وتمثل إيران المصدر الوحيد المتاح لنا. فلو قدم لنا السعوديون ما نحتاج من الأسلحة لتوقفنا عن جلبها من إيران"، وتابع موضحا: "الإيرانيون لا يمنحونا أسلحة، بل يبيعونها لنا، فالقنبلة الإيرانية تكلفنا مائة دولار. ونحن ندري أن إيران ليست مهتمة بمصلحة العراق، وندري أنهم أتوا لمحاربة الأميركيين والبريطانيين على أرضنا، ولكننا بحاجة إليهم، وهم يستغلوننا" – بحسب تعبير أبو مجتبى الذي تابع مؤكدا بأن معظم الميليشيات والأحزاب الشيعية التي تسيطر على السياسة في البصرة اليوم، كان قد تم تأسيسها وتمويلها من قبل طهران.
ويمضي المراسل إلى أن هذا التقييم يتفق عليه كل من الجنرال ومسئول الاستخبارات، وينقل عن الجنرال قوله: "لم تتسلل إيران إلى داخل الحكومة وقوات الأمن من خلال الميليشيات والأحزاب التي تمت تنميتها في إيران فحسب، بل تمكنوا أيضا من التسلل إلى جماعة مقتدى من خلال تزويدها بالأسلحة. كما احتضنت إيران بعض المستاءين والميليشيات من خلال تزويدهم بالأسلحة والمال.

على صلة

XS
SM
MD
LG