روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: استمرار الانقسامات في مجلس الأمن إزاء العراق


تستمر انقسامات الدول الأعضاء في مجلس الأمن إزاء العراق على الرغم من التقرير الذي قدمه المفتشون الدوليون عن مدى تعاون بغداد في تنفيذ القرار 1441. التفاصيل في التقرير التالي الذي أعده ويقدمه (ناظم ياسين)، ويتضمن تعليقات عدد من الخبراء والمحللين.

لم يفلح التقرير الذي قدمه كبيرا المفتشين الدوليين إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن عمليات التفتيش عن الأسلحة المحظورة في العراق لم يفلح كما يبدو في التوصل إلى أرضية مشتركة بين أعضائه في شأن التعامل مع بغداد. فالولايات المتحدة وبريطانيا تؤكدان ضرورة اللجوء إلى الخيار العسكري لنزع أسلحة العراق المحظورة فيما تدعو فرنسا وروسيا ودول أخرى إلى تعزيز عمليات التفتيش واستمرارها.
مراسل إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية في واشنطن (جيفري دونوفان) أعد تقريرا عن هذه الموضوع أشار في مستهله إلى استمرار الانقسامات بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن إثر تقديم رئيس لجنة (آنموفيك) هانز بليكس تقريره الجمعة إلى المجلس.
وعلى الرغم من أن بليكس اتهم العراق بعدم تقديم معلومات كاملة في الإعلان الذي قدمه عن برامجه التسليحية المحظورة إلا أنه امتنع عن القول بأن بغداد لم تذعن بشكل تام.
محللون ذكروا أن بليكس تجنّب في تقريره بعناية التصريحات التي من شأنها أن تعزز موقف واشنطن ولندن من جهة وموقف روسيا وفرنسا ودول غيرهما من جهة أخرى.
(جوديث كيبر)، وهي محللة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، صرحت لإذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية بالقول:

المحللة جوديث كيبر:
"أعتقد أنه لا يوضّح الأمر. وأعتقد أن تقريرَه كان يشير إلى قليلٍ من التعاون في بعض المجالات وعدم التعاون الكافي في مجالات أخرى. وما يزال التقرير ليس واضحا تماما".

--- فاصل ---

لكن محللين آخرين حذروا من أن تقرير بليكس قد يتضمن من المواد ما يكفي كي تبرر واشنطن تشديدها على ضرورة اللجوء إلى الخيار العسكري لإطاحة الرئيس العراقي صدام حسين ونزع الأسلحة المحظورة التي يُشتبه بأن بغداد تمتلكها.
محمد البرادعي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أبلغ مجلس الأمن أن عددا من القضايا ما يزال قيد التحقيق. لكنه كرر القول إن المفتشين النوويين لم يعثروا على أسلحة.
أما بليكس فقد استخدم كلمات أكثر شدة في القول إن بإمكان المفتشين أن ينجزوا مهامهم بوقت سريع في حال توفر التعاون العراقي الكامل والمباشر، مشيرا إلى أن بغداد أخفقت في اجتياز أحد الاختبارات الأساسية.

وفي هذا الصدد، قال رئيس لجنة (آنموفيك):
"على الرغم من حجمه الكبير فإن الإعلان الذي قدمه العراق في السابع من كانون الأول الماضي لم ينتهز فرصة توفير المواد والأدلة الجديدة الكافية للرد على أسئلة عالقة. وربما تكون هذه هي أكبر مشكلة تواجهنا. وعلى الرغم من قدرتي على إدراك أن الأمر ليس سهلا بالنسبة للعراق كي يوفر الأدلة المطلوبة في جميع الحالات، فإن واجب المفتشين هو ليس البحث عن هذه الأدلة. وعلى العراق نفسه أن يؤدي مباشرة هذا الواجب وعدم التقليل من أهمية الأسئلة المطروحة".

المحلل (تيد غيلن كاربنتر)، وهو باحث في معهد (كيتو)، أحد مراكز البحوث المستقلة في واشنطن، ذكر أن مثل هذا التصريح الذي تضمنه تقرير بليكس يوفر للبيت الأبيض ما يعزز قضية شن الحرب ضد صدام.

المحلل كاربنتر:
"إذا استمعت إلى التقرير برمته تجد أن بليكس قد اقترح في الواقع مواصلةَ عمليات التفتيش. وقد شعر بأنها مُجدية، ولذلك لا توجد بالتأكيد ضرورة ملحة للجوء إلى العمل العسكري. لكني أعتقد أن الإدارة سوف تتجاهل هذه التحذيرات وتشير ببساطة إلى أن استمرار العراق في عدم التعاون هو مبرر كاف للعمل العسكري".

(آري فلايشر)، الناطق باسم البيت الأبيض، أدلى مباشرة إثر كلمة بليكس بتصريحات ركّز فيها فقط على الجوانب التي تعزز موقف واشنطن في تقرير كبير المفتشين الدوليين. فقد أكد الناطق الرئاسي الأميركي أن بليكس أشار للمرة الأولى إلى مسؤولية العراق، وليس فرق التفتيش، في توفير أدلة على البرامج التسليحية وإزالة الأسلحة المحظورة.

فلايشر:
"حينما تستمع إلى السيد بليكس وصفَهُ صباح اليوم أولاً حقيقةَ أن العراق يمتلك الأسلحة الفتاكة بشكل محظور، وثانياً إشارتَه إلى عدم وجود كشفٍ بأسلحة الدمار الشامل الأشد فتكا مثل الأنثراكس وغاز الأعصاب (في أكس)، فإن لدى العالم سببا كبيرا للقلق حول امتلاك صدام حسين هذه الأسلحة. وهذا ما تمخض عنه اليوم اجتماعُ نيويورك".

--- فاصل ---

التقرير الذي أعده مراسل إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية في واشنطن يشير إلى أن الأيام القليلة المقبلة سوف تشهد نقاشات حادة بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن حول قضية الأسلحة العراقية المحظورة.
وزير الخارجية الروسي إيغور إيفانوف أبلغ المجلس موقف موسكو الداعي إلى منح المفتشين الدوليين مزيدا من الوقت، مشيرا إلى أن معظم دول العالم تشارك بلاده في هذه النظرة.

إيفانوف:
"يجب أن تستمر عمليات التفتيش. والأغلبية الساحقة من دول العالم تشاطرنا هذه الرؤية، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

أما الدولتان الكبريان الأخريان اللتان تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، وهما الولايات المتحدة وبريطانيا، فقد أعدتا مشروع قرار جديد قد تطرحانه على التصويت ويتضمن تخويلا ضمنيا باستخدام القوة ضد العراق.
لكن المحللة (جوديث كيبر)، وهي خبيرة في شؤون الشرق الأوسط، ترى أن واشنطن ولندن قد تواجهان معركة شاقة في كسب الأصوات اللازمة لصدور القرار الجديد نظراً لأن عددا من الدول الأعضاء الخمسة عشر في المجلس يتجنب اتخاذ موقف من هذه القضية.

المحللة جوديث كيبر:
"ما نزال في خضم عملية دبلوماسية مهمة. ومن الواضح أنه إذا كانت أميركا عازمة على المضي قُدُما كما يبدو، فإنه سيتعين على الدول الأخرى، خاصةً فرنسا، أن تقرر ما إذا سوف تستخدم الفيتو لمعارضة أي قرار تطرحه الولايات المتحدة على التصويت. ومن شأن هذا الأمر، عند حدوثه، أن يتسبب بأزمة كبيرة ليس بين الولايات المتحدة وأوربا فحسب بل في الأمم المتحدة والعالم. لذلك فإن الوقت الراهن عصيب جدا".

المحللة (كيبر) تعتقد أيضا أن فرنسا قد تغير موقفها كي تتفادى الإضرار بموقف مجلس الأمن ومن أجل ضمان مصالحها إثر أي حربٍ ضد العراق.

--- فاصل ---

وفي مقابلة مع إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية، توقع (ريموند تانتر)، العضو السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي أثناء عهد الرئيس رونالد ريغان والذي يدرّس حاليا في جامعة ميشيغن، توقع أن يأخذ النقاش الدائر بين أعضاء مجلس الأمن في الأيام المقبلة الشكل التالي.

تانتر:
"أتوقع أن يتم التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرارٍ من نوعٍ ما بحلول نهاية شباط إذا استنتجت الإدارة الأميركية بأنها سوف تحصل على تأييد تسعِ دول مع عدم قيام أيٍ من الدول دائمة العضوية باستخدام الفيتو. وبعد هذا التصويت، وبغض النظر عما إذا صدرَ قرار ثان أم لا، فإن الولايات المتحدة سوف يكون لها الوجود العسكري على الأرض مع احتمال نشوب الحرب في وقتٍ ما من منتصف آذار".

أما المحلل (كاربنتر)، وهو خبير في السياسة الخارجية الأميركية، فهو يتفق مع الرأي القائل بأن الرئيس جورج دبليو بوش جاهز ومستعد لقيادة تحالف دولي خارج مظلة الأمم المتحدة بهدف إطاحة صدام.
لكنه ذكر أن مثل هذا الاحتمال قد يقوض سلطة المنظمة الدولية فضلا عن أنه قد يؤدي بالولايات المتحدة إلى انتهاج سياسة طويلة الأمد في العمل خارج الهيئة العالمية للتعامل مع القضايا الأمنية.
كما أشار المحلل (كاربنتر) إلى أن الانقسامات في شأن العراق قد تضر التحالف الأطلسي بين الولايات المتحدة وأوربا.

المحلل كاربنتر:
"أشعر أن فرنسا وألمانيا، بشكل خاص، تقومان الآن بإعادة تقييم أهمية حلف شمال الأطلسي بصفته المؤسسة المركزية للعلاقة بين الولايات المتحدة وأوربا. وهم يسألون أنفسهم: هل حقا يحصلون من العلاقة مع الأمم المتحدة على ما يكفي لتبرير الثمن الذي يدفعونه، أي السير وراء سياسات الولايات المتحدة التي يعتقدون أنها مضلّلة بشكل عميق".

التقرير ختم بالقول إن وزير الخارجية الأميركي كولن باول أبلغ مجلس الأمن أنه يتعين عليه النظر فيما إذا ينبغي اللجوء إلى "العواقب الوخيمة" ضد العراق، وهي العبارة التي يُقصَد بها على نطاق واسع العمل العسكري. لكن باول ذكر في وقت لاحق أن القضية سوف تُحلّ "في غضون أسابيع، لا أشهر"، على حد تعبيره.

على صلة

XS
SM
MD
LG