روابط للدخول

خبر عاجل

مدى تأثير إشارة مجلس الأمن إلى دولة فلسطينية مستقلة على الوضع بين الاسرائيليين والعرب


في الأسبوع الماضي صادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار يتعلق بالنزاع الفلسطيني الاسرائيلي. القرار أشار للمرة الأولى في تاريخ الأمم المتحدة إلى دولة فلسطين مستقلة تتمتع بحدود معترف بها تقوم إلى جانب دولة إسرائيل. صحيح أن هذه العبارة صيغت في إطار رؤية للمستقبل، لكن القرار الذي اقترحته الولايات المتحدة حظي بترحيب نادر من جميع الأطراف المعنية، بما فيها طرفا النزاع المباشران. بل أن البعض تحمس إلى حد وصف القرار بأنه تاريخي، على أساس أنه يعني أن واشنطن قررت أخيراً قبول موقف تبنته بقية دول العالم منذ زمن بعيد. فهل يمكن اعتبار هذا القرار تحولاً يمكن أن يقود إلى تغيير حقيقي على صعيد أزمة الشرق الأوسط؟ على رغم تحمس البعض وتفاؤله فإن محللين في شؤون الشرق الأوسط يرون العكس، ويقولون أنه أي قرار لن يؤثر كثيراً في الوضع المتفاقم بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وبالتالي بين الاسرائيليين والعرب. مستمعينا الكرام، هذا هو موضوع حلقة هذا الأسبوع من برنامج (عالم متحول) وفيها ينقل مراسل إذاعتنا في نيويورك (بوب ماكماهان) تقويم عدد من الخبراء، وتعرض للتقرير (ولاء صادق) ثم يختمه (سامي شورش) بالحديث مع خبير عربي.

يعتبر قرار مجلس الامن الجديد الذي يؤيد قيام دولة فلسطينية قرارا له مغزاه وذلك لان الولايات المتحدة وهي حليف اسرائيل الرئيسي في المجلس أيدت هذا القرار بطريقة ادهشت الجميع.
علما أن الولايات المتحدة كانت قد عرقلت قرارات سابقة تهدف الى تخفيف اعمال العنف كان المجلس قد اقترحها في غضون الاشهر الثمانية عشر السابقة من الانتفاضة الفلسطينية. وفي تلك الاثناء حافظت واشنطن ايضا على اداء دور ضعيف في هذا المجال رغم النداءات الدولية المتزايدة كي تؤدي دورا اكثر فعالية كصانع للسلام وخاصة على صعيد الضغط على الحكومة الاسرائيلية كي تظهر شيئا من ضبط النفس.
كما دعمت واشنطن على الدوام حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها وعارضت اي عمل تعتبره اساسا ضد اسرائيل.
الا ان الولايات المتحدة أيدت يوم الثلاثاء قرارا يؤكد حق الفلسطينيين في اقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل، ويدعو الى وقف مباشر لاطلاق النار ويرحب بمبادرة السلام السعودية التي تدعو الدول العربية الى الاعتراف باسرائيل اذا ما انسحبت من جميع الاراضي العربية التي احتلتها في حرب عام 1967.
وقد رحب الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان الذي دعى الى وقف اطلاق النار قبل ان يبدأ المجلس اعماله، رحب بالقرار وبدور الولايات المتحدة. واخبر مؤتمرا صحفيا يوم الاربعاء عن السبب الذي يجعله يعتبر هذا القرار مهما. وقال:
"اعتقد ان اعتماد مجلس الامن هذا القرار امر له مغزاه. وذلك لانه عندما يكون لدينا مأساة مثل تلك التي تحدث في الشرق الاوسط فان من المهم ان يتدخل طرف مهم او طرف ثالث وان يقول: انظروا، من الافضل ان تتوقفوا عن قتل احدكم الاخر. لقد ذهب الامر بعيدا جدا. عليكم ان توقفوا القتال وان تبدأوا بالتحدث.
وانا اعتقد أن مجلس الامن والتأييد القوي للولايات المتحدة يوجه رسالة قوية".
هذا وسيتوجه أنان الى قمة الجامعة العربية في لبنان لاحقا هذا الشهر لحث القادة العرب على العمل من اجل السلام في الشرق الاوسط.
الا ان الخبراء في شؤون الشرق الاوسط يقولون إن قرار مجلس الامن رغم كونه مبادرة ايجابية ليس كافيا للتأثير على مجرى الاحداث على ارض الواقع. وهم يقولون ان الامر يحتاج الى التزام اعمق من الولايات المتحدة بعملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية.
ذلك ان المسألة الان ليست في قضية الدولة الفلسطينية بل ما ستكون عليه حدود تلك الدولة كما يقول زاخاري لوكمان وهو استاذ في قسم الدراسات الخاصة بالشرق الاوسط في جامعة نيويورك. وقد اخبر اذاعة اوربا الحرة اذاعة الحرية بان هذا الموضوع لا بد وان يكون في جدول اعمال المبعوث الاميركي الى المنطقة انتوني زيني.
"انه لامر جيد في رايي ان تولي واشنطن اهتمامها لهذا الموضوع اخيرا. لست متأكدا تماما من انهم يولونه اهتماما كافيا او انهم يولونه الاهتمام الصحيح او انهم راغبون في فعل ما يتطلبه الامر لجعل اسرائيل تتراجع وتشرع في المفاوضات مرة اخرى كي تتحقق لدينا عملية مستمرة مرة اخرى انطلاقا من النقطة التي تركت فيها قبل ثمانية عشر شهرا".

ويؤيد هنري سيغمان وهو خبير في شؤون الشرق الاوسط في مجلس العلاقات الخارجية وهي مؤسسة فكرية في نيويورك، يؤيد هو الاخر هذا الراي. وقد اخبر إذاعتنا بان قرار مجلس الامن انما هو بكل بساطة اعتراف رسمي بموقف معترف به بشكل واسع. اذ قال:
"لن يخلق هذا القرار لوحده تغييرا مهما اذا لم يحدث تغيير مهم في السياسة الاميركية وفي مشاركتها الفعلية في عملية السلام. لان ما اكده هذا القرار هو امر يعرفه الجميع مسبقا".

هذا وليس من الواضح حتى الان ما هو مدى الصلاحيات التي يملكها زيني. الا ان من المتوقع ان يسعى المبعوث الاميركي الى تحقيق وقف لاطلاق النار والحث على مبادرات سلمية مثل انسحاب القوات الاسرائيلية واعتقال الفلسطينيين المشتبه في كونهم ارهابيين. ومن المتوقع ايضا ان يحث زيني الطرفين على الاستمرار في تطبيق التوصيات التي قدمتها اللجنة التي قادها السناتور الاميركي جورج ميتشل والهادفة الى احياء محادثات السلام.
ومما يذكر هنا هو ان مبعوث الولايات المتحدة فشل في تحقيق هذا الهدف في رحلتين سابقتين الى المنطقة وأن رحلته الاخيرة تأتي خلال اسبوع صعدت فيه اسرائيل من اكبر هجمة لها على الضفة الغربية وعلى قطاع غزة منذ استيلائها على هذه المناطق في حرب 67.
وقال سيغمان من مجلس العلاقات الخارجية إن من غير المرجح أن يتمكن زيني من تحقيق تغيير مهم في الصراع، لان اهداف مهمته قصيرة المدى. واضاف ان هناك حاجة الى اعتراف الحكومة الاسرائيلية بان هدف المباحثات السياسية هو انشاء دولة فلسطينية. الا انه قال ايضا انه من غير المرجح ان يضغط زيني على الاسرائيليين كي يتخذوا هذا الموقف خلال زيارته الحالية.
"المشكلة الكبرى هي ان الفلسطينيين غير مستعدين لالزام انفسهم بطريقة جدية في وقف لاطلاق النار الا اذا منحوا سببا يجعلهم يعتقدون بان في امكانهم تحقيق اهدافهم من خلال المفاوضات ومن خلال عملية سياسية. وقد امتنعوا عن الزام انفسهم في هذا المجال".

هذا وقد غير رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون مؤخرا من سياسته من خلال عدم اصراره على توقف العنف قبل الشروع بمباحثات السلام. ولكنه امر قبل وصول زيني بالتحديد بالقيام باجتياح عسكري كبير في رام الله وهي مقر القائد الفلسطيني ياسر عرفات في الضفة الغربية.
وقد وجه الرئيس الاميركي جورج بوش انتقادا نادرا للهجمة الاسرائيلية بقوله:
"بصراحة، ما فعله الاسرائيليون مؤخرا امر غير مشجع من اجل خلق شروط السلام. افهم من يحاول الدفاع عن نفسه ومحاربة الارهاب ولكن الاعمال الاخيرة ليست مشجعة".

على صلة

XS
SM
MD
LG