روابط للدخول

خبر عاجل

قرية في العصر الحجري.. وكفيفة تشعل مصباحا للآخرين


مصدر الماء الوحيد في كنجيجة
مصدر الماء الوحيد في كنجيجة

قرية في العصر الحجري وكفيفة تشعل مصباحا للآخرين

تزور عين ثالثة اليوم موقعين، احدهما الكوت والثاني البصرة.
في الكوت سنطلع على أحوال قرية يقول سكانها إنها الأتعس حالا في العراق
وفي البصرة سنتعرف على امرأة كفيفة، لكنها مناضلة ..


امرأة من كنجيجة
امرأة من كنجيجة

لا نقرأ ولا نكتب ولا نعرف من نحن
نبدأ بمحافظة واسط .. عين ثالثة زارت قرية اسمها كنجيجة يعيش سكانها في بيوت بدائية ولو كتب لمستكشفين وعلماء زيارتها لأعلنوا اكتشاف أبناء حضارات حجرية قديمة ....هؤلاء لم يروا مصباحا ولا يعرفون ما هو التلفزيون والأدهى من ذلك أنهم لا يعرفون في أي مكان يعيشون وفي أي وطن...يروي قصة كنجيجة وسكانها، سيف عبد الرحمن من الكوت:
"قرية ( كنجيجة ) هي إحدى قرى مدينة الكوت وتبعد عنها حوالى 60 كم.
هذه القرية تتربع على عرش النسيان حيث يتوزع سكانها على العشرات من بيوت الطين وكلهم بلا مستمسكات رسمية تثبت عراقيتهم وكلهم لا يجيدون القراءة والكتابة ولا يعرفون ما معنى مصباح.
سكان كنجيجة كانوا يعتمدون في حياتهم على زراعة الديم، مصدر رزقهم الوحيد لكنهم حرموا منها بعد ان حبست السماء أمطارها فباتوا يقتاتون على بيع مواشيهم الهزيلة.
احد المواطنين وصف قريته بانها أتعس قرية في العراق ووصف أطفالها بالهمج بمعنى أنهم لا يجيدون القراءة والكتابة لأن كنجيجة ليس فيها مدرسة ولو من طين وأهلها لا يقرأون ولا يكتبون وهم أشبه ما يكونون بوحوش يعيشون في معزل عن العالم .
في كنجيجة أطفال بلا تعليم ولا شهادات ميلاد وكبار لا يفقهون من الحياة المعاصرة شيئا همهم الوحيد هو الحصول على شربة ماء نظيف وهم يتزاحمون مع حيواناتهم على ما يتوفر لديهم من مياه في هذه القرية التي يغلفها الفقر والنسيان وكأنهم من بقايا ما قبل التاريخ، عندما كان الإنسان يصنع ما يحتاجه من الحجارة.
احد سكان كنجيجة واسمه أبو ماجد وهو في الستين من العمر، يقول نعيش بلا ماء ولا كهرباء ولا تصلنا واسطة نقل وأطفالنا لا يعرفون ما معنى التلفزيون ولا حتى اسمه.
اما نساء كنجيجة فيصنعن الخبز بمياه مشبعة بالطين ويطهين الطعام في قدور تغير لون معدنها الأبيض ليصبح بلون الرماد الأسود.
طعام أهالي كنجيجة مجرد خبز وماء طيني تغلى فيه حبات الفاصولياء دون أي إضافات أخرى.
وتقول الحاجة أم جاسم التي تقوس ظهرها بان القرية لا تملك شيئا تاركة حالها إلى مشيئة الباري .
فيما يقول احد أطفال القرية بأنه لم يتعلم القراءة حتى الآن وينتظر تنفيذ وعد بفتح مدرسة في قريته وكان الوعد قبل الانتخابات ونُسي الوعد بعد الانتخابات.
هذه هي معاناة قرية منسية لا يمتلك سكانها اي وثائق أو مستندات رسمية لإثبات عراقيتهم لكن أرقام التعداد دونت كل شيء فيها حتى خزانات الصفيح الخاوية وأعشاش الطين الصغيرة المصنوعة من خيوط الصوف البالية وقناني البلاستيك التي يصنع أهل القرية قناديلهم منها وهي طريقة قديمة سبقت اكتشافا لاحقا اسمه اللالة والفانوس.

كفيفة تنير الطريق امام شبيهاتها

نادية نادر
نادية نادر


ومن الكوت نشد الرحال إلى البصرة حيث نلتقي امرأة كفيفة غير أنها مناضلة بكل معنى الكلمة، هذه المرأة أسست لجنة للمرأة والطفل داخل الجمعية الوطنية للمكفوفين للاهتمام بالنساء الكفيفات، كما تم اختيارها في آذار الماضي ضمن النساء المتميزات في محافظة البصرة وكرمها رئيس الوزراء نوري المالكي.
نادية عبرت عن سعادتها لهذا التكريم غير أنها قالت: ليس هناك ما يعوض البصر.
يروي قصة نادية عبد الكريم العامري من البصرة:


هناك من يظن ان فقدان نعمة البصرة قد يلغي فاعلية الفرد في المجتمع فكثيرون انزووا بعيداً عن الناس بسبب ذلك، الا ان بطلة قصتنا قاومت وقاومت باتجاه طموح استطاعت الوصول اليه بفعل ارادة لم نجدها الا في المبدعين من امثالها..
بطلتنا هي نادية نادر محمد من مواليد 1969 وتترأس حاليا لجنة المرأة والطفل في الجمعية الوطنية للمكفوفين فرع الجنوب – وهي أيضا معلمة في معهد النور بالبصرة.
لم تولد نادية فاقدة البصر الا ان مرضاً اصابها في سنتها الثانية فقدت على اثره القدرة على الرؤية.
تقول نادية إنها اكملت تعليمهاالابتدائي في معهد النور بدولة الكويت حيث كانت عائلتها تسكن حتى دخولها الجامعة وبعدها انتقلت العائلة الى العراق واكملت نادية دراستها الجامعية في كلية الاداب قسم اللغة العربية بجامعة البصرة وتخرجت بتقدير جيد جداً وكانت الثالثة ضمن دفعتها وتقول نادية إنها كانت مجدة جدا في دراستها وعملها وقد تم اختيارها في شهر آذار الماضي ضمن النساء المتميزات في محافظة البصرة وكرمها رئيس الوزراء نوري المالكي.
نادية تقول إنها سعيدة بكل هذه الانجازات، غير أنها تؤكد ألا شئ يعوض الإنسان عن بصره وهي تحلم بالحصول على فرصة لاستعادة قدرتها على الرؤية في احد الأيام لاسيما مع تطور الطب وتقنياته في العالم.
تقول نادية: " سمعت ان الأطباء في الهند توصلوا إلى علاج مثل حالتي حيث أني أشكو من ضعف في الأوعية الدموية التي توصل الدم إلى العصب البصري حيث ان العصب البصري عندي حي وأنا أرى الأشياء لكن ليس بحدودها وملامحها ولا استطيع تحديدها بشكل كامل وتبدو لي مثل خطوط متشابكة".

نادية مع رئيس جمعية المكفوفين في البصرة
نادية مع رئيس جمعية المكفوفين في البصرة



وتصف نادية نظرة المجتمع إلى الكفيف قبل عام 2003 بانها مخيفة خاصة وهي تتلقى كلمات الشفقة والعطف التي تقول إنها تزيد عن حدها وتجعلها تبكي الا ان الوضع الان تغير بعد انفتاح المجتمع واتصال العراقيين بالعالم من خلال السفر ووجود وسائل الإعلام المتعددة مما جعلها تخرج الى الاسواق والى العمل ولا تسمع الا الكلام الذي يحفزها على العطاء.
رغم العوق تشارك نادية في جميع المناسبات بالمحافظة وقد قامت بتأسيس لجنة للمرأة والطفل خاصة بالنساء الكفيفات داخل الجمعية الوطنية للمكفوفين كي تخلصهن من كل القيود التي تعيق وجودهن حيث نظمت لهن عددا من الدورات في الطبخ وفي الخياطة وقامت بتأليف كتاب للطبخ بلغة برايل الخاصة بالمكفوفين.
وشاركت نادية في مهرجان المربد الشعري لعام 2010 ومن قصائدها قرأت لنا قصيدة همس الإرادة:
"أو تبكي يا كفيف البصر
ثق بربك راضيا بالقدر
سلم الأمر إليه واتكل
إنما الرب رحيم البشر
خذ من الدنيا ابتهاجا وابتدأ
تدرك النفس خبايا الحذر
واصل سريعا حيث تم
كن صبورا بالغا بالأثر
كم حكى التاريخ عنك بحديث
ملأ الدنيا بأبهى صور
واجه الناس بحزم واقتدار
أنت كفء في حقيق الخبر
فلتر الكون أضاء أنجما
بارق الصبح تجلى فانتشر"
وعن دورها في تدريس الطلبة المكفوفين في معهد النور قالت والدة احدى الطالبات انها انسانة مجدة ومكافحة وقد وفرت بعض الاشرطة الصوتية لطلبتها بينما يصفها احد طلبتها انها ام قبل ان تكون معلمة لهم.
رسائل المستمعين:
شكيب من بغداد كتب يقول:
يا ست رواء، حياتنا بالعراق الجريح...مجاري طافحة والماء نشربه مخبوط بمي الصرف الصحي والكهرباء ترمش علينا، تجي ساعة وضعيفة، ووزارة الكهرباء سوت نشرة باخبار الكهرباء، يللا، شر البلية ما يضحك، وشوارعنا محفرة وكلها طسات وفوكاها السيطرات والازدحام، كافي عد ما ظل صبر....

صديق البرنامج الدائم عبد الرزاق عبد الله وجه رسالة من مواطن، قال فيها:
اخواني السياسيين أناشدكم بسم الإنسانية لا تجعلوا التاريخ يعيد نفسه وترجعون البلد للعصر الحجري. كل تصريحاتكم وتبادلكم الاتهامات تلقي بظلالها على أبناء الشعب. إلى متى بس وعود؟ كرستوا وقتكم كله لخدمه مصالحكم، كفاكم خلافات وأنصفوا هذا الشعب اللي تحمل ويلات الحروب
والفقر والجهل.
XS
SM
MD
LG