قررت الحكومة العراقية عام 2007 ان يحتفل في الثالث عشر من تموز من كل عام بيوم الطفل العراقي، أحياء لذكرى عشرات الأطفال الذين قتلوا في التفجيرات الارهابية التي استهدفهم في منطقة النعيرية ببغداد عام 2005.
وتستغل هذه المناسبة كما جرت العادة للحديث عن الانجازات، أو توجيه أصابع الاتهام الى المسؤولين! فالحكومة تستغل الفعاليات والنشاطات التي تقيمها بهذه المناسبة للتذكير بما تعتبرها انجازات كثيرة، ومشاريع عدة لدعم الأطفال ورعايتهم وحمايتهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم.
أما المراقبون من جهتهم فيشيرون إلى تدهور واقع الطفولة متهمين الحكومة بالتلكؤ في تنفيذ مشاريع رعاية الطفلة وتهميش الطفل العراقي وإهماله، معتمدين على الأرقام المخيفة لإحصاءات قدمتها دراسات مختلفة تشير إلى ارتفاع عدد اليتامى، وأطفال الشوارع، وعمالة الأطفال، وضحايا العنف الأسري، والتسرب من الدراسة، وانتهاكات أخرى ترصدها منظمات معنية بحقوق الطفل وتوثقها في تقاريرها.
ولم يقتصر تباين الآراء على واقع الطفل العراقي، بل امتد حتى إلى اختيار يوم الثالث عشر من تموز للاحتفال بهذه المناسبة.
الناشط حسن شعبان رحب بان يكون للطفل العراقي يوم يُحتفل به، وليس هناك ضير في اختيار حدث مؤلم لأنه يحمل دلالات إنسانية تجمع بين الفرح والحزن.
إحدى الأمهات فضلت اختيار يوم آخر بدلا من هذا اليوم الحزين وقالت ان الطفل يمثل فرحة الأسرة وجذرها وبالتالي من المهم اختيار يوم آخر.
سعد عبد الله ذكر ان العراق مر بظروف صعبة وماسي عديدة وبالتالي فأن اختيار هذا اليوم يحمل دلالات عدة فهو استذكار لفاجعة أليمة والتأكيد على إصرار أطفال العراق على البقاء وحب الحياة ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب.
أم حنين بدورها ذكرت إنها لمبادرة جميلة ان يكون هناك يوم خاص بالطفل العراقي مهما كان التاريخ محزنا ام مفرحا.
يربط البعض اهتمام الحكومة والمنظمات الإنسانية بالمناسبات، وبطريقة الاحتفال بها، ومدى اهتمام هذه الجهات بالمواطن، وأشار مختصون إلى أن طريقة الاحتفال بيوم الطفل العراقي، التي وصفوها بالخجولة، مرت خلال السنوات الماضية وسط صمت حكومي، وكذلك منظمات المجتمع المدني. الشاعر محمد جبار حسن قال ان هذا مثال بسيط يعكس مدى الإهمال والتهميش الذي يتعرض له الطفل.
مديرة مسرح الطفل في وزارة الثقافة الدكتورة فاتن الجراح قالت ان الحكومة أهملت الطفولة، وانشغلت بأمور تعتقد أنها أهم من الاحتفال بالطفل العراقي.
يشار الى انه كان لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) هذا العام دور كبير في التنسيق مع الحكومة العراقية في وضع برامج، وتنفيذ مشاريع الدعم والرعاية، إذ وضعت المنظمة الدولية برنامجا للتعاون القطري مع الحكومة العراقية للأعوام 2011 – 2014 يركز على حماية الطفولة، والمشاركة، ورفاه الطفل من خلال المشاريع، التي ستنفذها لتوفير خدمات الصحة، والتعليم، والتغذية، والمياه، والصرف الصحي، والنظافة العامة، والتعليم، وحماية الأطفال من خطر التهميش، وتمكين الأطفال من المشاركة في عمليات صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم.
وشجعت التطورات التي شهدها العراق، شجعت اليونيسيف أيضا لتعلن انتهاء مرحلة الطوارئ الحادة للأزمة الإنسانية، وان العراق الآن بحاجة إلى إيجاد حلول مستديمة أكثر للشرائح المعرضة للخطر. لكن المنظمة أشارت إلى جملة من المشاكل، التي وقفت أمامها وبقية الجهات منها تردي الوضع الأمني، وقلة الموارد المخصصة لتمويل برامج الدعم والرعاية.
وقالت اليونيسف ان ما تتحدث عنه منظمات إنسانية عن تدهور واقع الطفل هو نتيجة طبيعية للازمات التي يمر بها أي بلد حيث الصراعات والحروب وتدهور الخدمات.
عوائل عراقية تحدثت لإذاعة العراق الحر عن هموم الطفولة ومشاكلها وقلة الدعم والرعاية، أحد الآباء قال ان الطفولة فقدت في العراق وانتهت.
أم حنين ذكرت إن الحكومة لم تقدم شيئا للطفل ولم توفر ابسط المستلزمات له وتمنت ان تكون هناك على الاقل أماكن وحدائق خاصة للعب الأطفال.
علياء قالت ان هناك تطور في واقع الطفل العراقي بعد عام 2003 ولكن ليس بالمستوى المطلوب مقارنة بواقع الأطفال في الدول المجاورة.
الناشط حسن شعبان تحدث عن مشاكل عدة تواجه الطفل العراقي وقال ان الحكومة فشلت في دعم الطفل وقصرت في رعايته وحمايته بالرغم من وجود قوانين تصون حقوقه.
تعتبر وزارة حقوق الإنسان العراقية واحدة من الجهات التي أخذت على عاتقها دعم الطفل العراقي وصيانة حقوقه ومراقبة اداء الجهات الرسمية وتنفيذها برامج الرعاية. كامل أمين مدير عام رصد الأداء وحماية الحقوق في وزارة حقوق الإنسان قال ان الطفولة حُرمت من الكثير من حقوقها بسبب ترسبات الماضي والظروف غير الطبيعية التي يمر بها العراق بعد 2003 والتي أثرت حتى على اختيار يوم للطفل العراقي. أمين ذكر انه بالرغم من الواقع الحزين للطفولة العراقية الا ان هناك تطورات وانجازات عديدة، وشدد على أهمية أن توضع سياسة وطنية لرعاية الطفولة وتطوير واقعها.
المزيد في الملف الصوتي الذي ساهم في اعداده مراسل الاذاعة في بغداد خالد وليد