روابط للدخول

خبر عاجل

في خمسينات الجواهري ... وعنها


صورة للجواهري الكبير "في خمسينات القرن الماضي .. معالجة الفنان عباس الكاظم
صورة للجواهري الكبير "في خمسينات القرن الماضي .. معالجة الفنان عباس الكاظم

تلوح خمسينات القرن الماضي ومعها يرسخ الجواهري تربّعه على عرش الشعر العربي، محفوفاً بقصائد الأربعينات التي ذاع صيتها في البلاد وخارجها، مع كل ما رافقها من مواقف ورؤى سياسية ووطنية مترامية الأبعاد...

ولا نظن ان ثمة أفضلَ مَنْ يؤرخ لإبداع وتاريخ الشاعر الكبير في تلكم السنوات التي نريد العناية بها، والتوثيق لها، سوى قصائده ذاتها، الوجدانية منها، أو الوطنية وغيرها...

ففي مطلع الخمسينات الماضية، وهي خمسينات الجواهري في آن كما هو معروف، يعلمنا قصيد الشاعر اغترابه إلى مصر، بضيافة د. طه حسين، والحكومة المصرية، بعد مشاركته في مؤتمر ثقافي عربي عقد في القاهرة أوائل عام 1951 بقصيدة عنوانها "إلى الشعب المصري" وجاء فيها:

يا مصر تستبقُ الدهور وتعثرُ … والنيل يزخر والمسلة تُزهرُ
وبنوك والتاريخ في قصبيهما … يتسابقان فيصهرون ويصهرُ
والأرض يُنقِذ من عَماية اهلها … نور يرف على ثراك وينشرُ
هذا الصعيد مشت عليه مواكب ... للدهر مثقلة الخطى، تتبخترُ
يصل الحضارة بالحضارة ما بنى ... فيك المعزُ وما دحا الاسكندرُ


ثم يعلمنا الديوان العامر أيضاً عن قصائد أخرى للجواهري في سنوات الخمسينات الأولى، ومن بينها في تأبين الزعيم اللبناني عبد الحميد كرامي، ذات المطلع الهادر حتى اليوم:

باق ٍ – وأعمار الطغاة – قصارُ ... من سفر مجدك عاطر موارُ
المجد ان يحميك مجدك وحده ، في الناس ولا شرط ولا أنصارُ


وقد كان من تداعيات تلك الرائية التنويرية أن قررت السلطات اللبنانية اعتبار الشاعر غير مرغوب به، وإبعاده عن البلاد خلال ساعات معدودات، بعد ان اعتبرت مضامين القصيدة: تحريضية ومثيرة ضد النظام القائم وبعض رموزه السياسيةانذاك ...

كما يجد المتابع ضمن سجل الجواهري الشعري في تلك الفترة قصائد عن الحرب الكورية وأخرى في الذكرى الخامسة لرحيل صديقه الشاعر معروف الرصافي، ثم عصماءه الوجـدانية "تعالى المجد يا قفص العظام" المهداة لوالدته قبيل اغترابه عن العراق... وكذلك رائية ً مطولة بمناسة انعقاد مؤتمر المحامين العرب عام 1951 ببغداد... وفضلاً عن "تنويمة الجياع" الشهيرة...

ألجواهري في الخمسينات الماضية


نامي جياع الشعب نامي حرستك آلهة الطعام ِ
نامي فإن لم تشبعي من يقطة ٍ ، فمن المنام ِ
نامي على زبد الوعود يداف في عسل الكلام
نامي تزرك عرائس الاحلام في جنح الظلام
تتنوري قرص الرغيف كدورة البدر التمام
نامي تصحي ، نعم نوم المرء في الكرب الجسام
نامي الى يوم النشور ، ويوم يُؤذن بالقيام
نامي على المستنقعات تموج باللجج الطوامي
نامي على نغم البعوض كأنه سجع الحمام

وبحسب جحفل الديوان الحافل لا غير، يُنظم الجواهري عام 1952 قصائد عديدة أخرى ومن بينها "اللاجئة في العيد" ذات المئة والعشرين بيتاً، و"آخا ودي" في رثاء ابن عمه العلامة محمد باقر الشيخ علي صاحب الجواهر، وثالثة بعنوان "ظلام" نظمت اثر الاحتجاز في معتقل ابو غريب مع عدد من الأقطاب السياسيين بعيّد أحداث الحركة العراقية الشعبية الشهيرة بانتفاضة تشرين...

وفي عام 1953 يتعرض الجواهري لحملة اعلامية من مخالفيه السياسيين وأعوانهم وصحفهم، فيرد بقسوة واعتداد في قصيدة "كما يستكلب الذيب" ومن أبياتها:

مشت إليّ بعوضات تلدغني ، وهل يحس دبيب النمل يعسوبُ
يبقى القصيدُ لظىً والأرضُ مشربة ً ، دماً ، وتذري مع الريح الأكاذيبُ


وعلى ذات الحال، يستمر الجواهري، الشاعر والسياسي والصحفي، في ابداعه ومواقفه مطالع الخمسينات الماضية، بين قصائد ثائرة هنا، ومقالات وكتابات ناقدة هناك، إلى جانب المشاركات السياسية المعارضة... ولتستمر تلكم الحال، ولربما بكثافة أكبر في السنوات اللاحقة، وذلك ما سيكون موضع عناية الحلقة القادمة من هذه الرؤى والايقاعات...

المزيد في الملف الصوتي

ألجواهري ... إيقاعات ورؤى
برنامج خاص عن محطات ومواقف فكرية واجتماعية ووطنية في حياة شاعر العراق والعرب الأكبر... مع مقتطفات لبعض قصائده التي تذاع بصوته لأول مرة... وثـّـقـهـا ويعرضها: رواء الجصاني، رئيس مركز ألجواهري الثقافي في براغ... يخرجها في حلقات أسبوعية ديار بامرني.
www.jawahiri.com

XS
SM
MD
LG