كما اتضح الآن ، لم نتعلم من الغربيين حقا و عملا الديمقراطية الانتخابية ولا حرية الفكر الحقيقية الا مؤخرا بعد اسقاط نظام صدام حسين و تحرير البلاد من قبضة الدكتاتورية العسكرية و الفاشية. و لكننا مع ذلك تأثرنا بعناصر الحضارة الغربية كثيرا في ميادين الطعام و الشراب و الطبخ منذ اول اتصالنا بها في القرن التاسع عشر. و لكننا في جيلنا المعاصر هذا رأينا كيف حل النامليت اولا بعد الحرب العالمية الاولى ثم تلته الكوكا كولا و الببسي كولا والسينالكو بعد الحرب العالمية الثانية محل السنجبيل و الشربت زبيب و اللبن الشنينة. سألتني الكاتبة المختصة في المطبخ العربي ، السيدة جليان بنهام فقالت كنتم انتم يا اهل العراق في العهد العباسي تستعملون الخردل في تطييب الطعام مع التوابل الأخرى و منكم تعلمنا عليه و سميناه بالماسترد. لماذا تركتم استعمال الخردل في ايامنا هذه؟ سوآل وجيه و معقول حيرني. و لكنني قلت لها لقد تركنا استعمال الخردل الذي كنا نزرعه في وادي الرافدين لأننا اخذنا منكم معجون الأج بي الآن و تركنا لكم معجون الماسترد، الخردل! بدلا من الاعتماد على منتوجاتنا اخذنا نستعمل ما ينتجه الغرب، كما هو الحال في معظم الأمور.
تعتبر الطماطا الآن، او البندورة كما تسمى احيانا، من اهم عناصر المطبخ العراقي. نأكلها كمرق ونشويها في اسياخ مع الكباب و البصل و نمزجها بكل انواع المخضرات المرق كالباميا، و الباذنجان ، و لا تكتمل السلطة قط بدون الطماطا . و اعتاد باعة العمبة و صمون المتجولون في ايام الخير على اضافتها للعمبة في سندويجة العمبة و صمون التي كنت ابتاعها بفلسين و ادمنت عليها في ايام المدرسة رعاها الله. و لكن الطماطا في الحقيقة مادة مستوردة وغريبة عنا و اخذناها من الغربيين الذين علمونا على زراعتها و استخراج معجون الطماطا منها. . و كان جدي رحمه الله يسميها "باذنجان افرنج" ، وهي التسمية التي اطلقها عليها العراقيون عند دخولها لبلدهم اول مرة في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين.
ربما نجد ان الشاي ، او كما نقول الجاي، اصبح اكثر شيوعا بيننا حتى من الطماطا. لا استيطع ان اتصور مواطنا عراقيا ، عربيا او كرديا ، يقضي نهاره بدون عدة استكانات من الشاي او يتناول الفطور بدون الشاي السادة . الفقيرمنا يفطر بالشاي و خبز و المتمكن يفطر بالشاي والخبز و القيمر والجبن. و لكن الشاي مع ذلك مادة غير وطنية في الواقع دأبنا على استيرادها من سيرلانكا و الهند و الصين. و اعتدنا على تسميته بالشاي السيلاني. ولدى مراجعتي لديوان الملا عبود الكرخي، عثرت على هذه القصيدة الشعبية التي يشير فيها هذا الشاعر الشعبي الى تحول الجمهور العراقي من اكل التمر و الدبس مع الخبز الى اكل الخبز مع الشاي و احيانا القهوة. فالظاهر ان الناس كانوا يفطرون بالخبز و التمر و اللبن الشنينة كمادة شرب و لم يعرفوا الشاي ، رغم الاغنية الشعبية الشهيرة : خدري الشاي خدريه ، عيني المن اخدره؟
و بالروح الوطنية و الشعبية التي كان الملا عبود الكرخي يتميز بها، انتقد العراقيين على هذه النقلة في اكلهم و شربهم فقال:
مت لا يا مقصوف العمر ليش اتركت اكل التمر؟
اسباب تركه يا بعر واعتضت بالجاي وشكر
و التمر نفعه للبشـــــــر زايد و لا قابل يضر
بتركك اخي اكل البلح انت خسرت،غيرك ربح
قربك حزن بعدك فرح موت اليطمك بالقبر
مت لا يامقصوف الأجل ليش تركت زرع النخل
اشــــوهدنك مال الثول ظل عاد كاس اجرع صبر
هذي دسيسة واضحة من الغرب صارت فاضحة
يلزم انشرع لائحة من اجل تشجيع التمر
و هذه القصيدة الشعبية جديرة حقا بالأعتبار في ايامنا هذه بعد ان تعرضت بساتين النخيل للزوال و القص و الموت حتى في موطنها الاساسي في مدينة البصرة. و اصبحنا قلما نجد في لندن اي اثر للتمور العراقية .
و من الطريف ان نسجل لهذا الشاعر ، الملاعبود الكرخي كيف كان سباقا في جلد الذات و شتم النفس الذي تعود العراقيون عليه في هذه الأيام : وهو يقول "قربك حزن بعدك فرح!" .
تعتبر الطماطا الآن، او البندورة كما تسمى احيانا، من اهم عناصر المطبخ العراقي. نأكلها كمرق ونشويها في اسياخ مع الكباب و البصل و نمزجها بكل انواع المخضرات المرق كالباميا، و الباذنجان ، و لا تكتمل السلطة قط بدون الطماطا . و اعتاد باعة العمبة و صمون المتجولون في ايام الخير على اضافتها للعمبة في سندويجة العمبة و صمون التي كنت ابتاعها بفلسين و ادمنت عليها في ايام المدرسة رعاها الله. و لكن الطماطا في الحقيقة مادة مستوردة وغريبة عنا و اخذناها من الغربيين الذين علمونا على زراعتها و استخراج معجون الطماطا منها. . و كان جدي رحمه الله يسميها "باذنجان افرنج" ، وهي التسمية التي اطلقها عليها العراقيون عند دخولها لبلدهم اول مرة في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين.
ربما نجد ان الشاي ، او كما نقول الجاي، اصبح اكثر شيوعا بيننا حتى من الطماطا. لا استيطع ان اتصور مواطنا عراقيا ، عربيا او كرديا ، يقضي نهاره بدون عدة استكانات من الشاي او يتناول الفطور بدون الشاي السادة . الفقيرمنا يفطر بالشاي و خبز و المتمكن يفطر بالشاي والخبز و القيمر والجبن. و لكن الشاي مع ذلك مادة غير وطنية في الواقع دأبنا على استيرادها من سيرلانكا و الهند و الصين. و اعتدنا على تسميته بالشاي السيلاني. ولدى مراجعتي لديوان الملا عبود الكرخي، عثرت على هذه القصيدة الشعبية التي يشير فيها هذا الشاعر الشعبي الى تحول الجمهور العراقي من اكل التمر و الدبس مع الخبز الى اكل الخبز مع الشاي و احيانا القهوة. فالظاهر ان الناس كانوا يفطرون بالخبز و التمر و اللبن الشنينة كمادة شرب و لم يعرفوا الشاي ، رغم الاغنية الشعبية الشهيرة : خدري الشاي خدريه ، عيني المن اخدره؟
و بالروح الوطنية و الشعبية التي كان الملا عبود الكرخي يتميز بها، انتقد العراقيين على هذه النقلة في اكلهم و شربهم فقال:
مت لا يا مقصوف العمر ليش اتركت اكل التمر؟
اسباب تركه يا بعر واعتضت بالجاي وشكر
و التمر نفعه للبشـــــــر زايد و لا قابل يضر
بتركك اخي اكل البلح انت خسرت،غيرك ربح
قربك حزن بعدك فرح موت اليطمك بالقبر
مت لا يامقصوف الأجل ليش تركت زرع النخل
اشــــوهدنك مال الثول ظل عاد كاس اجرع صبر
هذي دسيسة واضحة من الغرب صارت فاضحة
يلزم انشرع لائحة من اجل تشجيع التمر
و هذه القصيدة الشعبية جديرة حقا بالأعتبار في ايامنا هذه بعد ان تعرضت بساتين النخيل للزوال و القص و الموت حتى في موطنها الاساسي في مدينة البصرة. و اصبحنا قلما نجد في لندن اي اثر للتمور العراقية .
و من الطريف ان نسجل لهذا الشاعر ، الملاعبود الكرخي كيف كان سباقا في جلد الذات و شتم النفس الذي تعود العراقيون عليه في هذه الأيام : وهو يقول "قربك حزن بعدك فرح!" .