روابط للدخول

خبر عاجل

استفحال ظاهرة الاتجار بالنساء في العراق


أكدت ناشطات استفحال ظاهرة الاتجار بالنساء، وان الجرائم التي ترتكب في هذا المجال لايمكن اعتبارها على انها حالات فردية. ويشير البعض إلى إن المرأة أصبحت فريسة سهلة بسبب غياب قوانين تحميها، وتصون حقوقها، في حين وجه آخرون أصابع الاتهام إلى الحكومة والمجتمع والعائلة.


حكمت محكمة استئناف دبي في 15 اذار بسجن ثلاثة متهمين لمدة 10 سنوات لاقترافهم جناية الاتجار بالبشر. وقالت جريدة "الإمارات اليوم" ان اثنين من مرتكبي الجريمة اشتريا المجني عليها زينب من والدتها في العراق بمبلغ 4 ملايين دينار عراقي، واحضراها إلى الإمارات مستغلين صغر سنها، وجنداها بواسطة التهديد والضرب بقصد استغلالها جنسيا بالعمل في مجال الرقص والدعارة، مقابل حصول زينب على منفعة مادية. في حين اشترك المتهم الثالث مع الآخرين في الاتفاق والمساعدة وارتكاب الجريمة.
زينب واحدة من آلاف ضحايا ظاهرة الاتجار بالفتيات والنساء، التي يؤكد ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق المرأة انتشارها، ووجود سوق رائجة لها في دول الجوار، وخاصة في دول الخليج ، كما تشير الى ذلك الدكتورة فهيمة كريم، أستاذ مساعد في قسم الاجتماع كلية الآداب جامعة بغداد، التي تحدثت عن أعمار الفتيات المرغوب فيهن وأسعارهن ووجود ما وصفته بـ "سماسرة الخليج".

يعتبر العديد زينب محضوضة لكشف الأجهزة الأمنية الجريمة، ومعاقبة مرتكبيها وحصولها من جديد على حريتها. وقد تتمكن من العودة إلى عائلتها قريبا. وتعتبر الإمارات واحدة من الدول العربية القليلة التي شرعت قانونا خاصا لمكافحة الاتجار بالبشر إضافة إلى البحرين والأردن. وهناك دول أخرى تنتظر تشريع قوانين مشابهة. ولم يتمكن البرلمان العراقي خلال السنوات الأربع الماضية من إمرار مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر. ويأمل المدافعون عن حقوق المرأة أن يصادق البرلمان الجديد عليه. محمد خيري استاذ كلية القانون في جامعة ذي قار قال ان غياب هكذا قانون خلال الفترة السابقة كان واحدا من الأسباب التي ساعدت على استفحال هذه الظاهرة.

لكن هل غياب القانون هو السبب الوحيد وراء انتشار جرائم الاتجار بالنساء ؟ سندس عباس مديرة معهد المرأة القيادية أشارت إلى جملة من الأسباب، منها تردي الوضع الامني والفقر وغياب قوانين تعاقب المجرمين، ما جعل العراق بيئة حاضنة لانتشار الظاهرة.
واستغل ضعاف النفوس الظروف التي يمر بها العراق وخاصة الفقر وانعدام الامن. وكانت من بين طرق الاستغلال فتح ما يطلق علية "مكاتب توفير فرص العمل" التي تخدع الفتيات والنساء بوعود إيجاد فرص عمل في إحدى دول الجوار. فهيمة كريم أستاذ مساعد في قسم الاجتماع كلية الآداب جامعة بغداد تحدثت عن هذه المكاتب وكيف ان الضحية بعد ان تصل الى تلك الدولة تجد نفسها وقعت في مصيدة عالم من الانتهاكات الجسدية والجنسية.

وصف البعض جرائم الاتجار بالنساء بالفردية في حين أكد آخرون انها أصبحت ظاهرة تستفحل يوما بعد يوم. فهيمة كريم أستاذ مساعد في قسم الاجتماع كلية الآداب جامعة بغداد تحدثت بلغة الأرقام والإحصاءات التي جمعتها جهات رسمية عراقية عن أعداد الضحايا التي وصلت الى الآلاف، ولا تعكس هذه الإحصاءات الرقم الحقيقي حيث ان الأعراف والتقاليد الاجتماعية المحافظة تمنع العديد من الأسر من الكشف عن مصير بناتهن.
ولا تمنع فقط التقاليد والأعراف الأسر العراقية من الحديث عما آل إليه مصير بناتهن, بل تجبر هذه التقاليد العائلة في كثير من الاحيان على التعامل مع الفتاة على انها مارست الدعارة وكأنها هي التي أرادت ذلك. وبالتالي ترفض العديد من الضحايا العودة خوفا من مصير محتوم يواجههن وهو القتل غسلا للعار، كما تقول فهيمة كريم أستاذ مساعد في قسم الاجتماع كلية الآداب جامعة بغداد.

سلطت العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة الضوء على خطورة استفحال جرائم الاتجار بالنساء وآخرها الورشة التشاورية التي عقدتها منظمة المرأة القيادية في نهاية شهر شباط للوقوف على أسباب هذه الجرائم وإيجاد المعالجات. وشاركت في الورشة جهات عدة لكن كان هناك غياب واضح للجهات الرسمية. سندس عباس مديرة معهد المرأة القيادية أكدت إرسالها دعوات مستمرة الى الجهات المعنية دون جدوى وعزت السبب الى ان الجهات الحكومية ضد المشاركة لاعتبارها ان مجرد الحديث عن هذه الظاهرة هو بمثابة إساءة إلى المؤسسة الحكومية.

عوامل عديدة ساعدت على استفحال ظاهرة الاتجار بالنساء في العراق والسؤال هو كيف يمكن الحد منها؟ تقول سندس عباس مديرة معهد المرأة القيادية انه لا بد ان تكون هناك حملة واسعة لتشريع قوانين تدافع عن المرأة وتصون حقوقها. في حين اكدت فهيمة كريم أستاذ مساعد في قسم الاجتماع كلية الآداب جامعة بغداد أهمية توعية المجتمع التخلي عن عادات وتقاليد مثل زواج الفتيات الصغار في العمر إضافة إلى توفير فرص عمل للنساء.

تكون الدول التي تحدث فيها جرائم الاتجار بالنساء إما مصدرة او مستوردة او محطة مرور، ويبدو ان العراق هو من الدول المصدرة ووجهة الضحايا تكون في اغلب الاحيان الى دول الجوار وبالتالي يؤكد محمد خيري استاذ كلية القانون في جامعة ذي قار أهمية وجود علاقات تعاون واتفاقيات تبرم بين العراق وتلك الدول للحد من هذه الظاهرة. وكانت منظمة العفو الدولية أكدت ان الاتجار بالنساء والفتيات موجود في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك يظل مخفياً عن أعين الناس، وإن كثيرات يمتنعن عن الإبلاغ عن محنتهن خشية الانتقام.

المزيد في الملف الصوتي الذي ساهم في اعداده مراسل اذاعة العراق الحر ليث أحمد.

عقود من الاضطهاد والقمع مع غياب ابسط الحقوق وانتهاكات يتعرض لها المواطن إلى يومنا هذا وجهود المنظمات الأهلية والمؤسسات الحكومية في تثقيف المجتمع وتوعيته والدفاع عن حقوقه.. حقوق الإنسان في العراق يسلط الضوء على هذه المواضيع من خلال المقابلات التي يجريها مع مختصين ومسؤولين ومواطنين.
XS
SM
MD
LG