ضمن الدستور العراقي الحقوق والحريات، ومنها حرية الدين والمعتقد. كما نصت العديد من مواده على إن العراق بلد متعدد القوميات، والأديان، والمذاهب، وضمنت تلك المواد كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد، في حرية العقيدة والممارسة الدينية، وان تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري، والسياسي، والديني. فالمادة 42 من الدستور تنص [[لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة]]، أما المادة 43 فأكدت ان [[أتباع كل دينٍ او مذهبٍ أحرار في ممارسة الشعائر الدينية، وان تكفل الدولة حرية العبادة وحماية أماكنها]].
ورغم تأكيد البعض إن عراق ما بعد 2003 شهد العديد من الخطوات نحو تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، والحريات، وصيانتها، ومراقبة الانتهاكات، التي تحدث والحد منها، الا ان منظمات دولية ومحلية أشارت إلى حدوث خروقات لحقوق الإنسان، الى الحد الذي دفع بعض تلك المنظمات الى ادراج العراق ضمن أكثر الدول التي تفرض قيودا على الأديان، وتأكيدها تعرض معتنقي بعض الديانات الى مضايقات مستمرة ومن جهات مختلفة.
حلقة هذا الأسبوع من برنامج [حقوق الانسان في العراق] تسلط الضوء على مضايقات يتعرض لها أتباع الكنيسة الإنجيلية في إقليم كردستان. وتعود الجذور التاريخية للكنيسة الإنجيلية في العالم إلى فجر المسيحية. ويقول الإنجيليون انهم الذين بُشروا بالإنجيل "المسيح"، ونشروا رسالته الى ارجاء مختلفة من العالم، وبنوا كنائس خاصة لهم، ويشاهد عدد غير قليل منها منتشرة في بعض المحافظات العراقية.
ونشطت الحركة الإنجيلية في إقليم كردستان في تسعينيات القرن العشرين بعد انفصال الإقليم عن ادارة النظام السابق، وحدوث تطورات كثيرة بعد 2003 منها الاستقرار الامني النسبي، ووجود فسحة من الحريات. ويشير البعض الى ان عددا من اتباع الكنيسة الانجيلية تخلو عن ديانتهم الأصلية، وبينهم مسلمون، تحولوا الى المسيحية سرا في السابق، لكن فسحة الحرية هذه شجعتهم على عدم الخوف، والبوح بانتمائهم الديني، مما ساعد على ازدياد اتباع الكنيسة الانجيلية وعدد كنائس هذه الطائفة في الاقليم.
لكن البعض يؤكد ان حرية الدين والمعتقد التي ضمنها الدستور غير كافية لوقف الاضطهاد والحد من انتهاكات والضغوط التي يتعرض لها اتباع الكنيسية الإنجيلية من قبل المجتمع والعشيرة والعائلة ورجال دين، لعدم تقبلهم فكرة تخلي المسلم عن دينه، وإدانته بالارتداد. واختلفت مستويات الانتهاك والاضطهاد ابتداء من نبذ المجتمع لهم، وارغام التقاليد السائدة الكثيرين منهم على اخفاء انتمائهم الديني، الى التهديد بالقتل. مراسل إذاعة الحر في دهوك عبد الخالق سلطان ألتقى عددا من اتباع الكنيسة الإنجيلية الذين اجمعوا على تعرض أتباع كنيستهم لهذه الضغوطات، واشار شامل إلى العائلة والمجتمع نبذته وتصفه بالمرتد.
أما عبد القادر فقال ان من بين المشاكل التي تواجه اتباع الكنيسة نفور العائلة منهم ونبذها لهم، وان العشيرة أجبرت البعض على طلاق الزوجة، وهجر العائلة الى حد التهديد بقتلهم. وأكد ان هناك العديد ممن اعتنقوا المسيحية سرا خوفا على حياتهم.
ويرى القس كريم كوريال راعي كنيسة العهد الجديد واحد مؤسسي الكنيسة الانجيلية في محافظة دهوك ان الحكومة منحتهم مطلق الحرية، لكن الضغوط التي يتعرضون لها هي من قبل المجتمع. كوريال أكد ان اتباع الكنيسة الانجيلية كثر، وهناك رغبة لدى آخرين في الانتماء لها، لكن الخوف من البوح بالانتماء الديني يمنع العديد من الحضور إلى الكنيسة.
في حين يرى القس بهزاد مزوري راعي كنيسة كوردزمان الإنجيلية، وهو رئيس رابطة الكنائس الأنجيلية في دهوك، ان هناك تفهما لدى البعض وتقبلا لفكرة اعتناق الفرد دينا آخر، معتبرين كل الأديان سماوية وصاحبة رسالة، إضافة إلى اختلاف العرف الاجتماعي والديني والعشائري بين منطقة واخرى، الامر الذي يؤثر على مدى تقبل العائلة وتعاملها مع أي شخص يتحول عن دينه الأصلي.
عبد المجيد لم يقتنع بفكرة اعتناق البعض ديانة أخرى، ووصفهم بعدم الوفاء، والاستعداد لتغيير دينهم الجديد ان سنحت لهم الفرصة, ويضيف انه اضطر الى انهاء علاقة الصداقة التي كانت تربطه مع احد الاشخاص لانه تحول عن دينه ودين آبائه.
ورغم تشديد الأمم المتحدة، والعديد من المنظمات الدولية على مبدأ الحرية الدينية، تشير تقارير ودراسات تقدمها منظمات وجماعات مهتمة بحقوق الانسان الى تعرض الأقليات الدينية الى الإضطهاد، وانتشار ظاهرة العنف الطائفي، والضغوط الأخرى التي تمارس على الأفراد والجماعات الدينية في العديد من البلدان.
دراسة عن الدين والحياة العامة قدمها المنتدى التابع لمركز (PEW) الأميركي للأبحاث في كانون الأول 2009 بعنوان "القيود العالمية المفروضة على الدين" أظهرت أن (64) دولة، أي قرابة ثلث بلدان العالم تضع قيوداً عالية، أو عالية جدا على الدين، وان ما يقرب من (70%) من سكان العالم، أو ما يزيد على 6 مليارات شخص يعيشون في بلدان تفرض قيودا كبيرة على أساس الدين، غالباً ما تقع على الأقليات الدينية.
ووجدت الدراسة ان أعلى المستويات العامة للقيود سجلت في بلدان مثل المملكة العربية السعودية، وباكستان، وإيران، حيث تفرض الحكومات والمجتمع قيودا على العديد من المعتقدات والممارسات الدينية، فيما تربع العراق على رأس قائمة البلدان التي تمارس مستويات وصفت بـ "عالية جداً" من الجهة المجتمعية التي أخذت بالتصاعد من قياس (8.7) في عام 2001 الى (10) في عام 2007، في وقت انخفضت نسبة فرض القيود من الجهة الحكومية من (7.8) الى (6.7) للفترة نفسها.
المزيد في الملف الصوتي
عقود من الاضطهاد والقمع مع غياب ابسط الحقوق وانتهاكات يتعرض لها المواطن إلى يومنا هذا وجهود المنظمات الأهلية والمؤسسات الحكومية في تثقيف المجتمع وتوعيته والدفاع عن حقوقه.. حقوق الإنسان في العراق يسلط الضوء على هذه المواضيع من خلال المقابلات التي يجريها مع مختصين ومسؤولين ومواطنين.
ورغم تأكيد البعض إن عراق ما بعد 2003 شهد العديد من الخطوات نحو تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، والحريات، وصيانتها، ومراقبة الانتهاكات، التي تحدث والحد منها، الا ان منظمات دولية ومحلية أشارت إلى حدوث خروقات لحقوق الإنسان، الى الحد الذي دفع بعض تلك المنظمات الى ادراج العراق ضمن أكثر الدول التي تفرض قيودا على الأديان، وتأكيدها تعرض معتنقي بعض الديانات الى مضايقات مستمرة ومن جهات مختلفة.
حلقة هذا الأسبوع من برنامج [حقوق الانسان في العراق] تسلط الضوء على مضايقات يتعرض لها أتباع الكنيسة الإنجيلية في إقليم كردستان. وتعود الجذور التاريخية للكنيسة الإنجيلية في العالم إلى فجر المسيحية. ويقول الإنجيليون انهم الذين بُشروا بالإنجيل "المسيح"، ونشروا رسالته الى ارجاء مختلفة من العالم، وبنوا كنائس خاصة لهم، ويشاهد عدد غير قليل منها منتشرة في بعض المحافظات العراقية.
ونشطت الحركة الإنجيلية في إقليم كردستان في تسعينيات القرن العشرين بعد انفصال الإقليم عن ادارة النظام السابق، وحدوث تطورات كثيرة بعد 2003 منها الاستقرار الامني النسبي، ووجود فسحة من الحريات. ويشير البعض الى ان عددا من اتباع الكنيسة الانجيلية تخلو عن ديانتهم الأصلية، وبينهم مسلمون، تحولوا الى المسيحية سرا في السابق، لكن فسحة الحرية هذه شجعتهم على عدم الخوف، والبوح بانتمائهم الديني، مما ساعد على ازدياد اتباع الكنيسة الانجيلية وعدد كنائس هذه الطائفة في الاقليم.
لكن البعض يؤكد ان حرية الدين والمعتقد التي ضمنها الدستور غير كافية لوقف الاضطهاد والحد من انتهاكات والضغوط التي يتعرض لها اتباع الكنيسية الإنجيلية من قبل المجتمع والعشيرة والعائلة ورجال دين، لعدم تقبلهم فكرة تخلي المسلم عن دينه، وإدانته بالارتداد. واختلفت مستويات الانتهاك والاضطهاد ابتداء من نبذ المجتمع لهم، وارغام التقاليد السائدة الكثيرين منهم على اخفاء انتمائهم الديني، الى التهديد بالقتل. مراسل إذاعة الحر في دهوك عبد الخالق سلطان ألتقى عددا من اتباع الكنيسة الإنجيلية الذين اجمعوا على تعرض أتباع كنيستهم لهذه الضغوطات، واشار شامل إلى العائلة والمجتمع نبذته وتصفه بالمرتد.
أما عبد القادر فقال ان من بين المشاكل التي تواجه اتباع الكنيسة نفور العائلة منهم ونبذها لهم، وان العشيرة أجبرت البعض على طلاق الزوجة، وهجر العائلة الى حد التهديد بقتلهم. وأكد ان هناك العديد ممن اعتنقوا المسيحية سرا خوفا على حياتهم.
ويرى القس كريم كوريال راعي كنيسة العهد الجديد واحد مؤسسي الكنيسة الانجيلية في محافظة دهوك ان الحكومة منحتهم مطلق الحرية، لكن الضغوط التي يتعرضون لها هي من قبل المجتمع. كوريال أكد ان اتباع الكنيسة الانجيلية كثر، وهناك رغبة لدى آخرين في الانتماء لها، لكن الخوف من البوح بالانتماء الديني يمنع العديد من الحضور إلى الكنيسة.
في حين يرى القس بهزاد مزوري راعي كنيسة كوردزمان الإنجيلية، وهو رئيس رابطة الكنائس الأنجيلية في دهوك، ان هناك تفهما لدى البعض وتقبلا لفكرة اعتناق الفرد دينا آخر، معتبرين كل الأديان سماوية وصاحبة رسالة، إضافة إلى اختلاف العرف الاجتماعي والديني والعشائري بين منطقة واخرى، الامر الذي يؤثر على مدى تقبل العائلة وتعاملها مع أي شخص يتحول عن دينه الأصلي.
عبد المجيد لم يقتنع بفكرة اعتناق البعض ديانة أخرى، ووصفهم بعدم الوفاء، والاستعداد لتغيير دينهم الجديد ان سنحت لهم الفرصة, ويضيف انه اضطر الى انهاء علاقة الصداقة التي كانت تربطه مع احد الاشخاص لانه تحول عن دينه ودين آبائه.
ورغم تشديد الأمم المتحدة، والعديد من المنظمات الدولية على مبدأ الحرية الدينية، تشير تقارير ودراسات تقدمها منظمات وجماعات مهتمة بحقوق الانسان الى تعرض الأقليات الدينية الى الإضطهاد، وانتشار ظاهرة العنف الطائفي، والضغوط الأخرى التي تمارس على الأفراد والجماعات الدينية في العديد من البلدان.
دراسة عن الدين والحياة العامة قدمها المنتدى التابع لمركز (PEW) الأميركي للأبحاث في كانون الأول 2009 بعنوان "القيود العالمية المفروضة على الدين" أظهرت أن (64) دولة، أي قرابة ثلث بلدان العالم تضع قيوداً عالية، أو عالية جدا على الدين، وان ما يقرب من (70%) من سكان العالم، أو ما يزيد على 6 مليارات شخص يعيشون في بلدان تفرض قيودا كبيرة على أساس الدين، غالباً ما تقع على الأقليات الدينية.
ووجدت الدراسة ان أعلى المستويات العامة للقيود سجلت في بلدان مثل المملكة العربية السعودية، وباكستان، وإيران، حيث تفرض الحكومات والمجتمع قيودا على العديد من المعتقدات والممارسات الدينية، فيما تربع العراق على رأس قائمة البلدان التي تمارس مستويات وصفت بـ "عالية جداً" من الجهة المجتمعية التي أخذت بالتصاعد من قياس (8.7) في عام 2001 الى (10) في عام 2007، في وقت انخفضت نسبة فرض القيود من الجهة الحكومية من (7.8) الى (6.7) للفترة نفسها.
المزيد في الملف الصوتي
عقود من الاضطهاد والقمع مع غياب ابسط الحقوق وانتهاكات يتعرض لها المواطن إلى يومنا هذا وجهود المنظمات الأهلية والمؤسسات الحكومية في تثقيف المجتمع وتوعيته والدفاع عن حقوقه.. حقوق الإنسان في العراق يسلط الضوء على هذه المواضيع من خلال المقابلات التي يجريها مع مختصين ومسؤولين ومواطنين.