من افضال شهر رمضان المبارك على المسلمين في بريطانيا و اوربا عموما انه يقربهم من بعضهم البعض. ففي عالمنا الاسلامي ومدننا الصغيرة كنا نلتقي مع اصحابنا و اقاربنا كل يوم تقريبا ، نزورهم و يزوروننا بدون موعد و نلتقيم في المقاهي و النوادي يوميا و نسكن جنب بعضنا البعض في احيائنا الشعبية. بيد ان الأمر يختلف في مدينة كبرى كلندن حيث اعيش منذ مدة طويلة ، او فالأقل منذ ايام الدراسة و التلمذة. و في مثل هذه المدينة نجد ان المسافات اصبحت شاسعة و العمل يستمر حتى ساعات متأخرة من اليوم دون رحمة او استراحة. و اللقاءات في الغرب تتطلب موعدا يحدد ربما قبل اسابيع. لم يعد احدنا يلتقي بأخيه او ابنه لأشهر. بيد ان شهر رمضان و ولائم الفطور تذكر الانسان بأهله و احبائه و تعطي فرصا موآتية للالتقاء بهم و مشاركتهم فطورهم و الصلاة جماعة معهم حتى و لو كانوا في الخارج.
هكذا سعدت بمجيء هذا الشهر المبارك. بيد ان شهر رمضان السنة الماضية تميز بمفاجئة استثنائية. كان لي موعد للالتقاء بصديق يهودي عراقي تاجر هاجر من العراق مع مئات اليهود الآخرين الى بريطانيا في الخمسينات. و فيما كنت استعد لهذا اللقاء كلمتني السيدة ام عدنان و دعتني لتناول الإفطار مع اسرتها الكبيرة. قلت لها آسف. اعمليها في يوم آخر. ففي هذا اليوم لي موعد مع صديق قديم. قالت اجلبه معك ليفطر معنا. قلت لها كيف؟ هذا رجل يهودي!
" ولا يهمك! جيبه وياك. إحنا ما نفرق بين مسلم و نصراني ، و مسلم ويهودي . كلنا نؤمن برب واحد. و الله هذي تكون فرصة. انا ما التقيت بيهودي من ايام الملك فيصل الله يرحمه. جيبه وياك ولا يهمك! ابو عدنان راح يفرح بالمفاجئة. "
كلمت صديقي ابو يوسف و نقلت اليه الدعوة للفطور. فتح فمه في دهشة. كيف اذهب و اشاركهم الفطور؟ اولا انا لا اعرف هؤلاء الناس. ثانيا انا موسوي و ما علاقتي بهذه المناسبة الدينية الاسلامية؟ ثالثا يمكن تتنجس هذه العائلة من وجودي بينهم يمد يده في طعامهم. يشرب من نفس الشوربة و يقصم نفس شيش الكباب.
" عزيزي ابو يوسف، يظهر انت نسيت حياتنا في بغداد في ايام الخير. كيف كنا ناكل مع بعض ، يهود و نصارى و إسلام، و نتهادى بالطعام مع جيراننا، نعطيكم السبزي و تعطونا الجاج التبيت . كيف كنا نشارك اخواننا المسيحيين بإحتفالات الكرسمس و ناكل الديك الرومي علي شيش معهم. يعني انت نسيت ما قالته العرب : " كل في بيت اليهودي ونم في بيت النصراني."
" لكن يا ابو نايل ما قال صاحب القول و خلي اليهودي ياكل في بيتك."
ضحكنا على هذه المقاربة و لكنني توفقت في الأخير بإقناع صديقي بالمجيء معي لوليمة الإفطار الرمضاني .و كانت مفاجئة للجميع ،ولا سيما بعد ان رفع ابو يوسف يده معنا و قال" بإسم الله الرحمن الرحيم." نظرت اليه في دهشة و استغراب. قلت له يا ابو يوسف هذي كلمة اسلامية ، دعاء اسلامي، بسم الله الرحمن الرحيم. هذا شيء نقوله نحن المسلمين . نسمي باسم الله عندما نقرأ القرآن الكريم و نعزم على شيء. اجابني صديقي اليهودي قائلا و لكن هذا شيء يقوله كل المؤمنين بالله. و الله هو الرحمن الرحيم في كل الأديان. و نقول و نفعل كل شيء باسمه عندما نطبخ و عندما نذبح الخروف او الدجاجة و عندما نأكل الطبيخ و نشرب قدح ماي. قال ثم نزل بيديه يقصف بالمحشي و الكبة و العروق و هات ما عندك. موائد الرحمن مفتوحة لكل انسان. فرغنا من الطعام و شكرنا الله على انعامه ثم جلسنا نستذكر تجارب الأيام الخوالي ، ايام الخير في بغداد الخير والخيرات. وهذه نعمة اخرى من نعم الشهر المجيد ان يستعرض الانسان سيرة حياته و يتذكر افضال والديه واعمامه و اخواله ويستنزل الرحمات على ارواحهم الطيبة.
المزيد من التفاصيل في الملف الصوتي
هكذا سعدت بمجيء هذا الشهر المبارك. بيد ان شهر رمضان السنة الماضية تميز بمفاجئة استثنائية. كان لي موعد للالتقاء بصديق يهودي عراقي تاجر هاجر من العراق مع مئات اليهود الآخرين الى بريطانيا في الخمسينات. و فيما كنت استعد لهذا اللقاء كلمتني السيدة ام عدنان و دعتني لتناول الإفطار مع اسرتها الكبيرة. قلت لها آسف. اعمليها في يوم آخر. ففي هذا اليوم لي موعد مع صديق قديم. قالت اجلبه معك ليفطر معنا. قلت لها كيف؟ هذا رجل يهودي!
" ولا يهمك! جيبه وياك. إحنا ما نفرق بين مسلم و نصراني ، و مسلم ويهودي . كلنا نؤمن برب واحد. و الله هذي تكون فرصة. انا ما التقيت بيهودي من ايام الملك فيصل الله يرحمه. جيبه وياك ولا يهمك! ابو عدنان راح يفرح بالمفاجئة. "
كلمت صديقي ابو يوسف و نقلت اليه الدعوة للفطور. فتح فمه في دهشة. كيف اذهب و اشاركهم الفطور؟ اولا انا لا اعرف هؤلاء الناس. ثانيا انا موسوي و ما علاقتي بهذه المناسبة الدينية الاسلامية؟ ثالثا يمكن تتنجس هذه العائلة من وجودي بينهم يمد يده في طعامهم. يشرب من نفس الشوربة و يقصم نفس شيش الكباب.
" عزيزي ابو يوسف، يظهر انت نسيت حياتنا في بغداد في ايام الخير. كيف كنا ناكل مع بعض ، يهود و نصارى و إسلام، و نتهادى بالطعام مع جيراننا، نعطيكم السبزي و تعطونا الجاج التبيت . كيف كنا نشارك اخواننا المسيحيين بإحتفالات الكرسمس و ناكل الديك الرومي علي شيش معهم. يعني انت نسيت ما قالته العرب : " كل في بيت اليهودي ونم في بيت النصراني."
" لكن يا ابو نايل ما قال صاحب القول و خلي اليهودي ياكل في بيتك."
ضحكنا على هذه المقاربة و لكنني توفقت في الأخير بإقناع صديقي بالمجيء معي لوليمة الإفطار الرمضاني .و كانت مفاجئة للجميع ،ولا سيما بعد ان رفع ابو يوسف يده معنا و قال" بإسم الله الرحمن الرحيم." نظرت اليه في دهشة و استغراب. قلت له يا ابو يوسف هذي كلمة اسلامية ، دعاء اسلامي، بسم الله الرحمن الرحيم. هذا شيء نقوله نحن المسلمين . نسمي باسم الله عندما نقرأ القرآن الكريم و نعزم على شيء. اجابني صديقي اليهودي قائلا و لكن هذا شيء يقوله كل المؤمنين بالله. و الله هو الرحمن الرحيم في كل الأديان. و نقول و نفعل كل شيء باسمه عندما نطبخ و عندما نذبح الخروف او الدجاجة و عندما نأكل الطبيخ و نشرب قدح ماي. قال ثم نزل بيديه يقصف بالمحشي و الكبة و العروق و هات ما عندك. موائد الرحمن مفتوحة لكل انسان. فرغنا من الطعام و شكرنا الله على انعامه ثم جلسنا نستذكر تجارب الأيام الخوالي ، ايام الخير في بغداد الخير والخيرات. وهذه نعمة اخرى من نعم الشهر المجيد ان يستعرض الانسان سيرة حياته و يتذكر افضال والديه واعمامه و اخواله ويستنزل الرحمات على ارواحهم الطيبة.
المزيد من التفاصيل في الملف الصوتي