روابط للدخول

خبر عاجل

الإرهاب ينتهك براءة الأطفال


ديار بامرني

أكدت القوات متعددة الجنسيات تشكيل الجماعات المسلحة تنظيم جديد في تكريت أطلق عليه اسم "طيور الجنة" يحاول استقطاب الأطفال والصبية لمهاجمة القوات الأمنية العراقية. قائد القوات الأمريكية في تكريت كشف عن اعتقال عدد من الأطفال تم تجنيدهم على يد هذا التنظيم الإرهابي كانوا يحاولون تفجير أنفسهم.

بهذا الخبر نبدأ حلقة اليوم من البرنامج والتي نسلط فيها الضوء من جديد على استغلال الميليشيات والتنظيمات الإرهابية الأطفال للقيام بعمليات إرهابية حيث اكدت جهات عدة رسمية ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان ان تدني مستوى الوعي وكذلك الفقر والعوز والتدهور الاقتصادي وعدم وجود خطط جدية تنفذها الحكومة لحماية الطفل هي من الأسباب الرئيسية التي جعلت هذه الشريحة فريسة سهلة المنال استغلتها تلك الجماعات ومنها تنظيم القاعدة في العراق لارتكاب عمليات إجرامية.

وكشفت منظمات دولية منها الأمم المتحدة وجود المئات من الأطفال في السجون الأمريكية و العراقية بعد أن تم تجنيدهم في نشاطات إرهابية. وأكدت ممثلة الأمم المتحدة لحماية الأطفال في النزاعات المسلحة ان العديد من الجماعات المسلحة لا تكتفي بتجنيد الأطفال لنشاطاتها السياسية والعسكرية بل تستخدمهم في الهجمات الانتحارية أيضا, مضيفة القول ان هؤلاء الأطفال يتحولون إلى قنابل بشرية وان هذه الظاهرة شهدت ارتفاعا سريعا في العراق منذ عام 2004 بسبب العنف الطائفي.

خلال الحلقات السابقة من البرنامج ذكر عدد من المختصين الأسباب وراء تفشي هذه الظاهرة ووجهوا أصابع الاتهام واللوم إلى العديد من الجهات حكومية وغير حكومية وكانت هناك مقترحات وتوصيات في كيفية حماية الطفل العراقي. ضيف البرنامج لهذا اليوم سيضيف بعدا آخر ويعطي صورة اكثر وضوحا لهذه الظاهرة و أسباب تفشيها وكيفية القضاء عليها. الدكتور (جون ناغل) هو خبير وعسكري أمريكي متقاعد خدم في العراق لفترة طويلة وله دراسات عديدة حول الجماعات الإرهابية والمسلحة و سنستمع الآن إلى رأي هذا الخبير حول الأساليب التي تتبعها هذه الجماعات في نشاطاتها الإرهابية وهل هناك أي تنظيمات أخرى غير طيور الجنة تحاول استقطاب الأطفال, وقبل هذا كله سنحاول بمساعدة (ناغل) الدخول إلى أدمغة هؤلاء الإرهابيين عسى أن نعرف طريقة تفكيرهم وكيف تمكنوا وهم أجانب وليسوا عراقيين من اختراق التركيبة الاجتماعية والتقاليد والعلاقة الخاصة التي تربط الأباء بأطفالهم وتسلبهم منهم وتجعل من الأطفال قنابل بشرية. سؤالنا الأول الى الخبير ناغل كان تعليقه حول تشكيل تنظيم "طيور الجنة" :

ناغل : "استغلال الأطفال في الحروب والنزاعات محرم في الشرائع السماوية والإنسانية جمعاء وكل الأديان تؤكد مسؤولية الكبار في رعاية الأطفال, ما يثير الاشمئزاز استخدام الأطفال كأسلحة في الحروب من خلال استغلال براءتهم وطفولتهم وبالتالي هذه إشارة إلى أن هذه المنظمة الإرهابية (القاعدة) لا تحترم تعاليم الرب ولا تحترم الإنسانية وهذه الحقيقة يجب ان تنشر ويتم الحديث عنها ليس فقط في الدول الإسلامية بل في كل أنحاء العالم وعلى الناس ان يفهموا ان هذا التنظيم الإرهابي يفتقد الى كل الصفات الإنسانية وعلى الناس ان يقفوا جميعا ضد استغلال الأطفال."

س : كنتم في العراق لفترة طويلة وشاركتم في عمليات عسكرية كثيرة في العديد من المحافظات العراقية, هل ألقيتم القبض خلال تلك العمليات او تم الكشف على تنظيمات أخرى تستغل الأطفال في عملياتها الإرهابية ؟

ناغل : "كانت هناك تقارير متفرقة لحالات فردية خلال السنوات الماضية تؤكد اشتراك عدد من الأطفال في عمليات انتحارية لكن الإعلان عن تنظيم بأسم طيور الجنة, فان هذه أول مرة اسمع شيئا مروعا بهذا الحجم وبهذا التنظيم يتحدث عن استخدام الميليشيات الأطفال كأدوات في الحرب وهذا تطور يثير القلق ولابد للعالم الآن أن يضع نهاية له."

س : التقارير تؤكد وجود المئات من الأطفال تم اعتقالهم بسبب ارتكابهم او مشاركتهم بعمليات إرهابية, أين تركزت تلك العمليات والنشاطات الإجرامية ومن أي محافظات عراقية ينتمي هؤلاء الأطفال ؟

ناغل : "معظم العمليات وحالات إلقاء القبض على هؤلاء الأطفال تمت في المناطق السنية مثل الانبار وأطراف بغداد حيث تستمر في هذه المناطق عمليات إرهابية وتتركز نشاطات التنظيمات الارهابية. معظم الذين تم القاء القبض عليهم تتراوح اعمارهم بين 15 و 17عاما."

س : حتى نعرف الأسباب وراء انتشار هذه الظاهرة لابد أولا للمستمع ان يفهم ويعرف طريقة تفكير هذه التنظيمات, كانت لك الكثير من الدراسات حول التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة, هل يمكن لك أن تصف لنا من خلال الدخول إلى أدمغة الإرهابيين الطريقة التي يفكرون بها. وماذا يعني استغلال القاعدة للمرأة والطفل؟ هل يعني انهم استنفدوا كل الأساليب الأخرى التي لم تنجح ام انهم يوسعون من عملياتهم من خلال إشراك شرائح جديدة ؟

ناغل : "من الصعب جدا وحتى بالنسبة لي فهم كيف يمكن لاحد ان يفجر نفسه والقيام بمثل هذا العمل, تنظيم القاعدة هزم بصورة عامة وتم حصر نشاطاته الإرهابية كالعمليات الانتحارية بصورة كبيرة. العمليات العسكرية ضد هذا التنظيم أجبرته على ترك معظم المحافظات والتوجه إلى شمال العراق وخاصة الى الموصل حيث ما زالت العمليات العسكرية ضد هذا التنظيم مستمرة. ازدياد عدد القوات العراقية وقدراتها أجبرت المتمردين على اتخاذ أساليب أخرى وخاصة استغلال المرأة والطفل لما تتمتع بهما هاتان الشريحتان من معاملة وحماية خاصة بموجب التقاليد والدين الإسلامي وكذلك في الحروب. خلال العمليات العسكرية او من خلال وجود القوات الأمنية في نقاط التفتيش وبسبب هذه التقاليد والحماية الخاصة تتغاضى عن تفتيش الطفل والمرأة وبالتالي ما يفعله الإرهابيون هو الإخلال بهذه التقاليد والحماية الخاصة التي منحها الإسلام والقوانين الدولية ويستغلون هذه المعاملة الخاصة للهجوم على القوات الأمنية في العراق."

س : ونحن نتحدث عن الإسلام والتقاليد, هناك نوع خاص من العلاقة بين الآباء والأطفال وبين الرجل والمرأة في المجتمعات الإسلامية وخاصة في المجتمع العراقي حيث تولي العائلة اهتماما اكثر بالطفل والمرأة وتحميهما من الأذى, تنظيم القاعدة ومعظم الإرهابيين في هذا التنظيم يمكن اعتبارهم أجانب وغرباء وغير عراقيين. كيف يمكن للغريب إذا أن يخترق كل هذه التقاليد والحماية التي يمنحها الرجل للمرأة والطفل بحيث يمكن لهذا التنظيم الأجنبي ان يقنع المرأة والطفل ان يكونا أدوات حرب ؟

ناغل : "اعتقد انهم عند استغلاهم المرأة والطفل إنما يستغلون الأيتام والأرامل والشرائح الضعيفة التي تتأثر بالحروب تأثرا اكبر من بقية شرائح المجتمع حيث تفقد هذه الشرائح الضعيفة كل شيء وتخسر المكان والتركيبة الاجتماعية القوية التي يمكن ان تعود وتحتمي بها, ولهذا نجد استغلال الإرهابيين لهم جاء لسببين الأول انهم خسروا الكثير من الدعم والموارد وثانيا ان المجتمع بدا ينمو من جديد في العراق ويتطور ويعيش في أمان إضافة إلى التطور السياسي الذي يرافق الاستقرار الأمني الذي رأيته أنا شخصيا الشهر الماضي."

س : ما هي الأساليب التي يتبعها هذا التنظيم في إقناع المرأة والطفل القيام بعمليات إرهابية وحتى الانتحار وما السر وراء نجاح القاعدة في جذب عدد اكبر من الأطفال والنساء في الفترة الأخيرة؟

ناغل : "في الكثير من الحالات ما يقومون به لاقناع الشباب الذي يقدم على أي عملية انتحارية من خلال غسيل الدماغ هو الوعد بالفوز بالآخرة ورعاية عوائلهم وكذلك إقناع الطفل والشاب وخاصة اليتيم الذي ليست له أي رابطة اجتماعية قوية أن ينضم إلى عائلة (القاعدة) وبالتالي هم يستغلون غريزة إنسانية بسيطة ومهمة هي الانتماء إلى جهة او منظمة تهتم بهم وتحترمهم."

س : اذا لمن نوجه اللوم, الحكومة العراقية؟ المجتمع ؟ القوات الأمريكية؟ وعدم قدرة كل هذه الجهات حماية الطفل والمرأة ؟

ناغل : "الجميع مسؤولون عما يحدث الآن في العراق. واعتقد ان هذه الجهات لابد أن يوجه لها بعض اللوم خاصة عن المشاكل الإنسانية كالعنف والتهجير والنزوح وقتل وجرح آلاف الأشخاص بسبب النزاعات. لكن هناك مستوى آخر مختلفا تماما من المسؤولية واللوم الذي لابد ان يوجه إلى الأشخاص الذين يستغلون كل هذه الأحداث واستغلال الآخرين عن طريق الفساد أو إجبارهم على ان يصبحوا أدوات حرب وان يكونوا انتحاريين وخاصة من يستغل المرأة والطفل وبالتالي توجيه اللوم بصورة عامة يجب أن يكون إلى الإرهابيين لاستغلالهم الضعفاء واستغلال الحماية التي نقدمها للضعيف."

س : ولكن لولا التقصير من قبل كل هذه الجهات (الحكومة, المجتمع, القوات متعددة الجنسيات) في حماية ورعاية هاتين الشريحتين (الأطفال والنساء) لما أصبحت شرائح ضعيفة يمكن استغلالها بهذه الصورة البشعة من قبل الإرهابيين؟

ناغل : "نعم هذا بدون شك والخدمات الاجتماعية والرعاية في العراق ليست كما اطمح لها ان تكون وانا اقبل هذا النقد واعتقد ان على الحكومة العراقية أن تقبل هذا النقد وأتمنى ان تعمل هذه الحكومة على توفير خدمات رعاية افضل وإيجاد منازل للعوائل النازحة والمهجرة وان تقوم بإعادة أعمار المناطق التي دمرت وغيرها وكل هذا طبعا يأخذ وقت. لكن كل هذا يجب ان لا يستغل وان يكون عذرا للآخرين لاستغلال الضعفاء وان يكونوا أسلحة وأدوات حرب. هناك فرق كبير بين إلقاء المسؤولية على الذين فشلوا في رعاية المستضعفين والذين يعانون من كل هذه المشاكل , وبين من عملوا على زيادة هذه المعاناة لأسبابهم الخاصة."

س : عودة إلى تقرير الأمم المتحدة الذي اكد وجود اكثر من 500 طفل وشاب في السجون الأمريكية؟ ما هي الصيغة القانونية لاعتقالهم وهل ينظر لهم حسب تلك القوانين على انهم مجرمون وإرهابيون بالرغم من صغر سنهم وما هي العقوبات التي تصدر بحقهم ؟

ناغل : "في البداية لم تعمل القوات متعددة الجنسيات بالصورة المناسبة في استخدام السجون الأمريكية لمساعدة هؤلاء على بناء حياة افضل ولكن خلال السنتين الماضيتين ومن خلال معرفتي الشخصية للعديد من المسؤولين عن هذه السجون ومن خلال وجودي في العراق الى نهاية الشهر الماضي, فان المسؤولين عن تلك السجون أكدوا استحداث برامج خاصة منها برامج تعليمية للقراءة والكتابة وبرامج تدريبية. كذلك تم فصل المعتقلين حسب الأعمار ونوع الجرائم المرتكبة وبذلنا المزيد من الجهد في رعاية واعادة تأهيل الذين نعتقد ان يكون لهم بعد خروجهم من المعتقلات مستقبل ودور في العراق الجديد."

س : ولكن السؤال كيف تنظرون الى المعتقلين حسب الجرائم التي ارتكبوها, هل قانونيا يعتبرون مجرمين وإرهابيين؟

ناغل : "بصورة عامة هؤلاء الأطفال والشباب القاصرين دون سن الثامنة عشر يعتبرون قانونيا مشاركين في عمليات إجرامية او قتل ولا يتم معاقبتهم بسبب العمر حتى اذا ثبت ارتكابهم تلك الجرائم, ولكن بصورة عامة معظم المعتقلين لهم جرائم غير خطيرة وهناك إمكانية إعادة تأهيلهم وتتم متابعة جميع القضايا. وهناك العديد من الحالات يتم فيها نقل هؤلاء الى السلطات العراقية وفي حالات اخرى بعد قضاء عدد من المعتقلين فترة إعادة التأهيل يجري وباحتفال خاص إطلاق سراحهم وعودتهم من جديد إلى المجتمع خاصة مع التعهدات التي قطعها العديد من هؤلاء الأطفال والشباب بعدم ارتكاب أي جرائم في المستقبل وان يخدموا البلد والمجتمع كل هذا تم بعد الضمانات التي أخذت منهم ومن عوائلهم وشيوخ العشائر أو وجهاء المنطقة وبالتالي فان برامج إعادة التأهيل والمصالحة تعيد عددا غير قليل من المعتقلين الى المجتمع."

س : باختصار كيف يمكن الان وضمن هذه الظروف الحالية ولا نتحدث عن برامج يمكن ان تنفذ بعد سنوات بل الآن كيف يمكن الحد من هذه الظاهرة ؟

ناغل : "اعتقد أن الخطوة الأهم هي خطوة مصالحة تقوم بها الحكومة خاصة مع السنة وأنا حذر بشدة من الخطوات التي قام بها رئيس الوزراء المالكي بخصوص مستقبل أبناء العراق الذين كان عدد غير قليل منهم متمردين وينتمون الى ميليشيات مسلحة لكنهم قرروا إلقاء السلاح ودعم الحكومة والقوات متعددة الجنسيات ضد الإرهاب وتنظيم القاعدة, هذا التنظيم المسؤول عن استغلال الأطفال للقيام بعمليات انتحارية وإجرامية وبالتالي لابد من الاستفادة من المواطنين العراقيين المخلصين سنة وشيعة وتوحيدهم من اجل طرد الغرباء والمجرمين الذين يستغلون النساء والأطفال كأسلحة وان نخلق عراقا جديدا وموحدا."

هذا وتحظر كل من اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1949 تجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة من العمر في القوات المسلحة كما ينصان على أن تتخذ الدول الأطراف كافة التدابير الممكنة لمنع اشتراك الأطفال دون هذه السن في الأعمال العدائية. ووفقاً للبروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف المنطبق على النزاعات المسلحة الداخلية لا يجوز تجنيد طفل لم يبلغ الخامسة عشرة من العمر أو السماح له بالاشتراك في الأعمال العدائية.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر أشارت إلى انه بالرغم من ان القانون الدولي الإنساني يؤكد على احترام حقوق الأطفال خلال النزاعات المسلّحة, إلا أنهم كثيراً ما يُنتزعون من عوائلهم ويجبرون على العمل كجنود ويسقطون في الأسر أو ببساطة يقتلون.

في الختام شكرا للمتابعة وهذه تحية من معد ومقدم البرنامج ديار بامرني

********

البرنامج يرحب بكل مشاركاتكم وملاحظاتكم, يمكنكم الكتابه على البريد الإلكتروني : bamrnid@rferl.org

أو الاتصال بالرقم (07704425770) وترك رسالة صوتية على جهاز الرد الآلي, أو إرسال رسالة مكتوبة عن طريق الهاتف النقال (الموبايل) وعلى الرقم نفسه راجين ترك الاسم ورقم الهاتف للاتصال بكم لاحقا.

(حقوق الإنسان في العراق) يأتيكم في المواعيد التالية :

كل يوم أثنين في نهاية الفترة الثانية من البث المسائي (الربع الأخير من الساعة السابعة مساءا حسب توقيت بغداد) ويعاد مرتين في البث الصباحي لليوم التالي (الربع الأخير من الساعة السادسة صباحا والحادية عشرة صباحا حسب توقيت بغداد). البرنامج يعاد أيضا كل يوم خميس في نهاية الفترة الثانية من البث المسائي ويعاد مرتين في البث الصباحي لليوم التالي.

يمكنكم الإستماع إلى البرنامج (بالأضافة الى البرامج القديمة – الأرشيف) على موقع أذاعة ألعراق ألحر :www.iraqhurr.org

أذاعة العراق الحر تبث برامجها على موجات الـ(FM) :

102.4
في بغداد
105 في البصرة
88.4 في السليمانية
108 في اربيل
104.6 في الموصل
96.8 في كركوك
93.6 في السماوة
101.6 في الناصرية
بالأضافة الى موجة متوسطة بذبذبة مقدارها 1593 كيلوهيرتز

على صلة

XS
SM
MD
LG