روابط للدخول

خبر عاجل

الأوضاع الأمنية في العراق ما اتجاهاتها وما هي العوامل المؤثرة عليها


رواء حيدر

أهم محاور ملف العراق لهذا اليوم:

- الأوضاع الأمنية في العراق ما اتجاهاتها وما هي العوامل المؤثرة عليها
- والانتخابات المقبلة هل سيؤثر عليها تأخير اعتماد القوانين وضعف الخدمات

تشهد الساحة السياسية العراقية في الوقت الحاضر أحداثا وتطورات استأثرت بمتابعة الإعلام واهتمام المراقبين على أكثر من مستوى. وتتصدر هذه الأحداث الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة التي قال رئيس الوزراء نوري المالكي إنها تواجه ما أسماه "بتوقفات خطيرة". في غضون ذلك لم يصادق البرلمان على قوانين مهمة منذ عودته من العطلة الصيفية ومنها قانون النفط والغاز وقانون انتخابات مجالس المحافظات. وما زالت قضية كركوك بلا حل فيما نشأت بؤرة توتر جديدة في خانقين. من جهة أخرى يقول ممثلو "أبناء العراق" الذين قاتلوا تنظيم "القاعدة" في مناطقهم إن الحكومة لا تعمل بجدية على دمجهم بقوات الأمن العراقية.
هذه الأحداث تجري في وقت طرأ تحسن ملحوظ على الوضع الأمني. لكن القادة العسكريين الأميركيين دأبوا على التحذير من أن هذا التحسن يبقى هشا وقابلا للانتكاس من دون تقدم على الجبهة السياسية.
الدكتور جون ناغل خبير أميركي عمل فترة في العراق وعاد إليه مؤخرا في زيارة للاطلاع على التغيرات التي حدثت خلال فترة غيابه. يقول ناغل إن إرسال قوات أميركية إضافية إلى العراق العام الماضي يرتبط بأهداف سياسية وليس أمنية بحتة لكنه أضاف أن قطف الثمار السياسية يحتاج إلى وقت:
"كان الهدف من إرسال قوات إضافية هو توفير بيئة أمنية يمكن أن يتحقق فيها تقدم سياسي. ولعله ليس من المستغرب أن التقدم على الجبهة السياسية يتلكأ وراء التحسن الأمني. إذ يتعين أن يستمر التحسن الأمني المتحقق على الأرض فترة من الزمن ليتحقق تقدم سياسي. غير أن مواقف رئيس الوزراء نوري المالكي بالامتناع عن دمج "أبناء العراق" وبصراحة حتى اعتقال عناصر منهم، أمور تبعث على القلق ولا تخدم عملية المصالحة من اجل عراق لكل العراقيين. لكني متفائل بأن هذا الاتجاه سيتغير وان المالكي سيتحرك نحو مصالحة حقيقية ويبني عراقا واحدا لكل العراقيين".


شهد الوضع الأمني تحسنا ملحوظا منذ إرسال قوات أميركية إلى العراق ابتداءا من شباط من عام 2007 ويعتقد العديد من المراقبين أن إرسال هذه القوات هو الذي شكل منعطفا في المجال الأمني وأدى إلى تحسن الأوضاع. غير أن الخبير جون ناغل عزا ذلك إلى أسباب أخرى أيضا منها ستراتيجية جديدة وضعها قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال بيترايوس تعتمد على الحصول على تعاون المواطنين ووقوفهم في وجه تنظيم القاعدة وقوى إرهابية أخرى، إذ قال:
" التغيير الحقيقي كان حسب رأيي تغيير الستراتيجية من تسليم المهام الأمنية إلى القوات العراقية قبل اكتمال جاهزية هذه القوات واعتماد ما يمكن تسميته بستراتيجية أمنية قائمة على المواطنين وهي ستراتيجية اشرف على وضعها الجنرال ديفيد بيترايوس. تطبيق تلك الستراتيجية تمثل في تشكيل مراكز تنسيق أمني مشتركة تضم قوات أميركية صغيرة وقوات شرطة وأمن عراقية تمكنت من بسط الأمن في مناطقها. في رأيي كان هذا هو التغيير الرئيسي في سياسة مكافحة التمرد في العراق والذي أدى فيما بعد إلى الوصول إلى العشائر السنية وتمكينها وصولا إلى إنشاء ما يدعى بمجالس الصحوة وأبناء العراق ".


في أول مؤتمر صحفي له في بغداد بعد تسلمه قيادة القوات الأميركية من الجنرال ديفيد بيترايوس أكد الجنرال رايموند اودييرنو على أهمية مجالس الصحوة ومجاميع أبناء العراق. إذ قال:
" أرى باستمرار تطور الحكومة العراقية وتنامي قدراتها. إنه تقدم بطئ وسيحتاج إلى وقت لكني اعتقد انه وبمرور الوقت ستكون القوات العراقية قادرة على تولي المسؤولية بمفردها. نحن نعمل بصورة وثيقة مع أبناء العراق تحديدا ونستمر في العمل معهم للتوثق من انخراطهم في قوى الأمن العراقية أو إيجاد فرص عمل أخرى ".


الخبير جون ناغل وجد في هذا التصريح رسالة موجهة إلى الحكومة العراقية تظهر مدى اهتمام الولايات المتحدة بهذه المجالس والمجاميع وتقديرها للتضحيات التي قدمتها:

" كان للجنرال اودييرنو دور في نشوء مجموعات أبناء العراق وهو يكن احتراما عميقا لما أنجزوه وللتضحيات التي قدموها والشجاعة التي أظهروها في تغيير مسارهم واتخاذ قرار بالتحالف مع الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة. كلي ثقة في أن الجنرال اودييرنو سيواصل الوقوف إلى جانبهم وضمان دمجهم بالحكومة العراقية أو إيجاد فرص عمل بديلة لهم واعتقد انه أراد أن يوضح لرئيس الوزراء المالكي بأن أميركا تحترم تضحياتهم. "


في إطار الجهود الهادفة إلى السيطرة على الأوضاع الأمنية بدأت القوات العراقية بشن حملات عسكرية تطهيرية في عدد من المناطق والمحافظات، منها البصرة ومدينة الصدر وميسان وديالى وأخيرا الموصل. غير أن الملاحظ أن لجميع هذه العمليات تقريبا بداية ونهاية وجميعها حققت نتائج ملموسة وواضحة بينما ما تزال عملية الموصل متواصلة ولم تحقق تقدما مشابها كما في بقية المناطق والمحافظات. الخبير جون ناغل عزا ذلك إلى أن اغلب عناصر تنظيم القاعدة توجهوا إلى هذه المحافظة بعد مطاردتهم في المناطق الأخرى مما يجعلها تمثل آخر معاقلهم وتوقع الخبير أن تكون هذه المعركة عسيرة بعض الشئ مع تعبيره عن أمله بأن تكون الأخيرة:

" الوضع الأمني في الموصل اكثر من مقلق. فهناك عدد كبير من عناصر تنظيم القاعدة وجد ملاذا في هذه المنطقة وهي آخر معقل لهم وهذا أحد أسباب ضراوة المعارك في هذه المنطقة وأيضا وبكل صراحة هذه المنطقة تقع على الخط الفاصل بين العرب والأكراد ولذا تستغل القاعدة بعض المشاكل من هذا الجانب كي تجد ملجأ عسكريا وسياسيا. جزء من أسباب عدم تحقيق معارك الموصل تقدما مشابها لما تحقق في مناطق أخرى هو أن هذه المنطقة هي الأخيرة التي قررنا القتال فيها ونأمل أن تكون هذه هي المعركة الأخيرة غير أن هناك أسبابا عرقية تجعل من هذه المعركة عسيرة بعض الشئ. اعتقد أن أمامنا معارك ضارية في الموصل على مدى السنة أو السنتين المقبلتين في اقل تقدير ".


تبذل الولايات المتحدة مساعي لنشر الديمقراطية في العالم كي تكون بديلا عن الأنظمة الشمولية التي تحرم المواطنين من ابسط حقوقهم الأساسية. الديمقراطية نظام يساوي بين الأفراد ويمنحهم الحق في التعبير عن ذواتهم وعن آرائهم ويشجعهم على المشاركة في مختلف مجالات الحياة دون خوف من سلطة الحكومة إلا في حالة التجاوز على حقوق الآخرين. غير أن الديمقراطية في العراق قد لا تشبه بقية الديمقراطيات فهي ديمقراطية قائمة بالدرجة الأساس على التوافق نظرا لتعدد الفئات والشرائح والطوائف والأعراق في هذا البلد. الخبير جون ناغل رأى أن ديمقراطية العراق تختلف عن ديمقراطية الولايات المتحدة غير أنه عبر عن أمله في أن تكون نتائجها مشابهة:

" اعتقد أن الديمقراطية في العراق ستعكس بعض التقاليد العشائرية التي طورها العراق على مدى آلاف السنين. ولذا اعتقد انه لن يكون من الواقعي أن تعتقد الولايات المتحدة أن ديمقراطية العراق ستشبه تماما ديمقراطية الولايات المتحدة. ولكني آمل أن هذه الديمقراطية ستنتج حكومة تلبي مطالب جميع المواطنين العراقيين وتفتح الطريق أمام العراقيين المبدعين وتمنحهم الفرص والأمل. آمل وأشعر بتفاؤل حذر في أن نتمكن سوية من بناء عراق جدير بالتضحيات التي قدمت ".

الخبير جون ناغل متحدثا إلى إذاعة العراق الحر.

في وقت ما يزال قانون انتخابات مجالس المحافظات يراوح في أروقة مجلس النواب ليشكل هما بالنسبة للقادة السياسيين، يعيش المواطن العراقي في ظل هم آخر أو بالأحرى هموم أخرى كبيرة تتمثل في استمرار انقطاع الطاقة الكهربائية وعدم توفر الماء الصالح للشرب وما رافقه من انتشار لمرض الكوليرا. بشكل عام يعاني المواطنون من ضعف الخدمات التي تقدمها الدولة. السؤال المطروح الآن هل ستؤثر هذه الحالة على إقبال الناس على الانتخابات المحلية المقبلة وهل ستشهد هذه الانتخابات حالة من الحماس كالتي رافقت الانتخابات السابقة. إذاعة العراق الحر طرحت هذا السؤال على المحلل السياسي باسم الشيخ الذي توقع أن يكون لسوء الخدمات تأثير بالفعل على إقبال المواطنين على المشاركة في الانتخابات:
( صوت باسم الشيخ )


المحلل السياسي باسم الشيخ أشار إلى أن ضعف الخدمات العامة قد لا يكون العامل الوحيد في التأثير على مدى الإقبال على الانتخابات بل هناك عامل آخر هو أن المواطن أصبح يميز بين الكيانات السياسية التي تعكس همومه وتلك التي لا تعكسها:
( صوت باسم الشيخ )


ولكن هل سيأتي التغيير في وقت قريب بطريقة تعبر عن طموحات الناس وآمالهم. المحلل السياسي باسم الشيخ رأى أن التغيير قادم غير أن المسألة تحتاج إلى بعض الوقت يتجاوز موعد الانتخابات المحلية المقبلة:
( صوت باسم الشيخ )


سيعود مجلس النواب إلى مراجعة قانون انتخابات مجالس المحافظات يوم الأحد المقبل على أمل الانتهاء من إقراره والانتقال إلى قرارات أخرى مهمة مثل قانون النفط والغاز. في هذه الأثناء يؤكد جميع المسؤولين في الحكومة إنهم جادون في حل مشاكل المواطنين وتوفير ما يحتاجونه. وأهم ما يحتاجه أي مواطن هو الكهرباء والماء الصالح للشرب في بلاد الرافدين.

على صلة

XS
SM
MD
LG