روابط للدخول

خبر عاجل

الاحتجاج في مختلف أرجاء الشرق الأوسط ، بسبب سلسلة من الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد نشرتها اثنتان من الصحف الإسكندنافية


اياد كيلاني - لندن

تحول يوم الاثنين خلاف دفين إلى عاصفة عارمة من الاحتجاج في مختلف أرجاء الشرق الأوسط ، بسبب سلسلة من الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد نشرتها اثنتان من الصحف الإسكندنافية ، فمن غزة إلى القاهرة، ومن بيروت إلى بغداد، نزل المتظاهرون إلى الشوارع في الوقت الذي توعد فيه رجال دين وسياسة بفرض مقاطعات اقتصادية – وما هو أسوأ من ذلك – ما لم تنشر الصحيفتان تنديدا بالرسوم. فلقد أصدرت إحدى الصحيفتين الليلة الفائتة اعتذارا جزئيا، في الوقت الذي يتساءل فيه دعاة حقوق الإنسان إن كانت حدود حرية التعبير تتعرض إلى التضييق في أوروبا.
المحرر بقسم الأخبار في إذاعة أوروبا الحرة / إذاعة الحرية Jeremy Bransten أعد تقريرا حول الموضوع:

(صوت المحتجين في رام الله)

هكذا كان المشهد بمدينة رام الله في الضفة الغربية أمس الاثنين حين أعرب متظاهرون غاضبون عن استيائهم الشديد إزاء نشر رسوم كاريكاتيرية للنبي محمد ، إذ كان أحد الرسوم ال12 – وهي من رسم رسامين دنمركيين – تظهر الرسول وهو يرتدي عمة على شكل قنبلة. ويوضح التقرير بأن الرسوم كانت ظهرت أول مرة في أيلول الماضي في صحيفة دنمركية صغيرة تدعى Jyllands Posten ، ثم أعادت نشرها إحدى المطبوعات النرويجية هذا الشهر، ما حول الموضوع من حالة انتقادات متقطعة إلى موجة منسقة من الغضب العارم.

- ويمضي التقرير إلى أن محرري الصحيفة الدنمركية التي نشرت الرسوم أول مرة، لا بد وأن كانوا يعلموا مدى الجدل الذي سيندلع إزاءها، فما الذي دفعهم إلى نشرها؟ وينقل عن Flemming Rose – المحرر الثقافي في الصحيفة – توضيحه خلفية الموضوع بقوله إنه أمضى سنوات طويلة كمراسل في الكتلة الشرقية إبان العهد الشيوعي ، ويوضح في حديثه مع المراسل بأنه قام شخصيا بطلب هذه الرسوم ليسلط الضوء على مسألة حرية التعبير، اعتقادا منه أن الكثير من الكتاب والرسامين باتوا يخضعون أعمالهم إلى الرقابة الذاتية، ويضيف:

(صوت Rose )

في أواسط أيلول من العام الماضي لجأ أحد مؤلفي كتب الأطفال الدنمركيين إلى الشكوى العلنية من الصعوبة التي يوجهها في العثور على رسام يضع الرسوم لكتاب حول حياة النبي محمد، فلقد اعتذر ثلاثة من الرسامين عن قبول عرضه ، بينما أصر الرسام الذي وافق أخيرا على العمل، أصر على عدم التعريف بهويته، ما أعتبره نمطا من أنماط الرقابة الذاتية، حين لا تريد اسمك يقترن بأعمالك، وهذا ما دفعني إلى طلب هذه الرسوم الكاريكاتيرية.

ويضح Rose بأنه طلب من الرسامين إظهار انطباعاتهم حول النبي محمد، وأن يوقعوا أعمالهم، دون تحديدهم بتوجيهات أخرى.

أما الرسوم – بحسب Rose - فكانت ذات طبيعة ساخرة في معظمها، وهو وضع يتناسب مع التقاليد الدنمركية للرسامين أصحاب الشعبية، ويؤكد بأن السخرية كانت موجهة للعديد من الأهداف ، وكانت اتسمت بالتوازن، وتابع قائلا:

(صوت Rose )

لم تتجاوز أي من الرسوم حدود ما نقوله ونفعله في الدنمرك، فنحن نسخر من النبي عيسى، ونسخر من العائلة المالكة، ومن السياسيين ، وإلى ما شابه ذلك. ومن بين تلك الرسوم ال12 ، هناك رسم يسخر مني ومن صحيفتي، واصفة إيانا بأننا رجعيين محرضين ، كما تسخر إحدى الرسومات من سياسي دنمركي مشهور جدا ، ويعرف عنه انتقاده لهجرة المسلمين.

- غير أن غالبية المسلمين لم تلتفت إلى الجانب الفكاهي الساخر، بل اعتبرت الرسوم نمطا من الاستفزاز المتعمد.
ويروي التقرير أن الحكومة الدنمركية قررت الوقوف إلى جانب المحررين، ورفضت الدعوات المطالبة بإدانتهم، فكما أكد رئيس الوزراء الدنمركي Anders Fogh Rasmussen ، إن حرية التعبير لها الأهمية الكبرى في الدنمرك، وقال:

(صوت Rasmussen )

الصحف هنا حرة ومستقلة، وتقرر بنفسها ما الذي تريد نشره. وإذا طلبت مني رأيي الشخصي، في وسعي أن أقول إنني أحترم معتقدات الآخرين الدينية، وأني لن أشخص أبدا النبي محمد أو النبي عيسى بشكل قد تثير انزعاج الآخرين. ولكن علينا أن نؤكد بأننا ننعم بحرية التعبير وحرية الصحافة هنا في الدنمرك، ما يعني أن صحيفة Jyllands Posten – شأنها شأن أي وسيلة من وسائل الإعلام – لها أن تنشر الرسوم الكاريكاتيرية والمقالات التي تختار، وذلك ضمن حدود القانون.

ويمضي التقرير إلى أن بالرغم من هذا الدعم، نشر محررو Jyllands Posten مساء أمس اعتذارا جزئيا على موقع الصحيفة في الانترنت، يتضمن اعترافا بالغضب الذي تتسببوا في إشعاله، ولكن Rose يؤكد بأن الاعتذار لا بد من فهمه على حقيقته، فهو ليس تنكرا للرسوم، ويضيف:

(صوت Rose )

نحن واقفون إلى جانب هذه الرسوم 100% ولن نعتذر عن نشرها، فهي بالتأكيد ضمن حدود ما نقوم به هنا في الدنمرك/ إلا أننا نعترف بأن بعض الناس، وخصوصا في الشرق الأوسط، لا يعرفون تقاليد السخرية ولا المضمار الشامل لكل ذلك. وما الذي نقوله هو أننا نأسف، ونعتذر إن كانت الرسوم قد أثارت لديكم الشعور بالإهانة، ولكن هذا لا يعني أننا نعتذر لنشر الرسوم، فهذا ما لن نفعله أبدا.

ويمضي المحرر لينقل عن البروفيسور (هلال خشان) - الخبير في شؤون السياسة والإسلام بالجامعة الأميركية في بيروت – أنه لم يفاجأ نتيجة الغضب إزاء الرسوم، موضحا بأن في جميع الدول ذات الأغلبية المسلمة ، هناك صعوبات في التفريق بين ما هو علماني وما هو ديني، الأمر الذي يؤدي إلى مواجهة مع النظرة العلمانية الأوروبية، ويضيف:

(صوت Khashan)

إن سبب هذا الغضب بسيط جدا، إذ إن المجتمعات الغربية تتبنى العلمانية ، في الوقت الذي تتسم المجتمعات المسلمة بالتدين الشديد، فالمجتمعات المسلمة تتميز بالتلقين الديني العميق، كما إنه من الضرورات في تربية الأطفال المسلمين. الدين في هذا الجزء من العالم مهم جدا ويعتبر مركزيا في حياة الناس، فحتى الأنظمة السياسية المتميزة بالعلمانية لم تحاول التحرش بالدين، ولم تسعى إلى التنافس مع الإسلام كنظام عقائدي.

ويتابع (خاشان) بأن هذه الضجة قد يكون لها منفعة، إذا أسفرت عن تحقيق ما هو مطلب بصورة ملحة في العالم الإسلامي، أي النقاش حول الإصلاحات الدينية ودور الإسلام في المجتمع، ويضيف:

(صوت Khashan)

هناك الآن فرصة للمسلمين كي يتناقشوا فيما بينهم وذا كنت صادقا معكم، فإن مهما حاول الغرب لجعل المسلمين يدخلون إصلاحات على الإسلام، فإنهم لن ينجحوا. على المسلمين أن يتأملوا الدين، وعليهم أن يعيدون البحث فيه، وعليهم يتوافقوا معه. المسلمون عليهم أن يتخذوا موقفا، وعليهم أن يبدؤوا بأنفسهم عملية الإصلاحات الدينية.

على صلة

XS
SM
MD
LG