روابط للدخول

خبر عاجل

السلام الأكثر حكمة: استراتيجية عمل لعراق ما بعد النزاع


مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية معني منذ 1962 بتحليل ودراسة الشؤون الدولية، معتمداً على مجموعة كبيرة من الخبراء المتخصصين بمختلف المناطق الجغرافية في العالم. فلقد اصدر المركز أخيراً دراسة بعنوان (السلام الأكثر حكمة: استراتيجية عمل لعراق ما بعد النزاع) يشدد فيها على أن نجاح أي حملة تقودها الولايات المتحدة لنزع أسلحة الدمار الشامل عن العراق وإجبار صدام حسين على التنحي عن السلطة سيتم تقيمه بمقدار التزام أميركا بإعادة بناء العراق في أعقاب الحرب، وليس بمقدار نجاح المرحلة العسكرية لهذه الحرب. ونقدم لكم، مستمعينا الأعزاء، مراجعة للتوصيات العشرة التي تطرحها الدراسة لفترة ما بعد الحرب، وذلك ضمن حلقة هذا الأسبوع من برنامج (العراق في دور الفكر والنشر).

تؤكد الدراسة على أن الخبرة المكتسبة ابتداء من النزاع في (هايتي) وانتهاء بأفغانستان تشير إلى أن الجهود الرامية إلى إعادة التعمير في أعقاب وقف النار لا بد من أعدادها قبل اندلاع القتال بفترة.
وهذا يعني - في الوقت الذي تتزايد فيه الاستعدادات العسكرية للحرب في العراق - أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة عليهما أن يضاعفا استعداداتها لمرحلة إعادة البناء والتعمير.

غير أن الدراسة تنبه إلى أن نشر القوات في الخليج والخطط الاحترازية الإنسانية التي يتم وضعها، لا توازيها تدابير ملموسة من قبل الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة أو غيرهما من أجل إعداد الموارد المادية والبشرية التي ستتطلبها مواجهة التحديات الهائلة في إعادة بناء العراق.

--- فاصل ---

الدراسة تحدد أربعة مجالات واسعة تتطلب إنجاز عدد من المهمات في كل منها وهي: الأمن، والحكم والمشاركة، والعدالة والمصالحة، والانتعاش الاجتماعي والاقتصادي، مع التركيز ضمن هذه المجالات على عشر توصيات حيوية لابد لصانعي السياسة الأمريكيين والمنظمات الدولية أن تسعى إلى تحقيقها إذا أريد لجهود إعادة بناء العراق بعد الحرب أن تنجح.

ففي مجال الأمن - ومن اجل تفادي حالة خطيرة من الفراغ الأمني - لابد من تنظيم وتدريب وتجهيز بعثة أمنية، مع المضي في التخطيط للعمليات القتالية.
وهذا يرتب على قوة التحالف بقيادة الولايات المتحدة أن تهيئ - قبل المباشرة في عمليات القتال - خطة تفصيلية لقوة أمن مرحلية، بما في ذلك طبيعة تنظيم هذه القوة وهيكلها القيادي.
أما مهمة هذه القوة المرحلية - رغم انتمائها إلى قوة التحالف الموحدة - فسوف يتركز بالدرجة الأولى على متطلبات الأمن المدني، بما في ذلك تعزيز جهود الشرطة المدنية والإشراف عليها على المستويات المحلية، والتنسيق الوثيق مع الإدارة المدنية المرحلية، وتوفير الدعم الأمني للجهود الإنسانية والإغاثة.
وتوصي الدراسة بأن تبدأ قوة التحالف منذ الآن في التنسيق مع منظمات الإغاثة الإنسانية والمنظمات غير الحكومية بهدف وضع أسس عملية في مجالات الاتصال والتنسيق والأمن في عراق ما بعد الحرب.
كما يتطلب المجال الأمني تطوير خطة شاملة للسيطرة على أسلحة الدمار الشامل والتخلص منها، إذ تشكل هذه الأسلحة خطراً جسيماً على قوات التحالف وعلى الشعب العراقي وعلى الأمن الإقليمي والعالمي , فيمكن أن يؤدي انهيار النظام العراقي إلى كارثة هائلة في مجال انتشار هذه الأسلحة ما لم تتم السيطرة الفورية على أسلحة العراق للدمار الشامل وأنظمة حملها وما يتعلق بها من بنية تحتية علمية وصناعية.

--- فاصل ---

وتشير الدراسة إلى عدد أخر من مهمات المجال الأمني والضرورية لتحويل العراق إلى بلد مسالم وآمن، ومنها:

1- تسريح، ثم إعادة تدريب توحيد الجيش العراقي النظامي، بهدف تحويله إلى قوة دفاعية لا يقل عدد أفرادها عن 150 أتلف مقاتل، ففي غياب جيش عراقي متجانس سيترتب على الولايات المتحدة أن تتحمل عبئ الدفاع عن حدود البلاد.
2- حماية البنية التحتية لصناعة النفط العراقية، إذ ستعتمد حكومة العراق الجديدة على صناعتها النفطية في تمويل الجزء الأكبر من جهود إعادة البناء وفي توفير الموارد الضرورية الأخرى. لذا لا بد من منع صدام حسين من تدمير البنية التحتية النفطية في البلاد على غرار ما حاول تنفيذه في الكويت في 1991.
3– حماية وحدة الأراضي العراقية، وذلك بالحصول على ضمانات حدودية من تركيا وإيران، وباستخدام قوات التحالف كقوة رادعة في هذا المجال.
4– تسريح وإلغاء الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص، لكونهما يعتبران مخصصين لحماية صدام حسين ولموازنة نفوذ الجيش النظامي.
5– وضع اليد على مقرات حزب البعث وعلى قصور صدام حسين، فهذه الأماكن يستخدمها النظام – في الأرجح – لخزن معلومات عن أسلحة الدمار الشامل، ومعلومات قد تكون ذات علاقة بأية مساءلة قانونية أمام المحاكم عن جرائم حرب ارتكبها أقطاب النظام.
6– تفكيك أجهزة الأمن والمخابرات، بغية القضاء على مناخ الخوف والقمع الذي يتميز به المجتمع العراقي الحالي.

--- فاصل ---

وفي مجال الحكم والمشاركة فيه، توصي الدراسة بتأسيس إدارة مرحلية دولية، وتعيين مشرف إداري مرحلي، وذلك استجابة إلى رغبة الولايات المتحدة في تكليف الأمم المتحدة بتشغيل إدارة مدنية مرحلية في العراق. وهذا يتطلب من المنظمة الدولية أن تبدأ منذ الآن في تكوين هذه الإدارة، لتكون جاهزة للعمل مع انتهاء مرحلة القتال.
وتعتبر الدراسة أن قيام الأمم المتحدة بإعداد بعثة لمرحلة ما بعد الحرب سيضع المنظمة الدولية في وضع سياسي حرج، ولكنها تؤكد بأن امتناعها عن هذه المهمة لن يؤدي سوى إلى إعادة المشاكل التي واجهتها بعثات مدنية مماثلة في الماضي، لم تتسلم مهام عملها إلا بعد انتهاء القتال بفترة طويلة، الأمر الذي قد يحدث فراغا سياسيا خطيرا في البلاد.
وعلى مجلس الأمن – بحسب الدراسة – أن يبدأ مناقشة التفويض الذي ستعمل بموجبه الإدارة المرحلية، وأن يهيئ القرار اللازم المستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ليكون جاهزا للتصويت عليه في الوقت المناسب، ولا بد للتفويض أن يكون واضحا وصارما ومرنا، وأن يمنح البعثة جميع السلطات التنفيذية والقضائية والمالية اللازمة لإدارة شؤون البلاد.

--- فاصل ---

وفي مجال العدالة والمصالحة، يترتب على الأمم المتحدة أن تعد فرقا من الخبراء المختصين في قطاع العدالة، من خبراء في القانون الدولي، وقضاة، ومدعين عامين، ومحامين للدفاع، وخبراء إصلاحيين، يمكن نشرهم بسرعة في محافظات العراق كافة، لتدريب الكوادر العراقية الموجودة فعلاً، والعمل معها.

وبالنظر إلى احتمال تشوه توجهات بعض اللاعبين الأساسيين في الساحة القضائية نتيجة خضوعهم إلى تنفيذ قوانين صدام حسين لفترة طويلة، فقد يتطلب الأمر تعيين مسؤولين دوليين بدلاً عنهم لفترة مؤقتة، وإلى حين إعداد المهارات المحلية الضرورية.
ونتيجة تآكل ثقة الشعب العراقي في نظامه القضائي طوال العقدين الماضيين، فلا بد - بحسب الدراسة - من كسب ثقة العراقيين في تحويل هذه المؤسسات من آليات للقمع إلى آليات للدفاع عن حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وفي هذا المجال أيضا، يترتب على الأمم المتحدة أن تعد كادراً من ضباط الشرطة المدنية الدوليين، يقومون بإعادة تشكيل وتدريب قوات الشرطة الحالية. وتوصي الدراسة بأن تقوم السلطات المحلية في جميع أنحاء العراق بتعيين ضباط الشرطة ودفع رواتبهم على المستوى المحلي، بهدف تفكيك هيكل القيادة والسيطرة المبالغ في مركزيته.

--- فاصل ---

أما في مجال الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي، فتدعو الدراسة إلى إعادة جدولة أعباء العراق المالية المقدرة حالياً بنحو 383 مليار دولار، بما فيها من ديون خارجية، ومطالبات تعويض، وعقود غير منفذة. وعلى حكومة الولايات المتحدة أن تدعو إلى تنظيم مؤتمر يحضره الدائنون - من دول ومؤسسات مالية -بهدف الاتفاق على سبيل سريع وفعال لإعادة التفاوض حول هذه الديون.
وفي هذا المجال أيضاً، لابد للأمم المتحدة من المباشرة الفورية في مراجعة العقوبات المفروضة على العراق، وإعداد الوثائق اللازمة لتعليق أو رفع هذه العقوبات. كما يترتب على جميع وكالات الحكومة الأمريكية المعنية - خصوصاً وزارات الخارجية والدفاع والمالية والتجارة - أن تبادر فوراً إلى بحث العقوبات الأمريكية الواجب رفعها في أعقاب النزاع، وذلك بهدف تفادي التأخير غير المبرر في تقديم المساعدات الإنسانية والتعميرية إلى العراق في فترة ما بعد الحرب.
وتحدد الدراسة حاجة للتمويل الفوري من أجل تحقيق ثلاثة أهداف حيوية، وهي: تلبية الاحتياجات الإنسانية الفورية، ومباشرة أعمال البعثة المدنية الدولية، والمباشرة في تنفيذ مشاريع إعادة التعمير المهمة.
وعلى الولايات المتحدة أن تعمل في هذا المجال مع الجهات المانحة الرئيسية - ومنها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والأمم المتحدة - من أجل تنظيم مؤتمر تشترك فيه جميع الجهات المانحة.

على صلة

XS
SM
MD
LG