روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: تواصل التحذيرات الأميركية لبغداد في حال عدم تعاونها مع المفتشين الدوليين


فيما ترتقب أوساط دولية عدة الرد العراقي على القرار الصادر عن مجلس الأمن، واصل الرئيس الأميركي (جورج دبليو بوش) تحذيره العراق من مغبة عدم التعاون مع المفتشين الدوليين، ملمحاً إلى أن الخيارات جميعها بما فيها الخيار العسكري يبقى مفتوحاً في حال أخفقت بغداد في التعاون مع الأمم المتحدة. التفاصيل مع (ولاء صادق) في التقرير التالي.

تأمل الولايات المتحدة في تجريد العراق من اسلحته دون اللجوء الى استخدام القوة. ولكن مع تهيؤ مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة للعودة الى بغداد ينشغل القادة الاميركيون بشن حرب من نوع اخر على الرئيس العراقي صدام حسين. عن هذا الموضوع كتب لنا مراسل اذاعة اوربا الحرة، اذاعة الحرية، جيفري دونافن التقرير التالي من واشنطن.

يقول الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش إنه يامل في حل الازمة العراقية بطريقة سلمية. الا انه يشن حربا شاملة على الرئيس العراقي صدام حسين، وهي حرب نفسية. ففي الاسبوع الماضي استغل الرئيس بوش فرصة عقده مؤتمرا صحفيا لتوجيه رسالة مباشرة الى الجيش العراقي وقال وهنا اقتبس " اذا اختار العسكريون العراقيون التصرف بطريقة تعرض الى الخطر ارواح مواطنيهم ومواطني المناطق المجاورة فستكون لذلك نتائج " نهاية الاقتباس.

ويقول المحللون إن الرئيس بوش استخدم المؤتمر الصحفي الذي نقلت وقائعه على شاشة التلفزيون، لشن حرب نفسية على صدام حسين، من خلال توجهه بالحديث الى القادة العسكريين العراقيين وقوله لهم إنهم اذا ما استخدموا اسلحة الدمار الشامل او قتلوا مدنيين في حالة وقوع حرب فستكون النتائج وخيمة عليهم.

واخبر كينيث ألارد وهو موظف سابق في الاستخبارات العسكرية الاميركية ومحلل عسكري مهم في الولايات المتحدة، اخبر اذاعة اوربا الحرة، اذاعة الحرية، أن الرئيس بوش إنما منح القوات العسكرية العراقية أيضا فرصة للتصرف بذكاء وانقاذ حياتهم من خلال الامتناع عن دعم صدام، لان التغيير الكبير مقبل سواء أشاؤوا ذلك أم أبوا.

" هذه الرسالة رسالة بسيطة جدا تعني ان صدام قد مات ولكنه لم يدفن بعد. وان من الحكمة ان يدرك قادة الجيش العراقي ذلك. فصدام ذاهب والمسألة الان هي مسألة متى وكم من الالم سيرافق هذه العملية ".

علما ان المعلومات والرسائل تستخدم في الحرب النفسية للتأثير على سلوك العدو وعلى قواته العسكرية وعلى السكان المدنيين لغرض تحقيق الهدف بفعالية اكبر وعادة ما يكون هذا الهدف نصرا عسكريا او سياسيا.

ومما يذكر هنا ان استخدام العامل النفسي للتاثير على العدو، ممارسة قديمة قدم الحرب نفسها. فمن المعروف عن جنكيز خان، قائد المغول قبل الف عام، انه قاد مجموعة من المقاتلين على خيولهم لغزو روسيا واوربا. الا ان الانتصارات التي حققها تعزى في جانب منها الى انه كان يرسل عددا من العملاء قبل تقدم جيوشه يعملون على اقناع الخصوم بالاستسلام وذلك من خلال المبالغة في التحدث عن وحشية قواته وحجمها.

الا ان الحرب النفسية لا تعتمد على المبالغة على الدوام بل تعتمد احيانا وكما يقول ألارد على واقع معاش حيث برزت مهارة جنكيز خان. وقد كتب ديفيد اغناتيوس مدير تحرير صحيفة " انترناشنال هيرالد تربيون " التي تصدر في باريس، كتب في تعليق له يوم الجمعة الماضي قائلا إن الولايات المتحدة تحاول اقناع قوات الحرس الجمهوري بانهم سيكونون في أمان إن اختاروا عدم القتال. وعلق ألارد على ذلك بالقول:
" اعتقد بقوة ان ذلك تم ايصاله بطرق شخصية ومباشرة الى الافراد المعنيين. ويبين هذا، في اعتقادي، حقيقة اننا نعرف من هؤلاء الاشخاص ومن أُسَرهم، وان النصيحة المقدمة لهم ان كانوا يهتمون بمصيرهم وبمصير اسرهم، هي الا يساعدوا صدام حسين الان ".

ويقول اغناتيوس إن جزءا من هذه الستراتيجية ترمي الى اقناع كبار اعضاء حزب البعث السني الحاكم بانهم لن يعتبروا مسؤولين عن جرائم صدام، رغم اقرار اغناتيوس بانه حتى في حالة تخلى المسؤولين عن دعم صدام، فقد لا يمنع ذلك الشيعة في جنوب العراق من ذبح ممثلي البعث المحليين من الوريد الى الوريد.

الا ان الحرب النفسية ليست ذات جانب مظلم على الدوام. فاحيانا تساعد هذه الحرب على رفع معنويات شعب مظلوم كي يتمكن من الصبر حتى لحظة التحرير.

ففي الحرب العالمية الثانية سعى الحلفاء الى الحفاظ على معنويات الشعوب التي كانت تخضع لاحتلال النازية في فرنسا وايطاليا وهولندا وذلك بالقائهم موادا من الطائرات عليهم كالشاي والقهوة والسجائر والحلوى.

وفي فترة احدث، خلال حملة قصف يوغسلافيا في عام 1999، القت قوات حلف شمالي الاطلسي منشورات على شعبي صربيا وكوسوفو شرحت فيها اسباب القصف والطرق الكفيلة بايقافه.

وفي العام الماضي ايضا وبعد ان بدأت القوات الاميركية بقصف افغانستان بعد احداث الحادي عشر من ايلول، القت منشورات شرحت فيها بان مجموعة الدول انما تساعد شعب افغانستان. ودعا منشور اخر الافغان الى طرد الارهابيين الاجانب.

هذا ومن المؤكد ان احدى الوسائل المعروفة في مجال الحرب النفسية هي استخدام المنشورات والاذاعة والاتصال المباشر بهدف اقناع شعب مظلوم بامكانية حصوله على حياة افضل من خلال التخلي عن قائده الذي عادة ما يكون مكروها، ومساعدة المحررين المحتملين.

وقد فعل الرئيس بوش ذلك عندما ابلغ المواطنين العراقيين بانه ينوي تحريرهم وليس اخضاعهم وانه ينوي ان يحقق ذلك باقل قدر من المعاناة.

وفي يوم الخميس سعى مرة اخرى الى مخاطبة العراقيين بشكل مباشر من خلال شاشة التلفزيون. وقال:
" يمكن للشعب العراقي ان يحصل على حياة افضل من تلك التي يعيشها الان. يمكن له ذلك...... فهناك بدائل لذلك الشخص الذي يمارس الاغتصاب والتشويه والقتل كي يبقى في السلطة. هناك حياة افضل من تلك التي يعيشونها الان ".

وفي اليوم التالي حذا رئيس الوزراء البريطاني توني بلير حذو الرئيس بوش وخاطب العراقيين بقوله لهم إن ازاحة صدام ستعني حياة افضل بالنسبة اليهم. وتابع بالقول:
" سيتم الحفاظ على سلامة الاراضي العراقية مهما حدث. وسنعمل معكم، مهما حدث، من اجل مستقبل افضل واكثر انصافا للشعب العراقي ".

ومن المؤكد ان العراقيين يعرفون كل شيء عن تكتيكات الحرب النفسية الاميركية والبريطانية.

فهناك الحملة التي لا يمكنهم نسيانها والتي حدثت في نهاية حرب عام 1991 وبعد طرد قوات صدام حسين من الكويت. ففي تلك الفترة دعت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، دعت الشيعة في الجنوب والاكراد في الشمال الى الانتفاض على صدام واسقاطه. ففعلوا ذلك كي يواجهوا قرار التحالف بعدم دعم تمردهم وبترك الالاف منهم تحت رحمة صدام.

الا ان الارد وهو عقيد سابق في الاستخبارات العسكرية خدم في البوسنة في عام 1996 فعبر عن اعتقاده بان الامور مختلفة اليوم. وقال:
" لا اعتقد اننا سنرتكب الخطأ ذاته مرة اخرى. اعتقد ان من يتابع، ليس ما قيل حتى الان فحسب بل من قائله، ومن يتمعن في تاريخ تجاوز فترة العشر سنوات، سيدرك باننا نعني ما نقول هذه المرة وان الامر حقيقي وان العالم سيكون افضل دون صدام حسين ".

ونامل ان يكون الارد محقا. فوفقا لموقع العمليات النفسية على الانترنيت هناك العديد من قواعد الحرب النفسية التي يجب عدم كسرها. ومنها " حافظ على وعودك وان كنت غير واثق من قدرتك على ذلك فلا تقطع على نفسك وعدا ".

على صلة

XS
SM
MD
LG