روابط للدخول

خبر عاجل

هل ينجح "داعش" حيث فشلت محاولات لتحقيق مصالحة حقيقية؟


مقاتلون من أبناء العشائر مع قوات حكومية في ديالى
مقاتلون من أبناء العشائر مع قوات حكومية في ديالى

في الملمات تثبت الشعوب قوتها ومعدنها الاصيل. واليوم يواجه العراقيون تهديدا وجوديا بعد ان اثبت ما يُعرف باسم تنظيم الدولة الاسلامية أو "داعش" انه لا يوفر سنياً او شيعياً، ايزيديا أو مسيحيا، كرديا او تركمانيا. وها هي الموصل والانبار وجبل سنجار وآمرلي وجلولاء شواهد بليغة على ذلك، فالكل مهددون بفكر لا يعرف التسامح ولا يعترف بالتنوع.

في هذه الأجواء بدأت آمال تُبنى على وجود عدو مشترك لتوحيد الجهود وتسوية الخلافات أو وضعها على الرف الى حين الانتهاء من المهمة الأشد الحاحا اليوم، وهي درء الخطر المتمثل بوجود داعش على رقعة واسعة من التراب العراقي.

ويشير مراقبون الى ان القادر على الجمع بين نقائض مثل ايران والسعودية والولايات المتحدة كما فعل "داعش"، قادر من باب اولى على ان يدفع قادة الكتل والمكونات العراقية المختلفة شوطاً بعيداً نحو تجاوز خلافاتهم وإعادة اللحمة بين العراقيين على اختلاف انتماءاتهم المذهبية والقومية. ولعل من مفارقات الوضع في العراق ان ينجح "داعش" حيث فشلت سنوات من الجهود والمحاولات لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية. وثمة من يقول ان من غير المنطقي ان يبقى العراقيون منقسمين فيما يجري تنسيق غير مكتوب بين لاعبين اقليميين ودوليين متناحرين لمساعدة العراق ضد "داعش".

ويبدو ان القادة العراقيين يدركون خطورة المرحلة التي يمر بها العراق وهم يعرفون انهم يواجهون امتحاناً عسيراً يكون النجاح فيه بتغليب مصلحة العراق على مصالح الأحزاب والكتل التي يمثلونها. ولهذا السبب اختاروا نائباً لرئيس الجمهورية يتولي ملف المصالحة الوطنية هو رئيس الوزراء السابق اياد علاوي الذي اكد في حديث خاص لاذاعة العراق الحر ان رئيس الوزراء حيدر العبادي يدعم جهوده واصفاً المنعطف الذي يمر به العراق بأنه الفرصة الأخيرة لكي يتعافى العراق وان لا أمل من دون مصالحة.

علاوي
علاوي

وحدد علاوي الخطوط العريضة والمحطات الرئيسية على طريق المصالحة الوطنية الحقيقية وفي مقدمتها الغاء الطائفية السياسية بما يضمن ان يكون العراق لكل العراقيين، والتعاطي العقلاني مع ملف البعثيين السابقين وبعض القوى التي قاومت جيوش الاحتلال، وتعويض المجاميع والفئات التي تضررت من النظام السابق، وتحديد الأطراف التي تدخل في عملية المصالحة قائلاً ان من غير المعقول ان تبقى روح الانتقام مستعرة الى ما لا نهاية. كما اشار علاوي الى ان هيئة المساءلة والعدالة تتجه نحو إعادة النظر بقانونها في خطوة كانت من مطالب المتظاهرين وساحات الاعتصام في المحافظات الغربية.

مستشارة رئيس مجلس النواب لشؤون المصالحة الوطنية وحدة الجميلي رأت ان لا خلاف بين مكونات الشعب العراقي بل هناك اختلاف بمعنى التنوع والتعدد الايجابي وان سبب الشرخ الحاصل هو خلاف سياسي بين قادة الكتل على شكل الدولة وطبيعة الحكم.

الجميلي
الجميلي

ولاحظت الجميلي ان دعائم المصالحة الوطنية وردت في وثيقة الاتفاق السياسي، بما في ذلك قضايا مهمة مثل العفو العام ومجالس الاسناد والصحوات واعتبار رجالها الذين قتلوا في محاربة تنظيم القاعدة من منتسبي المنظومة الأمنية وحسم ملف المساءلة والعدالة مع تحديد سقف زمني أمده ستة اشهر رغم شكوكها في بلوغ هذا الهدف متوقعة اصطدامه بمعارضة قوية في مجلس النواب لكنها اشارت في الوقت نفسه الى احتمال الاستعاضة عن هيئة المساءلة والعدالة بهيئة قضائية.

وطرحت الجميلي افكارا بينها الغاء هيئة المساءلة والعدالة وتحويلها الى "هيئة المصالحة والسلم الاجتماعي" وتوسيع نطاق الحشد الشعبي بضم اكراد وسنة الى جانب الشيعة وصولا الى الحرس الوطني المقترح.

مؤتمر المصالحة المزمع يتسم بأهمية بالغة ولكن المهم بالقدر نفسه التصدي لخطر "داعش" ... رافد جبوري

المتحدث باسم المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء رافد جبُّوري قال من جهته ان المصالحة الوطنية التزام اتخذه رئيس الوزراء حيدر العبادي على عاتقه ولكنه عمل ايضا مستعرضا خطوات محدَّدة على هذا الطريق بينها التحضير لمؤتمر وطني تجري اتصالات بشأن عقده مع اطراف مختلفة، فضلا عن الاتصالات والنقاشات المتواصلة التي يجريها العبادي مع شيوخ العشائر والوجهاء والقيادات المحلية الأخرى في المحافظات المختلفة قائلاً ان هذه كلها تحركات عملية تصب في مسعى المصالحة.

وأوضح جبوري ان مؤتمر المصالحة المزمع يتسم بأهمية بالغة ولكن المهم بالقدر نفسه التصدي لخطر "داعش" لكونه المهمة الآنية في هذه المرحلة وما هو أهم على المدى البعيد بناء الدولة بعمل جميع الأطراف المشاركة في حكومة العبادي من اجل هذا الهدف.

مؤتمر المصالحة سيكون مفتوحا للأطراف التي لم تشارك سابقا في العملية السياسية ... نائب

عضو لجنة المساءلة والمصالحة النيابية عن التحالف الوطني محمد ناجي قال ان مؤتمر المصالحة سيكون مفتوحا للأطراف التي لم تشارك سابقا في العملية السياسية شريطة ألا تكون اياديها ملطخة بدماء العراقيين، على حد تعبيره ، واضاف ان المؤتمر بأنه فرصة طيبة كي تشارك هذه الأطراف في بناء العراق بعد ما اتضحت حقيقة داعش والمجاميع المسلحة الأخرى.

عضو اتحاد القوى العراقية انتصار الجبوري ذهبت الى ان الشعور بالغبن والاقصاء في محافظات معينة كان الثغرة التي دخل منها "داعش" داعية الى خطوات ملموسة على الأرض لمعالجة هذا الوضع مثل احتضان شباب هذه المحافظات المطلوب منهم القتال لتحريرها لكنهم في الوقت نفسه ملاحقون لشمولهم بالمساءلة والعدالة، والاستعانة بخبرات ضباط سابقين في الجيش العراقي أُبعدوا باجراءات الاجتثاث.

الخبير القانوني طارق حرب دعا الى اعادة النظر بعدة قوانين تمهيدا للمصالحة الوطنية وفي مقدمتها قانون المساءلة والعدالة لأنه اجراء مؤقت كان وليد ظرفه ولا يمكن ان يبقى ساريا بعد 11 عاما، مشددا في الوقت نفسه على ان تكون المصالحة مع من كانوا خارج العملية السياسية وإلا فانها ستكون كمن يتصالح مع نفسه لا سيما وان لا أحد له وزن جماهيري يمكن ان يعادي العملية السياسية بعد كل ما ارتكبه "داعش" من جرائم، بحسب الخبير القانوني حرب.

المصالحة هي نقطة البداية سواء لحل القضية الأمنية أو تنشيط حركة الاقتصاد ... محلل

المحلل السياسي جاسم الموسوي أعرب عن تفاؤله بتحقيق تقدم ملحوظ في ملف المصالحة من خلال التقاء الفرقاء في منتصف الطريق، مؤكدا ان المصالحة هي نقطة البداية سواء لحل القضية الأمنية أو تنشيط حركة الاقتصاد.

استاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية اسامة السعيدي اشار الى ان ما اتُخذ من اجراءات طيلة السنوات الماضية جعل قانون المساءلة والعدالة نافلاً وبالتالي لا بد من تجاوز هذه التركة في حين ان القوانين والموازنات تكفلت بانصاف الضحايا والسجناء السابقي وتعويض المتضررين سواء بتوفير فرص العمل من خلال التعيينات أو قبولهم في الدراسات العليا.

الخبير الأمني احمد الشريفي قال ان "داعش" اوجد واقعا جديدا بما احدثه من فرز يحدد بوضوح الأطراف التي ستدفع مشروع المصالحة الى الأمام منوها بمواقف العشائر في الانبار والضلوعية وكركوك وغيرها من المناطق التي يقاتل ابناء عشائرها مع القوات الحكومية ضد "داعش".

في اجواء العمل المشترك ضد الخطر المحدق بالعراق وشعبه على اختلاف مكوناته أمر رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي يوم السبت بتقديم إسناد جوي مكثف لعشائر الانبار وتسليح ابنائها في مواجهة "داعش".

شارك في إعداد الملف الصوتي مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد رامي أحمد.

هل ينجح "داعش" حيث فشلت محاولات لتحقيق مصالحة حقيقية؟
please wait

No media source currently available

0:00 0:17:56 0:00
رابط مباشر

XS
SM
MD
LG