روابط للدخول

خبر عاجل

تحذيرات من التقسيم ودعوات تتكرر للإسراع بتشكيل حكومة


كررت واشنطن دعوة الزعماء العراقيين كافة إلى التوّحد في مواجهة الخطر الذي يشكّله الإرهاب على وجود البلاد وانضمّت الصين إلى القوى الدولية المطالِــبة بالتعجيل في تشكيل حكومة مقبلة فيما حذّرت مصر من تقسيم العراق وتُـعزز السعودية إجراءاتها الأمنية رداً على الأزمة العراقية المتفاقمة.

تطوراتُ هذه الأزمة واحتمالات التصعيد في أعقاب تأجيل جلسة للبرلمان العراقي كانت مقررة الثلاثاء تحظى باهتماماتٍ دولية وإقليمية في ضوء ما تبدو خطوات على الأرض تتخذها جماعة (الدولة الإسلامية) لترسيخ مكاسبها الميدانية ومواصلة التمدد.

مجلسُ النواب العراقي أعادَ النظر في قرار إرجاء الجلسة الثانية معلناً الثلاثاء تقديم موعد انعقادها من الشهر المقبل إلى يوم الأحد 13 تموز.

وفي ردود الفعل المتواصلة على التسجيل المصوّر الذي نشرته جماعة (الدولة الإسلامية) على الإنترنت لزعيمها أبو بكر البغدادي وهو يؤم المصلين ويلقي خطبة الجمعة في جامع الموصل الكبير، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية الاثنين أن الولايات المتحدة ليس لديها "ما يدعوها للشك" في صحته. وقالت الناطقة باسم الخارجية جنيفر ساكي في مؤتمرها الصحفي اليومي "أطلعنا بالطبع على الأنباء المتعلقة بالفيديو. لا يوجد أي مبرر للتشكيك في صحة التسجيل المصور"، بحسب تعبيرها.

من جهته، صرّح السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش إرنست الاثنين بأن الأجهزة الأميركية المختصة تواصل تحليل التسجيل من أجل التثبت من مصداقيته.

وأضاف إرنست في تصريحات للصحافيين في واشنطن:

"لم نتمكن في هذه المرحلة من تحديد مدى صحة هذا الفيديو. لذلك، يُجرى حالياً تدقيقه من قبل خبراء المخابرات ووزارة الخارجية. وبما أنه لم يتم التثتب من مصداقيته، ليس بوسعي التعليق في هذه المرحلة."

السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش إرنست
السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش إرنست

إرنست أكد مجدداً ضرورة أن يَــــتوحّد زعماء البلاد السياسيون محذراً من "بقاء العراق على المحك". وأشار في مؤتمر صحفي إلى "الصراحة" المتناهية التي أبداها في تصريحاته المتكررة "على مدى الأسبوعين الماضيين في التعبير عن خيبة أملنا من أن الزعماء السياسيين في العراق لم يتحركوا بالسرعة الكافية لتوحيد هذا البلد الذي يواجه تهديداً وجودياً من تنظيم (الدولة الاسلامية في العراق والشام -داعش)".
وأوضح أن كبار المسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما أبلغوا رسالة الى نظرائهم العراقيين مفادها أنه "لمواجهة هذا التهديد فإن العراق بحاجة إلى أن يـــَــتــّحد"، مضيفاً "هذه خطوة ضرورية"، على حد وصفه.

كما نُقل عنه القول إن "هناك اتفاقاً واسع النطاق في المنطقة وحول العالم بأن حلّ المشكلة في العراق يتطلب خطوات شاقة ولا أحد من المسؤولين العراقيين حاول التقليل من هذه الصعوبات باتخاذ القرارات اللازمة والتوصل إلى الاتفاقات الملائمة."
وأشار الناطق باسم البيت الأبيض مجدداً إلى ما سبق للرئيس أوباما أن أوضحَهُ بأنه "لن يكون هناك تورط عسكري أميركي إضافي إلا بالتوازي مع التزامات ملموسة من زعماء العراق بتشكيل حكومة جديدة"، مضيفاً القول:

"إن التهديد الوجودي الذي يشكّله تنظيم داعش ينطوي بالتأكيد على بُـــــعدٍ أمني. لكنه يسلّط الضوء أيضاً على قابلية العراق للانقسامات الطائفية ما يستوجب من زعماء العراق السياسيين من كل المكوّنات الرئيسية، الشيعة والسنّة والكرد، أن يضعوا جانباً تلك الانقسامات وطموحاتهم السياسية والتركيز على مصالح العراق أولاً."

في الأثناء، ضمّت الصين صوتَها إلى الولايات المتحدة بتعبيرها عن الأمل بتشكيل حكومة عراقية جديدة تمثل مختلف الأطياف في أسرع وقت ممكن.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن وو سي كه مبعوث الصين إلى الشرق الاوسط قوله لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن بلاده تواصل "بثبات دعم الحكومة العراقية لحماية سيادتها واستقلالها والتصدي للإرهاب."

وأضاف وو في التعليقات التي نشرتها الوكالة ليل الاثنين أن الصين تأمل "بأن تتمكن جميع قطاعات المجتمع العراقي من تعزيز الوحدة والتوافق وتشكيل حكومة جديدة تعكس مختلف الأطياف ويمكنها تمثيل جميع القوى السياسية في البلاد."

المالكي أثناء زيارته الرسمية إلى الصين في 18 تموز 2011
المالكي أثناء زيارته الرسمية إلى الصين في 18 تموز 2011

وصرح المبعوث الصيني بأن بلاده تحضّ المجتمع الدولي على تكثيف مساعدته للعراق لأن "استقرار العراق حيوي لسلام واستقرار الشرق الاوسط بأسره وأيضاً استقرار العالم." وأضاف أن الصين ستواصل تقديم مساعدة سياسية وإنسانية ومادية وتأمل بأن يتمكن العراق من مواصلة حماية الشركات والعمال الصينيين.

وفي إعادة نشر التصريحات، أشارت وكالة رويترز للأنباء إلى الصين كونها أكبر مشترٍ للنفط العراقي مع استحواذ شركاتها الحكومية للطاقة مجتمعةً على أكثر من خمس مشاريع النفط في العراق بعد الفوز بعقود لاستغلال بعض حقوله في مزايدات في 2009. وقامت الصين الشهر الماضي بإجلاء أكثر من ألفٍ من عمالها الذين حاصرهم القتال.

وفي تعليقٍ لإذاعة العراق الحر على أحدث التصريحات الصينية الداعية إلى الإسراع بتشكيل حكومة عراقية جديدة، قال رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) واثق الهاشمي "إن مطالبة الدول الخمس الكبرى وآخرها الصين بالتعجيل في تشكيل الحكومة العراقية تأتي من أسباب عديدة أولها أن الشرق الأوسط منطقة ملتهبة..وأن من شأن سقوط العراق وتأخير تشكيل حكومة سيلقي بظلاله في ظل تمدد داعش وضرب مصالح هذه الدول."

وأضاف الهاشمي في مقابلة أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي "أن الصين لها مصالح اقتصادية ونفطية مع العراق، وأي خسائر لهذه المصالح ستضرّ بالاقتصاد الصيني."

في محور التداعيات الإقليمية للأزمة العراقية، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان العراق بأنه "كارثي"، محذراً من تقسيم العراق. ونقل عنه القول في لقاء مع صحافيين في القاهرة الأحد إن "الاستفتاء الذي يطالب به حالياً الأكراد ما هو في واقع الأمر إلا بداية كارثية لتقسيم العراق إلى دويلات متناحرة تبدأ بدولة كردية."

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

وأضاف أن هذه الدولة التي يرمي الاستفتاء لتكوينها "ستتسع بعد ذلك لتشمل أراضي في سوريا يعيش عليها الأكراد"، محذراً مما وصفه بمخطط يهدف إلى "تقسيم المنطقة بشكل مختلف يقوم على أسس دينية وعقائدية وعرقية"، بحسب تعبيره.

وفي ملاحظاتٍ أخرى تضمّنها خطاب بــــثّه التلفزيون الاثنين، حذر السيسي القوى العالمية من أن الإسلاميين المتشددين يدمّرون الشرق الأوسط ويمثلون تهديداً لأمن الجميع. وقال الرئيس المصري:

"انتبهوا لما يحدث في المنطقة. هذه المنطقة يتم تدميرها الآن بمنتهى الوضوح كده. يتم تدمير المنطقة دي دلوقتي ودا المفروض احنا ما نسمحش بيه." وأضاف "الكلام دا يهم مش بس العالم العربي.. لا .. يهم المجتمع الدولي كله. يهم الأمريكان. يهم الروس. يهم الصين. يهم الأوروبيين"، بحسب تعبيره.

السيسي لم يذكر جماعة (الدولة الإسلامية) بالاسم لكنه قال "فيه دول بــــتــــتهد وبـتـــتقسم باسم الدين" في إشارة واضحة لأنشطة الجماعة في العراق وسوريا.

في غضون ذلك، أعلنت السعودية سقوط ثلاث قذائف هاون في شمال المملكة قرب منطقة سكنية على الحدود مع العراق عصر الاثنين. وذكر حرس الحدود السعودي في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن السلطات تحقق في مكان إطلاق الصواريخ.

الرياض أعلنت الأسبوع الماضي أنها تعزز الإجراءات الأمنية ردّاً على الأزمة المتفاقمة في العراق المجاور. وفي تصريحاتٍ أدلى بها ليل السبت في أعقاب هجوم لمسلّحي تنظيم القاعدة في اليمن على أحد المنافذ الحدودية الجنوبية للمملكة، أكد الناطق باسم وزارة الداخلية السعودية أن الإرهاب يستهدف بلاده. فيما أشارت تقارير إعلامية غربية أخيراً إلى شعور السعودية بالقلق من أي تسلل محتمل للقاعدة من العراق.

ونُقل عن محللين القول إن من شأن الإجراءات والتصريحات الرسمية الإيرانية الأخيرة حول دعم بغداد أن تزيد من احتمالات مخاطر وقوع مواجهة عسكرية إقليمية على أسس مذهبية داخل الأراضي العراقية. وكانت طهران أعلنت أخيراً مقتل طيار من منتسبي الحرس الثوري الإيراني أثناء مشاركته في القتال في العراق.

المحلل السياسي واثق الهاشمي قال لإذاعة العراق الحر في ردّه على سؤال يتعلق باحتمالات التصعيد الإيراني السعودي على خلفية الأزمة العراقية المتفاقمة إن المنطقة "مقبلة على خطر كبير..تصعيد كبير في ظل تمدد داعش وفي إعلان خريطة تمدد داعش التي تشمل كل دول المنطقة من ضمنها المملكة العربية السعودية وإيران وتركيا وعدد من دول الاتحاد السوفياتي السابق..والسعودية تستشعر بوضوح هذا الخطر...". لكن الهاشمي أعرب عن اعتقاده بأن "التصعيد الإيراني السعودي لن يصل إلى مرحلة الحرب رغم أنه يشكّل حالياً خطراً على العراق الذي يعتبر منطقة المواجهة لما يسمى بالهلال الشيعي والسني..ولكن قد يلجأ الطرفان أي الرياض وطهران إلى قضايا تبتعد عن التصعيد المسلّح إذ أن خطر داعش يشمل الجميع"، بحسب رأيه.

من جهته، قال مدير (مركز الاستشارية للدراسات الإستراتيجية) في لبنان الدكتور عماد رزق لإذاعة العراق الحر "إن المواجهة السعودية الإيرانية ليست جديدة على المسرح العربي، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود يشهد العراق هذا الصراع بين الجانبين الإيراني والعربي وأعتقد أن ما يجري الآن هو تجدد لهذا الاشتباك نظراً لفشل إمكانية التوصل إلى تسوية على الصعيدين الإقليمي والدولي لكيفية التعامل مع توازنات المنطقة على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى الهيمنة السياسية"، بحسب تعبيره.

مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقتطفات من تصريحات السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش إرنست في واشنطن وكلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، بالإضافة إلى مقابلتين مع رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) واثق الهاشمي متحدثاً من بغداد ومدير (مركز الاستشارية للدراسات الإستراتيجية) د. عماد رزق متحدثاً من بيروت.

please wait

No media source currently available

0:00 0:14:48 0:00
رابط مباشر

  • 16x9 Image

    ناظم ياسين

    الاسم الإذاعي للإعلامي نبيل زكي أحمد. خريج الجامعة الأميركية في بيروت ( BA علوم سياسية) وجامعة بنسلفانيا (MA و ABD علاقات دولية). عمل أكاديمياً ومترجماً ومحرراً ومستشاراً إعلامياً، وهو مذيع صحافي في إذاعة أوروبا الحرة منذ 1998.
XS
SM
MD
LG