روابط للدخول

خبر عاجل

دعوة الأهالي الى حمل السلاح بين التوجس والترحيب


متطوعون من منظمة بدر
متطوعون من منظمة بدر
تتلاحق الأحداث متسارعة منذ سقوط الموصل بل محافظة نينوى كلها بيد داعش وتقدمها صوب بغداد مرورا بمدينة تكريت ، حتى ان وسائل الاعلام باتت تلهث لمواكبة تطورات الوضع.

ويكفي للتدليل على ذلك ان يوم الجمعة وحده شهد اعلان رئيس الوزراء نوري المالكي من سامراء إثر اجتماع للقيادات الأمنية ان القوات العراقية استعادت المبادرة وبدأت هجمات لتطهير كل المدن من الارهابيين.

ويأتي تصريح المالكي بعد ان اخفق البرلمان في الانعقاد بنصاب كامل لبحث طلبه اعلان حالة الطوارئ. وفي واشنطن أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما انه يدرس جملة خيارات لمساعدة العراق ضد جماعة داعش.

وأكد اوباما ان الولايات المتحدة لن تُرسل قوات برية للقتال مجددا في العراق ولكنه طلب من طاقم الأمن القومي في ادارته ان يعد طائفة من الخيارات الأخرى التي يمكن ان تساعد القوات الأمنية العراقية.

وحث اوباما القادة العراقيين على تأجيل خلافاتهم الطائفية لمواجهة الخطر الذي يهدد بلدهم.
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري دعا في وقت سابق من يوم الجمعة رئيس الوزراء نوري المالكي الى بذل مجهود أكبر لانهاء المماحكات الطائفية. وقال كيري في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البريطاني وليام هيغ في لندن "ان على رئيس الوزراء المالكي وسائر القادة العراقيين ان ينحوا خلافاتهم الطائفية جانبا".

واشار كيري الى ان الادارة الاميركية بحثت القيام بعمل عسكري في العراق.

وأعقب احداث الجمعة اعلان ايران استعدادها للتفكير في التعاون مع عدوتها اللدودة الولايات المتحدة إذا تحركت الادارة الاميركية لمساعدة العراق ضد داعش.

وقال الرئيس الايراني حسن روحاني في مؤتمر صحفي ان ايران إذا رأت الولايات المتحدة تتحرك ضد الجماعات الارهابية في العراق فانها ستفكر في الأمر.

ولكن ما قد يكون له مغزى أعمق من تصريحات المسؤولين العراقيين والاميركيين والايرانيين مهما ارتفعت مستوياتهم ، دعوة المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني العراقيين الى حمل السلاح وقتال الارهابيين. وجاءت دعوة السيستاني من خلال ممثله الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة في كربلاء.

ويُلاحظ ان السيستاني اتفق مع اوباما في حث القادة السياسيين على تجاوز الاختلافات والتناحر في هذه الفترة العصيبة.

واستجابة لدعوة المرجعية الى حمل السلاح توافد على مراكز التطوع في بغداد مئات الشبان للانخراط في القتال ضد داعش. واثارت هذه التطورات تكهنات ومخاوف من حدوث احتكاكات ، العراقيون في غنى عنها.

اذاعة العراق الحر التقت الخبير الأمني احمد الشريفي الذي اعتبر ان دعوة المرجعية الشيعية الى حمل السلاح تأتي من باب رفع المعنويات بعد ان فقدت القطعات العسكرية ثقتها بقياداتها وإيصال رسالة مؤداها ان الشعب والمرجعية مع الجيش والمؤسسة الأمنية.

وأوضح الشريفي ان الأهالي لا يمكن ان يُقحَموا في حرب حديثة يتطلب خوضها مؤسسة عسكرية متطورة تعرف كيف تستخدم التكنولوجيا الحديثة بما في ذلك أدوات الحرب الالكترونية والرصد والمروحيات والمقاتلات والاشتباك القريب ، ولكن بالامكان توظيف الحماسة الشعبية لحماية الأحياء ومراقبة أي تحركات مريبة أو وجود غرباء على سبيل المثال.

وأكد الشريفي ان المرجعية لم يبق لديها من خيار إزاء الانهيار الأمني والعسكري الذي حدث إلا شحذ الهمم في مواجهة مخاطر التقسيم بعد سقوط محافظات كاملة مثل الانبار ونينوى واستهداف محافظات في الوسط والجنوب بسبب انكشافها لتهديدات مماثلة دليلا على الاخفاق السياسي في ادارة الملف الأمني وما سببه من اغتراب المواطن وخيبة أمله بالعملية السياسية كلها.

وحذر الخبير الأمني احمد الشريفي من مخاطر التركيز على الهوية السنية لجماعة ارهابية مثل داعش لا تنتمي الى الدين الاسلامي اصلا ، وأكبر دليل على ذلك ان سنة الموصل هم الأشد معاناة وتضررا باجتياح داعش محافظتهم كما تشير عمليات النزوح ورحيل النخب الموصلية.

وقال الشريفي ان العراق يمر بمرحلة بالغة الخطورة بعد انفراط العملية السياسية وما اثاره نموذجها الفاشل من نقمة بين المواطنين.

الخبير الأمني عدنان نعمة سلمان حذر من تجييش الشعب لافتا الى ان المفروض ان يكون الجيش هو الذي يحمي الشعب وليس تعبئة الاهالي لحماية الجيش. وتساءل كيف يمكن لمدنيين مسلحين ان يقاتلو داعش الذين هرب امامهم جيش نظامي محترف وليس جيشاً من المجندين.

ورأى الخبير سلمان ان المتطوعين الذين يشكلون قوام الجيش العراقي انتسبوا اليه من اجل الراتب لانعدام فرص العمل في مجالات اخرى وليس بسبب حبهم الحياة العسكرية أو احتراف مهنة الحرب والقتال على النقيض من مسلحي داعش المدفوعين ببواعث جهادية وعقائدية متعصبة بمن فيهم ضباط عراقيون سابقون يريدون الثأر من تهميشهم واعتقالهم واقصائهم وتشريد عائلاتهم وقطع ارزاقهم.

وانتقد سلمان الدعوة الى تسليح المواطنين لا سيما وانها تمخضت عن ظهور ابناء عشائر مسلحين في شوارع من بغداد واصفا هذه المظاهر بأنها تحد لروح المجتمع المدني العراقي ولا تسهم بكل تأكيد في بناء الثقة بين المكونات المختلفة. وأعرب عن الأسف لأن يعود العراق القهقرى على هذا النحو في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

ولكن المحلل السياسي خالد عبد الاله رأى ان الفتاوى التي صدرت من علماء دين سنة وشيعة ذوي مكانة عليا وثقل اجتماعي كبير وتكللها بدعوة شخصية مثل السيستاني الى الدفاع عن العراق ، ستقوم بدور ايجابي في تأكيد الثوابت الوطنية واجهاض محاولة داعش تصوير ما يجري على انه معركة بين السنة والشيعة.

ونوه عبد الاله بخطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي دعا فيه الى تنحية الخلافات الطائفية جانبا بوصفه رسالة تحث القادة السياسيين العراقيين على توحيد الصف في مواجهة عدو يهددهم جميعا كما يهدد العراق .

المحلل السياسي محمد نعناع استبعد من جهته ان تكون المرجعية الشيعية قصدت تشكيل ميليشيات بدعوتها بل كان الهدف منها دعم المجهود الأمني وفي الوقت نفسه طمأنة الأهالي بأن مسلحي داعش لن يأتوهم لقتلهم في بيوتهم بعد ان اصبحوا مسلحين مسؤولين عن حماية احيائهم.

اما ان تسهم الدعوة في حل الأزمة أو الوضع الأمني فلا ضمانة لذلك نظرا الى ان الأمر يعتمد على عوامل متعددة منها قدرات المتطوعين القتالية ومهاراتهم العسكرية وانسجامهم وقيادتهم ، الخ.

وحذر نعناع من ان تستغل جماعة داعش دعوة المرجعية الشيعية لأغراض طائفية بتصوير نفسها نصيرا للسنة ضد دعوة الى قتلهم او ان تستغلها مجموعات وميليشيات موجودة اصلا. ولكن الدعوة نفهسا يمكن على النقيض من ذلك ان تصبح وسيلة لحماية أمن الأحياء والممتلكات وبالتالي فهي سلاح ذو حدين.

المواطن حسين السيد لاحظ اتفاق المراجع الدينية الشيعية والسنية على الدعوة الى مواجهة داعش متمنيا ان يعود الوئام بين العراقيين والأمن الى ربوع بلدهم. وتساءل السيد الى متى يبقى العراقي أسير الخوف والقلق على سلامة اهله ومتى كان العراقيون يلازمون بيوتهم ابتداء من الساعة الثامنة مساء كما يفعلون اليوم.

ولخص المواطن علي صالح ما قاله المحللون السياسيون والخبراء الأمنيون بشأن النتائج التي يمكن ان تتمخض عنها الدعوة الى حمل السلاح ، بما في ذلك خوفه من نشوء ميليشيات وعصابات مسلحة تتذرع بها لتهديد أمن المواطنين وتأجيج النزاعات الطائفية وانتقاده للأسس التي بُني عليها الجيش.

قالت وكالة رويترز ان سقوط الموصل وتكريت بيد داعش اعاد رسم خريطة العراق ويمكن ان يعيد رسم الحدود الوطنية لدول الشرق الأوسط بعد نحو مئة سنة على انتهاء السيطرة العثمانية.
دعوة الأهالي الى حمل السلاح بين التوجس والترحيب
please wait

No media source currently available

0:00 0:17:38 0:00
رابط مباشر
XS
SM
MD
LG