روابط للدخول

خبر عاجل

الصلة العراقية بصراع سوريا تتعمق


أحد مقاتلي جبهة النصرة في سوريا يمسك بعلم في محافظة الرقة.
أحد مقاتلي جبهة النصرة في سوريا يمسك بعلم في محافظة الرقة.
تَـتعـمّـقُ الصلةُ العراقية بتطورات الحرب السورية في الوقت الذي تُـكثـّفُ قوىً دوليةٌ مساعي حل الأزمة دبلوماسياً من جهة واحتواء تهديدات القاعدة المتنامية في سوريا والمنطقة من جهة أخرى.
الأيامُ الأخيرة شهدت إعلانيْن لافتيْن لهذا التنظيم تَـمَـثّلَ الأول ببيان (دولة العراق الإسلامية) عشية الذكرى العاشرة لسقوط نظام صدام حسين بأن جبهة النصرة ما هي إلا امتداد لها في الداخل السوري وأنهما يندمجان تحت مسمى واحد. أما التطور الثاني فقد تمثّل بتجديد مبايعة هذا الفرع لأيمن الظواهري زعيم القاعدة فيما بدا وكأنه تنصّل من تبعيته للجناح العراقي وذلك بعد يومين فقط من نشر البيان الأول على ما تُعرف بالمواقع الجهادية.

محللون ذكروا أن البيانيْن أربَـكا المواقف الدولية على نحوٍ سلّط الأضواء من جديد على مزاعم دمشق بأن المعارضة السورية المسلحة ما هي إلا جماعات "إرهابية" على حد وصفها ولا تُشكّل خطراً على البلاد فحسب وإنما تهدد الأمن والاستقرار الإقليميين أيضاً. وجاء الإعلان الرسمي عن وجود القاعدة في سوريا إثر بيان قمة الدوحة الذي أفسح المجال أمام دولٍ عربية بتسليح فصائل المعارضة وإعلان دول غربية أنها تدرس احتمال إمداد هذه الفصائل بمساعدات عسكرية.
لكن إحدى الدول الغربية، وهي فرنسا، سرعان ما تراجعت عن هذه الخطوة المزمعة قبل إعلانها يوم الجمعة بأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بدأ محادثات غير رسمية بشأن فرض عقوبات على جبهة النصرة التي كانت واشنطن أدرَجتها بالفعل على القائمة الأميركية السوداء للتنظيمات الإرهابية في كانون الأول الماضي.
باريس قالت على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية إنه بالنظر إلى إعلان النصرة مبايعة زعيم القاعدة يوم الأربعاء فمن المنطقي بحث كيفية التعامل مع هذه الجماعة السورية في إطار "الحرب على الإرهاب". وقال إن "أحد الخيارات هو التحرك في مجلس الأمن الدولي من خلال لجنة العقوبات المفروضة على القاعدة بموجب القرار رقم 1267." وأضاف أن "هذا حل ندرسه ونناقشه بشكل غير رسمي مع شركائنا في مجلس الأمن الدولي وحلفائنا الأوروبيين"، مشيراً إلى أن المحادثات ما زالت في مراحل مبكرة جداً.

وفي عرضها للتصريحات، أشارت وكالة فرانس برس للأنباء إلى ما قالَه خبراء منذ فترة طويلة بأن النصرة تتلقى دعماً من متشددين ذوي صلة بالقاعدة في العراق. وأعلنت الجماعة مسؤوليتها عن تفجيرات كبيرة في دمشق وحلب وانضمّ مقاتلوها إلى كتائب أخرى معارضة في هجمات شنّتها ضد قوات الحكومة السورية. فيما دأبَت دمشق على القول إن المعارضين إسلاميون متشددون يتلقون التمويل والسلاح من تركيا ودول خليجية. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل نحو 70 ألف شخص على الأقل خلال فترة الانتفاضة المستمرة منذ نحو عامين.

في غضون ذلك، أفاد تقرير لوكالة رويترز للأنباء بأن ميليشيات عراقية باتت تُـقرّ عَـلَـناً بالقتال في سوريا على نحوٍ يؤكد ما كان يـَتردّد سابقاً في تحليلاتٍ غربيةٍ عدة حول عُمق الروابط بين هذه الميليشيات والنظام السوري في صراعٍ دموي يوصَـفُ بشكلٍ متزايد بأنه "حرب طائفية".
التقرير الذي بثّته رويترز من بغداد وأعادَت مطبوعات ومواقع إلكترونية عدة نشرَه يوم الأربعاء (10 نيسان) استهلّ بالقول إن هذه الميليشيات العراقية التي وَصـَفـتها بـ"الشيعية" تُـقر علَـناً بأنها تقاتل في سوريا فيما تعتبره معركة جديرة بأن تخوضها ضد المعارضة المسلحة الساعية لإطاحة الرئيس بشار الأسد ولاسيما المقاتلون "السنّة"، بحـسب تعبيرها. وأضاف التقرير أن الحرب السورية اجتذبت بالفعل "مقاتلين إسلاميين سنّة من خارج سوريا انضموا إلى صفوف المعارضة المسلحة. ويقول مقاتلون إن سوريا بدأت بدورها في إرسال ميليشيات موالية للرئيس السوري للتدرّب بقاعدة في إيران الحليف الرئيسي للأسد."

ونُسِب إلى عراقيين القول إن بعض أفراد الميليشيات يقاتلون في سوريا "دون موافقة رسمية من طهران أو بغداد أو من قيادة الميليشيا التي يتبعونها." كما أفاد التقرير بأن "مواقع الكترونية مرتبطة بعصائب الحق وجيش المهدي وكتيبة أبو الفضل العباس نشرت صوراً لمسلحين عراقيين قتلى يرتدون ملابس عسكرية ويحملون بنادق قناصة."
وفي عرضها لتصريحاتِ من وُصفوا بمقاتلين أو منتمين للميليشيات، أشارت رويترز أيضاً إلى الموقف الرسمي للحكومة العراقية التي تتبنى سياسة عدم التدخل في سوريا وترفض دعم مطالب الغرب والجامعة العربية بتنحية الرئيس السوري.

ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع الدكتور معتز محيي مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد الذي أجاب أولاً عن سؤال يتعلق بالمعلومات التي أوردَتها وكالة رويترز للأنباء بالقول إنها "كانت متيسرة وموجودة...خاصةً وأن الجيش السوري الحر كان دائماً يذكر في لقاءاته مع الفضائيات أن الحكومة العراقية وجيش المهدي يساعدون القوات النظامية ويقومون بعمليات مشتركة. كما يشيرون أيضاً إلى حزب الله ومجاميعه القتالية في لبنان وإمداده النظام السوري بالقوات والمتطوعين." وأضاف محيي أنه في المقابل "لا يخفى كذلك أنه حتى جماعة النصرة تضمّ مجموعة كبيرة جداً من المقاتلين العرب من تونس وليبيا وحتى من مصر ودول الخليج...وهذا يدلل على مشاركة مجاميع من دول مختلفة في حرب طائفية غير معلنة، وهي حرب لا يُستَبعد أن أمدها سوف يطول"، بحسب رأيه.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، أجاب الخبير الأمني العراقي عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بالإمكانات الميدانية الفعلية لجبهة النصرة في إطار التشكيلات الأخرى للمعارضة المسلحة السورية والثاني حول الإمدادات العسكرية التي تتلقاها هذه الجماعات.

من جهتها، قالت مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية في موسكو الدكتورة ييلينا سوبونينا لإذاعة العراق الحر في تحليلها لإعلان القاعدة رسمياً أنها موجودة في سوريا "إن وجود المتطرفين في صفوف المعارضة السورية كان أمراً معروفاً في السابق...كما أن عدة دول ومن بينها الولايات المتحدة كانت تتفهم هذه الظاهرة منذ زمن مع الإشارة في هذا الصدد إلى رد فعلها الرسمي على اغتيال السفير الأميركي في ليبيا"، وذلك في الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي في أيلول الماضي. وأعربت سوبونينا عن اعتقادها بأن "الغرب يستغل الآن هذا الموضوع لكي لا يتدخل أكثر في شؤون سوريا لأن نتائج الحرب الأهلية هناك غير معروفة"، على حد تعبيرها.
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، أجابت الخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بمستجدات موقف موسكو من تطورات الأزمة السورية في ضوء الإعلانين الأخيرين الصادرين عن الفرعين العراقي والسوري لتنظيم القاعدة والثاني حول المخاوف الدولية المتواصلة من احتمالات استخدام أسلحة كيماوية في سوريا.

please wait

No media source currently available

0:00 0:14:47 0:00
رابط مباشر
  • 16x9 Image

    ناظم ياسين

    الاسم الإذاعي للإعلامي نبيل زكي أحمد. خريج الجامعة الأميركية في بيروت ( BA علوم سياسية) وجامعة بنسلفانيا (MA و ABD علاقات دولية). عمل أكاديمياً ومترجماً ومحرراً ومستشاراً إعلامياً، وهو مذيع صحافي في إذاعة أوروبا الحرة منذ 1998.
XS
SM
MD
LG