روابط للدخول

خبر عاجل

ثورة 25 يناير أنعشت حي الخيامية العريق في القاهرة


في حي الخيامية بالقاهرة
في حي الخيامية بالقاهرة
ينتعش حي الخيامية العريق في القاهرة، أي حي صنّاع الخيام، خلال أيام المناسبات الوطنية وخاصة الانتخابات. وخلال السنة ونصف السنة الاخيرة شهدت مصر إنتخابات مجلسي الشعب والشورى، والرئاسة، والانتخابات مصدر رزق كبير للخيامية، إذ تدور عجلة إنتاج "الصيوانات" الكبيرة الخاصة بالمؤتمرات الانتخابية، وما أكثرها.

وعلى الرغم من سوء الأوضاع الاقتصادية بعد ثورة 25 يناير التي اشتهرت بالاعتصام، في ميدان التحرير، وميادين مدن مصرية أخرى، وتوقف حركة التجارة بوجه عام، غير أن "مصائب قوم عند قوم فوائد"، وهذا يصدق على حي الخيامية الواقع في حي الحسين الشهير في قلب القاهرة.

وحي الخيامية أحد الأحياء العريقة في القاهرة التاريخية القديمة، وكان سوقا للمنسوجات، والسجاد، خاصة إبان العصر الفاطمي، ورغم مرور الزمن احتفظ بطابعه التاريخي، وحافظت الأجيال المتتالية عليه، ليتجمع فيه أصحاب الحرف اليدوية المرتبطة بالنسيج عموما مثل:الخيام، والسجاد الصوفي، وتطريز الأقمشة.

ومن هذا الحي العريق كانت تخرج كسوة الكعبة المشرفة في حفل سنوي كبير، وموكب يمر بشوارع القاهرة قبل التوجة إلى مكة عبر طريق الحجاز، لكن صناعة الخيام هي الأشهر في هذا الحي العريق.

والتقت اذاعة العراق الحر خلال زيارة للحي مع وليد محمود (35 سنة)، وهو احد الصناع، إذ اوضح مراحل صناعة القطعة الواحدة من الخيام متوسطة الحجم قائلا: "إنها تتضمن رسم النقوش على ورق باترون أبيض، ثم حياكتها على قطعة القماش التي سيتم تطريزها، ثم تستخدم بودرة لطباعة الألوان المخصصة للنقوش، وبعدها تطريز النقوش"، مشيرا إلى "أن العمل في القطعة الواحدة يستغرق 45 يوماً تقريباً".

خيمة في ساحة التحرير
خيمة في ساحة التحرير
وليد محمود الذي يعشق فن الخيام، ويعمل فيه منذ 15 سنة، يؤكد أنه ورث العمل في الخيامية عن أبائه وأجداده، ورغم المشقته، إلا أنه حين يرى القطعة في شكلها النهائي يزول عنه كل التعب، كما لو كانت القطعة أحد أبنائه.

لكن وليد محمود وعلى عكس آخرين يرى أن "الإقبال على الخيامية سواء من الأجانب أو العرب أو المصريين يتزايد، ويبدأ سعر القطع التي يصنعها حسب الطلب من 15 جنيها إلى 1000 جنيه مصري".

أما أحمد الخيامي(60 سنة) وهو أحد قدامى الخيامية الذي ورث لقبه من صنعته فقال:إنه يعمل في هذه الحرفة منذ أن كان عمره 10 سنوات، وورث الحرفة "أبا عن جد".

ويؤكد احمد الخيامي أن "هذا الفن يحتاج إلى من يحبه ولديه الموهبة، لأنه بحاجة إلى مجهود وصبر طويل، فالقطعة الصغيرة يتم صنعها في أربعة أيام، فيما يصل العمل في القطعة الكبيرة إلى ستة أشهر".

ويشير احمد الخيامي إلى أن "أباه شارك في صناعة كسوة الكعبة المشرفة"، وكان يحرص على المشاركة في موكب الكسوة وهي في طريقها إلى مكة، ويضيف "تمنيت أن أكبر وأشارك في هذا العمل العظيم، لكن للأسف توقفت مصر عن صناعة الكسوة، وأنا عمري 12 سنة فقط".

ويقول احمد الخيامي: لكن الزمان غير الزمان، وتبدل الحال فقل الإقبال على حي الخيامية عدا بعض السائحين، ويعزو أسباب ذلك إلى "ارتفاع الأسعار، وتطور الآلات الحديثة المنتجة للأقمشة بكميات كبيرة، وجودة عالية"، لكنه يستدرك "إن الأشغال اليدوية تلقى إعجابا من الأجانب أكثر من المصريين".

أحمد محمد (30 سنة) صاحب أحد المحال المتخصصة في بيع السجاد اليدوي، قال أن اختياره لتجارة السجاد اليدوي في حي الخيامية يرجع إلى عشقه الشديد للقاهرة القديمة، مشيرا إلى أن "السجاد اليدوي يلقى اقبالا كبيرا من قبل المصريين، خاصة المصنوع من الصوف لما يتميز به من جودة، وذوق، وأشكال، وألوان مبهرة".

ويوضح احمد محمد "أن أسعار السجاد تتحدد بحسب الخامات المستخدمة، وطول القطعة، وجودة العمل"، مشيراً إلى أن "سعر القطعة التي يصل طولها إلى مترين ونصف المتر في ثلاثة أمتار تستغرق صناعتها نحو شهر، ويبدأ ثمنها من 125 جنيه".

منتوجات حي الخيامية
منتوجات حي الخيامية
أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد الصاوي، اوضح في حديث خاص مع اذاعة العراق الحر إن "فن الخيامية، انتقل إلى مصر مع المماليك الشراكسة، وكان يعرف بفن النسج، لقيام الصناع بحياكة أجزاء من النسيج المزركش على قطع أخرى".

ويضيف الصاوي: "كان يتم نسج علامات معينة على ملابس الأمراء، تدل على وظيفة كل منهم، حتى يتم التمييز بينهم وبين سلطان البلاد. وأن هذه العلامات المميزة، اشتهرت لاحقا للدلالة على مهنة الأفراد، فمثلا كان الكأس يرمز لمهنة الساقي، والدواة للكاتب، أما السيف فيرمز للسلحدار، أي الشرطي".

ويؤكد أستاذ الآثار الإسلامية أن "هذا النوع من الفن الذي انتشر بدرجة كبيرة، تحول إلى حرفة مهمة، التصق به اسم الخيامية، التي لا زالت منتجاتها تلقى اقبالا عالميا كبيراً".

وتبدو قطع الخيام، والمنسوجات الأخرى ومنها السجاد، والكسوات، جامعة للفن الإسلامي، الذي مع دخوله مصر استنبط تصميمات خاصة من وحي البيئة المصرية، ولا يمكن لسائح يزور القاهرة، إلا أن يمر على الأقل عبورا على "الخيامية".
XS
SM
MD
LG