روابط للدخول

خبر عاجل

فلاح جبارة هجرتُ الرسم20عاماً لأتخلص من شرور السلطة


فلاح جبارة
فلاح جبارة
قدَّمت البصرة الى تأريخ الفن العراقي باقة من مبدعي اللوحة التشكيلية الكبار منهم: فيصل لعيبي، وعفيفة لعيبي، وصلاح جياد، وعلي طالب، وفلاح جبارة، وشاكر حمد، ومحمد فرادي، وغيرهم من الرسامين.

ولم تكن هذه الباقة هي الهدية الوحيدة التي تقدمها البصرة للعراق، إنما كانت هذه المدينة ولم تزل حتى هذه اللحظة بستاناً زاهراً لمختلف أشكال وألوان الإبداع الباهرة.

والفنان البصري فلاح حميد جبارة واحد من هذه الباقة العطرة التي أعطت للفن التشكيلي العراقي لوناً خاصاً، وثمراً طيباً، وموقفاً ملتزماً. حتى أنه ترك الرسم وهجرهُ عشرين عاماً كي لا يُجبَّر يوماً على رسم ملمح واحد من ملامح الطاغية الدكتاتور.

يتحدث فلاح جبارة عن هذه النقطة، عبر "مو بعيدين"قائلا (( كان امامي خياران للخلاص من ضغوط، وشرور السلطة القمعية في العراق آنذاك. فأما أن أرحل، وكان ذلك أمراً صعباً جداً، وأما أن أقطع صلتي بالفرشاة والرسم لكي لا أجبر على رسم صور الطاغية الدكتاتور. فأخترت الخيار الثاني. وتوقفت فعلياً عن الرسم عشرين عاماً، وتحديداً من عام 1978 حتى عام 1998 بعد أن توفرت لي فرصة الهروب.. ومغادرة العراق لأبدأ رحلة العودة الى عالم الرسم)).

ولد الفنان فلاح جبارة في مدينة البصرة قبل ستين عاماً تقريباً لعائلة فقيرة، لكنها كانت غنية في قيمها، وفي حبها للعلم والمعرفة، وثرية بإيمانها بحرية الوطن وسعادة الشعب. أحبَّ الرسم منذ طفولته، فدخل هذا العالم الملون والجميل مبكراً, وشارك في العديد من المعارض المدرسية، حتى أن الرئيس العراقي الاسبق عبد السلام عارف قد أعجب برسومه، فأهداه مبلغاً من المال.

وتحدث فلاح عن هذه الهدية قائلاً ((في عام 1966 زار الرئيس عبد السلام عارف محافظة البصرة، ولعل من الصدف التي لا تتكرر أن يحضر عارف معرضاً فنياً لرسومات الطلبة، كان لي فيه عدد من اللوحات. وكم كان الأمر مفاجئاً لي حين بلغني أن الرئيس عارف قد أعجب بلوحاتي، فأهداني مبلغاً قدره ثلاثون ديناراً ـ وقد كان هذا المبلغ وقتها كبيراً ـ كما أمر أيضاً بقبولي في معهد الفنون الجميلة. لكن الرئيس عارف توفي في اليوم الثاني في حادث الطائرة الشهير، فضاع حلم قبولي في المعهد)).

أما عن العمل الصحفي الذي أمتهنه فلاح جبارة لسنوات طويلة، سواء في مجال التصميم، او الخط الصحفي، فذكر فلاح: ((لقد أخترت طريق التضامن مع الفقراء والمعدومين سواء في العراق او في بلدان العالم، فرسمتُ الكثير من الأعمال الفنية لشعوب فيتنام وكمبوديا ولاوس وشيلي وفلسطين ولبنان، وغير ذلك من الشعوب التواقة للحرية والسلام. وقد كان عملي في الصحافة اليسارية العراقية بشقيهَّا العربي والكردي منذ عام 1973 حتى عام 1979 جزءاً من هذا الموقف الإنساني التضامني. لقد عملت مصمماً ورساماً في صحف العراق منها:الفكر الجديد، وطريق الشعب، وبيري نوي، كما عملت في هذا المجال ببلدان أخرى مثل الكويت والأردن وسوريا وغيرها من البلدان)).

وتحدث الفنان جبارة في لقائه مع "موبعيدين" عن الغناء الملتزم وأهميته في أثراء التجربة الديمقراطية جنباً الى جنب مع اللوحة والكلمة الحرة، لاسيما في دعم نضال الشعوب المتطلعة للحرية، مُذكراً بفاعلية الأغنية السياسية العراقية في السبعينيات على يد الفنانين كوكب حمزة، وجعفر حسن، وكمال السيد، وطالب غالي، وحميد البصري، وفؤاد سال، وغيرهم من كبار الفن الغنائي والموسيقي العراقي الملتزم. فالحاجة اليوم الى اللوحة التشكيلية أمر في غاية الأهمية، لكن هذه الحاجة لن يكتمل قطعاً دون الأغنية، والقصيدة المُحفزَّة للحب، والعمل، والعدل، والمساواة والحرية.

المزيد في الملف الصوتي
XS
SM
MD
LG