روابط للدخول

خبر عاجل

عن بعض عربيات وعالميات الجواهري


الجواهري مع قروي سوري
الجواهري مع قروي سوري

كما وعدنا في حلقة سابقة، نعود اليوم لنتابع وقفاتنا عند بعض عربيات الجواهري، وعالمياته، والتي لم ينقطع ابداعه فيها وعنها، وحتى أعوامه الأخيرة، مشيرين بشكل خاص الى الوصف والوجدانيات ومؤجلين الحديث عن سياسياته وتاريخياته ذات الصلة، الى حين قريب.

فذلك هوالشاعر العظيم، لم يبرح، وهو في تسعينات القرن الماضي، وهي تسعينات عمره في آن متزامن، السفر والتجوال من هذه العاصمة إلى تلك، ومن بينها الرياض وبودابست، وطهران والقاهرة وأبو ظبي.

وقد كانت جميع تلكم الانطلاقات من براغ، جنة الخلد كما يصفها. وكذلك من دمشق، التي عشقها منذ الثلاثينات، فكتب عنها وعن أهلها وتاريخها ما كتب. ومن بين ذلك عام 1979 حين قال:

شممتُ تربك لا زلفى، ولا ملقا...وسرت قصدك لاخبّاً، ولامذِقا
وما وجدتُ إلى لقياك منعطفا إلا إليك، ولا ألفيت مفترقا
وكان قلبي إلى رؤياك باصرتي حتى اتهمت عليك العين والحدقا
شممتُ تربك أستاف الصبا مرحا، والشمل مؤتلفاً، والعقد مؤتلقا
وسرت قصدك لا كالمشتهي بلداً، لكن كمن يتشهّى وجه من عشقا

ويحدث ان يُدعى الجواهري عام 1973 إلى بلغاريا بضيافة اتحاد ادبائها، وتكون هناك، وضمن برنامج الزيارة "ليلة على فارنا" فيلبي الدعوة، ليُفتنَ بتلكم المدينة الساحلية الباهرة، وببحرها وجميلاتها، فيكتب عنها، واصفاً، ومتغزلا مطولة، تتحدث بنفسها عن نفسها بلا لف ٍأو دوران أو حرج من وشاة وحاسدين. ومما نشيعه هنا عن القصيدة:

ما لهذي الطبيعة البكر غضبى، ألها ان تثور، نذر يوفى
أبرقت ثم ارعدت، ثم القت، حملها توسع البسيطة قصفا
اشرق الفجر فوق "فارنا" فأضفت، فوقه سحرها الخفيّ، وأضفى
واستطاب الرمل الندي بساطاً، فمشى ناعم الخطى، يتكفا
معجباً يمسح الدجى منه عطفاً، ويهز الصبح المنور، عِطفا
وإذ نسرد هنا بعض عربيات الجواهري وعالمياته، بإيجاز سريع، نؤشر إلى أن ما كتبه في تلكم الرحاب، أو عنها، لم يقتصر على شأن دون غيره.

فمع الوصف والوجدانيات، تأرخة ومواقف ورؤى يبثها الشاعر دون حدود أو أطر، وبتداخل دائم بين الخاص والعام. وهكذا نجد أكثر من بيت قصيد، في القصيدة الواحدة. وشاهدنا على ذلك نونيته في عدن، وبعض تاريخها، حين زارها عام 1981 بدعوة من قيادات جمهورية جنوب اليمن آنذاك. وكان في حينها مقيماً، مغترباً عن بلاده في براغ عاصمة التشيك "موطن الثلج" بحسب القصيدة ذاتها:

من موطن الثلج زحافاً الى عدن تسري بي الريح في مهر بلا رسن ِ
كاسي على صهوة منه يصفقها، ما قيّض الله لي من خلقه الحسن
من موطن الثلج من خضر العيون به، لموطن السحر، من سمراء ذي يزن
من كل ملتفة الكشحين ناعمة، ميادة مثل غصن البانة اللدن
يا للتصابي اما ينفك يجذبني، على الثمانين جذب النوق بالعطن
قالوا اما تنتشي إلا على خطر ٍفقلت ذلك من لهوى ومن ددني
سبحان من ألف الضدين في خلدي، فرط الشجاعة، في فرط من الجبن
لا اتقي خزرات الذئب ترصدني، واتقي نظرات الاوعج الشدنِ.
ولنا عودة في قريب قادم، لمتابعة وتوثيق جوانب اخرى، وعديدة،من غزير عربيات وعالميات الجواهري، الوصفية والوجدانية والغزلية والسياسية.

المزيد في الملف الصوتي.

الجواهري ... إيقاعات ورؤى
برنامج خاص عن محطات ومواقف فكرية واجتماعية ووطنية في حياة شاعر العراق والعرب الأكبر مع مقتطفات لبعض قصائده التي تذاع بصوته لأول مرة.
وثقها ويعرضها: رواء الجصاني، رئيس مركز ألجواهري الثقافي في براغ.
ويخرجها في حلقات أسبوعية ديار بامرني.
XS
SM
MD
LG