روابط للدخول

خبر عاجل

هل نقص التمويل سيمنع الأمم المتحدة من تحقيق أهدافها الإنمائية في العراق؟






وضعت 8 وكالات تابعة للأمم المتحدة، و7 منظمات غير حكومية، ومنظمة الهجرة الدولية، في اوائل عام 2010 "خطة للعمل الإنساني في العراق" ـ “IHAP – Iraq Humanitarian Action Plan” لتلبية الاحتياجات الإنسانية لشرائح أكثر ضعفا في المجتمع. ووعدت دول مانحة بتقديم 187 مليون دولار لتنفيذ هذه الخطة، التي يديرها مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"
“OCHA – Office for the Coordination of Humanitarian Affair”.
وشرع في تنفيذ هذه الخطة بعد الاتفاق على اجتياز العراق مرحلة الطوارئ الإنسانية الحادة وقدرة الحكومة على معالجة التحديات الأمنية طويلة الأمد.

وبعد مرور ستة اشهر على اطلاق البرنامج، أصدر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" تقريره نصف السنوي الذي سلط الضوء على مشكلة نقص التمويل المقدم إلى العراق من قبل الجهات المانحة ضمن إطار خطة العمل الإنساني لعام 2010 ما أدى إلى إعاقة برامج الإعانة التي تقدمها منظمات غير حكومية والأمم المتحدة إلى شرائح أكثر ضعفا وعدم تلبية احتياجاتها الإنسانية.

وذكر تقرير "أوتشا" في منتصف شهر تموز ان مكتب الشؤون الإنسانية لم يتلق سوى 12 بالمئة من الأموال التي خصصتها دول مانحة للعراق، ما اجبر العديد من هيئات تابعة للأمم المتحدة، منها برنامج الأغذية العالمي في العراق على التوقف عن توزيع الأغذية على 800 ألف من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات الذين يعانون من سوء التغذية، وتعليق توزيع الأغذية على حوالي مليون طفل في المدارس. كما هدد نقص التمويل سبل العيش لنصف مليون شخص من المتضررين من الجفاف في إقليم كردستان.

تقرير مكتب الشؤون الإنسانية ذكر أيضا ان نقص التمويل سيؤدي الى تعليق خطته الرامية لدعم أكثر من 22 ألف عائلة نازحة ضعيفة، ويجعلها تعيش في ظروف إنسانية صعبة للغاية وتواجه مشاكل عدة مثل الظروف المناخية الصعبة والأمراض وعدم توفر المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي.

ولتسليط مزيد من الضوء على عمل مكتب الشؤون الإنسانية التابع للامم المتحدة، واهم الخطط التي تنفذها، ومدى تأثير نقص التمويل على حياة الشرائح الأكثر ضعفا في المجتمع، أجرى برنامج "حقوق الانسان في العراق" حوارا خاصا مع مايك ماكدونه ‘Mike McDonagh’ مدير مكتب الشؤون الإنسانية – العراق، الذي أعطى أولا نبذة عن المكتب وفريق العمل.

مايك مكدونه : لدى "أوتشا" حاليا فرق عمل في جميع المحافظات ومكتبان رئيسيان في بغداد واربيل إضافة إلى مكتب دعم في العاصمة الأردنية عمان، الأساس الذي نعتمد عليه في عملنا هو التنسيق والمعلومات وقد اعددنا خطة العمل الإنساني للعراق بالتنسيق مع هيئات اخرى تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية.


ما هي أهم المشاريع التي نفذها مكتب الشؤون الإنسانية التابع للامم المتحدة خلال هذه الفترة؟


مايك مكدونه : نركز عملنا على مشكلة النزوح والجفاف. بالنسبة للنزوح هناك نزوح طويل الأمد منذ عام 2006 أو النزوح الحالي في المحافظات الشمالية ومشكلة الجفاف في إقليم كردستان والمحافظات الشمالية، إضافة الى مشكلة الأمراض، ولدينا صندوق الرد على الطوارئ لمعالجة حالات الأزمة في العراق مثل حل أزمة النزوح أو مشكلة تفشي الأمراض.

لقد سلط آخر تقرير فصلي نشر في شهر آذار الضوء على أزمة نزوح العوائل المسيحية في الموصل، إضافة إلى تقريركم الأخير حول أزمة نقص التمويل وأثرها على تنفيذ مشاريع في العراق. ما لفت انتباهي هو الأرقام التي وردت في هذا التقرير الخاصة بعدد العوائل والأشخاص الذين سيتضررون جراء نقص التمويل هذا؟


مايك مكدونه : بالنسبة لازمة نزوح العوائل المسيحية في محافظة نينوى، حدثت هذه الازمة في شباط هذا العام، ومعظمهم نزحوا الى محافظة أربيل، وكانت هناك استجابة سريعة من قبل منظمة الهجرة الدولية، ومنظمة اليونيسف، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وما اعرفه هو ان معظم تلك العوائل عادت الى محافظة نينوى.

بالنسبة الى خطة العمل الانساني، يمكن تبسيط الموضوع على النحو التالي، هناك 3 خطط رئيسية، الأولى خطة العمل الإنسانية في العراق ويشترك في تنفيذها عدد من منظمات الأمم المتحدة، ومنظمات غير حكومية، وهناك خطة إنسانية أخرى تدار من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين خاصة بالنازحين داخليا، والنازحين العائدين، وآخرين يعيشون في ظروف صعبة. وأخيرا خطة خاصة تدار أيضا من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وجهات أخرى لمساعدة العراقيين في دول المهجر. وهناك لاجؤون في سوريا والاردن ولبنان ودول اخرى في المنطقة.

وسلط مايك مكدونه في المقابلة التي أجريناها معه الضوء على خطة العمل الإنسانية وأهدافها وأهم المشاكل التي تواجهها:


مايك مكدونه : بالنسبة لخطة العمل الإنسانية فإنها تركز على 26 منطقة في العراق. وتم اختيار هذه المناطق اعتمادا على مؤشرات وإحصاءات صنفت هذه المناطق على انها الأسوأ من ناحية توفير الرعاية الصحية وسوء التغذية والتعليم وغيرها من المشاكل. وتم تقدير المبلغ اللازم لتنفيذ مشاريع في هذه المناطق بـ 193 مليون دولار امريكي ولكن لم يكن هناك تجاوب جيد والسبب هو اعتقاد البعض ، وربما يكون ذلك صحيحا جزئيا، بانه ليس هناك كارثة إنسانية في العراق. وان المشكلة الرئيسية حاليا في العراق هي الفقر.

الأمم المتحدة ومن اجل تحقيق أهدافها الإنمائية لعام 2015 وضعت خطة لتطوير وتنمية العراق تبدأ منذ عام 2011 تتركز على المحاور التالية:
  • إدارة صالحة واهتمام بحقوق الإنسان
  • نمو شامل
  • البيئة
  • الحصول على خدمات أساسية جيدة كالتعليم والصحة ومياه الصرف الصحي
  • تمكين النساء والأطفال والشباب

وهذا بالطبع ما يحتاجه العراق حاليا وستكون نتائج تحقيق هذه الأهداف القضاء على الفقر الذي يعاني منه العديد من العراقيين.


ما هي المناطق التي صنفت على إنها الأكثر تضررا؟


مايك مكدونه : إنها تقع في الجنوب، حيث المشاكل مستوطنة، وفي الشمال حيث هناك نزاعات. انها مناطق تحدث فيها نزاعات في محافظة ديالى ومحافظة نينوى. وبالتالي هذه المناطق منتشرة في العراق ولكنها في الجنوب تعاني من مشاكل قديمة ومستوطنة، أما في الشمال فان المشاكل ناجمة عن صراعات.

لنعد مرة أخرى إلى طبيعة المشاريع التي ينفذها مكتب الشؤون الإنسانية لدعم الشرائح الضعيفة في هذه المناطق، ومدى تأثر نقص التموين على تنفيذ مشاريع مستقبلية؟


مايك مكدونه : المشاريع هي التغذية والصحة ومياه الصرف الصحي والتعليم، وتوفير المأوى والزراعة والأمن الغذائي. وفي تقريرنا الأخير أعلنا عن المناطق التي ستتأثر بنقص التمويل وتحدثنا عن تأثير ذلك على تنفيذ مشاريع خاصة بالنساء الحوامل، والاطفال، والتعليم وذهابهم الى المدارس، تحدثنا أيضا عن مدى تأثير هذا على توفير مأوى للنازحين، فهي بالتالي تخص مواضيع مثل هذه في المناطق الأكثر تضررا.

أريد أيضا أن أشير إلى شيء مهم هو انه لو نظرنا إلى الإحصاءات في العراق، مثلا عدد وفيات الرضع و معدل وفيات الأمهات، التسرب من المدارس وغيرها من الإحصاءات، فان هذه الأرقام يمكن القول إنها الأسوأ لو تم مقارنتها بدول الجوار، ولكن أيضا لو تم الاعتماد على هذه الإحصاءات فلا يمكن اعتبار العراق يمر في أزمة إنسانية مثل ما يحدث في الصومال والسودان او جمهورية الكونغو او أفغانستان حيث الإحصاءات هناك مروعة. بالتأكيد فان الإحصاءات الخاصة بالعراق اليوم وفي مجالات مختلفة هي أسوء بكثير من تلك التي كانت في الثمانينات وأيضا لم يكن هناك أي تحسن في التسعينيات.

ونحن على ثقة إن خطة الحكومة الوطنية للتنمية، وبرامج الأمم المتحدة، التي ستنفذ خلال هذه الفترة والى كانون الثاني 2015 ستُحدث تحسنا كبيرا في أمور مهمة، مثل نقص عدد وفيات الرضع والأمهات والتعليم الابتدائي والتغذية، وتوفير مياه الشرب وغيرها من الأمور.


للأمم المتحدة أهداف إنمائية للألفية تريد تنفيذها في العراق، ما مدى تأثير نقص التمويل على تحقيق هذه الأهداف؟


مايك مكدونه : بالنسبة لبرنامج إطار الأمم المتحدة للمساعدة الانمائية (UNDAF) من المقرر ان يبدأ تنفيذه في كانون الثاني 2011، وقد خُصص للبرنامج مبلغ 2 مليار دولار أمريكي. هذا البرنامج خاص بخطة الإنعاش والمساعدة الإنمائية. وسينفذ بمشاركة الحكومة العراقية. ونتمنى ان تشارك الحكومة بحصة من التمويل. ما أريد أن أوضحه هنا إن دور الأمم المتحدة والمنظمات غير حكومية في العراق هو دور تكميلي في حين تقع المسؤولية الرئيسة في تطوير معيشة العراقيين على عاتق الحكومة.

ان الحكومة العراقية تبيع الكثير من النفط الذي لابد أن تنفق عائداته على الشعب، وبالتالي ما ستقدمه الأمم المتحدة من دعم مادي لتنفيذ خطط المساعدة الإنمائية ستكون نسبته قليلة مقارنة بما يفترض أن تقدمه الحكومة من دعم فيما يخص برامج مساعدة الناس وتوفير سبل المعيشة وتوفير خدمات أفضل، وتوفير فرص عمل وكهرباء .. الخ

كيف تقيمون إذا أداء الحكومة العراقية على صعيد تنفيذ كل هذه الخطط والبرامج؟


مايك مكدونه : عملنا خلال السنة ونصف السنة الماضية بصورة وثيقة مع الحكومة العراقية، وكانت متعاونة جدا. وتعتبر خطط الحكومة في التنمية والتطوير مرآة تعكس نفس برامج الامم المتحدة، ونعلق آمالا كبيرة على أن تتمكن الأمم المتحدة والحكومة العراقية خلال السنوات الأربع المقبلة أي حتى عام 2015 من تحسين واقع حياة العراقيين بصورة كبيرة مقارنة بالفترة الماضية.

ما هي المشكلة الأكبر التي تواجه العراقيين خلال هذه الفترة؟


مايك مكدونه : يعتمد هذا على أين تعيش ومن تكون, اذا كنت نازحا فمشكلتك ستكون المصير المجهول، والسؤال ان كنت ستبقى نازحا الى المنطقة التي لجأت إليها ام ستضطر من جديد الى النزوح إلى مكان آخر، إضافة إلى عدم معرفتك ان كان الاستقرار الأمني سيشجعك على العودة الى منطقة سكناك والاستقرار، وهل ستكون هناك مشكلة في الحصول على فرصة عمل من جديد.

اذا كنت من سكنة المحافظات الجنوبية، قد تكون ضحية الإهمال والفقر، وإذا كنت من المحافظات الشمالية فستكون مشكلتك إصلاح ما دُمر في الثمانينات على سبيل المثال. إذا هذا يعتمد على من تكون. لكن ما أريد قوله، إن الأمن والأمان مهمان جدا في التقدم. وان من أفضليات برنامج إطار الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية (UNDAF) التي يشجع عليها البرنامج هي إن تكون هناك إدارة جيدة، ونمو شامل وغيرها من الأمور التي ستعمل على توفير خدمات أفضل، وتعليم جيد، ونظام صحي جيد وغير ذلك، وبالتالي نعم إن الأمن والأمان والاستقرار من الأمور المهمة جدا.


يذكر ان تقرير المراجعة النصف السنوي لمكتب الشؤون الإنسانية "أوتشا" التابع للأمم المتحدة أشار إلى إن من بين الأسباب التي أدت إلى عرقلة تنفيذ خططها هو التأخر في تشكيل الحكومة العراقية، وتعيين وزراء جدد، والمصادقة على قرارات هامة كثيرة ما زالت معلقة.

مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي
XS
SM
MD
LG