روابط للدخول

خبر عاجل

أجواء التسامح كانت تسود في العراق بين كافة الأطياف والأعراق وخاصة في أعياد الميلاد


خالد القشطيني

علينا في هذا اليوم المجيد، يوم ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام ، او ما يطلق عليه الغربيون و شاع بيننا ، يوم الكرسمس، علينا ان نتوقف قليلا و نتذكر ايامه من ايام الخير التي كانت تجمعنا بالأخوة و الالفة مع اخواننا من المسيحيين العراقيين بشتى طوائفهم من سريان و كلدان و كاثوليك و سواهم. و لكن من المؤسف، و المؤسف و المؤسف ثالثة ، بل خلوني اقولها من المخزي ان تسمم روح الطائفية و التفرقة في هذه الايام علاقاتنا معهم و تحمل الكثير منهم الى هجرة هذا البلد العزيزعليهم. اقول ذلك لأن نصارى العراق هم سكان العراق الاصيلين الذين سبقونا الى العيش فيه حتى قبل مجيئنا اليه كمسلمين. استضافونا و علمونا و خدمونا بمعارفهم و فنونهم. كنائسهم اقدم من مساجدنا فيه.

لا ادري لماذا يتردد بعض اصحابنا المسلمين في المشاركة في احتفالات هذا اليوم. فميلاد السيد المسيح حدث يفرد له القرآن الكريم آيات رائعة في وصفه و تخليده.

الحقيقة ان المسيحيين العرب عموما قد طبعوا انفسهم بطابعنا كمسلمين و تمسكوا بذرائعنا و مناحي معيشتنا. من ذلك امتناعهم عن اكل الدم ولحم الخنزير رغم ان الانجيل يحلل ذلك لهم. وفي ايام الكرسمس قلما رأيتهم في بغداد يعبأون بلحم الديك الرومي الشائع عند الغربيين. حقا انهم لا يذبحون الذبائح من الخراف و لكنني كنت اراهم يشترون فخذا سمينا من لحم الخروف او كتلة كبيرة من لحم البقر و تسهر الست على طبخه و إعداده لغداء يوم الكرسمس.

هكذا وقع اخي مؤيد رحمه الله في هذا المأزق عندما اجر داره لعائلة دكتور انجليزي يعمل في العراق. حل يوم الكرسمس و راح اخي يتسائل. ماذا افعل من كرم لهذا النصراني بالمناسبة؟ سمع بأن الغربيين يتبادلون الهدايا في ايام الكرسمس. و يحتفلون بطبخ ديك رومي ، او ما نسميه بالفسيفس ، يحشونه باللوز و الكستانة و البصل و البطنج. المسألة سهلة، قال اخي لنفسه. ذهب لسوق الغزل ليشتري ديكا رومياهدية للدكتور الصاحب. و لكن الفسيفس طير نادر في الاسواق العراقية. بدلا منه وجد ديوكا عراقية كثيرة و رخيصة. قال لنفسه ، يعني شنو الفرق ديج رومي والا ديج عراقي ، كلها دياجة. و بكرة يذبحوه و ياكلوه و تنتهي المشكلة.

بيد ان العوائل الانجليزية لا تعرف ذبح الطيور و تشمأز منه ، بل و يمنعهم القانون من القيام بالذبح في البيت. و لكن المسز جونز، زوجة الدكتور استأنست بهذا الديك العراقي فأخذت تربيه و تلاعبه و تلهو به في الحديقة. تجري وراءه و يجري وراءها و اصبح حيوانها المدلل ( بت انيمال) .و لكنها نسيت ان الديك العراقي ، و اسمه عليه عراقي، مو مثل الديك الرومي، يعوعي و يصيح و يقلب الدنيا. ليش سموه عراقي؟ فأخذ الجيران يشكون امره لأخي مؤيد. يعني يا ابن القشطيني رضينا جبت لنا واحد انكليزي ، لكن هذا الديك شنو؟ يعوعي من الصباحيات و يفززنن نومنا!
لم يعرف اخي كيف يحل المشكلة و يفصل المسز جونز عن هذا الديك الذي وقعت في حبه. ازدادت المشكلة تعقيدا باقتراب العيد الاضحى. فكر الدكتور جونز بأن يرد الجميل بالجميل و يهدي اخي حيوانا شائقا بالمناسبة. فاشترى له كلبا سلوكيا هدية له بمناسبة عيد الاضحى. يظهر انه تصور اننا نأكل ايضا لحم الكلاب مثل الصينيين و نذبح ذبائح كلاب لعيد الاضحى! او ربما فكر بأنه خير هدية لحراسة خرفان العيد. لم يدر مؤيد ماذا يفعل. فأسرتنا اسرة متدينة و زوجته محفوظة ابنة عمي متمسكة بصلواتها في اوقاتها الخمسة. سمعت بذلك فقلت هذا و الله سيكون فاتحة الطلاق بينه و بينها. راح الكلب يطارد الديك و ينبح عليه و الديك ينط من حائط الى حائط يعوعي و ينادي على المسزجونز ان تخف لحمايته من اسنان الكلب. و هكذا اخذ الجيران يشقون لا فقط بصياح الديك بل و كذلك بنباح الكلب السلوكي.


سعى مؤيد في الأخير الى إطلاق الكلب ليتجول حرا في شوارع المنطقة. كان كل امله بأن الشرطة ستجده سائبا فتطلق عليه الرصاص و تقتله و تحل المشكلة. بيد ان عريف المنطقة حذر اتباعه من ذلك . قال لهم : بالكم و إياكم تتعرضون بكلب بيت القشطيني و تبلونا. و هكذا ظل الكلب سعود ينبح و الديك جوني يعوعي و الناس ترفع يديها الى الخالق و تستغيث الى ان رحل الدكتور جونزمن العراق.

على صلة

XS
SM
MD
LG