روابط للدخول

خبر عاجل

الحديث عن الحكايا الظريفة والطريفة التي حدثت في قصر الرحاب الذي سمي بعد انقلاب الرابع عشر من تموز بقصر النهاية...


خالد القشطيني

مع الكاتب العراقي خالد القشطيني وحلقة جديدة من برنامجه الأسبوعي أيام الخير يحدثنا فيها عن الحكايا الظريفة والطريفة التي حدثت في قصر الرحاب الذي سمي بعد انقلاب الرابع عشر من تموز بقصر النهاية...

- عندما عدت الى العراق بعد انقلاب 14تموز، خطر لي ان اشاهد قصر الرحاب بعد ان خربه المهاجمون. ما ان دخلت حتى شعرت بخيبة كبيرة. اهذا هو الترف الذي حدثونا عنه؟ دخلت فوجدت ان كثيرا من قصور بغداد كانت افخم منه بالفعل. و بالنسبة لأوربا لا يزيد مستواه عن بيت أي تاجر صغير في لندن. حتى الحمام الذي كان يستعمله ملك العراق رحمه الله لم يختلف كثيرا عن الحمام الذي كنت استعمله في لندن في بيوت الطلبة. اهذا هو الترف و البذخ الذي حدثونا عنه؟

كان هذا قصر الرحاب . سمي بعد الثورة بقصر النهاية على اعتبار انه شهد نهاية الأسرة المالكة. و لكنها كانت تسمية اخذت معنى آخر. تحول في عهد صدام حسين الى سجن و محل لتعذيب الخصوم كعبد الرحمن البزاز و فوآد الركابي . ففيه كان الساسة و المفكرون يلقون نهايتهم. ئي نعم. قصر النهاية. اسم على مسمى.

بيد انه كانت له حكايات بنهايات اسعد و اظرف في ايام الخير. في العهد الملكي. اعتاد الأمير عبد الأله ، الوصي و ولي العهد رحمه الله، ان يدعوا الى القصر كثيرا من قطاعات المهنيين و الخريجين ليتعشوا معه. دأب بصورة خاصة و في كل سنة على دعوة خريجي الكلية الحربية بعد نيل شهاداتهم. كان معظم هؤلاء الخريجين من المدن و القرى العراقية النائية، ابناء فلاحين و كسبة. لم يتعودوا على الولائم الرسمية و البروتوكولات الملكية. فجمعهم عميد الكلية ، الزعيم الركن عبد القادر سعيد، و القى عليهم محاضرة طويلة في كيفية السلوك في مثل هذه الولائم . كيف يجلسون . كيف يأكلون . كيف يستعملون ادوات الطعام، الشوكة و السكين والملعقة ، و هلمجرا.

حدثني السيد اسماعيل البنا فقال اننا دخلنا الى القصر فوجدنا الأمير و الملك في استقبالهم. رحب بهم عبد الأله بهذه الكلمات البسيطة. قال يا اخوان لا تعتبروا هذا البيت بيت ملك و امير و انما اعتبروه مثل بيتكم. جلسوا اخيرا لتناول العشاء فلاحظ الامير عبد الاله ان الحيرة بدت على وجوه ضيوفه في استعمال ادوات الاكل و ارتبكوا. فعاد للكلام و قال، يا اخوان كما قلت ، تصرفوا كما لو كنتم في بيوتكم. ارموا هذه الشوكات و السكاكين من ايديكم ، و خلي ناخذ حريتنا. ناكل كما كان يأكل اجدادنا. بادر فأبعد ادوات الاكل من امامه و شمر عن ذراعيه و اخذ ياكل بيديه. تبعته عشرات الأيدي و هي تفتك باللحم و تغترف بالتمن و تصب المرق على التمن و التمن على البقلاوة و البقلاوة على الزلاطه. فكانت وليمة من امتع ما عرفوه في حياتهم.

حمدوا الله و شكروا صاحب البيت و قاموا يتجولون و يتسامرون فيه. لاحظ زهير محمود نديم ، احد الخريجين، علبة انيقة على احد الرفوف. فتحها فوجدها مليئة بمن السما من نوعية فاخرة. اخذ واحدة منها فأعجبته . اخذ ثانية ثم ثالثة ثم دعى اصحابه الى العلبة. و في ظرف دقيقتين لم يبق منها شيء. ثم وضع الغلاف على العلبة الفارغة و اعادها الى مكانها. استمرت الحفلة في انسها و سمرها حتى آن موعد الانصراف. وقف الامير عبد الاله وقال، يا اخوان قبل ان نودع بعضنا البعض ، اريد ان اودعكم بشيء ستحبونه. وصلتني علبة من السما من النوع الممتاز. دعوني اقدم لكم شيئا منها. ثم مد يده و التقط العلبة. لشدة دهشته وجدها خفيفة جدا. رفع الغطاء فوجدها فارغة. احمر و جهه خجلا . كان كمن يريد ان يسخر من ضيوفه او يعمل مقلبا عليهم ، يعزمهم على قوطية فارغة. لم يدر ماذا يقول. و لكن زهير نديم كان ضابطا شهما فتقدم و قال : سيدي انا آسف. انا فتحت العلبة و اكلناها.

تهللت اسارير عبد الأله فقال الحمد لله. الآن خليتوني اشعر انكم تصرفتم في هذا البيت كما لو كان بيتكم تماما. شكرا يا اولادي . ضج الحاضرون بالاستحسان و المرح و الضحك. و كان يوم ، يوم واحد من ايام الخير في العراق.

على صلة

XS
SM
MD
LG