روابط للدخول

خبر عاجل

الحديث عن مظاهر الحياة اليومية في شهر رمضان المبارك أيام الخير


خالد القشطيني

مع الكاتب العراقي خالد القشطيني وحلقة جديدة من برنامجه الأسبوعي أيام الخير يتحدث فيها مظاهر الحياة اليومية في شهر رمضان المبارك أيام الخير

ايام الخير

- بإطلالة شهر رمضان المبارك، لا نملك غير ان نتذكر كل مظاهر الحياة التي ارتبطت بهذا الشهر الشريف. تبدأ بالطبع بظاهرة السحور. يعمد الآباء الى ايقاض اولادهم عند ساعة السحور لتدريبهم على الصيام . نستفيق فنسمع كل ذلك الضجيج في الطرقات عندما يشرع اصحاب الطبول بالتجول ضاربين على طبولهم الكبيرة ، الدمامات، و ينادون المسلمين بالنهوض و التزود بما امكنهم من طعام وشراب قبل ان يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود. مازالت اصواتهم ترن في اذني: دم! دم! دم! ... سحور، سحور يرحمكم الله ، يا صايمين اقعدوا... دم! دم! دم!
و ينادي المؤذن من المنارة : "لا اله الا الله، سحور! سحور! اكلوا السحور،
اشربوا ماي! عجلوا قبل ما يحل الفجر... سحور ، سحور ." يستمر في ندائه حول منارته ثم يتوقف ليتناول هو الآخر زاده و شرابه. يعود بعد دقائق ليصيح بكلمات اخرى بلهجة التحذير: "امساك ! امساك يرحمكم الله!" لقد انتهى وقت الاكل الحلال و بدأ الصيام.

- بيد انه في الايام الاخيرة من العهد العثماني ، ادخلت السلطات تقليدا آخر للفطور و السحور وهو اطلاق طلقة مدفع عند الفطور و طلقة عند السحور و طلقة ثالثة عند الامساك. استمر هذا التقليد الى يومنا هذا. و غالبا ما اثارت طلقات السحور كثيرا من البلبلة. هل كان ما سمعناه طلقة سحور ام طلقة امساك. و من نوادر هذا التقليد ان الاوامر كانت تقتضي من الجنود الطوبجية المسؤولين عن اطلاق المدفع، ان يبادروا الى اداء صلاة الفجر بعد الاطلاق فورا. و كثيرا ما كان يفاجؤهم هذا الواجب و هم متعبون و مستغرقون في النوم. يهبون من نومهم و يضربون الطوب و ينفذون الامر بالصلاة بصورة مستعجلة و بدون ان يعبأوا بالوضوء. و يعودون الى نومهم. و من هنا جرى المثل القائل " مثل صلاة الطوبجية ، بلا وضو بلا نية." وهو ما يقال عن أي عمل ينفذ بصورة ناقصة.

- تمر ساعات الصيام و تميل معها الشمس للغروب فيحل موعد الفطور. يصعد الصغار فوق سطوح البيوت او يخفون الى ابواب المساجد ينتظرون نداء المؤذن. ما ان يفتح فمه بكلمتي : الله اكبر! الله اكبر! حتى يدوي صياحهم : يا صايمين افطروا! كشفوا النجانة و اكلوا!" يهرعون لبيوتهم و يلتفون حول صينية الفطور . يبدأ الوالد بالبسملة ، بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم يتناول فردة تمر و يبدأ الفطور بها على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم. يتبعها بالشوربة ، ثم تبدأ لذائذ الطعام التي كانت ربة البيت قد امضت النهار في اعدادها و طبخها و التفنن بها.

- و لوجبات الفطور مأكولاتها التقليدية التي تشمل شوربة الشعرية، و الهريسة و التشريب و الكبة بأنواعها المختلفة و الكباب ، و التكة و العروك و الدولمة. و بالطبع لا تكتمل ليالي رمضان التقليدية التي كانت تصنع خصيصا لهذه المناسبة ، بدون البقلاوة و الزلابية و القطايف و حلاوة التمر و شعر البنات و اصابع العروس و البرمة. و من بركات شهر رمضان الشريف ان يجد الكثيرون من الكسبة و صغار الحال مصادر للرزق في عمل و بيع هذه الحلويات ، يدورون بها في الطرقات و امام المساجد و المقاهي. تسمعهم يضيفون الى متع هذا الشهر الكريم بالغناء و التدليل عليها:


" زلابية و بقلاوة و شعر بنات ، وين اولي وين ابات، ابات بالدربونة، اخاف من البزونة ، ابات بالمحطة تجي علي البطة!" يمر بك البائع يدفع بعربته ، و يغني. لا يكاد يختفي في الزحمة حتى تسمع وصيص عربة اخرى، انه بائه الزلابية ، يمر بك وهو يلعلع بصوته : بعانتين اوقية ، بعيار البلدية ، و الدهن دهن ليه ، و لا احد يعتب عليّ."

ئي نعم! ايام خير! بعانتين كيلو البقلاوة . و ربما بأرخص منها كيلو الزلابية، او حلاوة الجزر. و من يجرؤ في تلك الايام الا يشتري كل ذلك لاولاده؟ زلابية و بقلاوة و شعر بنات ، و راحت و اختفت الآن عرباينها من الطرقات حالما مالت الشمس للغروب ، يهرعون الى بيوتهم طلبا للأمن و السلامة. هل ستعود تلك الليالي الحافلة بالأنس و البهجة؟ اللهم و نحن على ابواب هذا الشهر المجيد ، اعد للمؤمنين في العراق ايمانهم بالخير و محبة الانسان و احترام الحياة .


على صلة

XS
SM
MD
LG