روابط للدخول

خبر عاجل

أنوشا أول رائدة فضاء مسلمة وأول سائحة فضائية


فارس عمر

أنوشا أنصاري مواطنة اميركية ذات أصل ايراني ، دخلت التاريخ بوصفها أول رائدة فضاء مسلمة وأول سائحة فضائية. إذ انطلق صباح اليوم من قاعدة جوية في كازخستان صاروخ يحمل انوشا ومعها رائدي فضاء روسي واميركي في رحلة تستغرق عدة ايام بين النجوم.
حول رحلة انوشا الفضائية وحلمها في غزو عالم النجوم اعدت اذاعة العراق الحر التقرير التالي ...


عندما كانت انوشا انصاري طفلة صغيرة ، اعتادت ان تستلقي على ظهرها وترنو بعينيها الى سماء الليل الصافية ، وتحلم ـ تحلم بأن تحلِّق بين النجوم لا ان تحدِّق فيها ليلا. واليوم ، بعد خمسة وعشرين عاما ، تحقق الحلم. ففي الساعة الثامنة وتسع دقائق صباحا بتوقيت بغداد انطلق من قاعدة باينكور الجوية في كازخستان صاروخ روسي من نوع سيوز على متنه أنوشا ورائدا فضاء ، احدهما روسي والآخر اميركي.
انطلق الصاروخ صوب المحطة الفضائية الدولية حيث سيحل رائدا الفضاء الروسي والاميركي محل رائدي فضاء آخرين يقيمان في المحطة منذ ستة اشهر. وبعد نحو اسبوع من اليوم سيعودان الى الأرض وتعود معهما انوشا انصاري. وهي ستهبط على الأرض وقد أصبحت أول رائدة فضاء مسلمة وأول سائحة فضائية ورابع مواطن اعتيادي بلا صفة رسمية ، يرتاد الفضاء.
وكانت انوشا تلقت تدريبا شاقا قبل ان يمنحَها خبراء الفضاء شهادة تؤكد مؤهلاتها للقيام بهذه الرحلة المثيرة. وحين سُئلت انوشا عن أهم الارشادات والتعليمات التي تلقتها خلال فترة التدريب كان جوابها:
"من حيث الأساس ، كلهم يقولون الآتي: "تمتعي بكل لحظة من لحظات الرحلة ولا تدعي شيئا يفوتَكِ. تذكري هذه التجربة وحاولي ان تعيشي كل لحظة من لحظاتها". وأنا اعتقد ان الكثير من هذه التجربة يعتمد على الشخص نفسِه ، فتكون تجربة مختلفة باختلاف الشخص. إني اتطلع الى تسجيل مشاعري وتجربتي وأنا محلقة في الفضاء. وبعد الوصول الى المحطة الفضائية ، سأُشاطر الجميع تجربتي لدى العودة".

أنوشا لم تعرف بأنها ستنطلق فعلا في رحلة فضائية إلا في العشرين من آب الماضي. فان رجل اعمال يابانيا أمضى عدة اشهر في التدريب كان هو المرشح للرحلة ولكن اسبابا صحية حملته على الانسحاب.

سعر التذكرة الى الفضاء الخارجي سر محفوظ بكتمان شديد ولكن تردد ان الشركة الاميركية التي تنظم هذه السفرات تطلب عشرين مليون دولار غالبيتها تذهب لبرنامج الفضاء الروسي.

وفي اطار الاستعداد للرحلة تعلمت أنوشا اللغة الروسية الى جانب الفارسية والانكليزية والفرنسية التي تتكلمها اصلا. وقال مسؤولون في مركز تدريب رواد الفضاء ان تحصيلها العلمي وخبرتها يؤهلانها لأن تكون أكثر من مجرد سائحة فضائية. وأكد الخبراء ان أداءها خلال التدريب كان "ممتازا".
أنوشا ترفض صفة السياحة الفضائية التي اطلقتها وسائل الاعلام على رحلتها. وهي تقول انها خلال فترة بقائها على متن المحطة الفضائية الدولية ستقوم بأبحاث طبية وبيولوجية مجهرية لوكالتي الفضاء الروسية والاوروبية.

تعلمت أنوشا الانكليزية في الولايات المتحدة حيث انهت دراستَها ونالت شهادة عالية بالهندسة الكهربائية. وبعد تخرجها التقت زوجها حميد الذي اقنعته بفتح مشروع في قطاع الاتصالات الالكترونية. وقد اتاح لهما نجاحُهما ان يبيعا شركتهما بمئات ملايين الدولارات ليحققا ثروة وضعت الفضاء الخارجي في متناول يد أنوشا.
كانت أكبر مغامرة قامت بها انوشا قبل اليوم رحلة الهجرة مع عائلتها من ايران الى الولايات المتحدة قبل اربعة وعشرين عاما. وكانت أنوشا وقتذاك فتاة في السادسة عشرة. ولكن رحلة الهجرة الى نصف الكرة الغربي تبدو رمية حجر مقارنة مع الرحلة التي بدأتها صباح اليوم.
اتوسا ريسيان ، شقيقة انوشا الصغرى ، ايضا درست الهندسة. وهي تؤكد ان شقيقتها كانت دائما مشدودة الى سحر الفضاء:
"كانت [أنوشا] دائما تحكي لي عن النجوم وعن المجرَّات. انه بالنسبة لي عالم مثير لكنه عند انوشا عاطفة متقدة ، وطموح كانت دائما تريد تحقيقَه منذ طفولتها".

عقدت أنوشا مؤتمرا صحفيا قبل انطلاقها الى الفضاء اعربت فيه عن الأمل بأن تسمع النساء والبنات في المناطق البعيدة من العالم عن رحلتها الفضائية. واشارت الى ان المرأة في بلدان عديدة لا تلقى تشجيعا على العمل في مجال العلم والتكنولوجيا. ودعت شقيقاتها في العالم الى اقتحام هذا المضمار بقوة أكبر.
وتقول الأخت الصغرى ان أنوشا تريد ان تقدم مثالا تستلهمه المرأة في مناطق العالم الأخرى:
"أعتقد انها تريد أن تشجع المرأة وان ترسخ لديها القناعة بأنها تستطيع ان تحقق كل ما تُريده لأن ما يؤسف له ان المرأة في مناطق مختلفة من العالم تُعامَل وكأنها مواطن من الدرجة الثانية ولا تتاح لها الفرص التي تُتاح للرجل. أعتقد بان انوشا تريد ان تقول للمرأة ان هناك امكانات مختلفة وانها قادرة على بلوغ أهدافها وتحقيق احلامها".

وأكدت اتوسا ان هناك اهتماما كبيرا في ايران برحلة شقيقتها الفضائية.

ذات يوم قالت أنوشا لأحد الصحفيين انها تعيش بوحي من كلمات المهاتما غاندي الذي قال: "عليكَ أنتَ ان تكون ذلك التغيير الذي تُريد ان تراه في العالم".

في الثاني عشر من ايلول الجاري احتفلت انوشا بعيد ميلادها الأربعين. ولا ريب في ان رحلتها الفضائية التي بدأتها اليوم كانت أجمل هدية تلقتها بهذه المناسبة.

على صلة

XS
SM
MD
LG