روابط للدخول

خبر عاجل

العروبة التي تتنكر لعرب العراق


اهلا بكم مستمعينا الكرام في لقاء جديد ناخذكم فيه الى بعض ما كتبته اقلام عراقية في صحف ومواقع انترنت عربية، ومن ذلك ما كتبه الصحافي العراقي عمار البغدادي تحت عنوان (العروبة التي تتنكر لعرب العراق). المزيد في سياق هذه الحلقة.

--- فاصل ---

في محطتنا الاولى نتوقف مع ما كتبه الصحافي العراقي عمار البغدادي تحت عنوان (العروبة التي تتنكر لعرب العراق)، يقول الكاتب:
يبدو ان معارك العراقيين "الكلامية" مع بعض مثقفي "العروبة" لا تقل ضراوة عن تلك المعارك التي خيضت في التاريخ الاسلامي البعيد عن "خلق القرآن" حيث اطيح العديد من المصطلحات الفلسفية والمنطقية والاستدلالات الراجحة في الفكر الاسلامي، فيما خفف البعض من حجة الصياغات القرآنية "العتيدة" المتداولة والمتسالم عليها بين فقهاء التفسير. والسبب في ذلك ان "جماعتنا" من ابناء "العروبة" يلحّون بشتمنا والامتعاض منا واستفزازنا، وكأننا لسنا عرباً ولا عراقيين، بدعوى ان مدناً ومحافظات عراقية في الشمال والجنوب، باستثناء ما يسمى جدلاً في الثقافة العسكرية الاميركية بـ "المثلث السني"، لا علاقة لها بالعمليات العسكرية التعرضية - التي تقوم بها بعض المجموعات السلفية وفدائيو صدام وبقية فلول أجهزة المخابرات، وآخرون لم يرضهم اختفاء صدام - ضد القوات الاميركية.

--- فاصل ---

يواصل عمار البغدادي:
استطيع التأكيد هنا ان مثقفين عرباً، كنا نقرأ لهم ايام زمان ونترّحم على آبائهم واجدادهم كلما ذكّرونا بتاريخ الدولة الاسلامية العتيدة وأمجاد الفتوحات العربية، يتقربون بشتمنا واستفزازنا الى التيار الذي بدأ يتنامى مع نمو الشعور المتزايد بالامتعاض من وجود قوات التحالف في العراق، ويحسبون ان هذا الشتم "واجب شرعي ووطني وتاريخي وقومي" عليهم، وكأن العراقيين هم الذين استقدموا القوات الاميركية، وهم الذين هدّدوا العالم بترسانة اسلحة الدمار الشامل، وقرروا في ليلة من ليالي "القنص الصدامي المسلح" في 2 آب 1990 غزو الكويت واطاحة سيادة دولة ذات سيادة معترف بها دولياً، ولديها تمثيل واسع في المنتديات والمحافل العربية والاسلامية والعالمية. وكأنهم هم (العراقيون) الذين قرروا بعد قيام الثورة الايرانية شنّ أوسع حرب جنونية ضد ايران 1980 -،1988 وكأنهم هم من جلبوا للمنطقة العربية وشعوبها وحضارتها وثقافتها واحدة من أوسع الهزائم السياسية والعسكرية في التاريخ.

ان مشكلة المثقف العربي، الذي يجد في شتم القوى السياسية الوطنية وشعبها في العراق، مقياساً للعروبة واقتراباً من الصدقية الشخصية، تكمن في عدم التفريق المفترض بين عراق صدام وعراق الأمة التي تنتمي الى الحضارة العربية والاسلامية في العراق، ولقد كافحت مختلف فصائل "المعارضة العراقية" اليسارية واليمينية، الاسلامية والوطنية، طوال اكثر من 30 عاماً في المحافل والمؤتمرات القومية، من بيروت الى عمان ومن مدريد الى نيويورك ومن باريس الى طنجة، ازاء ضرورة ايجاد هذا الفصل الحقيقي بين نهج النظام وديكتاتوريته وارهابه في الداخل والخارج وشغفه بالتسلط والهيمنة والاستلاب وقهر الشعب العراقي واذلال الأمة وجيران العراق، ومن ناحية اخرى الشعب العراقي الذي يئن من الظلم والقهر والجبروت.

ان العروبة التي تتنكر لعرب العراق في العمارة والبصرة والناصرية والكوت والسماوة والفاو، وللكردي العراقي في زاخو وحلبجة وشقلاوة، وتتهمهم بالتآمر على وحدة البلد في الوقت الذي كان فيه صدام يفتح اجواء العراق لطائرات ال"يو. تو" وارضه وسيادته الترابية لفرق المفتشين، ويستقدم بعقليته ونهجه التآمري قوى التحالف الدولي، هي عروبة لا علاقة لها بالقواعد المفترضة لبناء نهج العلاقات الاخوية الصادقة بين أمة العرب، لذلك نعتقد ان المثقف العربي الذي يتخندق بمفرداته ومصطلحاته الصادمة ضد العراقيين، من دون ان ينصف تاريخهم في الحروب العربية الاسرائيلية وانخراطهم في العمل الفدائي المسلح، في الستينات، ومجمل مواقفهم ازاء محنة العرب مع أنفسهم وجيرانهم، هو مثقف متآمر.

--- فاصل ---

وفي الشرق الاوسط نقاش بين عراقيين حول موضوع الغاء التعويضات الكويتية المتوجبة على العراق بسبب غزو الكويت عام 1990. فالكاتب العراقي عبد الخالق حسين يقول متسائلا:
أمِنَ الإنصاف معاقبة الشعب العراقي بجرائم صدام؟
فيما يرد عليه عدنان حسين متسائلا في المقابل:
وهل الإنصاف في معاقبة ضحايا صدام؟
بداية يقول عبد الخالق حسين:
لا أفشي سراً إذا قلت إني متابع لما يكتبه السيد عدنان حسين في «الشرق الأوسط» الغراء وذلك لما يتمتع به من تحليلات صائبة وجريئة وخاصة فيما يخص القضية العراقية. لكنه فوجئت به وهو يتناول قضية التعويضات. فبعد عرض موجز لقضية الديون والتعويضات التي ورط صدام حسين الشعب العراقي بها نتيجة لحروبه العدوانية، وموقف الدائنين والمديونين (العراقيين) منها، يقول: «فمن مصلحة العراق الا تطفأ هذه الديون والتعويضات تماما.. كيف؟»، ويجيب: «اذا تنازل الكويتيون والسعوديون والايرانيون والاماراتيون والروس والفرنسيون والآخرون عن هذه الديون والتعويضات سيصعب على الاجيال العراقية القادمة ان تحس بوطأة تركة صدام الثقيلة. وفي غمرة عدم الاحساس هذا قد يُبتلى العراق مرة اخرى بصدام جديد يندفع بالعدوان على جيران العراق واشقائه

وهنا يقول عبد الخالق حسين:
فمن المعروف أن الشعب العراقي هو الآن أفقر شعب في أغنى بلد. والذي جعله أفقر شعب هو صدام حسين بسبب سياساته الطائشة وحروبه العبثية. وإذا صار لزاما على الشعب العراقي دفع هذه الديون والتعويضات، فهذا يعني أن الشعب محكوم عليه بهذا المستوى من الفقر إلى الأبد. وهذا يوفر الأرض الخصبة لتفريخ العشرات من أمثال بن لادن وصدام حسين
فالحل إذاً في رأي السيد عدنان حسين هو معاقبة الشعب العراقي بما ارتكبه صدام حسين من جرائم لمنع ظهور صدام آخر. ولكن هل جاء صدام إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع ليتحمل الشعب العراقي وزر حكومته؟

اما عدنان حسين فيجيب بالقول:
لما قرأت تعليق الدكتور حسين وجدت اننا لا نختلف حول جوهر القضية المطروحة. وما حمّسني لكتابة هذا الرد هو شعوري بأن ثمة سوء فهم لدى كل الذين انتقدوا مقالتي أو احتجوا عليها ربما كان ناجما عن قصور في حسن التعبير مني لمقاصدي مما كتبت. ولكن قبل ان اوضح لا بد من التأكيد بأنني اعتقد عن قناعة وايمان بأن المعتدي اي معتد لا بد ان يدفع ثمن عدوانه وان الضحية لا بد ان يعوض عما لحقته من اضرار مادية ومعنوية.

--- فاصل ---

يضيف عدنان حسين القول:
الحكومة العراقية في عهد صدام اعتدت على ايران ثم على الكويت وقبلها على الاكراد، بل على عموم الشعب العراقي. وعلى الهامش تضررت دول وشعوب وافراد وشركات مختلفة. وهؤلاء جميعا ضحايا ولهم كامل الحق في التعويض عن الخسائر والاضرار التي نزلت بهم. فمن يعوضهم؟ هل من العدل والحق ان يقال لهؤلاء جميعا ان حقوقهم انتهت بسقوط نظام صدام؟ هل كان عليهم ان يكافحوا للابقاء على صدام والحصول على التعويضات؟

الحق ان الدولة العراقية التي باسمها غزا صدام ايران والكويت وحارب الاكراد مسؤولة عن تعويض كل ضحايا العهد السابق، عراقيين وغير عراقيين. والحكومات التي ستتولى السلطة بعد انتهاء الفترة الانتقالية واستعادة السيادة والاستقلال مسؤولة باعتبارها وريثة العهد السابق عن اعادة الحقوق الى اصحابها والتعويض عن الضحايا والمتضررين.

ربما سيتنازل البعض من العراقيين عن حقوقهم كلها او بعضها مكتفين بالتعويض المعنوي الكبير الذي يمثله الخلاص من عهد صدام الاسود. وبالتأكيد سيكون التعويض المعنوي تاما كاملا اذا ما انتقل العراق الى عهد ديمقراطي حقيقي. لكن هذا لا يعني ان على الآخرين (غير العراقيين) ان يتنازلوا هم ايضا عن حقوقهم..فقط لان صدام لم يكن منتخبا من الشعب العراقي عندما ارتكب عدوانه عليهم. هل كانوا هم من دعا صدام الى غزو بلادهم والاستيلاء على املاكهم وانتهاك اعراضهم وحقوقهم؟

ادرك ان ليس في وسع العراق، ولو بعد الف عام، ان يؤدي كل الديون والتعويضات المترتبة على عبث صدام وسياساته العدوانية الهوجاء. ولهذا سيترتب على الحكومات العراقية المقبلة ان تتفاوض مع الدول الاخرى للتوصل الى حل ما لا يحمل الاجيال العراقية القادمة عبء ذلك العبث الجنوني ولا يصادر بالكامل حقوق الضحايا.

وشخصيا اعتقد ان الحل يمكن ان يكون باعطاء الدول والشركات والافراد الدائنين افضلية في العلاقات الاقتصادية مع العراق، خصوصا خلال مرحلة اعادة الاعمار، وفي الابقاء على جزء من الديون (ربما بضع مئات الملايين من الدولارات) وتقسيطها على نحو مريح (100 سنة 200 سنة) والاعلان سنويا عن المبالغ المدفوعة للتذكير بعبث صدام الجنوني وعبث جماعته من القومجية العرب والاصوليين المتطرفين الذين يواصلون الآن الجنون نفسه.

--- فاصل ---

مستمعينا الكرام وصلنا نهاية الجولة ملتقانا الاسبوعالمقبل باذن الله..
في امان الله.

على صلة

XS
SM
MD
LG