بثت وكالة فرانس بريس للانباء تحقيقا اليوم عن عيد الميلاد الـ 66 للرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي يصادف الثامن والعشرين من نيسان. بينما بثت وكالة اسوشييتيد بريس تقريرا حول جهل عراقيين كثيرين عن القصف الكيماوي التي تعرضت له مدينة حلبجة الكردية في 16 آذار 1988. وفيما يلي نعرض لهذين التحقيقين.
--- فاصل ---
لكن قبل الدخول في التفاصيل اليكم تقريرا من مراسلنا في الموصل (احمد سعيد) يتناول معلومات عن توقعات في المدينة بقيام موالين لصدام حسين بالاحتفال بعيد ميلاده غدا.
(تقرير الموصل)
--- فاصل ---
وكالة فرانس بريس ذكرت ان 25 مليون عراقي أُجبروا على الاحتفال بعيد ميلاد صدام العام الماضي شاءوا او ابوا، مشيرة الى ان هذه الذكرى سيُحتفل بها هذا العام بابسط ما يمكن.
صدام الذي كانت عبادة شخصيته بلغت ذروتها في السابق وكانت كوريا الشمالية فقط تباري العراق في عبادة القادة، بات الآن مطلوبا من العدالة، وقصوره التي كانت رمزا لسيطرته على العراق، دُمرت او ترابط فيها قوات اميركية. كما أُطيح كثير من تماثيله العديدة ومُزقت صوره، في اطار ازالة آثارَ حكمه الذي استغرق 24 عاما.
لكن الأمر كان مختلفا تماما اثناء الاحتفال بعيد ميلاده الـ65 العام الماضي. فقد كانت شوارع بغداد وتكريت مكتظة بالسيارات وشارك ضيوف عراقيون واجانب كبار في المراسم اكراما للقائد. واضطُرّ العراقيون الى حضور اجتماعات، مصفقين لخطابات دعائية، وذلك تحت اسماع وابصار الشرطة وجهاز الامن وعملاء حزب البعث.
وحاول النظام السابق جعل الاحتفالات بعيد ميلاد صدام ملحوظة العام الماضي، مقيما حفلات زفاف جماعية، خصوصا في فندق الرشيد ببغداد.
واصبح عيد ميلاده يُحتفل به على نطاق وطني بعد حرب الخليج عام 1991 والقمع القاسي للانتفاضات ضد حزب البعث التي اعقبت هذه الحرب. وشارك مئات من ضيوف الشرف العرب في الاحتفالات، الى جانب العراقيين.
ويقول وائل عدنان الذي عمل في وزارة الاعلام ان العراقيين احتفلوا بعيد ميلاد صدام في 28 نيسان والخوف يأكل بطونهم، على حد تعبيره. مئات الاطفال أُجبروا على حفظ رقصات واغانٍ تمدّح صدام وسيقوا الى احد قصوره العديدة لادائها، بينما ينظر اليهم هو نظرة معتدّة بالنفس.
بغداد لا تخلو من الشعور بالخوف حتى الآن، فهي تعج بشائعات غير معقولة تماما عن عودة صدام. وتقول احدى هذه الشائعات ان صدام ينتظر ريثما يحل عيد ميلاده ليظهر كي يجدد معاقبة الذين تجرأوا على تحديه.
وقال احد سكان منطقة الطلائع في بغداد انه ينوي الاحتفال بعيد 28 نيسان، لكن بطريقة مختلفة. هذا العراقي اوضح انه يريد اقامة حفلة كبيرة، مطلقا في الهواء جميع الطلقات النارية التي يملكها. ويزيل سكان محليون الخراب قرب مطعم تعرّض لقصف التحالف أُفيد بان صدام شوهد قربه قبيل اختفائه عن الانظار. وقالت امرأة ان صدام ليس على قيد الحياة، ولن تُحتفل باعياد ميلاده لاحقا، مضيفة في الوقت نفسه ان اناسا كثيرين ما زالوا يخافون من عودته.
لكن جنديا يقف قرب احد قصور صدام الذي ترابط فيه الآن قوات اميركية، تساءل بسخرية بعدما قيل له ان الرئيس العراقي المخلوع سيقيم عيد ميلاده - كم شمعة سيُشعل هذه المرة؟
--- فاصل ---
في تحقيق آخر من العراق أفادت وكالة اسوشييتيد بريس من قرية المنقوبة الواقعة في محافظة نينوى على بعد 249 كيلومترا غرب حلبجة ان عربا كثيرين من سكان القرية لم يكونوا على دراية بان حلبجة تعرضت لقصف كيماوي في آذار عام 1988 قُتل فيه آلاف الكرد. بعض العرب الذين سمعوا شائعات عما حصل في حلبجة قالوا انهم لم يصدقوها. ويبقى البعض الآخر غير واثق حتى الآن.
الوكالة وصفت الهجوم الكيماوي على الكرد بانه من ابشع امثلة قساوة صدام على الشعب العراقي. واشار الرئيس الاميركي جورج بوش الى ان ذلك يدلّ على رغبة صدام وقدرته على استخدام اسلحة الدمار الشامل، الامر الذي كان مبررا للحرب التي ادت الى اطاحته.
ويُبرِز الهجوم تجارب مختلفة مر بها العرب والكرد، حسبما جاء في التقرير الذي اضاف ان حكومة عراقية جديدة قد تفشل اذا تدهورت العلاقات بين الفئتين العرقيتين.
يُذكر ان حوالي 5,000 كردي لقوا مصرعهم في حلبجة التي تقع قرب الحدود الايرانية، عندما استخدم الجيش العراقي غاز الخردل وغيره من الغازات السامة في اطار حملة غاية في القساوة من اجل قمع الانتفاضة الكردية شمال العراق.
وكان هيّنا على نظام صدام الاستبدادي الذي استخدم رقابة شديدة لوسائل الاعلام، ان يمنع اخبار حلبجة من الانتشار، الامر الذي ادى الى ان قلة من الناس في قرية المنقوبة سمعت بالكارثة الكيماوية في المدينة الكردية.
كما عبّر عرب في محافظة كركوك عن عدم ثقتهم باحداث حلبجة، رغم ان العرب والكرد والتركمان يسكنون جنبا الى جنب في المنطقة. وقبل الاستيلاء على وثائق امنية عراقية اثناء الانتفاضة الكردية عام 1991، كان عدد كبير من الكرد أنفسهم لم يسمعوا شيئا عما جرى في حلبجة او لم يطّلعوا على التفاصيل.
نافع محمد صالح البالغ 42 عاما من العمر واخوه البالغ 40 عاما، كانا جندييْن في الجيش العراقي اثناء الحرب ضد ايران في عقد الثمانينات. عادل الذي كان يخدم في بنجويْن قرب حلبجة قال انهما سمعا بوقوع هجوم كيماوي دون ان يعرفا المكان الدقيق - في الشمال او الجنوب او الوسط. وذكر عادل مشاهدة شريط فيديو عرضه عليه اصدقاؤه الكرد يُظهِر نساء واطفالا موتى يرقدون في شوارع المدينة. لكن نافع اعترف، وهو يلعب بحبات مسبحته، بانه لا يعرف حتى الآن اذا كان الفلم حقيقيا، مضيفا ان الناس تتكلم، لكنهما لم يسمعا ذلك من الذين شاهدوا الفلم. وتابع عادل انه ما زال يشكّ في الامر.
الوكالة ذكرت ان قوات البيشمركه التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني، والمدعومة من قبل الحرس الثوري الايراني، استولت على حلبجة في 15 آذار عام 1988. وفي اليوم الثاني، اسقطت طائرات عراقية من طراز MiG وMirage قنابل على المدينة غطتها برائحة منفرة. وقُتل 5,000 شخص في غضون ساعات معدودة.
وكان الفريق علي حسن المجيد الذي أُطلق عليه فيما بعد لقب علي الكيماوي، وهو ابن عم لصدام حسين، قد امر بتنفيذ الهجوم. يُذكر ان المجيد قُتل اثناء قصف لطائرات التحالف على البصرة في وقت سابق من هذا الشهر.
وجمعت الامم المتحدة ومنظمات لحقوق الانسان معلومات كثيرة عن الهجوم على حلبجة، بما في ذلك افادات شهودُ عيان، ووثائق عسكرية عراقية. الا ان نظام صدام كان ينفي دوره في تنفيذ الهجوم، قائلا ان ايران هي التي استخدمت الغاز في المدينة.
وسيم محمد الحمداني البالغ 33 عاما من العمر قال انه سمع باحداث حلبجة قبل شهرين فقط من كرد حدّثوه عن تعرضهم للقصف الكيماوي. الحمداني صدق ذلك لان الرجل الذي نقل له الخبر كان مسلما، والمسلمون لا يكذبون، في رأيه. الا ان سالم محمد الحمداني عاد وقال انه لا يصدق وقوع الهجوم على حلبجة التي زارها أخيرا.
--- فاصل ---
لكن قبل الدخول في التفاصيل اليكم تقريرا من مراسلنا في الموصل (احمد سعيد) يتناول معلومات عن توقعات في المدينة بقيام موالين لصدام حسين بالاحتفال بعيد ميلاده غدا.
(تقرير الموصل)
--- فاصل ---
وكالة فرانس بريس ذكرت ان 25 مليون عراقي أُجبروا على الاحتفال بعيد ميلاد صدام العام الماضي شاءوا او ابوا، مشيرة الى ان هذه الذكرى سيُحتفل بها هذا العام بابسط ما يمكن.
صدام الذي كانت عبادة شخصيته بلغت ذروتها في السابق وكانت كوريا الشمالية فقط تباري العراق في عبادة القادة، بات الآن مطلوبا من العدالة، وقصوره التي كانت رمزا لسيطرته على العراق، دُمرت او ترابط فيها قوات اميركية. كما أُطيح كثير من تماثيله العديدة ومُزقت صوره، في اطار ازالة آثارَ حكمه الذي استغرق 24 عاما.
لكن الأمر كان مختلفا تماما اثناء الاحتفال بعيد ميلاده الـ65 العام الماضي. فقد كانت شوارع بغداد وتكريت مكتظة بالسيارات وشارك ضيوف عراقيون واجانب كبار في المراسم اكراما للقائد. واضطُرّ العراقيون الى حضور اجتماعات، مصفقين لخطابات دعائية، وذلك تحت اسماع وابصار الشرطة وجهاز الامن وعملاء حزب البعث.
وحاول النظام السابق جعل الاحتفالات بعيد ميلاد صدام ملحوظة العام الماضي، مقيما حفلات زفاف جماعية، خصوصا في فندق الرشيد ببغداد.
واصبح عيد ميلاده يُحتفل به على نطاق وطني بعد حرب الخليج عام 1991 والقمع القاسي للانتفاضات ضد حزب البعث التي اعقبت هذه الحرب. وشارك مئات من ضيوف الشرف العرب في الاحتفالات، الى جانب العراقيين.
ويقول وائل عدنان الذي عمل في وزارة الاعلام ان العراقيين احتفلوا بعيد ميلاد صدام في 28 نيسان والخوف يأكل بطونهم، على حد تعبيره. مئات الاطفال أُجبروا على حفظ رقصات واغانٍ تمدّح صدام وسيقوا الى احد قصوره العديدة لادائها، بينما ينظر اليهم هو نظرة معتدّة بالنفس.
بغداد لا تخلو من الشعور بالخوف حتى الآن، فهي تعج بشائعات غير معقولة تماما عن عودة صدام. وتقول احدى هذه الشائعات ان صدام ينتظر ريثما يحل عيد ميلاده ليظهر كي يجدد معاقبة الذين تجرأوا على تحديه.
وقال احد سكان منطقة الطلائع في بغداد انه ينوي الاحتفال بعيد 28 نيسان، لكن بطريقة مختلفة. هذا العراقي اوضح انه يريد اقامة حفلة كبيرة، مطلقا في الهواء جميع الطلقات النارية التي يملكها. ويزيل سكان محليون الخراب قرب مطعم تعرّض لقصف التحالف أُفيد بان صدام شوهد قربه قبيل اختفائه عن الانظار. وقالت امرأة ان صدام ليس على قيد الحياة، ولن تُحتفل باعياد ميلاده لاحقا، مضيفة في الوقت نفسه ان اناسا كثيرين ما زالوا يخافون من عودته.
لكن جنديا يقف قرب احد قصور صدام الذي ترابط فيه الآن قوات اميركية، تساءل بسخرية بعدما قيل له ان الرئيس العراقي المخلوع سيقيم عيد ميلاده - كم شمعة سيُشعل هذه المرة؟
--- فاصل ---
في تحقيق آخر من العراق أفادت وكالة اسوشييتيد بريس من قرية المنقوبة الواقعة في محافظة نينوى على بعد 249 كيلومترا غرب حلبجة ان عربا كثيرين من سكان القرية لم يكونوا على دراية بان حلبجة تعرضت لقصف كيماوي في آذار عام 1988 قُتل فيه آلاف الكرد. بعض العرب الذين سمعوا شائعات عما حصل في حلبجة قالوا انهم لم يصدقوها. ويبقى البعض الآخر غير واثق حتى الآن.
الوكالة وصفت الهجوم الكيماوي على الكرد بانه من ابشع امثلة قساوة صدام على الشعب العراقي. واشار الرئيس الاميركي جورج بوش الى ان ذلك يدلّ على رغبة صدام وقدرته على استخدام اسلحة الدمار الشامل، الامر الذي كان مبررا للحرب التي ادت الى اطاحته.
ويُبرِز الهجوم تجارب مختلفة مر بها العرب والكرد، حسبما جاء في التقرير الذي اضاف ان حكومة عراقية جديدة قد تفشل اذا تدهورت العلاقات بين الفئتين العرقيتين.
يُذكر ان حوالي 5,000 كردي لقوا مصرعهم في حلبجة التي تقع قرب الحدود الايرانية، عندما استخدم الجيش العراقي غاز الخردل وغيره من الغازات السامة في اطار حملة غاية في القساوة من اجل قمع الانتفاضة الكردية شمال العراق.
وكان هيّنا على نظام صدام الاستبدادي الذي استخدم رقابة شديدة لوسائل الاعلام، ان يمنع اخبار حلبجة من الانتشار، الامر الذي ادى الى ان قلة من الناس في قرية المنقوبة سمعت بالكارثة الكيماوية في المدينة الكردية.
كما عبّر عرب في محافظة كركوك عن عدم ثقتهم باحداث حلبجة، رغم ان العرب والكرد والتركمان يسكنون جنبا الى جنب في المنطقة. وقبل الاستيلاء على وثائق امنية عراقية اثناء الانتفاضة الكردية عام 1991، كان عدد كبير من الكرد أنفسهم لم يسمعوا شيئا عما جرى في حلبجة او لم يطّلعوا على التفاصيل.
نافع محمد صالح البالغ 42 عاما من العمر واخوه البالغ 40 عاما، كانا جندييْن في الجيش العراقي اثناء الحرب ضد ايران في عقد الثمانينات. عادل الذي كان يخدم في بنجويْن قرب حلبجة قال انهما سمعا بوقوع هجوم كيماوي دون ان يعرفا المكان الدقيق - في الشمال او الجنوب او الوسط. وذكر عادل مشاهدة شريط فيديو عرضه عليه اصدقاؤه الكرد يُظهِر نساء واطفالا موتى يرقدون في شوارع المدينة. لكن نافع اعترف، وهو يلعب بحبات مسبحته، بانه لا يعرف حتى الآن اذا كان الفلم حقيقيا، مضيفا ان الناس تتكلم، لكنهما لم يسمعا ذلك من الذين شاهدوا الفلم. وتابع عادل انه ما زال يشكّ في الامر.
الوكالة ذكرت ان قوات البيشمركه التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني، والمدعومة من قبل الحرس الثوري الايراني، استولت على حلبجة في 15 آذار عام 1988. وفي اليوم الثاني، اسقطت طائرات عراقية من طراز MiG وMirage قنابل على المدينة غطتها برائحة منفرة. وقُتل 5,000 شخص في غضون ساعات معدودة.
وكان الفريق علي حسن المجيد الذي أُطلق عليه فيما بعد لقب علي الكيماوي، وهو ابن عم لصدام حسين، قد امر بتنفيذ الهجوم. يُذكر ان المجيد قُتل اثناء قصف لطائرات التحالف على البصرة في وقت سابق من هذا الشهر.
وجمعت الامم المتحدة ومنظمات لحقوق الانسان معلومات كثيرة عن الهجوم على حلبجة، بما في ذلك افادات شهودُ عيان، ووثائق عسكرية عراقية. الا ان نظام صدام كان ينفي دوره في تنفيذ الهجوم، قائلا ان ايران هي التي استخدمت الغاز في المدينة.
وسيم محمد الحمداني البالغ 33 عاما من العمر قال انه سمع باحداث حلبجة قبل شهرين فقط من كرد حدّثوه عن تعرضهم للقصف الكيماوي. الحمداني صدق ذلك لان الرجل الذي نقل له الخبر كان مسلما، والمسلمون لا يكذبون، في رأيه. الا ان سالم محمد الحمداني عاد وقال انه لا يصدق وقوع الهجوم على حلبجة التي زارها أخيرا.