روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: سياسة الرئيس بوش الصارمة تجاه العراق


أعد قسم الأخبار والتحليلات في إذاعة أوروبا الحرة تقريراً يتناول رأي محللين سياسيين حول سياسة الرئيس بوش الصارمة تجاه العراق التي أدت إلى حدوث انقسامات في مواقف الدول الأوروبية بين مؤيد ومعارض لها. (ولاء صادق) تقدم عرضاً لهذا التقرير.

أثار موقف الرئيس الاميركي الصارم ازاء العراق معارضة شديدة من لدن حلفاء تقليديين مثل فرنسا والمانيا. الا ان هذ الانتقادات لا تستهدف سياسة الرئيس بوش ازاء العراق قدر ما تستهدف اسلوبه في التعامل معها وهو اسلوب يعتبره البعض انفراديا. عن هذا الموضوع كتب لنا مراسل اذاعة اوربا الحرة اذاعة الحرية أندرو ايف تولي التقرير التالي وعرض لنا فيه أراء اثنين من المحللين عن هذا الامر.

يقول المحللون إن اعدى اعداء الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش ربما يكون هو نفسه قدر تعلق الامر بمحاولة الحصول على دعم الحلفاء الاوربيين لسياسته ازاء العراق.

ولاحظ محللون اجرت اذاعة اوربا الحرة اذاعة الحرية مقابلات معهم أن تصرفات الرئيس بوش خلال الايام الاولى من حكمه وطريقته في التعامل اثارت غضبا وشعورا بالاحباط في الخارج ولا سيما بين حلفاء الولايات المتحدة التقليديين.

ويشير المحللون هنا الى تخلي الرئيس بوش عن معاهدة كيوتو الخاصة بارتفاع درجات الحرارة وقرارِه بعدم التصديق على اتفاق يتعلق باسس محكمة جنائية دولية ومتابعتِه انشاء نظام للدفاع الصاروخي ثم انسحابِه من اتفاقية الصواريخ البالستية مع روسيا.

ثم جاءت تصريحات ادلى بها مسؤولون في ادارة الرئيس بوش، بدت وكانها تعزز هذا الشعور بأن الرئيس بوش ينتهج سياسة انفرادية. ففي يوم الاربعاء اتهم وزير الخارجية الاميركي كولن باول الدول التي تود تأجيل خطط الحرب بكونها دولا تشعر بالخوف، حسب تعبيره، من تحمل مسؤولية حرب محتملة. أما وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد فقد قلل على الدوام من اهمية مصادر القلق الاوربية ونفى وجود اختلافات بين اوربا والولايات المتحدة واعتبر ان الامر انما يتعلق بانقسام داخل اوربا نفسها بين مؤيد ومعارض للرئيس بوش ازاء العراق.

ومن اهم الدول الاوربية التي لا تقف الى جانب الرئيس بوش هي المانيا وفرنسا. الا ان المحللين يقولون إن المشاعر السلبية ازاء الرئيس الاميركي تزداد عمقا لا لدى القادة الاوربيين فحسب بل لدى سكان اوربا بشكل عام. وهم يقولون ايضا إن الاوربيين يشعرون بان الرئيس بوش قد ادار ظهره لهم قدر تعلق الامر باتفاق كيوتو وبالمحكمة الجنائية الدولية وبالسيطرة على الاسلحة الستراتيجية.

هذا وقد جاءت هذه المشاعر لتضاف الى تردد اوربا في السير الى الحرب مع العراق حسب قول توماس كاروثرز المتخصص في الشؤون الدولية في معهد كارنيجي للسلام الدولي وهو مركز للبحوث السياسية في واشنطن. وقال كاروثرز:
" اعتقد ان هناك حالة من الغضب المتراكم ومن الشعور بالاحباط بسبب طريقة تعامل الولايات المتحدة الاساسية مع الشؤون الدولية. وقد ظهر ذلك في شكل رفض لسياسة الرئيس بوش ازاء العراق. ولكن، ومن جهة اخرى، لو كانت الناس تؤمن بقضية العراق وبتجريده من الاسلحة، لوقفت الى جانب المسؤولين الاميركيين ولما منعتهم بقية الاحداث والمشاكل السابقة من فعل ذلك. الا ان ما حدث هو ان عدم ايمانهم العميق بهذه القضية جاء كي يضاف الى خزين من شعور متراكم بالاحباط ".

أما جستن فيس وهو استاذ زائر من فرنسا، متخصص في شؤون الدفاع في معهد بروكنجز وهي مؤسسة فكرية اخرى في واشنطن، فقال إن الاوربيين منزعجون من تخلي الولايات المتحدة عن الاتفاقات الدولية ويشعرون بان الرئيس بوش يهتم، كما يبدو، بما ينفع الاميركيين بالدرجة الاساس، على حساب شعوب الدول الاخرى. ثم تابع بالقول:
" تتعلق المشكلة بالطريقة التي تخلت بها الولايات المتحدة عن معاهدات مثل اتفاق كيوتو والمحكمة الجنائية الدولية، اكثر مما تتعلق بعملية التخلي نفسها. وكان سبب التخلي عن اتفاق كيوتو، وكما قال الرئيس بوش نفسه، هو ان مصالح الشعب الاميركي يجب ان تاتي في الصدارة. وذلك امر مفهوم، عدا ان مشكلة ارتفاع درجات الحرارة في العالم هي مشكلة تخص الجميع. وانت عندما تقدم امورا بهذه الطريقة فلا يمكنك ان تتوقع من حلفائك، موقفا مؤيدا لدبلوماسيتك الدولية ".

وقال فيس أيضا إن احدى المشاكل التي يواجهها الرئيس بوش هي ان الاوربيين اعتادوا حتى الان على رؤساء اميركيين يتعاملون بطريقة مختلفة على صعيد السياسة الخارجية. ومنهم الرئيس الاسبق بل كلنتون الذي طالما سعى الى معرفة طريقة تفكير الاوربيين، حسب قول فيس.

اما الرئيس جورج بوش الاب الذي كان رئيسا للولايات المتحدة بين عامي 1989 و 1993 فقد انجز مهمة عظيمة، حسب قول فيس، عندما عمل مع القادة الاوربيين ومع قادة الشرق الاوسط وآسيا، بشكل وثيق، بغية انشاء تحالف قوي لاخراج القوات العراقية من الكويت في عام 1991.

وقال فيس إن الرئيس الحالي بوش لا يشبه والده ولا يشبه كلنتون. ثم اضاف:
" يبدو الامر مختلفا مع الرئيس جورج بوش الحالي. فهو لا يفضل على ما يبدو هذه الدبلوماسية كثيرا، ويعتمد على المكالمات الهاتفية وعلى الدبلوماسية عن بعد. وذلك اسلوب مختلف لا يساعد بالتأكيد في تفهم الناس احدهم الاخر ".

ومما يؤكد ذلك هو صعوبة الحصول على دعم اوربا للحرب لا سيما في دول مثل المانيا التي يعرف شعبها فظائع الحرب معرفة جيدة.

الا ان المدافعين عن الرئيس بوش يقولون ان التاريخ ملئ بنماذج اتخذ فيها القادة قرارات لم تتمتع بدعم شعبي ثم ما لبثت الاحداث ان اثبتت صحتها.

ومع ذلك يعتقد كاروثرز إن الرئيس بوش يعقد الوضع باسلوبه الشخصي ويعطي الانطباع بانه لا يصغي لما يقوله القادة الاخرون. وقال:
" هناك انطباع بان الرئيس بوش اتخذ قرارا معينا وانه لا يتشاور مع الاخرين حقا بل يحدث الحلفاء ويبلغهم بما يريد فعله. يحتاج الرئيس الى بعض الوقت كي يقول لهم انه يصغى اليهم وانه فكر بعمق بما قالوه الا ان هناك اسبابا تدفعه الى فعل ما يريد فعله. الا انه لا يعطي الانطباع بانه يصغي اليهم ".

ومما يذكر هنا ان الرئيس بوش وكبار مساعديه كانوا قد اعلنوا ان الوقت بدأ ينفد بالنسبة للرئيس العراقي صدام حسين وتخليه عن اسلحته كي لا يتعرض الى ضربة عسكرية. وقالوا ايضا ان الولايات المتحدة مستعدة لمهاجمة العراق سواء بتخويل من الامم المتحدة ام بدونه، رغم اعلانهم انهم يفضلون التحرك بدعم من الامم المتحدة.

ولكن ولغرض الحصول على دعم الامم المتحدة سيكون على الرئيس بوش ان يقنع فرنسا وروسيا في الاقل بوجود تبرير لشن الحرب وذلك لان لهذين البلدين حقَ استخدام النقض او الفيتو في مجلس الامن ضد اي مشروع قرار من شأنه ان يخول باستخدام القوة ضد العراق.

وهنا يتفق كل من كاروثرز وفيس على أنه سيكون على الرئيس بوش أن يغير من تكتيكاته الى حد بعيد كي يغير من رأي فرنسا. ويقترح فيس ان يفعل الرئيس بوش شيئا ما لتغيير الفكرة القائلة بانه يسعى الى استخدام قوة اميركا العسكرية بدلا من تأثيرها الدبلوماسي الكبير في وقت أصبح فيه صدام يمثل خطرا اقل بسبب الرقابة التي يفرضها العالم عليه.

وبينما يعتبر العديد بان ادارة الرئيس بوش بعيدة عن الدبلوماسية في التعامل مع صدام الا ان واشنطن لم تكن وحدها التي تعرضت الى الانتقاد بسبب تصريحاتها المنفعلة.

ففي يوم الاحد الماضي انتقد الرئيس الفرنسي جاك شيراك دول شرق ووسط اوربا، المرشحة لعضوية الاتحاد الاوربي، والتي أيدت بشكل معلن سياسة الرئيس بوش ازاء العراق. إذ اتهم شيراك هذه الدول بالتصرف بشكل طفولي وغير مسؤول وقال إنها فوتت على نفسها فرصة التزام الصمت.

على صلة

XS
SM
MD
LG