روابط للدخول

خبر عاجل

أساليب المراوغة والخداع للنظام العراقي بشأن برامجه التسلحية


نشرت صحيفة أميركية تحليلاتً عن أساليب النظام العراقي في ممارسة المراوغة والخداع بشأن تطوير برامج أسلحته للدمار الشامل. العرض التالي لهذا التحليل أعده ويقدمه (جهاد عبد الكريم).

مستمعي الأعزاء طابت أوقاتكم...
نشرت صحيفة شيكاغو تربيون الأميركية في عددها الصادر اليوم تحليلاً بعنوان (سلاحان قويان لدى العراق هما الإنكار والخداع)، كتبه Stephen Hadley الذي يشغل منصب نائب مستشارة إدارة بوش لشؤون الأمن القومي يقول فيه ان وكالات المخابرات الغربية توقعت بعد الحرب العالمية الثانية ان الإتحاد السوفيتي كان سيمتلك أسلحة نووية في منتصف عقد الخمسينات، لكن السوفيت تمكنوا من تفجير قنبلة نووية في عام 1949، وكان العالم يعتقد انه يعرف الحدود التي تتحرك فيها كوريا الشمالية في مساعيها النووية حتى إكتشفت المخابرات الأميركية برنامجاً خفياً لتخصيب اليورانيوم.
ويشير الكاتب الى ان سجل الخداع العراقي لايجارى، فنظام بغداد كان منكباً على تطوير أسلحة نووية لفترة تمتد الى خمس وعشرين سنة في أقل تقدير، ويعتمد هذا التطوير على إستخدام تقنيات من الصعب إكتشافها ومن السهل إخفاؤها حتى في حال وجود نظام تفتيش مستمر...فبصرف النظر عن عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية كل ستة شهور، إستطاع صدام حسين إبتداءاً من عام 1972 الحفاظ على برنامج سري وشامل للأسلحة النووية كلّف بلايين عديدة من الدولارات.
ويلفت الكاتب الى ان العالم سمع عن برنامج العراق التسليحي بعد نهاية حرب الخليج، ولولا ذلك لكان العراق قد أكمل حيازة سلاح نووي في عام ثلاثة وتسعين، أي قبل سنوات عديدة من أغلب التقديرات... ويتساءل هادلي؛ كيف إستطاع العراق إخفاء مثل هذا البرنامج على نحو فعال؟

--- فاصل ---

يشير التحليل الى ان ديفيد كي المفتش السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية قام بتوضيح الطرق التي يتبعها النظام العراقي في الإخفاء، فمن أجل الحصول على المواد الأساسية التي كذب مسؤولو النظام بشأنها ورفضوا الإفصاح عن الغرض من إستخدامها، لجأوا الى إنشاء شركات تكون بمثابة الواجهة لشراء المعدات المحظورة، وقام أشخاص عراقيون يتخذون دور مستثمرين بالتسلل الى شركات أجنبية مجازة قانوناً وذلك من أجل إستخدامها كواجهات في عمليات شراء محرمة.
ويذكر الكاتب ان مسؤولي النظام كانوا يتحكمون بتحديد من من موظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يسمح لهم بتنفيذ عمليات التفتيش داخل العراق، فقد كانوا يسمحون للمفتشين الزائرين بالدخول الى مساحات صغيرة من المواقع الرئيسة... فعلى سبيل المثال تمكن مفتشو الوكالة من زيارة ثلاث بنايات من مجموع ما يقرب من مئة بناية في موقع منشأة التويثة التي كانت معقلاً لنشاط العراق النووي الشرعي والعديد من فعاليات البرنامج السري للأسلحة على حد سواء، أما بعض المنشآت المحظورة فقد كان يتم إخفاؤها ببنايات تبدو وكأن فيها إستخدامات شرعية، فيما كانت بعض المعدات تنقل بإستمرار من مكان الى آخر.
ويشير التحليل الى ان الوكالة أصبحت واعية لعمليات الخداع التي يمارسها النظام العراقي، إلا انها لم تتمكن من التغلب عليها، وقد قام هانز بلكس الذي كان يرأس الوكالة آنذاك بتلخيص هذه النشاطات وعرضها أمام مجلس الأمن الدولي في شهر آذار من عام 1992، إذ قال ان العراق غالباً ما كان يتبع نموذجاً من إنكار نشاطات خفية، حتى يتم العثور على دليل حاسم، لتتبع ذلك عمليات تعاون الى أن يتم الكشف عن قضية إخفاء ثانية، ففي حالات عديدة كان إنكار النشاطات مصحوباً بإخفاء وخداع فعّالين.

--- فاصل ---

ويشير الكاتب الى ان تقييم بلكس هذا كان قد اثبت صحته مرة ثانية في 1995، أي بعد مرور أربع سنوات على عمليات التفتيش تقريباً، فقد ورد في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى مجلس الأمن الدولي ان المكونات الأساسية للبرنامج النووي السري السابق العراقي قد تم تعريفها، وان مديات البرنامج السابق قد تم فهمها جيداً.
ويتابع هادلي قائلاً بعد بضعة شهور، وبسبب ما قدمه المنشق حسين كامل الذي كان يدير برامج أسلحة الدمار الشامل العراقية من معلومات، إعترف النظام انه كان يمارس عمليات الغش والخداع في تعهداته بعدم الإنتشار النووي، الأمر الذي أدى الى إكتشاف يفيد ان العراق كان جاهزاً في شهر كانون ثاني من عام واحد وتسعين للبدء في إستعادة اليورانيوم عالي التخصيب من وقود مفاعله المخصص للأبحاث والذي كان مصاناً حسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية... أنها حرب الخليج وحدها وما أسفر عنها من عمليات قصف للموقع فهي التي إستطاعت أن توقف العراقيين عن إستخراج اليورانيوم اللازم لتصنيع سلاح نووي.
ويلفت الكاتب الى وجوب توخي الحذر في تقييمنا لوضع برنامج العراق النووي، وبخاصة إذا أخذنا بنظر الإعتبار نجاح العراق في إخفاء برامج أسلحته النووية، وصعوبة إكتشاف ما لايريد النظام أن يتم العثور عليه.... وبوجود علماء نووين مدربين وتصاميم خاصة بالأسلحة، فان كل ما يحتاجه صدام حسين هو البلوتونيوم أو اليورانيوم المخصب، وان لدى العراق برنامجه الخاص، وأنه سعى، حسب ما أوردته المخابرات البريطانية، للحصول على اليورانيوم الطبيعي من الخارج، كما انه مازال يسعى لإستيراد وتطوير مغانط خاصة ومكائن توازن عالية السرعة وأجهزة ومعدات أخرى تلزم لبناء أجهزة طرد مركزي يمكنها إنتاج اليورانيوم المخصّب... وقد حاول العراق مؤخراً، عن طريق شركات الواجهة إستيراد أنابيب ألمنيوم شديدة المقاومة وبمعدل قدرة إحتمال يلائم أجهزة الطرد المركزي، هذا المعدل الذي يتجاوز متطلبات الأسلحة التقليدية.

--- فاصل ---

هادلي يرى ان النظام في العراق يتصرف كما لو انه قام بإخفاء شيء ٍما، وإنه يبقي لنفسه معلومات حاسمة عن برامجه النووية، فبدلاً من تسليم وثائق رئيسة، يقوم أولاً بإنكار الإعتراف بوجود مثل تلك الوثائق، وعندما تتم مواجهته بدليل لايدحض، وتسليط ضغط دولي متزايد عليه، يبدأ النظام بكشف الوثائق على أجزاء متفرّقة، وقد عثر المفتشون مؤخراً على مخبأ سري يضم مثل تلك الوثائق في بيت خاص، فيما يستمر في تخويفه العلماء من مغبة موافقتهم على إجراء مقابلات على إنفراد.
ويختم ستيفن هادلي تحليله بالقول ان جميع هذه الحقائق تؤشر مسعى مؤكداً طويل المدى لتطوير أسلحة نووية تهدد المجتمع الدولي، فهذا النظام قام بخداع المفتشين في السابق، وإحتال على العقوبات الإقتصادية المفروضة عليه، وان طموحاته النووية لايمكن إحتواؤها... ولأننا لانستطيع إقتفاء أثر تقدم العراق بدقة، فهذا يجب ألا يكون سبباً للطمأنينة بل مبرراً للإنذار بالخطر، وان ما لا نعرفه حقاً قد يسبب لنا أذى كبيراً.

على صلة

XS
SM
MD
LG