روابط للدخول

خبر عاجل

عرض لدراسة بعنوان: هل يوجد سبيل أفضل للتحرك؟


أصدر معهد Carnegie للسلام الدولي دراسة بعنوان (هل يوجد سبيل أفضل للتحرك؟)، أعدتها رئيسة المعهد Jessica Tuchman Mathews تعتبر فيها أن السؤال الذي ظل عالقاً في الأذهان بعد أنتها وزير الخارجية الأمريكي Colin Powell من تقديم عرضه عن الأزمة العراقية أمام مجلس الأمن، هو: ما هي الخطوة التالية؟ و تعتبر الباحثة - بالاستناد إلى الشرح الذي قدمه Powell عن المشكلة القائمة مع العراق - أن الحرب الفورية ليست الرد الوحيد على هذا التساؤل. ونقدم لكم في ما يلي، مستمعينا الأعزاء، مراجعة لما ورد في الدراسة، وذلك ضمن حلقة هذا الأسبوع من برنامج (العراق في دور الفكر و النشر).

تعتبر الباحثة في دراستها أن Powell كان محقاً في عدم جعل قضيته تستند إلى كون العراق يشكل تهديداً وشيكاً أو فورياً، بل ركز بدلاً من ذلك على الأدلة الكثيرة المشيرة إلى أن الرئيس العراقي صدام حسين مصمم على امتلاك أسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية، وأنه منهمك في جهود نشطة تهدف إلى خداع وتحاشي وعرقلة عمليات التفتيش الدولية.

وتعتبر الدراسة أن الجميع يعلم منذ زمن طويل أن صدام حسين لن يتخلى عن أسلحته للدمار الشامل إلا في حال اقتناعه بأن البديل الوحيد يتمثل في القضاء المؤكد عليه وعلى نظامه.
غير أن بغداد - كما وضح Powell، استناداً إلى الدراسة - لم تتلق مثل هذه الإشارة بعد، وأن ذلك يعود جزئياً إلى عدم إرسالها من قبل مجلس الأمن.
فالأعداد الهائلة من القوات الأمريكية في المنطقة واللهجة العدائية الصادرة عن واشنطن لن تنجحان في تحقيق هذه الغاية بمفردهما لأن صدام حسين على يقين من أن الولايات المتحدة راغبة في كسب التأييد الدولي لتحركها ضده.

--- فاصل ---

أما عبقرية الاستراتيجية الأمريكية فتتمثل - بحسب الدراسة - في جعل دول أخرى تستعد للمشاركة في معالجة موضوع أسلحة الدمار الشامل العراقية، وذلك من خلال التأكيد بأن الولايات المتحدة مستعدة للتحرك بمفردها.
وليس غائباً عن الدول الأخرى - خصوصاً القوى الكبرى التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن - أن الضرر الذي سيلحق بالأمم المتحدة في حال انفراد أمريكا في التحرك لن يخدم المصالح الأمريكية. غير أن هذه الدول تعرف أيضاً أن ما ستفقده من قوة ونفوذ سيكون أكبر من ذلك بكثير.
وتشير الباحثة إلى أن Powell وضع باقي أعضاء المجلس أمام هذه المعضلة حين أكد بأن العراق أظهر استهانته بهيبة المجلس من خلال تصرفاته، مؤكداً بأن مضي العراق في مثل هذا التصرف سيحوّل مجلس الأمن إلى هيئة لا تلعب سوى دورا هامشيا في معالجة شؤون العالم.
وتشير الدراسة إلى أن الولايات المتحدة قادرة على تكوين تحالف واسع لخوض الحرب، إلا أنه سيكون تحالفا من الدول المكرهة، وتنبه إلى أن بعض هذه الدول ستتردد في الموافقة مستقبلا على طلبات الولايات المتحدة للمساعدة في الحرب ضد الإرهاب. أما تكاليف الحرب الهائلة فلن يشارك في تحملها سوى عدد قليل منها.

--- فاصل ---

ولكن – تتساءل الباحثة – إن كانت الحرب لا تمثل السبيل الأمثل، فهل ثمة بديل كفيل بجذب تأييد دولي حقيقي، وبنزع أسلحة صدام حسين بفعالية عالية؟ أما الإجابة – بحسب الدراسة – فهي نعم، وتوضح أن البديل يتمثل في عمليات تفتيش إجبارية واقتحامية حقا. صحيح – تقول Mathews – أن ما من مبرر للجزم بأن مثل هذه الخطة ستنجح بدرجة تفوق نجاح سابقاتها، كما ليس في الإمكان التنبؤ بنتائج الحرب. ولكن التوضيح بأن صدام حسين يقوم فعلا بتحدي الأمم المتحدة وبأن هذا الوضع لا يمكن للولايات المتحدة أن تستمر في قبوله، فلقد جعل من كلمة Powell مفتاحا لإيجاد الحيز السياسي اللازم للانتقال إلى نظام تفتيش يكون أشد صرامة من النظام المعمول به الآن.
وتوضح الكاتبة بأن هذا التوجه لا يهدف إلى تفادي الحرب بأي ثمن، بل يهدف إلى نزع أسلحة العراق، وهو هدف يمكن تحقيقه من خلال عمليات تفتيش بالغة الصرامة والشدة تدعمها قوة عسكرية دولية.

--- فاصل ---

أما الخطوات الواجب اتخاذها لتنفيذ هذا التوجه فتعرضها الباحثة ابتداء من الأسهل وانتقالا إلى الأصعب، وهي:
1 – اختيار الأشخاص المناسبين للعمل الميداني، إذ يتطلب القرار 1441 اختيار المفتشين من بين أكثر المرشحين خبرة ومهارة، وهذا يعني – بحسب الدراسة – جعل الأمم المتحدة تفضل المهارات التقنية على متطلباتها المألوفة المعنية بالانتقاء الجغرافي المتوازن، وهو ما لم يؤخذ في الاعتبار لحد الآن. كما تعني عبارات القرار أنه لا بد من تعيين كلا من يمكن تعيينه من المفتشين السابقين، فهم يتميزون عن غيرهم في الخبرة في هذا المجال. أما الحقيقة – بحسب الدراسة – فهي أن خبراء لجنة UNSCOM السابقة – من أصحاب الخبرة الميدانية في العراق، والخبرة في الاستجواب، والخبرة في التعامل مع المخادعة العراقية، لا يشتركون اليوم في أعمال التفتيش، لمجرد رفض بغداد عودتهم إلى العراق.

2 – فرض مناطق حظر جوي وبري. ويمكن فرض هذه المناطق – التي سيتم تحديد معظمها من قبل المفتشين – من خلال تعزيز القوة الجوية المكلفة حاليا بفرض منطقتي الحظر الجوي في الشمال والجنوب، مع إضافة طائرات وطيارين من دول غير الولايات المتحدة وبريطانيا إليها، ليتسنى للدول المعارضة للحرب إظهار التزامها بنزع أسلحة صدام حسين.

--- فاصل ---

ومن بين الخطوات الأخرى التي تعتبرها الكاتبة ضرورية لإنجاح تفتيش اقتحامي حقيقي..

3 – تدمير أي موقع تقوم السلطات العراقية بتطهيره بهدف تمويه المفتشين، إذ لا بد من اعتبار إزالة أية مواد من أي موقع أو إجراء تعديلات عليه، دليلا على وجود نشاطات محظورة فيه. أما عملية التدمير فيمكن تنفيذها من قبل المفتشين أنفسهم أو من خلال اللجوء إلى ضربة جوية تنفذها طائرات التحالف.

4 – منع تهريب أية مواد فتاكة إلى مخابئ جديدة مجهولة. فإذا وجد المفتشون أن مواد فتاكة – مثل رؤوس حربية أو مختبر بيولوجي متنقل – يتم نقلها مع عدم قدرتهم على منع عملية النقل بأنفسهم، فلا بد من تخويل المفتشين بطلب توجيه ضربة جوية لهذه المواد أو المختبرات قبل اختفائها.

5 – وضع قوات برية على الأرض. ففي حال ارتأى المفتشون المزودين بمثل هذه الصلاحيات الجديدة أنهم بحاجة إلى المزيد من الدعم البري ليتسنى لهم تنفيذ مهامهم في مناطق بعيدة عن بغداد، على الأمم المتحدة أن تنشئ قواعد عسكرية تابعة لها في مختلف أرجاء العراق.

ومن أجل التعرف على وجهة نظرية عراقية حول هذه التوصيات، اتصلنا بالعميد توفيق الياسري، الضابط العراقي المنشق المقيم حاليا في بريطانيا، وطلبنا منه التعليق عليها، فأجابنا بقوله:

(تعليق الياسري)

--- فاصل ---

أما عن الفترة التي ستستغرقها عمليات التفتيش الاقتحامية المشددة، فتقول الباحثة إن الأمر يعود إلى مدى الصرامة في تطبيق وتنفيذ هذه القواعد الجديدة، والسرعة التي يقتنع فيها صدام حسين بأن النهاية السليمة الوحيدة تتمثل في تخلصه من أسلحته، كما سيتطلب النجاح تأييدا مطلقا من مجلس الأمن.
وتتابع Mathews أن العالم ظل متمسكا بنمطي التفتيش والاحتواء طيلة 12 عاما، وهذا ما يجعل من الصبر الصارم مدة 12 شهرا إضافية ثمنا معقولا لدى مقارنته بالأثمان الإنسانية والسياسية والاقتصادية الباهظة الناتجة عن أية حرب.
أما المنفعة الكبرى التي لا يمكن للحرب أن تحققها في حال نجاح التفتيش، فتتمثل في الرسالة الموجهة للجميع بأن العالم مصر ومصمم على منع انتشار أسلحة الدمار الشامل.

على صلة

XS
SM
MD
LG