روابط للدخول

خبر عاجل

لقاء مع ريتشارد بتلر حول قضية العراق والحرب المحتملة ضده


الرئيس السابق للجنة الأمم المتحدة الخاصة بالعراق (ريتشارد بتلر) يعمل اليوم دبلوماسياً مقيما لدى مجلس العلاقات الخارجية، وهو أحد دور الفكر المتخصصة في واشنطن، ولقد أجرى المجلس لقاءا معه في الحادي والعشرين من الشهر الجاري تناول فيه قضية العراق والحرب المحتملة ضده. ونقدم لكم فيما يلي، مستمعينا الكرام، ما تضمنه الحوار من أسئلة وإجابات السيد بتلر عليها، وذلك ضمن حلقة هذا الأسبوع من برنامج (العراق في دور الفكر والنشر).

حول نظرته تجاه عزم الإدارة الأمريكية على ما قد يكون استخداماً منفرداً للقوة من أجل نزع أسلحة العراق، في الوقت الذي تتزايد فيه المعارضة لهذا التوجه داخل التحالف الغربي وبين أعضاء مجلس الأمن، قال بتلر:

- وجهة نظري تتمثل في طرح سؤال جوهري وهو: لماذا الآن ؟ فالإدارة الأمريكية على علم منذ زمن طويل بأن العراق لا يمتثل إلى قرارات الأمم المتحدة التي تمنعه من تطوير أسلحة الدمار الشامل. يقولون إنهم قلقون إزاء ما يمتلكه العراق من هذه الأسلحة، وهي مسألة تثير القلق حقاً، ولكن المثير للانتباه فهو ما جعلهم يقررون التحرك الآن، الأمر الذي جعل العديد من الناس حول العالم يتساءل حول مدى جدية الولايات المتحدة في ملاحقة العراق في هذا الوقت.

ويمضي بتلر في إجابته إلى أن دوافع الولايات المتحدة ربما تعود إلى عدد من العوامل، منها مثلاً أحداث الحادي عشر من أيلول، أو تداعيات ما يجري على الساحة السياسية في السعودية على المصالح الأمريكية، أو المصالح الأمريكية في أسواق النفط العالمية المتغيرة.
صحيح أن هناك عدد من الدوافع تجعل إدارة بوش ترغب بالتحرك الآن، ولكن مجرد امتلاك العراق أسلحة دمار شامل - وهو يمتلكها بالفعل - ليس كافيا لإقناع العالم، لأن الناس يعتبرون أن هذا الوضع قائم منذ زمن، فهم بحاجة إلى أسباب أخرى تفسر رغبة الولايات المتحدة في التحرك في هذا الوقت بالذات.

ومن أجل الاطلاع على رأي عربي حول بعض هذه الأسئلة، اتصلنا بالخبير البريطاني من أصل مصري (عادل درويش)، وطلبنا منه تفسير إقدام أميركا على هذه الحملة في هذه الآونة بالذات، فأجابنا:

(مقابلة)

--- فاصل ---

أما السؤال الثاني فهو: ما هي النصيحة التي تقدمها إلى الإدارة الأمريكية وإلى باقي أعضاء مجلس الأمن ؟

يشدد بتلر في إجابته على ضرورة تأكيد إدارة بوش بكل وضوح على اهتمامها بالمحافظة على سلطة الأمم المتحدة في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.
كما ينبه بأن ما تلجأ إليه هذه الإدارة من إجراءات سيأتي بمثابة رد على التساؤل القائم منذ نهاية الحرب الباردة، وهو: في عالم ليس فيه سوى قوة عظمى واحدة، كيف ستستخدم هذه الدولة ما تمتع به من قوة ؟ هل ستستخدمها في تحقيق مصالحها الذاتية، أم تستمر في تبني المعايير العامة المفروضة على جميع الدول الأخرى، وهذا هو المعنى الحقيقي وراء القضية العراقية الحالية.

ويمضي بتلر في أجابته موضحاً أن العراق يخالف القانون الدولي بشكل وفاضح، فلماذا لم تتم معالجة هذا الوضع من خلال القبض على صدام حسين وإحالته إلى القضاء لمحاسبته عما ارتكبه ويرتكبه من جرائم بحق الإنسانية.
فالعراق ملزم منذ عقد من الزمن بتبني سلوك معين بموجب القانون الدولي، وبالسماح بشكل خاص بتجريده من أسلحته للدمار الشامل، وهو أمر بالغ الأهمية. فلو تمكن العراق من رفض قرارات مجلس الأمن والتنصل من التزاماته الدولية - مثل معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية - فسوف يعني ذلك تقويض اعتماد العالم على مثل هذه المؤسسات والمعاهدات، ويعود بنتائج سلبية للغاية على ما تتمتع به قرارات مجلس الأمن من سلطة.

--- فاصل ---

وفي إجابته على سؤال حول إخفاق الولايات المتحدة في حشد مزيد من التأييد لموقفها في مجلس الأمن، قال بتلر إن السبب يعود إلى عدم قناعة الناس بوضوح بأن الولايات المتحدة تلتزم بموقف مبدئي في هذه القضية، فهم يعتقدون أن مصالح أميركا الوطنية هي التي تحدد سياستها. وليس أمام أميركا الآن سوى خيرين، ففي وسعها إما أن تدعم نظام القانون والتعاون الدوليين، أو أن تتحرك بمفردها. وأوضح بتلر أن قيام الولايات المتحدة بشن هجوم منفرد على العراق سيعتبر مخالفا للقانون الدولي.

وجاء في السؤال التالي: حين كنت رئيسا للجنة UNSCOM السابقة، كثيرا ما أشرت إلى أن دولا رئيسية مثل فرنسا والصين لن تؤيد ما يجب اتخاذه من تدابير لنزع أسلحة العراق، وذلك لأسباب اقتصادية أو سياسية خاصة بها، فهل تعتقد أن هذا الوضع ما زال قائما.
فأجاب بتلر أن فرنسا والصين وروسيا لدى كل منها دوافع خاصة بها. أما دوافع بريطانيا فتستند إلى ضرورة تأييد الولايات المتحدة في جميع الأحوال. صحيح أن هناك نسيج من القانون الدولي الذي يخالفه العراق، ولكنني أشدد على ضرورة معالجة الموضوع بموجب القانون الدولي، فإذا تمت معالجة الأمر بمعزل عن القانون الدولي، فكيف سيختلف ذلك عما فعله العراق حين غزا الكويت.
وعن سبب إخفاق الولايات المتحدة في حشد تأييد أكبر لتوجهاتها في مجلس الأمن، يقول عادل درويش:

(مقابلة)

--- فاصل ---

وجاء في سؤال آخر: ألا يعني اعتبار العراق في حالة خرق مادي للقرار 1441 أن النص الخاص بالعواقب الوخيمة يخول استخدام القوة ضده؟
فأجاب بتلر: كلا، فالمقصود هنا هو أن العراق عليه أن يكون على يقين من أن خرقه المتواصل لبنود القرار سيترتب عليه عواقب وخيمة. أما الولايات المتحدة فيمكنها تفسير الفقرة الخاصة بالعواقب الوخيمة بأنها تشكل مبررا قانونيا للتحرك العسكري، وهذا من حقها. غير أن استنادها إلى هذه الفقرة كمبرر لتصرفها دون موافقة مجلس الأمن على هذا التصرف، فسوف يعني أنها تصرفت خارج نطاق القانون.
أما عن عمل المفتشين لحد الآن، فيقول بتلر إنهم يؤدون أعمالهم بصورة مقبولة، وهو ما لا يمكن قوله عن العراق. فالعراق لا يبدي سوى تعاونا سطحيا مع المفتشين، كما هو واضح من بيانهم المليء بالنواقص، ويرفض التعاون الإيجابي معهم، في الوقت الذي من الواضح تماما أن الدولة المخالفة فعلا للقانون الدولي هي العراق.
وعلى الولايات المتحدة – إذا أرادت أن تتبع السبيل الذي يخدم مصالحها – أن تركز جهودها في مجلس الأمن. أما عن تصرفها في حال رفض مجلس الأمن توجهاتها، فعلينا أن نناقشه في وقت لاحق. ولكنني لا أعتقد أن المجلس سيرفض فرض قراراته بالقوة في حال ترتب عليه الإقرار بأن العراق مستمر في خرق قراراته.
وحول إن كان اعتبار العراق في حالة خرق مادي للقرار 1441 يعتبر مبررا كافيا لشن الحرب عليه، يقول عادل درويش:

(مقابلة)

--- فاصل ---

وتساءل محاور السيد بتلر إن كانت الدول الأخرى في مجلس الأمن لا تتفهم مدى خرق العراق لقرارات المجلس، وإن كان على الولايات المتحدة أن تعثر على قنبلة نووية مخبأة في مكان ما في العراق كي تقتنع هذه الدول بما تصر عليه واشنطن، وإن كان العراق هو المخطئ لعدم تعاونه مع المفتشين , فأجابه بتلر قائلاً:

نعم، لكنني في هذه الحالة لا بد لي من تأييد إصرار الإدارة الأمريكية على أن مسؤولية البرهان تقع على عاتق العراق.
ودعني أعبر عن خيبة أملي إزاء ما تقوله بعض الدول الأوربية من أننا لا يجوز لنا أبداً أن نتحرك ضد العراق ما لم تتمكن الولايات المتحدة من إثبات قضيتها. وهذا طبعاً خطأ واضح، فالبلد الوحيد الذي بحاجة إلى إثبات قضيته هو العراق.
كما أعتقد أن الولايات المتحدة تبدو تواقة إلى معالجة موضوع صدام الآن، في الوقت الذي تتمسك فيه دول أخرى - مثل فرنسا وروسيا - بالبحث عن أية وسيلة تمنع حرباً تشنها أمريكا.
وأريد أن أوضح أن هذا الموقف لا علاقة له بجوهر القضية الثابتة بحق العراق، بل تتعلق في التقييم السياسي لما سيعنيه تحرك الولايات المتحدة بمفردها وما سيسفر عنه هذا التحرك من نتائج.

وخلص بتلر في إجابته إلى أن الولايات المتحدة متمسكة بقضية لا شائبة فيها، إلا أنها لم تنجح لحد ألان في إقناع باقي أعضاء مجلس الأمن بأن هذه القضية تستحق الدعم الفعلي.

على صلة

XS
SM
MD
LG