روابط للدخول

خبر عاجل

حرب لا ضرورة لها


مجلة Foreign Policy المعنية بالشؤون الاقتصادية والسياسية العالمية تصدر في الولايات المتحدة كل شهرين، لقد نشرت في عددها الأخير تحليلاً بعنوان (حرب لا ضرورة لها)، وأشترك في أعداده John Mearsheimer - أستاذ العلوم السياسية بجامعة Chicago – حيث يشترك في إدارة برنامج السياسات الأمنية الدولية، وStephen Walt - عميد كلية (كندي) وأستاذ برنامج الأمن الدولي في مركز Belfer للعلوم والشؤون الدولية، يتساءلان فيه إن كان على الولايات المتحدة أن تغزو العراق وتطيح الرئيس العراقي صدام حسين. وإليكم فيما يلي، مستمعينا الكرام، مراجعة لأهم عناصر هذا التحليل ضمن حلقة هذا الأسبوع من برنامج (العراق في دور الفكر والنشر).

يؤكد الكاتبان في مطلع تحليلهما أن الدافع الأساسي للنزاع المرتقب بين الولايات المتحدة والعراق يستند إلى ضرورة إطاحة صدام حسين باعتباره لا يمكن ردعه عن استخدام أسلحة الدمار الشامل، ويشيران إلى أن مؤيدي الحرب الاستباقية يرون في تاريخ سلوك صدام ما يثبت رعونته وعزيمته وعدوانيته بدرجة لا يمكن معها السماح له بامتلاك مثل هذه الأسلحة، خصوصاً السلاح النووي.
ويشير التحليل إلى أن معارضي الحرب الاستباقية يقرون بأن سياسة الردع لم تنجح مع العراق , إلا أنهم يحبذون – بدلاً من غزو العراق وإطاحة نظامه – التهديد بالحرب بهدف إجبار صدام على قبول التفتيش عن أسلحته، أملا منهم في نجاح التفتيش في القضاء على مخزون العراق من أسلحة الدمار الشامل ووسائل إنتاجها، مع ضمان عدم تمكن صدام من امتلاك أي من هذه الأسلحة الفتاكة.
لذا فإن المتشددين والمعتدلين على حد سواء، متفقون على استحالة ردع صدام حسين وعلى ضرورة منعه من تكوين ترسانة نووية.
ومن أجل الاطلاع على رأي عسكري عراقي حول إمكانية احتواء وردع صدم حسين، اتصلنا بالعميد السابق في الجيش العراقي (توفيق الياسري)، فوافانا بالرأي التالي:

(تعليق الياسري)

--- فاصل ---

ويؤكد الكاتبان على أن هذه الحجج خاطئة في جوهرها، فالقناعة بأن سجل صدام يظهر استحالة ردعه تستند إلى قراءة مشوهة للتاريخ وإلى المنطق غير السليم.
فالحقيقة هي – بحسب التحليل- أن السجل التاريخي يؤكد قدرة الولايات المتحدة على احتواء العراق بشكل فعال - حتى في حال حصول صدام على أسلحة نووية - تماماً كما نجحت في احتواء الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة.
ويمضي المحللان إلى أن دعاة الحرب الاستباقية يعتبرون صدام حسين شخصاً عدوانياً ذا سوابق، عازماً على الهيمنة على منطقة الخليج، كما يعتبرونه إما عديم التفكير السليم أو ميالاً إلى ارتكاب أخطاء جسيمة في حساباته، ما يجعل محاولة ردعه فاشلة حتى في وجه التهديدات الحقيقة بالرد عليه. أما الحقائق – بحسب التحليل - فتروي قصة مختلفة تماماً.
صحيح – والقول للباحثين - أن صدام يهيمن على السياسة العراقية منذ ما يزيد عن 30 عاماً، شن خلالها حربين ضد جيرانه – الأولى ضد إيران في 1980 والثانية ضد الكويت في 1990، غير أن سجل صدام في هذا المجال ليس أسوء من سجل بعض الدول المجاورة، مثل مصر أو إسرائيل، التي لعبت كل منهما دوراً في شن عدد من الحروب منذ 1948.
ويعتبر التحليل أن إلقاء نظرة فاحصة على حربي صدام يظهر أن سلوكه كان بعيداً كل البعد عن الرعونة، فلقد شن الحرب في كلتا الحالتين حين وجد العراق مستضعفاً، ولدى اعتباره فريستيه ضعيفتان ومعزولتان.
صحيح أيضاً أن هذا المنطق لا يبرر عدوان صدام حسين، ولكن استعداده لاستخدام القوة في هاتين المناسبتين لا يبرهن أبداً على انعدام إمكانية ردعه.

--- فاصل ---

ويؤكد الباحثان في تحليلهما بأن صدام حسين أخطأ في حساباته حين اتخذ قرار غزو الكويت، ولكنهما ينبهان أيضا إلى أن التاريخ مليء بحالات ارتكاب قادة عسكريين أخطاء مماثلة، ويعتبران أن الرئيس العراقي لجأ إلى استخدام القوة نتيجة التحديات الكبيرة التي كانت تحيط به، ونتيجة اقتناعه بأن هذا الغزو ما كان سيثير معارضة دولية تذكر. ويشدد التحليل على أن الدكتاتور العراقي تمكن من البقاء في أعقاب هزيمته في حرب الخليج، وأنه يعيش الآن العقد الرابع من عهد حكمه، ما يؤكد عدم إصابته بالرعونة، بل بقدرة فائقة على البقاء.
ويذكر التحليل بأن صدام أطلق صواريخ (سكود) مزودة برؤوس تقليدية على إسرائيل والسعودية أثناء حرب الخليج، إلا أنه لم يستخدم أسلحة كيماوية أو بيولوجية ضد قوات التحالف التي كانت تقضي على جيشه. وينسب التحليل إلى مسؤولين عراقيين كبار – من بينهم نائب رئيس الوزراء طارق عزيز ووفيق السامرائي، المدير السابق للاستخبارات العسكرية العراقية – تأكيدهم بأن العراق امتنع عن استخدام أسلحته الكيماوية بسبب التهديدات الصريحة التي وجهها له الأميركيون بشن ضربات انتقامية موجعة، وهو تصرف يؤكد على إمكانية إخضاع صدام حسين إلى مبدأ الردع.
ويشير التحليل إلى استخدام الرئيس العراقي أسلحة كيماوية ضد الكرد والإيرانيين، ويتساءل: إن كان هذا يبرهن على جنون صدام وعلى استحالة ردعه، فلماذا إذا لم تنتبه الولايات المتحدة إلى هذه الحقيقة في الثمانينات؟ ويجيب الباحثان أن الإجابة المرجحة تتمثل في قناعة صانعي السياسة الأميركيين بأن صدام لن يستخدم أسلحته للدمار الشامل ضد الولايات المتحدة وحلفائها، إلا في حل تعرضه إلى تهديد مباشر من واشنطن. ويضيف المحللان أن اللغز الحقيقي يكمن في عدم اقتناعهم الآن بالحقيقة ذاتها.

--- فاصل ---

ولكن ماذا سيحدث – والسؤال للباحثين – في حال عودة صدام حسين إلى غزو الكويت، مع التهديد هذه المرة باستخدام أسلحة نووية إذا ما حاولت الولايات المتحدة شن عاصفة صحراء ثانية؟ ويجيب التحليل بأن مثل هذا التهديد العراقي لا يمكن تصديقه، فلو بادر صدام حسين إلى شن حرب نووية مع الولايات المتحدة بسبب الكويت، ستقوم أميركا بإمطار بلاده بالرؤوس النووية الأميركية. ويؤكد التحليل أيضا بأن صدام حسين – لو واجه الاختيار بين الهلاك والانسحاب – فسوف يختار الانسحاب، ما يعني أن في إمكان الولايات المتحدة الدخول في حرب جديدة مع عراق مزود بأسلحة نووية، دون أن تفتح بذلك أبواب حرب نووية. وهذا يعني أيضا – بحسب التحليل - أن هذا السيناريو سيشهد الولايات المتحدة وقد نجحت في ردع صدام.

--- فاصل ---

ولكن ما هو رأي العميد توفيق الياسري حول اختيار الرئيس العراقي بين الهلاك والتراجع:

(تعليق الياسري)

--- فاصل ---

وينتقل التحليل إلى دوافع دعاة الحرب ويقول إنهم يعملون جاهدين على الترويج للحرب الاستباقية، وهذا يتطلب منهم تضخيم المخاطر الكامنة في الامتناع عن شنها. أما الوسيلة الأمثل لتضخيم حجم التهديد فيجعلهم يبالغون في تقييم القدرات العراقية، أو يحذرون من احتمال إصابة الولايات المتحدة بكوارث مرعبة في حال عدم تحركها في أقرب فرصة ممكنة.
غير أن المحللين يعتبران أن المنطق والأدلة التاريخ تشير إلى أن تبني سياسة احتواء معززة بالحذر والترقب سينجح مع العراق، سواء الآن أو حتى في حال تمكن العراق من الحصول على ترسانة نووية.
ويشدد التحليل على أن سياستي الردع والاحتواء ستنجحان في المواجهة مع العراق، لأن صدام حسين أثبت طوال تاريخه الوحشي بأنه يتشبه تماما بكل من حياته وسلطته.
ويعتبر التحليل أن حرب أميركا المقبلة مع العراق ستشنها إدارة بوش نتيجة رغبتها في شنها وليس نتيجة اضطرارها إلى شنها.
وحتى إذا سارت الحرب على ما يرام، وحققت نتائجها المطلوبة على المدى البعيد، فإنها ستبقى من الحروب غير الضرورية.
أما في حال عدم سيرها على ما يرام – أي إذا أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من القوات الأميركية، أو عن خسائر جسيمة بين صفوف المدنيين، أو عن تزايد مخاطر التهديدات الإرهابية، أو عن تفاقم روح الكراهية لأميركا في العالمين العربي والإسلامي – سيترتب على دعاتها مواجهة مساءلات خطيرة عما اقترفوا.
وطلبنا من العميد توفيق الياسري أن يعبر لنا عن رأيه في شأن نتائج وتداعيات الحرب المحتملة ضد العراق، فأجابنا بقوله:

(تعليق الياسري)

على صلة

XS
SM
MD
LG