روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثالث: عرض لمقابلة الدكتور كنعان مكية مع صحيفة نيويورك تايمز


في مقابلة له مع صحيفة نيويورك تايمز أكد الباحث العراقي المعارض الدكتور (كنعان مكية) أن الديمقراطية يجب أن تكون على رأس أولويات واشنطن في تعاملها مع المسألة العراقية. (ولاء صادق) تعرض للمقابلة.

خصصت صحيفة بوسطن غلوب في عددها الصادر امس مقالة للكاتب والمعارض العراقي كنعان مكية الذي نشر كتابه " جمهورية الخوف " في عام 1986 " باسم مستعار هو سمير خليل ثم كتب " القسوة والصمت " عن الفظائع التي ارتكبها النظام العراقي في عام 1988 في اطار حملة الانفال للتطهير العرقي في شمال العراق. وقالت الصحيفة ان مكية زار شمال العراق بعد حرب الخليج ثم عاد منه بحقيبة مليئة بالوثائق على فظائع النظام والتي اصبحت في ما بعد لبنة ارشيف يضم الان ثلاثة ملايين صفحة. ويراس مكية مشروع جامعة هارفارد لترجمة هذه الوثائق التي تثبت مقتل مائة الف من القرويين الاكراد.

وعرضت المقالة لتاريخ مكية وقالت انه غادر العراق في عام 1967 وانه درس الهندسة المعمارية في الولايات المتحدة وكان تروتسكيا ومؤيدا للقضية الفلسطينية الا انه بدأ منذ عقدين بكتابة بحوث ودراسات عن عنف المؤسسة البعثية في العراق. ومنذ اعلن الرئيس الاميركي عن خططه لاسقاط النظام في العراق وجد مكية نقاطا مشتركة بينه وبين الصقور في ادارة الرئيس بوش. ذلك ان مكية يؤيد الحرب، كما قالت الصحيفة، ويعتقد ان غالبية العراقيين يؤيدونها الا ان ما يدعو اليه هو حرب لا تبدأ باسلحة الدمار الشامل ولا تنتهي بها وانما يريد من ادارة الرئيس بوش دعم مستقبل ديمقراطي ليبرالي لعراق ما بعد صدام.

وتابعت الصحيفة بالقول إن مكية يؤيد الانتقال الى الديمقراطية وهو يعمل مع اكثر من ثلاثين منشق عراقي في مشروع " المستقبل للعراق " الذي ترعاه وزارة الخارجية الاميركية، يعمل معهم على وضع دراسة تدعو الى إنشاء حكومة انتقالية في العراق تمثل الجميع وتقود البلاد نحو انتخابات تنظم بعد ثلاث سنوات. وستكون من مهماتها الصعبة معالجة جرائم البعث وتفكيك الجيش واعادة بناء السلطة القضائية ودمج الملايين من العاملين في حزب البعث ومسؤولي الجيش في حياة ديمقراطية. وتقترح الدراسة ايضا انشاء نظام فدرالي طموح يقسم فيه العراق الى مقاطعات ذات حقوق مدنية متساوية لجميع العراقيين دون اي تمييز.

وتتطلب هذه الخطة ايضا حضورا عسكريا للولايات المتحدة لا لاشهر بل لسنوات كما يقول مكية الذي يعتقد بضرورة هذا الحضور لضمان سلامة الاراضي العراقية وحماية الدولة من احتمالات تدخل خارجي او اندلاع حرب اهلية.

--- فاصل ---

ولاحظت صحيفة بوسطن غلوب في مقالتها ان هذه الوثيقة لا تعكس السياسة الاميركية الرسمية. الا ان المعارضة العراقية ستعقد في نهاية تشرين الثاني مؤتمرا ضخما في شمال العراق. واذا ما ايد المؤتمر التقرير فعلى واشنطن ان تدعم توصياته بقوة كما يقترح مكية.

ونقلت الصحيفة عن مكية قوله إنه كتب جمهورية الخوف في سرية تامة خوفا على نفسه وعلى اسرته من انتقام النظام في العراق الا ان حاجز الخوف ما لبث ان سقط بعد حرب الخليج عندما انتفض الاكراد والشيعة. ثم ما لبث صدام ان سحق التمرد مما ادى الى سقوط ستين الف مدني في الجنوب.

وقال مكية انه كشف عن اسمه الحقيقي في آذار من عام 1991. ثم راح يلتقي عددا كبيرا من الشهود وشرع في كتابه " القسوة والصمت ". ويتحدث الكتاب في جزئه المخصص للقسوة، وكما تابعت الصحيفة، عن حملة الانفال وعن حرب الخليج وعن قمع الانتفاضة. اما جزؤه الخاص بالصمت فينتقد معارضة المثقفين العرب لحرب الخليج التي اعتبر مكية انها لا تستند الى مبدأ وموقف سلبي يؤدي الى دعم الاستبداد. ويقول مكية ان ملايين الكلمات كتبت عن تدمير القرى الفلسطينية على يد اسرائيل الا ان المثقفين العرب اختاروا الصمت قدر تعلق الامر بتدمير دولة عربية القرى الكردية.

واثار كتاب " القسوة والصمت " ردود افعال في العالم العربي. فقد اتهم اقبال احمد واسعد ابو خليل مثلا مكية باساءة عرض وجهات نظر المثقفين العرب وبالمزج بين معارضة حرب الخليج ودعم صدام حسين كما اتهموه بالتقليل من شأن اثار السياسات الغربية في الشرق الاوسط. وهنا نقلت الصحيفة عن مكية اعتقاده ان القوى الغربية أتت بأفعال سيئة في الشرق الاوسط خاصة خلال الفترة الاستعمارية الا ان العرب هو المسؤولون عن سياسات المنطقة بعد الاستقلال. واستشهد بنتائج تقرير لبرنامج الامم المتحدة للتنمية، وضعه عرب، تعزو المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في الشرق الاوسط الى سياسات المنطقة وخاصة الى الفشل في تطبيق الديمقراطية. هذا ويؤكد مكية ان للولايات المتحدة فرصة في العراق كما ان للعراقيين فرصة معها وانه امر فريد من نوعه في العالم العربي. فبينما ينتقد العالم العربي الولايات المتحدة لمجرد تفكيرها في التدخل في شؤونهم كما يقول مكية، ينتقدها العراقيون لعدم تدخلها في العراق ولتركها صدام في السلطة.

--- فاصل ---

وأيد مكية بان العقوبات وتخلي ادارة بوش الاولى عن الانتفاضة، جعلت العديد من العراقيين ينتقدون الولايات المتحدة الا ان هناك شعورا مؤيدا للديمقراطية على النمط الغربي يتزايد داخل العراق وبين ابناء الجالية العراقية في الخارج كما يقول. هذا ولا ينتمي مكية الى اي منظمة سياسية الا انه يتعاون مع المؤتمر الوطني العراقي الذي يتلقى الدعم من الولايات المتحدة، الامر الذي ينتقده البعض. الا ان مكية يرى في هذا الانتقاد نفاقا ويقول إن جميع احزاب المعارضة في المنطقة كانت تتلقى الدعم في غضون السنوات الثلاثين الاخيرة من بلدان مثل سوريا وليبيا وايران والسعودية. كما ان منظمة التحرير الفلسطينية نفسها كانت تتلقى الاموال من امراء الخليج. ويقول مكية ايضا ان المعارضة العراقية لا تسعى الى انشاء دولة اسلامية كما في ايران ولا بعثية كما في سوريا ولا اوتوقراطية كما في السعودية. بل تسعى الى تأكيد التعددية. لكن البعض يعتقد وكما اشارت الصحيفة ان المؤتمر الوطني العراقي لا يتمتع بشعبية داخل العراق او انه فقد اتصاله بالواقع العراقي رغم تمتعه بدعم محافظين في الادارة الاميركية مثل ديك تشيني وبول وولفوويتز. اما وكالة المخابرات المركزية فقيل انها تفضل الان العمل مع منظمة الوفاق الوطني العراقي التي تضم عسكريين بعثيين ومسؤولي امن سابقين.

هذا ولاحظت الصحيفة ان غالبية العراقيين يعتبرون النقاش الذي يدور عن العراق داخل الولايات المتحدة، نقاشا لا يأخذ في نظر الاعتبار الشعب العراقي رغم تاكيد مكية ان الحرب هي افضل خيار لتحسين الوضع في العراق.

ولاحظت الصحيفة ايضا عدم وجود طريقة علمية لمعرفة الراي العام داخل العراق. الا ان مكية وغيره يعرفون ذلك من خلال اصدقاء واقارب ومعارف يخرجون الى الاردن او الى كردستان. رغم قول اخرين ومنهم سنان انطون وهو شاعر عراقي يدرس في هارفارد ان الناس يشعرون بالتعب بعد حربين وعشر سنوات من العقوبات الا ان ذلك لا يعني ان العراقيين يريدون احتلالا عسكريا. ويعتقد انطون ان الولايات المتحدة تهتم بالنفط وبالاسلحة فقط وانه يجب عدم التضحية بالمدنيين العراقيين من اجل هذه المصالح.

اما مكية فيقول انه لا يحبذ قيام الولايات المتحدة بعمل منفرد ويتحدث عن احتمال لجوء صدام الى استخدام اسلحة كيمياوية وبيوولجية الا انه يتوقع ايضا أن تفشل جهود صدام وان تقل الخسائر بالتالي عما هو متوقع. كما يعتبر احتلال العراق امرا لا يحتمله الزمن الحالي. اما عما سيحدث بعد الحرب فيقول مكية ان قيام انقلاب عسكري سيؤدي الى حرب اهلية. بينما يعتبر تنصيب حاكم اميركي في العراق امرا يدعو الى الخوف.

وانتهت الصحيفة الى القول إن مكية يحاول التوفيق بين برنامجه من اجل الديمقراطية في العراق وحرب واشنطن. مع احتمال الا تؤدي الحرب الاميركية التي يؤيدها الى تحقيق الديمقراطية في العراق وهو السبب الذي يدفع الكثيرين الى معارضتها. الا ان مكية يقول وكما انهت الصحيفة مقالها بان المحاولة قد تكون مجدية وان الامل حتى لو كان ضعيفا يستحق بذل الجهد في سبيله.

على صلة

XS
SM
MD
LG