روابط للدخول

خبر عاجل

مدى جدوى مسألة إعادة المفتشين الدوليين إلى العراق


(ولاء صادق) تعرض فيما يلي لدراسة كتبها نائب الرئيس التنفيذي للجنة أنسكوم السابقة تتناول مدى جدوى مسألة إعادة المفتشين الدوليين إلى العراق وسط العلاقة المعقدة بين العراق ومجلس الأمن وآلية عمليات التفتيش.

نشرت مجلة " السيطرة على الاسلحة اليوم " دراسة كتبها شارلز دويلفر نائب الرئيس التنفيذي للجنة الانسكوم السابقة تحت عنوان " فشل اعمال التفتيش الحتمي في العراق "، ناقش فيها مسالة اعادة المفتشين الدوليين الى العراق ومدى جدواها معتمدا في ذلك على تجربة الانسكوم السابقة في العراق.

ورأى دويلفر في دراسته ان ما حققته الانسكوم في السابق كان إنجازا مؤقتا واكد ان وقوف المفتشين وسط العلاقة المعقدة بين العراق ومجلس الامن يجعل من الصعب تحقيق هدف تجريد العراق من اسلحته للدمار الشامل.

واضاف أن الية التفتيش كانت تقوم على التالي: ان يعلن العراق عن اسلحته ثم ان يقوم المفتشون بالكشف عليها ونقل استنتاجاتهم الى مجلس الامن كي يتخذ قراراته. الا ان العلاقة بين العراق ومجلس الامن وضعت الانسكوم وكما اكد دويلفر في موقف صعب بين الطرفين.

وتابع الكاتب بالقول إن العراق شرع في الامتثال لقرارات مجلس الامن ولارادة الانسكوم ووكالة الطاقة الذرية جزئيا فقط منذ البداية. واكتشف ان في امكانه عرقلة عمل المفتشين دون التعرض الى رد عسكري صارم.

فعندما عرقلت بغداد اعمال مفتشي وكالة الطاقة الذرية في شهر حزيران من عام 91اصدر مجلس الامن قراره المرقم 707 الذي تضمن لهجة شديدة ضد بغداد وحدد التزامات العراق وحقوق المفتشين. الا ان الكاتب رأى ان هذا القرار ورغم ما حمله من معنى ضمني باحتمال استئناف العمليات العسكرية ضد العراق في حال عدم امتثاله لاعمال التفتيش، جعل هذا القرار بغداد تدرك انها ستعاقب بالكلمات فقط. هذا اضافة الى ان القوات الاميركية كانت تنسحب من المنطقة في تلك الفترة. وبالنتيجة ادركت بغداد، وكما راى الكاتب ان مخاطر عدم الامتثال محدودة وان النظام ليس في خطر رغم ما اعقب ذلك من ضربات عسكرية متفرقة تعرضت لها بغداد بسبب عدم امتثالها.

--- فاصل ---

واشار الكاتب من جانب اخر الى ان مجلس الامن منح المفتشين الدوليين منزلة اعلى من منزلة العراق عند تشكيل الانسكوم، الا ان ما حدث هو ان العراق راح يخاطب بشكل مباشر اعضاء مجلس الامن المتعاطفين معه ثم الامين العام لمنظمة الامم المتحدة. ولاحظ الكاتب ان العراق عمل على دق اسفين بين المجلس والانسكوم كي تضعف سلطة الاخيرة في العراق. هذا اضافة الى ادراك بغداد ان الانسكوم ما كانت قادرة على دعوة مجلس الامن الى التدخل في كل صغيرة وكبيرة، مثل عدم فتح باب احدى الحجرات امام المفتشين، الامر الذي ادى ببغداد الى الذهاب بعيدا في عرقلة اعمال التفتيش لعلمها ان الامر لن يؤدي الى عقاب كبير.

ومن جانب اخر اشار دويلفر في دراسته الى سعي العراق المنظم الى تدمير مصداقية المفتشين داخل مجلس الامن وذلك باتهامهم بالاساءة اليه. إذ اتهمهم مثلا بخدمة مصلحة دولة او اكثر من اعضاء مجلس الامن، والولايات المتحدة تحديدا، وهو تكتيك جنت بغداد ثماره عندما تدخل الامين العام للامم المتحدة لحل الازمة وهو تدخل يرى دويلفر انه غير العلاقة القائمة بين المفتشين وبغداد وادى الى نسف الانسكوم. ذلك ان هذا التدخل، وكما يعتقد دويلفر، وضع بغداد والمفتشين على قدم المساواة في تقديم الشكاوى الى مجلس الامن وشكك في عمل المفتشين وجردهم من قدرتهم على اجبار العراق على الامتثال.

واكد الكاتب في دراسته ايضا على اهمية اسلحة الدمار الشامل بالنسبة للنظام العراقي. واستشهد بقول طارق عزيز واخرين بان الصواريخ بعيدة المدى والاسلحة الكيمياوية في معركة الفاو مع ايران، انقذت العراق. كما تعتقد بغداد ان امتلاكها اسلحة الدمار الشامل ساهم في ردع الولايات المتحدة من السير الى بغداد في حرب الخليج. وبالاختصار يعتمد مصير النظام العراقي على وجود هذه الاسلحة. هذا اضافة الى اقرار العراق بان اجتياحه الكويت كان خطأ قبل امتلاكه السلاح النووي واعتقاده بان نتيجة حرب الخليج كانت ستتغير لو وجد هذا السلاح. كما يعرف صدام، والكلام ما يزال للكاتب، بان واشنطن ما كانت ستتحدث عن تغيير النظام في بغداد لو كانت الاخيرة قادرة على تهديد القوات الاميركية واسرائيل بالسلاح النووي.

--- فاصل ---

وانتقل الكاتب الى نقطة اخرى تتعلق بنظام عمل فرق التفتيش، وقال ان هذا النظام يفرض تبليغ السلطات العراقية بوجهة فرق التفتيش مما يمنح الاخيرة الوقت الكافي لاخفاء ما تريد اخفاءه. هذا اضافة الى ما طوره العراق من نظام مراقبة ورصد وحصول على معلومات عن تحركات المفتشين ونواياهم مما جعل من عدد اعمال التفتيش المفاجئة الحقيقية قليلة جدا في الواقع.

كما لعب العراق على مصالح اعضاء مجلس الامن لاضعاف التفتيش، كما يرى الكاتب، لتدمير التحالف داخل مجلس الامن واستخدم المحفزات الاقتصادية وصفقات برنامج النفط مقابل الغذاء لهذا الهدف. هذا اضافة الى ان المجلس كان في صراع بين التقارير التي تتحدث عن مدى معاناة الشعب العراقي بسبب وتقارير المفتشين عن رفض العراق الامتثال. وكانت النتيجة ان فريق التفتيش هو الذي وضع في قفص الاتهام مع اصرار العراق على انه قد امتثل. مما ادى الى عزل الانسكوم وتركها وحيدة امام ما تواجهه من عراقيل في العراق.

وانتهى شارلز دويلفر الى القول في دراسته الى التأكيد على اهمية اسلحة الدمار الشامل بالنسبة للعراق. وقال ان بغداد في حالة عودة المفتشين ستعود الى ممارسة اساليبها السابقة في المماطلة والمراوغة. واقترح الكاتب في دراسته ضرورة وضع مجلس الامن ستراتيجية شاملة في حالة اعادة فرق التفتيش الى العراق تتضمن نقاطا منها اجراء مقابلات مع جميع العلماء والمهندسين والتقنيين العراقيين حول نشاطاتهم منذ كانون الاول 1998 مع منع حضور مراقبين من الحكومة، كما كان الحال في السابق. ثم توفير الامان لمن يقول الحقيقة منهم. الا ان الكاتب اكد ايضا ان المشكلة الاساسية تكمن في نظام التفتيش نفسه وفي قدرة مجلس الامن على فرض الانصياع على بغداد. ثم اضاف بالقول: لو شكل العراقيون حكومة جديدة في بغداد فسيسهل ذلك رفع العقوبات وتجريد البلاد من الاسلحة كما سيدفع الدول الاخرى في المنطقة الى عدم السعي الى امتلاك اسلحة الدمار الشامل باعتبارها وسيلة لاستمرار الانظمة الحالية كما ادركت ذلك ايران.

واخيرا اكد الكاتب ان عودة المفتشين يجب ان تاتي في اطار ستراتيجية سياسية وعسكرية شاملة تهدف الى حل المشاكل التي لا تقتصر فقط على تجريد العراق من اسلحة الدمار الشامل.

على صلة

XS
SM
MD
LG