روابط للدخول

خبر عاجل

في ذكرى 11 أيلول: مسلمون يناقشون مفهوم الأصولية


أعد قسم الأخبار والبحوث في إذاعة أوروبا الحرة تقريراً لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لهجمات الحادي عشر من أيلول الإرهابية. ويتناول النقاشات المستمرة بين المعتدلين والأصوليين الإسلاميين بشأن العمليات التي يرى البعض منهم أنها انتهكت التعاليم الأساسية للدين الإسلامي. العرض التالي لهذا التقرير من إعداد وتقديم (ناظم ياسين).

أدت هجمات الحادي عشر من أيلول الإرهابية التي شُنت العام الماضي على الولايات المتحدة إلى بدء مناقشات في جميع أنحاء العالم حول قضية الإرهاب وكيفية التعامل معه.
وفي العالم الإسلامي، تحوّل النقاش خلال العام الماضي من مشاعر الصدمة من هول الهجمات الانتحارية إلى مناقشة الأسباب التي تجعل أشخاصا يرتكبون مثل هذه الأعمال باسم الإسلام على نحو ينتهك تعاليم الدين.
مراسلا إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية (تشارلز ريكناغل) و(زاميرا إيشانوفا) أعدا تقريرا لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لهجمات الحادي عشر من أيلول تناولا فيه النقاشات المستمرة بين المسلمين المعتدلين والأصوليين في شأن تفسير التعاليم الدينية.
ويستهل التقرير بالإشارة إلى تصريحات الإدانة التي صدرت عن زعماء معتدلين في العالم الإسلامي استنكروا فيها ارتكاب جرائم ضد المدنيين لأهداف سياسية.
عدد من المراجع الدينية المعتدلة ذكر أن الهجمات انتهكت بعض التعاليم الأساسية في الإسلام. المرجع الديني البارز في المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز الشيخ خاطب نحو مليوني حاج مسلم أثناء موسم الحج الماضي قائلا "إن الإسلام يأمر باحترام حقوق الناس وأموالهم وكرامتهم وحياتهم. وهو يوصي بعدم قتل الأطفال والنساء والعُزّل".
لكن بعض العلماء الراديكاليين يختلف مع هذه النظرة. وقد أطلقوا على المهاجمين صفة "مجاهدين" يدافعون عن معتقدهم ضد الأعداء الأجانب الذين يدعمون الأنظمة القمعية في الشرق الأوسط. كما ذكروا أن استعداد المهاجمين للانتحار الذي يحرّمه الإسلام يتساوى مع بطولة المحاربين المسلمين القدماء الذين قاتلوا على الرغم من معرفتهم بأنهم سيلقون حتفهم.

--- فاصل ---

التقرير يمضي إلى القول إن المعتدلين والأصوليين يستمرون اليوم في مناقشة ما إذا كانت هجمات الحادي عشر من أيلول انتهكت تعاليم الإسلام أم أن مرتكبيها كانوا من الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الدفاع عن دينهم. وليس ثمة ما يشير إلى أن النقاش سوف يتوقف وذلك لأنه يتناول إحدى القضايا المركزية في المجتمع الإسلامي والتي تتعلق بطبيعة المجتمع الذي يأمل المسلمون العيش فيه.
وفي هذه المناقشات، يذهب المعتدلون المسلمون إلى القول إن الإسلام دين يدعو إلى السلام. وهم يحملون نظرة براغماتية إلى السياسة ترى أن حكوماتهم التي يميل معظمها نحو العلمانية هي أبعد ما تكون عن المثالية.
وفي الطرف الآخر، ينظر الأصوليون إلى الدين بوصفه سلاحا قويا يمكن استخدامه لإجراء تغييرات سياسية. وهم لا يترددون في السعي نحو استخدامه لتحقيق نظرتهم الخاصة إلى المجتمع الديني المثالي.
التقرير يشير إلى انفتاح الإسلام على كلا النظرتين لكونه يحتوي على جملة من المعتقدات الدينية والشرعية التي تنظم كل جوانب الحياة. ويضم نظام الشريعة عدة مدارس متنافسة للتفسير. لكن الأصوليين يعتقدون أن تطبيق فهمهم للشريعة من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق العالم المثالي الذي يسعون إليه.
أحمد فيرسي، محرر صحيفة (ذي مسلم نيوز) الشهرية التي تصدر في بريطانيا صرح لإذاعة أوربا الحرة/ إذاعة الحرية بأن معظم المسلمين يرفضون موقف الأصوليين لأنه يعتبر القوة وسيلة تبرر فرض الأفكار المتطرفة على الآخرين:

"المتطرفون لا يحتملون أي أفكار غير أفكارهم. وهم يعتقدون أن وجهة نظرهم هي وجهة النظر الوحيدة. وهذا ما يعارض التعاليم الأساسية للإسلام الذي يسمح بتعدد الآراء. وبالطبع، فإن البعض من هؤلاء يصبحون إرهابيين. وهذا الأمر هو أيضا ضد تعاليم الإسلام ومعتقدات أغلبية المسلمين".

--- فاصل ---

التقرير الذي أُعد عن الجدل الدائر بين المعتدلين والأصوليين يشير إلى هوة الخلاف التي اتسعت عبر القرون الماضية بين الطرفين فيما ارتضت الأغلبية بحكم أنظمة ملكية أو رئاسية علمانية. وفي معظم هذه الدول، يتم تعيين كبار المسؤولين عن الشؤون الدينية من قبل الحكومة العلمانية. وبالتالي فأن هؤلاء المسؤولين يُقرّون بحق السلطة الحكومية في إدارة دفة البلاد ولا يتجاوزون في صلاحيتهم نطاق المسائل الدينية البحتة.
لكن جماعات أصولية متعددة تحدّت، عبر التاريخ، السلطات العلمانية بدعوى إعادة المجتمع الإسلامي إلى مفاهيمه الأولى عند النشأة.
مُحمد فاتح، المنسق الإقليمي لفئة متشددة في باكستان هي (حزب التنظيم الإسلامي) وصف في مقابلة أجرتها معه إذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية في وقت سابق من العام الحالي وصف نظرة الجماعات الأصولية على النحو التالي:

"الأمر الأساسي هو أننا نعتبر الإسلام بصفته دستورا كاملا للحياة يتعامل مع كل الأشياء بدءا من الفرد في المجتمع وصولا إلى رأس الدولة، ومن ميلاد الطفل إلى الزواج وحتى الوفاة. وتُقرَر طبيعة هذه الأمور كلها وفقا للتعاليم الأساسية للإسلام. وأول هذه التعاليم أن الله تعالى هو القوة الأسمى والوحيدة في هذا الكون وأن الإسلام جاء كرسالة ختامية، تحتوي قوانين السلوك، إلى الإنسانية."

يشار إلى أن الجدل حول مفهوم الأصولية اتسم بحدةٍ خاصة في باكستان بعد هجمات الحادي عشر من أيلول بسبب الإجراءات المتشددة التي اتخذها الرئيس الباكستاني برفيز مشرف بحق الجماعات المتشددة وذلك استجابة لمناشدة واشنطن.

وقد كان عدد من هذه الجماعات يرتبط بصلات وثيقة مع حركة طالبان التي كانت تحكم أفغانستان. فيما أبدت واشنطن قلقا من احتمال أن توفر هذه الفئات قاعدة جديدة للفارين من أعضاء ميليشيا طالبان وشبكة القاعدة الإرهابية.
باكستان شهدت منذ انهيار نظام طالبان في العام الماضي عددا من حوادث التفجير التي استهدفت الغربيين على الرغم من أن معظم الضحايا كانوا من المارة الباكستانيين. ومع ازدياد الغضب الشعبي، أكدت اثنتان من أكبر الجماعات الأصولية في باكستان أنهما لا تسعيان إلى التغيير الاجتماعي من خلال العنف. فيما اتجهت الفئات الراديكالية الأكثر تشددا، والتي تحظرها الحكومة الباكستانية، اتجهت نحو العمل السري.

--- فاصل ---

أما في آسيا الوسطى، فقد تصاعدت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول حدة النقاشات حول الأصولية في الوقت الذي انضم معظم رؤساء المنطقة إلى الحرب التي تقودها أميركا ضد الإرهاب.
الشيخ مُحمد صادق محمد يوسف، أحد أبرز علماء الدين الإسلامي في آسيا الوسطى، تحدث لإذاعة أوربا الحرة / إذاعة الحرية عن هذا الموضوع. وذكر أن فئاتٍ تدعو إلى إقامة نظام إسلامي يضم كل دول المنطقة مثل (حزب التحرير) في أوزبكستان كسبت شعبيةً بعدما حاولت الحكومات التي خلفت العهد السوفياتي منع التوجه الشعبي نحو الإسلام. وربما كان السبب في ذلك هو خوفها من فقدان السلطة. فقد فرضت هذه الحكومات قيودا على تشييد مساجد جديدة ونشر الكتب الدينية.

"لا يمكن للأشخاص الذين يريدون تعلّم الإسلام أن يفعلوا ذلك بطريقة سهلة وصحيحة وحرة. لذلك تمكن حزب التحرير وجماعات متطرفة أخرى من نشر أفكارهم الراديكالية والعنيفة بطرق سرية وغير شرعية. كما تمكنوا من تصوير هذه الأفكار للناس العاديين بأنها تمثل الإسلام الحقيقي. ومن أجل وقف هذه الممارسات، ينبغي وضع التربية الإسلامية على الطريق الصحيح".

يشار إلى أن الفئات الأصولية المتشددة في أرجاء العالم الإسلامي تعتبر نفسها طرفا خاسرا في النزاع الذي غالبا ما ينتهي بانتصار الحكومات التي تعارضها والمسلّحة تسليحا جيدا. لكن المتشددين يستمدون قوةً من قدرة عدة ثورات إسلامية على النجاح في الأزمنة الحديثة على رغم الصعاب التي جابهتها.

--- فاصل ---

التقرير يذكر الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 باعتبارها أحدث مثال على ذلك. فقد استطاعت أن تطيح الشاه وتقيم نظاما بديلا يسيطر عليه رجال الدين. وهناك نموذج آخر أقدم عهدا هو حالة المملكة العربية السعودية حيث تحالفت العائلة السعودية مع الحركة الوهابية الأصولية وأفلحت في تولي السلطة في عام 1932. يشار، في هذا الصدد، إلى أن إيران والسعودية تتشددان في تطبيق الشريعة الإسلامية الأمر الذي يجعلهما من أكثر الدول المسلمة أصوليةً في عالمنا اليوم، بحسب ما ورد في التقرير.
ولكن حتى عندما تنجح الثورة الإسلامية فإنها لا تضع حدا للجدل الاجتماعي. ففي إيران اليوم، يدور النقاش حول مدى قدرة المجتمع الحديث على العمل بنجاح في ظل دولة خاضعة لحكم رجال الدين.
مُصلحون إيرانيون يقولون بضرورة أن يشارك رجال الدين السلطةَ مع شخصيات علمانية، خاصة من التكنوقراطيين، بغية تطوير الاقتصاد ومنح الناس العاديين حصة في النظام.
وقد حقق محمد خاتمي فوزا كاسحا بولايتين رئاسيتين لأنه تعهد بمنح مزيد من الحريات الشخصية والسياسية في ظل حكم رجال الدين. لكن المحافظين من رجال الدين عرقلوا الإصلاحات نتيجة لخشيتهم من أن يؤدي تنازلهم عن الكثير من صلاحياتهم السياسية إلى عودة النظام العلماني.
أما في السعودية فإن العائلة الملكية التي يدعمها الوهابيون أصبحت هي نفسها مستهدفة من قبل جماعات أصولية احدث عهدا تتهمها بالفساد والتبعية للمصالح الغربية. ويختم التقرير بالقول إن من أشهر هذه الفئات الجديدة تنظيم القاعدة الذي يتزعمه السعودي المولد أسامة بن لادن، وهو نفس التنظيم المسؤول عن هجمات الحادي عشر من أيلول.

على صلة

XS
SM
MD
LG