روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: اجتماع فيينا بين العراق والأمم المتحدة


مراسل إذاعة أوروبا الحرة (تشارلز ريكنكل) أعد تقريراً عن اجتماع فيينا بين المفاوضين العراقيين والأمم المتحدة حول عودة مفتشي الأسلحة إلى العراق. (ولاء صادق) أعدت العرض التالي.

من شأن المفاوضين العراقيين ان يعقدوا لقاءا مع الامم المتحدة يومي الخميس والجمعة المقبلين في فيينا في آخر جولة من المحادثات عن عودة مفتشي الاسلحة الى العراق. الا ان افاق التقدم تبدو مظلمة مع تأكيد بغداد هذا الاسبوع طلبها بضرورة ان يسبق عودة المفتشين تعليق لنظام العقوبات وهو طلب ترفضه الامم المتحدة. مراسل اذاعة اوربا الحرة اذاعة الحرية شارلز ريكناغل كتب لنا التقرير التالي عن اجتماع فيينا المقبل.

مع اقتراب موعد اللقاء مع الامم المتحدة يشير المسؤولون العراقيين الى انهم غير مهتمين بالتحدث عن عودة المفتشين كما تريد الامم المتحدة قدر اهتمامهم بانهاء العقوبات. إذ اخبر وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الصحفيين في وقت مبكر من هذا الاسبوع أنه يأمل في ان تحقق هذه الجولة خطوة الى الامام في اتجاه الرفع الكامل للحظر اللااخلاقي والمجرم حسب تعبيره. ويأتي كلام الوزير العراقي تأكيدا لمطالب وردت في الصحافة العراقية عن ان العقوبات يجب ان ترفع قبل التمكن من التوصل الى اتفاق يسمح بعودة المفتشين عن الاسلحة الى البلاد. اذ ذكرت صحيفة بابل التي يديرها نجل الرئيس العراقي عدي الاسبوع الماضي ان على الهيئة الدولية ان ترفع اولا الحظر الظالم عن البلاد حسب تعبير الصحيفة.
وربطت صحيفة الثورة الناطقة باسم حزب البعث الحاكم اي تقدم ينجز في جولة المحادثات الجديدة برد الامم المتحدة على مجموعة من الاسئلة كان العراق قد ارسلها سابقا الى مجلس الامن. ومنها مطالب بمعرفة الموعد المحتمل لانهاء العقوبات والغاء منطقتي الحظر الجوي التي فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق ومخططات الامم المتحدة ازاء ما تقوله واشنطن عن عزمها بتغيير النظام في بغداد.
ويذكر ان دفق التصريحات العراقية قبيل اجتماع هذا الاسبوع في فيينا ادى الى ردود حذرة من كبار مسؤولي الامم المتحدة الذين يحاولون تركيز المحادثات على عمليات التفتيش عن الاسلحة. وقد حذر الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان في وقت سابق من الشهر الماضي من عدم امكانية استمرار المحادثات مع العراق الى الابد وعبر عن امله في ان يتوصل اجتماع فيينا الى نتيجة حاسمة. وقال ايضا انه حول الاسئلة العراقية الى مجلس الامن الا انه لم يستلم اي رد حتى الآن.
اما المحللون فيقولون إن سياسة العراق بفرض شروط علنية على المحادثات المقبلة تعني ان الامل ضعيف في التوصل الى اتفاق في فيينا رغم ان هذه الجولة من المحادثات هي الثالثة منذ شهر آذار. وكانت الجولتان الاوليان قد جرتا في نيويورك ولم تحققا غير القليل من التقدم.
وشهدت الجولة الاخيرة من المحادثات التي جرت في شهر أيار الماضي اول مباحثات بين الوفد العراقي وهانز بلكس رئيس لجنة التفتيش الجديدة عن الاسلحة الانموفك والتي لم يسمح لها بدخول العراق بعد. وانتهى الاجتماع باكتفاء الجانبين بالقول إنهما عبرا عن مصادر قلقهما في جو ودي واتفقا على متابعة الحوار. وتم تحديد موعد جديد في فيينا وليس في نيويورك بسبب شكاوى العراق من مواجهة عدد من اعضاء الوفد العراقي صعوبات في الحصول على تأشيرات سفر الى الولايات المتحدة في الوقت المناسب.

وقال جون وولفستال وهو نائب مدير مشروع عدم الانتشار في معهد كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن، قال إن العراق يفرض شروطا على المحادثات بطريقة تشير الى ان بغداد غير مهتمة بالتفاوض بشأن عودة المفتشين الى العراق. وتابع قائلا:
"العراق سعيد بالوضع الراهن أساسا. فهو لا يريد للمفتشين الدوليين ان يتجولوا في البلاد ويكشفوا النقاب عما هو بالتأكيد بداية جديدة لبرنامجهم النووي ولبرنامج اسلحتهم البيولوجية ولعملهم في مجال الصواريخ البالتسية. ثم ان العقوبات تعمل لصالح صدام حسين بطرق معينة. ففي امكانه الاستمرار في قمع شعبه وفي توجيه اللوم الى الغرب والعالم الخارجي في معاناة الاطفال والعراقيين الاعتياديين".

ثم اضاف:
"لديه القليل جدا من المحفزات في الواقع لتقديم تنازلات على صعيد اعمال التفتيش ولذلك شهدنا في رأيي هذا الربط بينها وعدد من شكاوى النظام العراقي القديمة".
ومع ذلك يقول المحلل إن هناك احتمالا ان تشهد الجولة الجديدة طرح بغداد تقديم تنازلات رمزية الى الامم المتحدة مثل السماح لهانس بلكس رئيس الانموفك بزيارة بغداد لاجراء محادثات مع المسؤولين هناك. وقال إن العراق ربما كان يأمل في مقابل لهذا التنازل الذي لن يتضمن القيام بعمليات تفتيش ان تتخذ الامم المتحدة موقفا ازاء بعض المطالب العراقية مثل تقليل الرقابة على تسعير النفط العراقي.

وجدير بالذكر هنا ان لجنة العقوبات التابعة للامم المتحدة تسعر النفط العراقي بعد تحميله في الناقلات بهدف الحد من قدرة بغداد على المطالبة برسوم اضافية من المشترين وهو ما يشكل انتهاكا لبرنامج النفط مقابل الغذاء. وكان العراق قد احتج مرارا على سياسة التسعير بأثر رجعي ودعمت احتجاجاته موسكو التي قالت ان هذه السياسة تخفض من ارباح شركات النفط الروسية التي تتعامل بالجزء الاكبر من تجارة النفط العراقي. وهناك نقاش يدور حاليا داخل لجنة العقوبات التابعة للامم المتحدة عن تعديل محتمل لهذه السياسة.
ولكن اذا ما كان العراق يأمل في الحصول على تغييرات في سياسة العقوبات مقابل تقديم تنازلات رمزية على صعيد أعمال التفتيش عن الاسلحة فمن المحتمل ان تقاوم الولايات المتحدة وبريطانيا، اهم مؤدي نظام العقوبات، هذا الامر بشدة. وكانت واشنطن ولندن قد كررتا مرارا إنهما لن توافقا على اي شيء ينتج عن المحادثات غير الامتثال الكامل لاعمال التفتيش وان صبرهما سينفد من المماطلة في المحادثات وفي نقاشات عن انصاف حلول.
ومع ذلك يقول المحللون إنه بينما يقل صبر الولايات المتحدة ازاء العراق الا ان الاحتمال ضعيف في ان يؤدي فشل المحادثات الخاصة باستئناف أعمال التفتيش الى فرض واشنطن عقوبة مباشرة على بغداد باللجوء الى عمل عسكري. وكان مثل هذا الامر قد اثير العام الماضي في تصريحات لمسؤولين اميركيين ذكرت ان واشنطن ستبقي الخيارات كلها مفتوحة للتخلص من خطر اسلحة الدمار الشامل العراقية في غياب عمليات تفتيش صارمة. الا ان الحديث عن حلول عسكرية سرعان ما خفت بعد ان أعلن الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير بشكل مشترك في شهر نيسان الماضي أنهما لا يخططان لفعل ذلك حاليا.

ويقول وولفستال إن واشنطن تعطي الاولوية لتخفيف الصراع الاسرائيلي الفلسطيني في الشرق الاوسط ولا تريد تعقيد المهمة بمهاجمة العراق. وقال ايضا إن هذا قد يعني أن المحادثات بين العراق والامم المتحدة قد تستمر في جولات مقبلة رغم عدم وجود امل كبير في توصلها الى حل ازمة المفتشين الدوليين. واضاف:
"الصبر قليل جدا في واشنطن ازاء صدام حسين. من الواضح ان هناك فاعلين اساسيين في الادارة الاميركية ممن يريدون السير الى العراق وضرب صدام وانهاء المسألة العراقية بشكل حاسم. ولكن من الواضح انهم ليسوا على وشك اطلاق النار في العراق في اي وقت قريب، في ظل الوضع الحالي في الشرق الاوسط وطرح الرئيس بوش مجموعة من الخطوط الاساسية الجديدة لخطة السلام في الشرق الاوسط، وسعيه الى اخراج ياسر عرفات ومحاولته محاربة الارهاب".

ثم تابع قائلا:
"وبالتالي في حال عدم توفر رغبة حقيقية في واشنطن في التوصل الى حل مع صدام حسين عن طريق التفاوض او عن طريق القوة العسكرية، اعتقد اننا سنستمر في رؤية الامم المتحدة تجري محادثات مع العراق وتحاول التوصل الى اتفاق دون امل كبير في النجاح".
ويذكر هنا ان العراق منع مفتشي الاسلحة الدوليين من العمل في البلاد منذ انسحابهم في عام 1998 وهو انسحاب اعقبه توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات بهدف معاقبة بغداد على عدم تعاونها في مجال التفتيش. وتطالب الامم المتحدة العراق كشرط لرفع العقوبات ان يثبت عدم امتلاكه اسلحة دمار شامل من خلال اعمال التفتيش.
ويذكر ايضا ان الامم المتحدة كانت قد فرضت عقوبات على العراق بعد اجتياح الاخير الكويت في عام 1990.

على صلة

XS
SM
MD
LG