روابط للدخول

خبر عاجل

التغيرات الأخيرة في السياسة الأميركية باتجاه العراق


ركزت صحيفتان بريطانيتان على التغيرات الأخيرة في السياسة الأميركية باتجاه العراق إثر التقارير الإعلامية التي أفادت بأن الرئيس بوش أمر بتنفيذ عملية سرية لإطاحة الرئيس العراقي. التفصيلات في العرض التالي الذي أعده ويقدمه (ناظم ياسين).

تناولت صحيفتان بريطانيتان واسعتا الانتشار اليوم الثلاثاء تطورات القضية العراقية إثر الكشف عن معلومات أفادت بأن الرئيس جورج دبليو بوش أصدر أمرا رئاسيا إلى وكالة المخابرات المركزية لتنفيذ عملية سرية تستهدف الإطاحة بالرئيس العراقي.
فتحتَ عنوان (حروب سباق الخيل الأميركية تخدع العراقيين)، نشرت صحيفة (الغارديان) اللندنية تقريرا بقلم (هنري بورتر) و(ديفيد روز).
يستهل التقرير بالإشارة إلى أن الأمر الذي أصدره بوش إلى ال(سي. آي. أيه.) بالقبض على صدام حسين أو اعتقاله يتحدى توجيهات رئاسية أميركية سابقة تحظر اغتيال زعماء دول أجنبية. كما يمكن اعتباره بمثابة تغير مذهل في سياسة واشنطن تجاه بغداد التي اتسمت بالتناقض والانحراف واللامبالاة بمعاناة الشعب العراقي. وقد يكون بوش عازما على إطاحة صدام، لكن سجل الولايات المتحدة لا يبشر بنتائج حسنة، على حد تعبير الصحيفة.
فوكالة المخابرات المركزية تبدأ من الصفر تقريبا في العراق. ذلك أن الرئيس السابق كلينتون ضمَنَ، في عام 1995، هزيمة انتفاضة مخطّطة حينما سحَب تأييد الولايات المتحدة لها عشية بدئها. وتم قتل العديد من عملاء ال(سي. آي. أيه). ومنذ مغادرة مفتشي الأسلحة الدوليين في عام 1998، كان المصدر الوحيد للمعلومات عما يجري في داخل العراق هو (المؤتمر الوطني العراقي) المعارض بقيادة الدكتور أحمد الجلبي في لندن، بحسب تعبير (الغارديان).
الصحيفة تذكر أن (المؤتمر) ساعد في إجراء الترتيبات لانشقاق عدة مسؤولين في النظام ممن كشفوا معلومات مهمة. وبين هؤلاء (عدنان سعيد الحيدري)، المقاول المختص الذي كانت بحوزته وثائق تسند الرواية بأن شركته قامت ببناء منشآت جديدة للأسلحة الكيماوية والبيولوجية. كما ساعد (المؤتمر) في انشقاق (أبو زينب القريري)، وهو ضابط سابق في المخابرات العراقية برتبة عميد. ويقول كاتبا التقرير أن (القريري) اعترف لهما في مقابلات أجريت على مدى ثلاثة أيام في بيروت، اعترف بدوره في إصدار الأوامر بالقتل والتعذيب والاعتقال والإشراف على معسكر لتدريب الإرهابيين قرب بغداد، بحسب ما أفادت (الغارديان).

--- فاصل ---

الصحيفة اللندنية تضيف أن (المؤتمر الوطني العراقي) يُبقي على اتصالاته عبر البريد الألكتروني المشفّر وهواتف الأقمار الصناعية مع أفراد داخل العراق. وبوسع البعض من هؤلاء الحصول على أسرار سياسية وعسكرية.
وبما أن المعلومات التي يستقيها (المؤتمر) من شبكته في الداخل تعد عنصرا قيّما في التخطيط لانتفاضة، يُفترض أن تسعى الإدارة الأميركية نحو تعزيز دور هذه الجماعة في جمع المعلومات. ولكن من غير المستغرب أن تحاول الولايات المتحدة، بالنظر إلى سجلها في العراق، أن تحاول وقف نشاطات (المؤتمر).
الصحيفة تذكر أن (المؤتمر) يعتمد في تمويل نشاطاته على المساعدات التي أقر الكونغرس منحها له في عام 1998. لكن وزارة الخارجية الأميركية هي التي تشرف على هذه المنحة. وفي الأسبوع الماضي، قام مسؤولون من الخارجية الأميركية بتسليم الجلبي رسالة تبلغه بأن التمويل سوف يتوقف ما لم يعلّق (المؤتمر) بشكل دائم برنامجه لجمع المعلومات من داخل العراق.
لكن الجلبي رفض وقف البرنامج مشيرا إلى أن (المؤتمر الوطني العراقي) سيتحول إلى واحد من المكاتب الدعائية الفارغة التي طالما زعم منتقدوه في واشنطن أنه كذلك.
(الغارديان) تقول إن ما يصعب إدراكه في هذا الأمر هو أن الولايات المتحدة لا تمتلك سوى القليل من الخيارات الواقعية على الأرض في العراق، بحسب تعبيرها.
وتنقل الصحيفة عن "بوب باير"، الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، قوله في كتاب نشره أخيرا إن وزارة الخارجية الأميركية أحبطت محاولة قام بها لتنظيم معارضة مسلحة ضد صدام في منتصف التسعينات. وإثر ذلك، تم استدعاؤه إلى واشنطن حيث قام مكتب التحقيقات الفدرالي (أف. بي. آي.) بالتحقيق معه بتهمة التآمر لقتل صدام حسين.
الصحيفة تشير إلى أن ما تصفه بهذا النوع المحّير من ازدواجية التفكير يدفع الكثير من العراقيين إلى التشكيك بالتصريحات التي تصدر الآن عن الإدارة الأميركية، بحسب ما ورد في التقرير الذي نشرته صحيفة (الغارديان) البريطانية.

--- فاصل ---

أما صحيفة (الإندبندنت)، فقد نشرت مقالة وتعليقا على التغيرات الأخيرة التي طرأت في سياسة واشنطن تجاه بغداد.
المقالة التي كتبها (ديفيد آزبورن) تتناول العمليات السرية السابقة التي قامت بها المخابرات الأميركية ضد أنظمة أجنبية في الخمسينات والستينات والسبعينات في دول كإيران والعراق وغواتيمالا وتشيلي والكونغو التي كانت تعرف سابقا باسم (زائير). وتقول إن ما كشفته صحيفة (واشنطن بوست) بشأن الأمر الرئاسي إلى ال(سي. آي. أيه.) باستخدام جميع الأدوات المتاحة لإطاحة صدام يعني أن وكالة المخابرات المركزية ستعود إلى ممارسة نشاطاتها القديمة لتنفيذ المهمة التي كلفت بها في العراق. وبالإضافة إلى جواسيسها، ستكون فرق من القوات الخاصة تحت تصرف الوكالة. لكن هذا لا يعني أن العملية السرية سوف تنجح. وقد ألمح إلى ذلك الاحتمال مدير المخابرات المركزية الأميركية (جورج تينيت) حينما صرح بالقول إن فرص نجاح أل (سي. آي. أيه.) في تنفيذ المهمة، دون أي عملية عسكرية تسندها، لا تتجاوز عشرة إلى عشرين في المائة.
وقبل أن يتطرق المقال إلى تفاصيل عمليات سرية مماثلة سابقة في إيران وتشيلي وكوبا والكونغو وإندونيسيا، يقول: "لن يحزن الكثيرون من الناس على وفاة الرئيس صدام. لكن نتائج غير متوقعة قد تنشأ عن عملية واسعة لوكالة المخابرات المركزية في العراق"، بحسب تعبير الكاتب (آزبورن) في صحيفة (الإندبندنت) اللندنية.

--- فاصل ---

وفي التعليق الذي نشرته الصحيفة نفسها تحت عنوان (توقفوا عن محاولة التصرف مثل رماة هوليوود)، تقول (الإندبندنت): لو أن الولايات المتحدة أرادت تأكيد كل الشكوك السيئة في العالم، لن يكون بوسعها أن تفعل أي شئ أسوأ من الكشف عن تكليف
الـ (سي. آي. أيه.) بتنظيم انقلاب ضد صدام حسين في العراق، على حد تعبيرها.
وتضيف أن الكثيرين يتفقون على هذا الهدف. ذلك أن سقوط صدام هو أمر مستحَق ومرغوب فيه حتى من قبل الدول العربية. لكن قيام واشنطن بالكشف عن خططها الآن يبعث رسالة خاطئة، بصرف النظر عن مدى استحسان الناخبين الأميركيين لها. والطريق نحو الإدانة الدولية للولايات المتحدة معبّدة بالانقلابات ومحاولات الانقلاب التي نظمتها ال(سي. آي. أيه) ضد زعماء منتخبين بشكل ديمقراطي ك(مصدّق) في إيران و(أليندي) في تشيلي وغيرهما، بحسب تعبير الصحيفة.

--- فاصل ---

(الإندبندنت) تشير إلى احتمال أن تكون المعلومات التي كُشفت أخيرا قد تم تسريبها بشكل متعمَد من أجل زيادة الضغوط على صدام في الوقت الذي تدرس الإدارة ما إذا ستحتل بلاده أم لا. الرئيس بوش ووزير دفاعه (دونالد رامسفلد) يريدان المضي قدما في تنفيذ عملية مبكرة. لكن عنصرين اثنين يحولان دون ذلك وهما أولا، الاعتراضات الدولية الصاخبة ولا سيما من العالم العربي. أما العنصر الثاني وربما الأهم فهو إخفاق أميركا في تطوير تأييد ذي مصداقية داخل العراق يتمثل بالعمل كقوة برية لها على النحو الذي قامت به قوات (التحالف الشمالي) في أفغانستان.
وتعتبر الصحيفة أن هذين العنصرين كافيان لكي يكبحا الاحتلال المباشر أو القيام بعملية سرية تقوم بها وكالة المخابرات المركزية.
إلى ذلك، فإن السماح ل (السي. آي. أيه.) بتنفيذ هذا النوع من العمليات سيشكل انتهاكا للقانون الدولي والتشريعات الداخلية في الولايات المتحدة.
التعليق يختم بالقول: "ليست هذه وسيلة من الوسائل التي ينبغي انتهاجها من قبل ديمقراطية ناضجة هي الآن القوة العظمى الوحيدة في العالم. وإذا كانت أميركا تعتقد أن تغيير النظام في العراق هو في مصلحة السلام والأمن الدوليين فمن الأفضل أن يتم ذلك عن طريق العمل الشرعي والضغوط العالمية المنسّقة. فالعالم الحقيقي هو هذا، وليس هوليود"، على حد تعبير صحيفة (الإندبندنت) البريطانية.

على صلة

XS
SM
MD
LG