روابط للدخول

خبر عاجل

تقرير حول المنفيين العراقيين - الجزء الاول


نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً مفصلاً ومطولاً عن المنفيين العراقيين. (أياد الكيلاني) يقدم الجزء الأول من عرض لهذا التقرير.

صحيفة الـ Guardian البريطانية نشرت اليوم تقريرا مطولا بعنوان (المنفيون) لمحررها Andy Beckett، تتناول فيه وضع المغتربين العراقيين، وخصوصا من اتخذ منهم بريطانيا موطنا جديدا، وسنقدم لكم، مستمعينا الكرام عرضا لما ورد فيه في جزأين نذيعهما ضمن فقرات برامجنا اليوم وغدا. تقول الصحيفة إنه في الوقت الذي يتهيأ فيه الغرب لحرب جديدة ضد صدام حسين، هناك مجموعة من الناس تراقب هذه التطورات باهتمام يفوق اهتمام الآخرين، وهي مجموعة آلاف العراقيين المقيمين في بريطانيا، حيث يعتبرون إحدى أقل الجاليات المهاجرة لفتا للأنظار.
وتتابع الصحيفة أن أحد هؤلاء المغتربين المقيمين منذ سنوات عديدة في بريطانيا هو الدكتور محمد مكية، الذي كان ولد في بغداد ولكنه عضو في العهد الملكي البريطاني للمهندسين المعماريين منذ 1948، وله آراء محددة عن الشخصيات البريطانية التاريخية، ودأب على السكن عبر العقود في أحياء لندن الراقية.
ويتابع المحرر قائلا إن الحديث مع مكية سرعان ما يكشف تفاصيل أقل رومانسية عن حياته، فهو أمضى فترات طويلة في المنفى مدة تزيد عن ربع قرن، تعرض أقرباؤه في العراق خلالها إلى شتى الضغوط من قبل مسؤولين حكوميين كي يكشفوا عن أرقام هواتفه في بريطانيا، بدأ على أثرها يتلقى مكالمات تهديد. أما عمله كمهندس معماري فلقد ازدهر في الستينات والسبعينات – حين شيد المساجد وأعاد تصميم مدن في أرجاء العراق والشرق الأوسط – إلا أنه بدأ يتعرض إلى الصعوبات حين لفت أنظار صدام حسين.

--- فاصل ---

ويقول الدكتور مكية في مقابلة مع Beckett: في 1980 دعوني للعودة إلى العراق بهدف وضع تصميمات جديدة للعاصمة بغداد، ولكنني رفضت. وكانت الدعوة قدمها لي في لندن السفير شخصيا، مصحوبة برسالة تضمنت وعدا بالحفاظ على سلامتي في العراق. لم يبق لي خيار سوى الذهاب، وحين وصلت سعيت إلى البقاء بعيدا عن صدام حسين، وإلى تحاشي التقاط الصور معه. ولكن – وفي إحدى الحفلات الرسمية التي حضرها الرئيس العراقي – سارع مرافقوه إلى تقديمي إليه.
ويضيف مكية إنه صافح صدام حسين الذي طلب منه أن يزوره زيارة رسمية وحدد له موعدا لها. إلا أنه – في اليوم المحدد للمقابلة – أعلن صدام حسين الحرب على إيران. أما مكية فلقد تمكن من الإفلات من عملية القمع التي تعرض إليها المنشقون في العراق، من خلال التوجه مباشرة إلى الحدود وهو يبرز وثيقة بعدم التعرض إليه في نقاط التفتيش.
ويمضي Beckett في تقريره إلى أن مكية – رغم مغامراته وإنجازاته المميزة – لم يظهر اسمه أبدا في صحيفة بريطانية، شأنه في ذلك شأن آلاف العراقيين المقيمين في بريطانيا. وتتراوح أعدادهم – استنادا إلى جمعيات خيرية تتخذ بريطانيا مقرا – ولعدم توفر أرقام رسمية، بين 100 و200 ألف شخص لا يلفتون الأنظار رغم كونهم من مجموعات المهاجرين الكبيرة. ويوضح التقرير أن لندن أصبحت الآن عاصمة المنفيين العراقيين في أوروبا وربما في العالم.

--- فاصل ---

وتتابع الـ Guardian في تقريرها أن بريطانيا – منذ 1991 – خاضت حربا رسمية مع العراق، واشتركت في حرب ثانية غير رسمية متمثلة في فرض العقوبات وعمليات القصف المتفرقة، وهي اليوم يبرز دورها في الإعداد لحرب ثالثة.
ويؤكد Beckett أن التكوين الاجتماعي للمغتربين العراقيين، وآراءهم المتباينة حول احتمال تعرض بلدهم إلى هجوم بريطاني، لم تزل غير واضحة للآخرين. ويمكنك – يقول المحرر – لمس الشعور بالإحباط إزاء هذا الجهل لو قمت بزيارة إلى جمعية الجالية العراقية الواقعة في أحد أحياء لندن الغربية، وهي المكان الذي تعود القادمون العراقيون على جعله المحطة الأولى بعد وصولهم. وينقل عن مدير الجمعية (جبار حسن) قوله: الناس في بريطانيا يعرفون العراق من خلال صدام حسين. ويتابع رئيس الجمعية – التي تحولت تدريجيا إلى مركز للبحث عن العمل – موضحا: ستجد بين المقيمين في بريطانيا كتابا ومهندسين وأكاديميين، فالعديد من أفراد جاليتنا مؤهلون، ويتمتع بعضهم بالحس التجاري الذي جعلهم يثبتون أنفسهم بسرعة.

--- فاصل ---

وتنتقل الصحيفة في تقريرها إلى بعض الجوانب التاريخية وتقول إن العراق كدولة حديثة هو من صنع بريطانيا، إذ كان المثلث الخصب المحيط بدجلة والفرات قبل الحرب العالمية الأولى عبارة عن ثلاثة أقاليم تابعة إلى الإمبراطورية العثمانية وكانت تعرف في أوروبا باسم (بلاد ما بين النهرين). وحين دخل العثمانيون الحرب إلى جانب ألمانيا في 1914 شعرت بريطانيا بتهديد لمصالحها في المنطقة – حيث كانت الشركات البريطانية حققت هيمنتها على التجارة – الأمر الذي دفعها إلى الإسراع في إنزال قوات على الشواطئ الواقعة على بعد عدة مئات الكيلومترات عن بغداد. وبعد حملة مطولة تمكنت بريطانيا – بحسب التقرير – من احتلال بلاد ما بين النهرين بحلول 1918، وأعلنت عصبة الأمم هذه المنطقة واقعة تحت الانتداب البريطاني، أي بمثابة مستعمرة يحتلها جنود بريطانيون ويديرها مسؤولون بريطانيون في كيان موحد اسمه العراق.
ومكث البريطانيون في العراق – استنادا إلى الصحيفة – فترة تجاوزت ثلاثة عقود، رغم حصول العراق رسميا على الاستقلال في 1932، وكان التوبيخ للحكومات العراقية المتتالية يصدر بسرعة وصرامة من لندن كلما شرعت هذه الحكومات بتحدي إرادة بريطانيا.

ثم عادت بريطانيا – بحسب Beckett إلى غزو العراق ثانية إبان الحرب العالمية الثانية حين بدت الحكومة العراقية الجديدة آن ذاك تميل نحو الجانب الألماني في الحرب.
ومع بدأ النفوذ البريطاني في التناقص خلال عقد الخمسينات، كانت نشأت علاقة تميزت بمزيج من الحب والكراهية بين المستعمِر البريطاني والمستعمَرين، فأصبحت لندن الوجهة المفضلة للطلاب ورجال الأعمال العراقيين، وتميزت الطبقة الوسطى في العراق بإتقان اللغة الإنكليزية وبقدرتها على التعامل مع الإنكليز.

قدمت لكم، أعزائي المستمعين، عرضا للجزء الأول من تقرير نشرته اليوم صحيفة الـ Guardian البريطانية بعنوان (المنفيون)، وسنوافيكم بعرض للجزء الثاني والأخير منه ضمن برامجنا ليوم غد الأربعاء.

على صلة

XS
SM
MD
LG