روابط للدخول

خبر عاجل

تأثر سياسة واشنطن الخارجية بأزمة الشرق الاوسط


أكرم أيوب أزمة الشرق الأوسط تلقي بظلالها على السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. صحيفة واشنطن بوست تناولت هذا الموضوع في تحليل قرأه (أكرم أيوب) ويعرض له فيما يلي.

نشرت صحيفة واشنطن بوست الاميركية في عددها الصادر اليوم مقالة حول سياسات الادارة الاميركية، استهلته بالاشارة الى أنه بالرغم من التأييد الواسع للاداء المتشدد في السياسة الخارجية خلال الاشهر الستة الاولى التي أعقبت هجمات الحادي عشر من ايلول الارهابية، الا ان الرئيس جورج بوش وجد نفسه فجأة متهما بالقيادة المترددة، وبعدم امتلاك إستراتيجية متماسكة في مواجهة الازمات الدولية.
الصحيفة اشارت الى ان المؤيدين لاسرائيل، والمحافظين، والدول العربية المناصرة للفلسطينيين، اتهموا سياسة بوش الشرق اوسطية بكونها غير فعالة وتفتقد الى الاقناع والوضوح والثبات.
ويلفت عدد من المطلعين على شؤون السياسة الاميركية الى الخلافات العميقة بين أعضاء الادارة، وأن مجموعة من كبار المسؤولين أشاروا الى جاهزية هجوم ضد العراق، في الوقت الذي أكدت فيه مجموعة اخرى من المسؤولين للحلفاء، الذين انتابهم القلق لهذا الامر، بعدم وجود خطة معدة للهجوم. وفي الوقت عينه قامت الادارة الاميركية بتغيير الاسباب الداعية للتخلص من الرئيس العراقي صدام حسين – بحسب تعبير الصحيفة.
زعماء الحزب الديموقراطي، وعلى الرغم من معرفتهم بشعبية الرئيس بوش، أخذوا في طرح انتقادات تتصف بالحذر، وتنقل الصحيفة عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جوزيف بايدن، وهو من الديموقراطيين، إشارته الى أداء الادارة الاميركية خلال المحاولة الفاشلة للاطاحة بالرئيس الفنزويلي هوجو شافيز، بأنه لم يكن ملائما الى حد ما.
وعلى الرغم من عدم تردد أعضاء الكونغرس من الحزبين، من إبداء استيائهم من طريقة معالجة الادارة لازمة الشرق الاوسط، الا ان غالبيتهم امتنعوا من مهاجمة أداء الرئيس السياسي. لكن بات روبرتسون الزعيم المحافظ لمجموعة مسيحية، اشار الى ان الرئيس بوش ارتكب خطأ كبيرا في تساؤله عن العمليات العسكرية الاسرائيلية، وفي تعامله مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات – بحسب تعبير الصحيفة.

وتطرقت واشنطن بوست الى دعوة الرئيس الاميركي للزعماء العرب بالاختيار، وبعدم تقديم الدعم للارهاب، وبممارسة الضغوط على عرفات. لكن عددا من كبار المسؤولين العرب أشاروا الى ان بوش عليه عدم توقع الاذعان لمطالبه خلال اجتماعه هذا الاسبوع بالعاهل المغربي محمد السادس وبولي العهد السعودي الامير عبد الله. المسؤولون العرب ذكروا بأن الزعيمين سيحذران بوش من أن رفضه أو عدم قدرته على السيطرة على اسرائيل قد أدت الى تدمير أغلب، ان لم يكن جميع، المكاسب التي تحققت على صعيد العلاقات الاميركية العربية، وفيما يتعلق بقدرتهم (أي الزعماء العرب) على قمع التطرف الاسلامي الذي ظهر بعد الحادي عشر من ايلول – على حد قول الصحيفة.

وقالت الصحيفة ان التساؤلات والانتقادات التي ساقها العديد من المسؤولين والخبراء والدبلوماسيين تجاوزت الاداء السياسي للادارة الاميركية الى مجموعة واسعة من المجالات. وتناولت الصحيفة في هذا الشأن مسألة إعادة اعمار افغانستان التي لم تتحقق حتى الوقت الحاضر، والخلاف مع الحلفاء حول الوضع الامني المتدهور هناك، والاتفاقات التجارية التي لم تر النور والتي تعهدت بها الولايات المتحدة مع عدد من البلدان، إضافة الى التعهدات الموقوفة مع المكسيك بخصوص مسألة المهاجرين، والعلاقات التي تعرضت للمد والجزر مع كوريا الشمالية.
وقالت الصحيفة ان العديد من المصادر ترى في بوش رئيسا محاطا بمستشارين على خلافات فيما بينهم، وبضغوط سياسية داخلية متقاطعة. وقد حدا هذا بالمستشار السياسي للبيت الابيض كارل روف الى التحذير من أن التعامل مع عرفات تسبب في تغيير طفيف في آراء المساندين للجمهوريين.
ونقلت الصحيفة خشية رئيس الهيئة الاستشارية لشؤون المخابرات الاجنبية برنت سكوكروفت من مخاطر تبني الادارة لمهام عديدة، مشيرا الى إحتمالات ان تصبح الحرب على الارهاب مسألة بالغة التعقيد. كما نقلت الصحيفة عن جيمس شتاينبرغ الذي يرأس برنامج السياسة الخارجية في معهد برووكنك إشارته الى ان الفريق العامل مع بوش لم يصل بعد الى كيفية التعامل مع تحديات عدة في السياسة الخارجية، لافتا الى تولي الوزراء البت في العديد من القضايا، والى وجود خلافات مستحكمة بين المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع على وجه الخصوص، والى عدم توافر سياسات محكمة واستراتيجيات تقع خارج نطاق مبدأ محاربة الشر الذي نال اهتمام الادارة الاعظم.

لكن مستشارة الرئيس لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس – كما تقول الصحيفة – ترفض الانتقادات التي تصف الاداء السياسي للادارة الحالية بأنه أداء هواة، مشيرة الى الخبرة التي تمتلكها الادارة في مجال السياسة الخارجية، والى كون الرئيس بوش يقود حربا بارعة ضد الارهاب، والى انه تمكن من تغيير طبيعة العلاقة مع روسيا، والى نجاحاته في السياسة الخارجية في أرجاء العالم.
ولفتت الصحيفة الى وجود القلة من الناس الذين يعارضون ما اشارت اليه رايس فيما يتعلق بتدمير البنية التحتية لطالبان والقاعدة في افغانستان، والعلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وروسيا، وما انطوت عليه من تعاون الرئيس فلاديمير بوتين بخصوص الحرب ضد الارهاب والاتفاقات الثنائية للحد من التسلح، وان نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الخارجية كولين باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد يمتلكون خبرة واسعة من خلال عملهم في ادارات سابقة.
وقالت الصحيفة ان هؤلاء المسؤولين يتفقون على الاهداف بشكل عام لكنهم غالبا ما يختلفون على التكتيك السياسي، وان الخبرة الطويلة التي يمتلكونها تخول لهم هذا الاختلاف.
وأشارت الصحيفة الى أن النجاحات خارج نطاق الحرب على الارهاب وروسيا لا يمكن التعرف عليها بسهولة، والى ان العديد من المسؤولين والخبراء أعربوا عن قلقهم بشأن العراق والشرق الاوسط على وجه الخصوص. ففي تركيزها الاولي على العراق، أكدت الادارة على التهديدات التي يشكلها تطوير صدام المزعوم للاسلحة الكيمياوية والبايولوجية والنووية، أما بعد هجمات ايلول، فأنها سعت، لكنها فشلت، في العثور على قرائن تربط العراق بالقاعدة أو بالارهاب عموما، وبظهور الانثراكس في الولايات المتحدة، وهكذا تحول السبب الداعي للاطاحة بصدام إلى القول بأن امتلاكه لاسلحة الدمار الشامل قد يدفعه في يوم ما الى تسليمها الى الجماعات الارهابية. كما ربط بوش مؤخرا بين العراق وبين انفجار العنف في الشرق الاوسط، متهما صدام بتشجيع التفجيرات الانتحارية في اسرائيل عن طريق منح الاموال الى عوائل "الشهداء" من الفلسطينيين - حسب تعبير الصحيفة. وأضافت الصحيفة بأن السعودية ودول الخليج الاخرى تقوم بتقديم الاموال للفلسطينيين.
لذا فأن مستشاري الرئيس الاميركي من الذين يفضلون القيام بعمل عسكري ضد صدام، يرون ان العراق يمثل دعما معنويا وماديا كبيرا لعرفات، وان الاطاحة بصدام بات جزءا لا يتجزأ من عملية تحقيق السلام في منطقة الشرق الاوسط. لكن الحاجة الملحة للتهدئة في المنطقة حولت تركيز البيت الابيض عن العراق في الوقت الحاضر.
واشارت الصحيفة الى ان التركيز المتشدد على العراق، والتردد في التدخل المباشر في صراع الشرق الاوسط، قد أثرا على علاقات الولايات المتحدة بعدد من الدول الاوروبية والحكومات العربية.
وتنقل الصحيفة عن دبلوماسي اوروبي قوله ان تأكيدات باول للحكومات الاوروبية حول عدم ضرب العراق في الوقت الحاضر، والمتعارضة مع تصريحات تشيني ورامسفيلد العدائية، وتصريحات بوش حول محور الشر، جعلت الحكومات الاوروبية تتشكك في قوة الاتجاه الذي يمثله باول داخل الادارة، أو في أن باول يعمل على تهدئة المخاوف التي تنتاب تلك الحكومات.
وتطرقت الصحيفة الى العلاقات البريطانية الاميركية مشيرة الى الابعاد الاوروبية والاستراتيجية لهذه العلاقات. كما تناولت عدم التفات اسرائيل الى الدعوات الصادرة عن الرئيس بوش بالانسحاب من الاراضي الفلسطينية، مشيرة الى ان المسؤولين في البيت الابيض انكروا وجود جدول زمني متفق عليه لانسحاب القوات الاسرائيلية، لكن الرئيس بوش اعلن الخميس الماضي بأن شارون قدم جدولا زمنيا للانسحاب وانه يقوم بتنفيذ الانسحاب وفقا لذلك. وختمت الصحيفة بالاشارة الى ان تصريحات الرئيس الاميركي تتعارض مع ما أدلى به مسؤول بارز في الادارة الاميركية من أن باول حصل على صورة واضحة للنيات الاسرائيلية فيما يتعلق بالانسحاب – بحسب ما جاء في صحيفة واشنطن بوست.

على صلة

XS
SM
MD
LG