روابط للدخول

خبر عاجل

ندوة حول مسالة القوميات في الشرق الأوسط


أقام مركز المثقفين التقدميين الكردستاني في مدينة لاهاي الهولندية ندوة موسعة حول (مسالة القوميات في الشرق الأوسط) وقد تركزت البحوث والدراسات حول ثلاثة مسائل وهي المسالة الكردية في شمال العراق, والمسالة القومية في جنوب السودان ومسالة حقوق عرب الأحواز في إيران.

ومن بين الذين حضروا الندوة الدكتور جبار قادر، الباحث الكردي المتخصص في القضية الكردية، ورئيس مركز الحفاظ على مدينة كركوك. ولقد استمع إلى محاضرته السيد عدنان حسين أحمد وقدم أعم ما ورد فيها في عرض نشرته أخيرا صحيفة الزمان اللندنية. نقدم لكم فيما يلي، مستمعينا الأعزاء، عرضا لأهم ما ورد في الدراسة ضمن حلقة هذا الأسبوع من برنامج (في دور الفكر والنشر).

تقصى الباحث الجذور التاريخية للمشكلة الكردية التي تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر ومحاولة الباب العالي فرض قبضته الحديدية على إمبراطوريته المترامية الأطراف, ولم شتاتها من جديد. واتخذ من معركة جالديران (1514) حداً فاصلاً أسفر عنها تخلي الحكومة العثمانية عن إدارة الشؤون الداخلية للشعب الكردي للزعماء الكرد الفيليين أنفسهم وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية كي يتجنبوا عدم تأجيج المشاعر القومية للشعب الكردي الخاضع لهيمنتهم الاستعمارية.

--- فاصل ---

وتابع الدكتور جبار الجذر قائلا إن دراسة هذه الظاهرة بشكل دقيق تبين بجلاء أن تصرف الإمبراطورية العثمانية بإطلاق يد الزعماء الفيليين الكرد كان محسوباً, إذ زرعت الفرقة والتشتت والتناحر والصراع على السلطة بين الفصائل الكردية التي تنازعت فيما بينها لفترة طويلة من الزمن لتحديد من السيد والمسود في إقليم كردستان.
وهذه السياسة – بحسب الدراسة - أنقذت المجتمع الكردي من التأثر المباشر بسياسة التتريك وما ينجم عنها من نتائج سلبية قد تودي إلى طمس معالم الهوية الكردية.
لهذا عاد العثمانيون من جديد إلى فرض هيمنتهم على إقليم كردستان عن طريق تعيين ولاة يتم انتخابهم من قبل الباب العالي، الأمر الذي أدى إلى التمرد ضد هذه السياسة الجديدة، ونشوب خلافات وصراعات مستمرة أفضت إلى سقوط الإمارات الكردية الواحدة تلو الأخرى حتى سقوط السليمانية في منتصف القرن التاسع عشر.
والغريب – يقول الباحث - أن كل هذه التيارات لم تفكر بإقامة وحدة فدرالية مع الحكومة المركزية آنذاك، شرط ان تنتزع حقوقها القومية كاملة غير منفصلة.

--- فاصل ---

لعبت الأحداث الكبيرة التي شهدها الربع الأول من القرن العشرين، في رأي الباحث، دوراً مهماً في حياة الشعب الكردي في العراق، فقد تقاسمت الدول الكبرى مغانمها وفق اتفاقيات جاحدة لم تراع القوميات والدول الضعيفة التي تم ابتزازها في وضح النهار.
ويرى د. جبار قادر أن إلحاق ولاية الموصل بالعراق ينطوي على هدف واضح وهو تقرير مصير كردستان العراق.
وأورد الباحث ثلاث نقاط تسلط الضوء على الملابسات والظروف التاريخية التي أحاطت بتقرير مصير ولاية الموصل وهي:
1- لم تنظر معاهدة (سايكس بيكو) إلى كردستان الجنوبية كجزء من العراق، فتم تخصيصها لفرنسا التي تنازلت عنها لاحقاً لبريطانيا.
2- إعلان بريطانيا والعراق عام 1922 بياناً مشتركاً يحق فيه للكرد تشكيل حكومة محلية، ولكن كلا الدولتين تراجعت عنه بحجة عدم اتفاق الأطراف الكردية على صيغة الحكومة وشكل العلاقة مع العراق.
3- اعتراف الحكومة العراقية عام 1925 ببعض الحقوق الكردية المشروعة مثل تعيين الموظفين الكرد واعتبار اللغة الكردية لغة التدريس والمحاكم.

--- فاصل ---

ويعتقد الباحث انه بالإمكان اعتبار اتفاقية 11 آذار 1970 محاولة جدية لحل المشكلة الكردية ولا سوء النية لدى النظام والقراءة الخاطئة للأحداث.
وأكد الباحث في المحاضرة أن أمام الكرد في العراق العديد من الحلول لقضيتهم الكردية المشروعة.
الأول هو الحكم الذاتي الذي يلبي مطالب الشعب الكردي بحيث يتساوى فيه المواطن الكردي مع شقيقه العربي، والثاني فهو إقامة اتحاد فدرالي يضم العرب والكرد والتركمان وبقية القوميات والأقليات في العراق أسوة بالأنظمة الفيدرالية في العالم. أما الحل الثالث فهو تقرير مصير الكرد على أرضهم وإدارة شؤون بلادهم بأنفسهم، ولكن – يتساءل الباحث - ما هو موقف الدول المجاورة التي تناصب هذه الفكرة بالعداء منذ اكثر من قرنين من الزمان؟ وهل تسمح القوى العظمى بقيام دولة كردية تتخذ من العراق قاعدة لها، ثم تتوسع لتحقق دولة كردستان الكبرى التي تمتد في كل من إيران وتركيا وسورية والعراق؟

--- فاصل ---

وأجاب الدكتور جبار قادر في نهاية على بعض أسئلة الحاضرين، فعن قراءة الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني لبيان 11 آذار، قال إن الحركة الكردية وقيادة الحزب الشيوعي كانت لهما قراءات غير صحيحة للفترة من 1970_1974، منها حدوث اختلالا لصالح النظام، والمعاهدة العراقية –السوفيتية، وقيام جبهة بين الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث، وقوف المعسكر الاشتراكي إلى جانب الحكومة، وطرح شعار الاتجاه اليميني في الحركة الكردية.

ثم انقسمت الحركة الكردية نفسها إلى قسمين: الفلاحون الفقراء وهم يشكلون القسم الأكبر, والإقطاعيون الأغنياء الذين يشكلون نسبة صغيرة من المجتمع الكردي، وهؤلاء كانوا يتخوفون من قانون الإصلاح الزراعي الذي بدأ تطبيقه في الجنوب.
أما عبد الكريم قاسم فلم يعلن الحرب على الإقطاع , وإنما الإقطاع هو الذي أتعلن الحرب على قاسم بعد أن تكالبت عليه قوى الشر في العالم، والدليل أن وزير الخارجية الأميركي صرح في حينها قائلاً: (إن عودونا الأول في العالم هو ليس الاتحاد السوفيتي، وإنما عبد الكريم قاسم).

--- فاصل ---

وحول تغليبه الجانب التاريخي على الجانب التحليلي في محاضرته، قال الدكتور جبار إنه يلجأ إلى التاريخ أحيانا لتوضيح بعض الأمور، فهو يعتبر المشكلة الكردية (أم المشاكل)، لا بد من حلها، وإلا سوف تبقي المشاكل الأخرى معلقة.
وردا على سؤال: هل تحاورت مع الوفود الكردية المتفاوضة مع الحكومات العراقية المتعاقبة عن صياغة جديدة للهوية القانونية أو الدستورية للدولة العراقية؟ أجاب الدكتور جبار الجذر بقوله إنه سأل رئيس الوفد الكردي المفاوض غير مرة: هل ناقشتم الحكومات العراقية المتعاقبة التي فاوضتموها بشأن إعادة صياغة الهوية القانونية والدستورية أو السياسية للدولة العراقية أم لا؟ وكان الجواب مع الأسف – بحسب الدراسة - كل، إنما كان الحديث يجري عن المنصب الفلاني في هذه القرية الفلانية، وهذه كلها إفرازات كانت طرحت على صفحات الجرائد، ولم تطرح بهذه الصيغة التي نطرحها الآن.
وحول الحلول المتاحة للقضية الكردية يقول الباحث إن الحركة القومية الكردية تبنت مشروع الفدرالية ضمن عراق ديموقراطي ليبرالي تعددي، لكننا الآن بحاجة إلى إعادة صياغة هذه الاقتراحات، وإثارة أسئلة من نوع: هل العراق دولة عربية أم دولة متعددة القوميات؟ هل الشعب العراقي يتكون من هذه الأثنيات المختلفة التي يجب أن تتمتع بكامل حقوقها في المواطنة والتعليم والمشاركة السياسية وما إلى ذلك من أمور، أم انه جزء من الأمة العربية؟، وكلها لا بد من إجابات صائبة عليها، إذا أردنا إيجاد حل لـ (أم المشاكل).

على صلة

XS
SM
MD
LG