روابط للدخول

خبر عاجل

حربُ الطاقة والسدود عنوانٌ مخفي للحرب في العراق


تحولت سدود المياه وخزاناتهُا ومحطاتُ الطاقة وحقول النفط والمنشآت النفطية الى أهداف ساخنة دارت عليها أو حولها اشتباكات بين الجماعات المسلحة والقوات الامنية في العراق خلال الأشهر الأخيرة.

وجدّد هذا الواقع الأهمية القصوى لتلك المواقع وضرورة المحافظة عليها وحمايتها من التخريب الذي يؤدي الى أضرار اقتصادية وبيئية كبيرة.

وفي أحدث تأكيد على تلك الأهمية شنت الطائرات الامريكية غارات جوية يوم الاحد على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية "داعش" قرب سد حديثة لمنع تقدمهم باتجاه السد.

وقالت وزارة الدفاع الامريكية "البنتاغون" إن الضربات الجوية تهدف الى حماية القوات العراقية والمسلحين المتحالفين معها والذين يسيطرون على السد الواقع على نهر الفرات.

ولوحظ ان هذه الضربات التي استهدفت حماية السد هي الاولى للقوات الامريكية ضد مقاتلي "داعش " في محافظة الانبار.

وزير الدفاع الامريكي تشاك هاغل أشار في تصريحات الاحد الى أن سد حديثة هو ثاني اكبر سد لإنتاج الكهرباء في العراق، مؤكدا على أن مصالح بلاده ستتعرض للتهديد اذا سقط السد في ايدي مسلحي تنظيم "داعش".

لماذا يستهدفون السدود؟

بين المتحدث باسم وزارة الموارد المائية هاشم علي بأن مسلحي داعش استهدفوا السدود والمشاريع المائية للإضرار بالمستفيدين منها، فضلا عن تحقيق اهداف عسكرية والتأثير على الراي العام، مشيرا، في حديث لإذاعة العراق الحر، الى ان فترة سيطرة المسلحين على سد الموصل لم يترتب عليها ارتباك كبير في تصريف المياه وخطة الخزن.

من جانبه يرى الخبيرُ الأمني احمد الشريفي أن ما يشهده العراق وبعض دول المنطقة من توترات أمنية لا تبتعد كثيرا عن عنوان كبير هو "حرب الطاقة المعاصرة" التي تتبين مظاهرُها في استهداف العديد من المواقع والاهداف. وان خارطة التوترات الامنية في سوريا والعراق غالبا ما كانت قريبة من خطوط نقل النفط او الغاز او الطاقة الكهربائية فضلا عن المشاريع الاروائية والسدود.

ينظر اقتصاديون الى الامر على أنه مخطط يهدف الى اضعاف الاقتصاد والتنمية في العراق وتحويله الى سوق تصريف لبضائع الدول الأخرى فحسب، هذا ما يخلص اليه الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان، متوقعا ان تنظيم داعش ينفذ خطة من أهدافها البعيدة استمرار تعثر الاقتصاد العراقي.

الى ذلك لاحظ مراقبون ان تنظيم "داعش" سعى مبكرا لاستهداف مشاريع الري والسدود والتحكم بها كما حدث عند سيطرتهم على سدة الفلوجة عندما عمدوا الى قطع المياه عن مناطق واسعة جنوب السد تنفيذا لأهداف عسكرية ونفسية، قبل ان يستهدفوا سدي الموصل وحديثة، والقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عزيز جبر شيال

من جانبه رصد الخبير العسكري سعيد الجياشي خلال حديثه لإذاعة العراق الحر التخطيط الممنهج لتنظيم "داعش"، وتنامي قدراته وخططه للسيطرة على مراكز الطاقة والنفط والبنى التحتية لأهداف استراتيجية في سوريا والعراق، مستعيداً سيطرة التنظيم على سد طبقة، ومواقع نفطية في الحسكة السورية وغيرها، ومن ثم محاولاته للسيطرة على سدي الموصل وحديثة في العراق.

ويضيف الجياشي انه مع تمكن مسلحي التنظيم المتشدد من مباغتة القوات الامنية العراقية والسيطرة على مواقع ذات أهمية استراتيجية، الا نه لن يكون بمستطاعهم السيطرة الدائمة على تلك المواقع خصوصا مع دخول ضربات الطيران الأمريكي كعامل ردع حازم ضد التلاعب بتلك الاهداف المهمة.

سد الموصل بين مخاوف إنشائية وأمنية

استقطب سد الموصل خلال الشهر الماضي اهتمام وكالات الانباء العالمية بعد سيطرة مسلحي تنظيم "داعش" على السد وانسحاب القوات الامنية العراقية ومقاتلي البيشمركة في السابع من شهر آب، في واحدة من الهجمات المهمة التي حققها التنظيم، عقب سيطرته على مدينة الموصل في العاشر من حزيران الماضي.

وحفز ذلك الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات حازمة وسريعة لإنقاذ السد ومساعدة القوات العراقية على استعادة السيطرة عليه عندما شنت طائراتها منذ الثامن من آب. غارات على اهداف لتنظيم "داعش" في محيط سد الموصل.

و شدد البيت الأبيض يومها "على الطبيعة الحيوية لسد الموصل، قائلا إن تصدعه قد يسبب خسارة هائلة في أرواح المدنيين، كما قد يهدد السفارة الأمريكية في بغداد:".

وتكمن اهمية سد الموصل البالغة في أنه أكبر سدود العراق، ورابع أكبر المشاريع الإروائية في الشرق الأوسط، وهو إضافة لتحكمه بخزين مائي يصل الى 11 مليار متر مكعب، يضم محطة كهرومائية تصل طاقتها الإنتاجية الى 800 ميكا واط.

أنشئ السد أواسط الثمانينات، واحتاج إنشاؤه، من قبل شركات عالمية متخصصة، نحو ثلاثة عقود من الدراسات والتحضير ابتدأت منذ الخمسينات.

كثيرا ما تردد الحديث عن مخاطر تهدد السد الكبير، بسبب طبيعة التربة الكلسية التي أنشيء عليها جسم السد التراكمي، والحاجة المستمرة لحقن مواد سمنتية معينة مع الماء لسد الفراغات الناجمة عن ذوبان التركيبات الكلسية تلك. ويؤكد

رئيس قسم هندسة السدود والمواد المائية في جامعة صلاح الدين باربيل الأستاذ فيصل دهام، أن ادامة هذا الاجراء الذي كان متبعا من قبل وزارة الموارد المائية العراقية قمين بضمان سلامة السد، لكنه يبدي خشيته من توقف هذه الإجراءات منذ فترة غير قصيرة. بسبب الأوضاع الغير مستقرة في المنطقة.

مشاريع الري بحاجة الى صيانة وتأهيل، وحماية

الخبير بهندسة السدود الدكتور فيصل دهام قلل في مقابلة مع إذاعة العراق الحر من المخاوف التي تلوّح باحتمال تعرض السد الى الانهيار نتيجة طبيعة التربة التي أنشيء عليها جسم السد التراكمي، لكنه نبه الى ان استمرار اعمال الصيانة والحقن الدوري للتربة اسفل جسم السد، واللجوء الى إجراءات معينة في إدارة كميات المياه المخزونة خلف السد، وبرنامج تصريفها، قد تساهم في تأمين سلامة وضع السد الاستراتيجي.

الخبير دهام تحدث عن قدرة المهندس العراقي في انجاز مشاريع اروائية وسدود صغيرة أو متوسطة بكفاءة، بحكم وجود فروع في كليات الهندسة تدرّس هذا التخصص، لافتا الى أن الجهد الهندسي في إقليم كردستان نجح في تنفيذ عدة مشاريع اروائية بكفاءة ونجاح.

يأمل مختصون، بان يكون سدا الموصل وحديثة قد سلما من التعرض الى اضرار بالغة نتيجة الفعاليات العسكرية، في وقت تشير المعلومات الى ان سدة الفلوجة تعرضت الى الضرر خلال احتلالها من قبل المسلحين بما أثر على أدائها، وجعلها بحاجة كبيرة لأعمال تأهيل وصيانة، بحسب مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب، الذي اعترف في حديثه لإذاعة العراق الحر بان العديد من السدود ومشاريع الري في العراق لا تحظى بما تحتاجه من اعمال الصيانة والتأهيل التصميمية المنتظمة. مما يؤثر على كفاءة أدائها فيما بعد.

شارك في اعداد ملف العراق مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد رامي احمد.

please wait

No media source currently available

0:00 0:13:28 0:00
رابط مباشر

XS
SM
MD
LG