روابط للدخول

خبر عاجل

زعماء واعلام في قصيد الجواهري


عشرات من الوقائع والشؤون والأسماء يوثق لها الجواهري في قصيده المترامي، ذي الخمسة والعشرين ألف بيت، في هذه المناسبة أو تلك : تمجيداً، أو استذكاراً، أو احتفاء...كما وأدانة وانتقاصاً ...وما بين ذلك وهذا، كثير ومتنوع...
... وشأننا في هذه الحلقة من الايقاعات والرؤى، وقفات عند بعض ذلك القصيد الجواهري العامر الذي يُعنى ويتوقف ، بشكل مباشر ، عند اعلام "خلّدهم" التاريخ ، بهذا النحو او ذاك ، ويا للزمن من شاهد عدل عزوف عن الرياء...
... ولكي نستبق التساؤلات حسنة النية، أو سواها، دعونا نصرّح ان ما سيأتي من الشواهد ذات الصلة، إنما يفرضها ما يتوفر لنا من مقتطفات بصوت الجواهري حول ما نحن هادفون له في مثل هذا التوثيق الموجز... وبحسب سياق تاريخي، لا غير... مرددين مع صاحب الأمر:

يموت الخالدون بكل فج ٍ ويستعصي على الموت الخلودُ...

ففي عام 1944 يُسرى برفاة العلامة المصلح النهضوي الرائد جمال الدين الأفغاني من مصر إلى أفغانستان، عبر بغداد ، فيعتلي الجواهري المنبر بتلك المناسبة ليلقي مطولة شابك فيها، كعادته، الخاص بالعام، فدوت تتناقلها الأجيال، وراح يخاطب في مفتتحها الأفغاني بالقول:

هويتَ بنصره الحق السُهادا ... فلولا الموت لم تطق الرقادا
ولولا الموت لم تترك جهاداً ... فللت به الطغاة ولا جلادا
فزد بالفكر في خَلَد الليالي ... وجُل في الكون رأياً مستعادا
وكن بالصمت أبلغ منك نطقاً ... وأورى في محاججة زنادا
فان الموت اقصر قيد باع ٍ ... بان يغتال فكراً واعتقادا


كما وفي العام 1944 ذاته ، يدعى الجواهري للمشاركةفي احتفاء كبير بذكرى المعري في دمشق ، وبحضور ومشاركة جمع مختار من الرسميين والمبدعين، وفي مقدمتهم د. طه حسين... ومن بين أبيات قصيدته في الاحتفال ، المسجلة لدينا بصوت الشاعر الكبير عام 1979:

قف بالمعرة ِ وامسح خدها التربا، واستوح من طوق الدنيا بما وهبا
واستوح من طبب الدنيا بحكمته ، ومن على جرحها من روحه سكبا
على الحصير وكوز الماء يرفده، وذهنه ورفوف تحمل الكتبا
اقام بالضجة الدنيا واقعدها ، شيخ أطلّ عليها مشفقاً حدبا
لثورة الفكر تاريخ يحدثنا بأن ألف مسيح دونها صلبا


أما في عام 1977 فيشارك الجواهري في مهرجان حاشد ببغداد احتفاء بألفية المتنبي العظيم "صديقه، وجاره"، بحسب ما صرح به في أكثر من مناسبة، ويلقي نونية عصماء بأكثر من ثمانين بيتاً وجاء مطلعها:

تحدى الكون واختزل الزمانا فتى لوى من الدهر العنانا
فتى دوى مع الفلك المدوي فقال كلاهما : انا كلانا...
فيا ابن الرافدين ونعم فخرٌ ، بأن فتى بنى الدنيا فتانا
ويا ابن الكوفة الحمراء وشى ، بها سمط اللالئ والجمانا
بحسبك ان تهز الكون فيها ، فتستدعي جنانك واللسانا
وان تعلو بدان ٍ لا يُعلى ، وان تهوي بعال ٍ لا يُداني
فماذا تبتغي أعلوَ شان ٍ ، فمن ذا كان أرفعَ منك شانا


وهكذا ظل الجواهري شاعر القرن العشرين بحسب د. جليل العطيه، أو ديوان العصر، وفقاً للأستاذ حسن العلوي، موثقاً لوقائع محددة ، زماناً ومكاناً ومناسبةً ، كما ومستذكراً بالقصيد المدوي شخصيات وادواراً ، ومواقف معرّفةً باحداثها ووقتها : رؤساء وملوك وزعماء ومبدعين ومشاهير ، نحصي من بينهم، مع حفظ الألقاب والمواقع: فيصل الأول والخالصي وعبد المهدي المنتفكي وغاندي واحمد شوقي والبحتري وفيصل آل سعود والزهاوي وجعفر ابو التمن وياسين الهاشمي وستالين والمازني وفيصل الثاني ومعروف الرصافي وعبد الكريم قاسم والأخطل الصغير ومصطفى بارزاني وجمال عبد الناصر واحمد البكر والحسن الثاني وحافظ الأسد وجلال طالباني وسلطان العويس والحسين بن عبد الله... وجمعاً غزيراً آخر من الأقران.

وأخيراً نقول ان ثمة المزيد من التأرخة والتوثيق و" التخليد " في الديوان الجواهري ، وبالنقد والقسوة والادانة هذه المرة ، لشخصيات وزعماء ومشاهير، وغيرهم، وبصراحة مباشرة حيناً، أو تورية في أحايين أخرى ، ونأمل ان تكون موضع اهتمام وحديث لاحق.

المزيد في الملف الصوتي المرفق

ألجواهري ... إيقاعات ورؤى
برنامج خاص عن محطات ومواقف فكرية واجتماعية ووطنية في حياة شاعر العراق والعرب الأكبر... مع مقتطفات لبعض قصائده التي تذاع بصوته لأول مرة... وثـّـقـهـا ويعرضها: رواء الجصاني، رئيس مركز ألجواهري الثقافي في براغ... يخرجها في حلقات أسبوعية ديار بامرني.

XS
SM
MD
LG