روابط للدخول

خبر عاجل

الملف الثاني: أهمية صواريخ (الصمود) العراقية وإمكانياتها الهجومية


تحليل نشره أحد مراكز البحوث الأميركية عن صواريخ الصمود العراقية التي يتوقع أن تطلب الأمم المتحدة من بغداد تدميرها. العرض التالي أعده ويقدمه (ناظم ياسين).

تحت عنوان (صاروخ الصمود العراقي ذو الإمكانيات الكبيرة)، نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تحليلا كتبه (ريتشارد سباير)، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية.
يستهل الباحث بالإشارة إلى الخلاف المتنامي بين مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة وبغداد في شأن ترسانة العراق من صواريخ (الصمود).
في هذا الصدد، يُتوقع أن تطلب المنظمة الدولية من الحكومة العراقية اليوم تدميرَ هذه الصواريخ. ووفقا لما ذكره هانز بليكس، رئيس لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة (آنموفيك)، فإن قدرة صواريخ (الصمود) على تحقيقِ مدىً يزيد اثنين وعشرين في المائة عن المدى الذي تُجيزه قرارات الأمم المتحدة هي التي تجعله في عداد الأسلحة المحظورة.
لكن نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز صرح بالقول:"ليس هناك أي انتهاك خطير"، بحسب تعبيره. ومن غير الواضح بعد ما إذا ستّذعن بغداد لطلب تدمير الصواريخ.
الباحث يضيف أن نظرة فاحصة لصاروخ (الصمود) وتاريخ تطوره فضلا عن إمكانياته التقنية وهدفه الاستراتيجي من شأنها أن تساعد في إدراك أهميته.
ويقول إن (الصمود) يرتكز في تصميمه جزئيا على صاروخ (SA-2) السوفياتي، وهو صاروخ للدفاع الجوي تم تطويره في الخمسينات وقامت موسكو بتصدير الآلاف منه إلى دول أخرى. ومثل معظم صواريخ أرض-جو، يمكن لصاروخ (أس. أيه. 2) أن يلعب دورا ثانويا كصاروخ أرض-أرض. فقد استخدمته صربيا لهذا الغرض في حرب البلقان بمهاجمة أهداف تقع على مديات تبلغ نحو خمسين كيلومترا.

--- فاصل ---

الباحث (سباير) يوضح في تحليله أن الصاروخ (أس. أيه. 2) أصبح ركيزة لصواريخ أرض-أرض ذات المديات الأوسع. فالصين استخدمته كنموذج لصاروخها الذي يعرف باسم "8610"، ويتمتع بمدى يبلغ مائة وخمسين كيلومترا، وقامت بتصديره لاحقا إلى إيران. كما أن الهند استخدمت اثنين من محركات صاروخ (أس. أيه. 2) في منظومة الدفع لصاروخ (Prithvi) الأرضي القادر على إصابة أهداف تبعد مائتين وخمسين كيلومترا. أما النموذج البحري لهذا الصاروخ الهندي، ويعرف باسم
(Danush) فهو يتمتع بمدى يبلغ ثلاثمائة وخمسين كيلومترا.
ويشير الباحث إلى أن العراق خطّط لاستخدام صاروخ (أس. أيه. 2) في المرحلة الثانية من تطوير صاروخ (تموز 2) وذلك بوضعه على رأس صاروخ (الحسين). وبذلك كان المصممون يأملون في تحقيق مدى يبلغ ألفيْ كيلومتر.
وبعد حرب الخليج في عام 1991، حاول العراق تحويرَ صاروخ (أس. أيه.2) كصاروخٍ سري عُرف باسم (G-1) أو (J-1). لكن جميع اختبارات الإطلاق أصيبت بالفشل.

--- فاصل ---

التحليل الذي نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يذكر أن العراق حقق نجاحا أفضل بتحوير صاروخ (أس. أيه. 2) إلى صاروخ (الصمود) الذي ينخفض مداه المزعوم عن حدود مائة وخمسين كيلومترا المسموح بها وفقا لشروط وقف إطلاق النار. وفي عملية التحوير، جمعَ العراق بين تكنولوجيا صاروخ (أس. أيه. 2) والصاروخ المحظور من طراز (Scud).
ففي إنتاج صاروخ (الصمود)، أخذ العراق محرك صاروخ (أس. أيه. 2) الذي يعمل بالوقود السائل ودمجَه بتكنولوجيا صاروخ (سكاد). ومن الواضح أن هندسة وتصميم مكوّنات صاروخ (الصمود) تتشابه أيضا مع صاروخ (سكاد). كما أن منظومة التوجيه تشبه إلى حد بعيد المنظومة المستخدمة في صاروخ (سكاد) أكثر مما تشبه منظومة صاروخ (أس. أيه. 2).
ويقول الباحث إن التكنولوجيا التي طوّرت لصناعة صاروخ (الصمود)، لا سيما طريقة اللحم بالنحاس، أوجدت حلولا للعديد من المشاكل التي عرقلت العراق في جهود تصنيع صاروخٍ من طراز (سكاد) في الفترة التي سبقت حرب الخليج عام 1991.

--- فاصل ---

الباحث (سباير) يذكر أن تصميم صاروخ (الصمود) يتمتع بقابلية كبيرة للتطوير. ويشير إلى أن قُطر هذا الصاروخ وفقا لما ذكرته تقارير الرقابة للجنة (آنسكوم) في أعوام التسعينات يبلغ خمسين سنتيمترا. وعلى الرغم من الحظر الواضح الذي نصّت عليه تعليمات لجنة (آنسكوم)، قام العراق بتوسيع حجم هذا القطر إلى سبعة وستين سنتيمترا في صاروخٍ مماثل يُعرف أحيانا باسم (الصمود 2). وبذلك يكون أقرب حجما من قطر صاروخ (سكاد) الذي يبلغ ثمانية وثمانين سنتيمترا. وهكذا يستطيع صاروخ (الصمود 2) أن يحمل ما يزيد عن ضعفين وثلث الضعف من الوقود الذي يحمله الصاروخ الأصغر حجما على نحوٍ يمكّنه من بلوغ مديات تزيد على مائة وخمسين كيلومترا.
ويضيف الباحث أن هذه التقديرات لإداء صاروخ (الصمود) لا تأخذ بنظر الاعتبار التطويرات المحتملة التي جرت منذ مغادرة المفتشين الدوليين التابعين للجنة (آنسكوم) في عام 1998. لذلك يُعتقد أن التطويرات التي جرت تتيح لصاروخ (الصمود) الأصغر حجما أن يبلغ مدى مائتي كيلومتر في حال بلغت زنة محتويات الرأس الحربي الذي يحمله ثلاثمائة كيلوغرام. أما في حال تقليص وزن هذه المحتويات إلى مائتي كيلوغرام، فإن مدى الصاروخ يُحتمل أن يرتفع إلى ثلاثمائة كيلومتر.

--- فاصل ---

التحليل يمضي إلى القول إن نحو نصف حمولة صاروخ (الصمود) التي تبلغ ثلاثمائة كيلوغرام، كما رآها المفتشون التابعون للأمم المتحدة، تتكون من متفجرات شديدة. فيما يتكون النصف الآخر تقريبا من القذيفة الفولاذية الواقية. لذلك من غير المحتمل أن تكون هذه الحمولة قادرة على احتواء سلاح نووي. لكنها كبيرة إلى الحد الذي يمكنّها من احتواء رأس حربي كيماوي أو بيولوجي.
ويذكر الباحث (سباير) أنه حتى في حال بلوغ صاروخ (الصمود) مدى مائة وخمسين كيلومترا فقط، وهو المدى الذي تسمح به قرارات الأمم المتحدة، فإن هذه القدرة تتيح للعراق أن يقصف أهدافا في جميع الأراضي الكويتية، إضافة إلى وصول أهداف تقع في الأردن وتركيا على نحوٍ يعرّض القوات الأميركية الموجودة هناك للخطر. ولكي يتمكن العراق من استخدام هذه الصواريخ في قصف مثل هذه الأهداف التي تقع في الكويت أو تركيا، سيتعين عليه نقلها إلى أماكن تقع داخل نطاق منطقتي حظر الطيران في شمال البلاد وجنوبها. وفي هذا الصدد، يشير الباحث (سباير) إلى أن القوات الأميركية هاجمت في الآونة الأخيرة مواقع للصواريخ البالستية العراقية في المنطقة الجنوبية، بحسب ما ورد في التحليل الذي نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

على صلة

XS
SM
MD
LG