روابط للدخول

خبر عاجل

انتخابات يرفضها الخصوم وتبعثها دمشق كرسالة ذات مغزى


ناخبون سوريون بأحد مراكز الاقتراع في دمشق - 3 حزيران 2014
ناخبون سوريون بأحد مراكز الاقتراع في دمشق - 3 حزيران 2014
توجّهت الأنظار الثلاثاء إلى سوريا حيث أجريت الانتخابات الرئاسية على وقع معارك متواصلة غــيّبت خلال السنوات الثلاث الماضية الملايين من أبنائها اللاجئين الذين لم تُتح لهم فرصة المشاركة في التصويت.
لكن عدد الذين وُجّهت لهم دعوة الإدلاء بأصواتهم من الناخبين المؤهلين بحسب وزارة الداخلية السورية بلغ خمسة عشر مليون ناخب من المواطنين المتوزعين في أنحاء المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والتي يقدّر خبراء أنهم يمثّلون نحو 60% من السكان.

مراكز الاقتراع فتحت أبوابها عند السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي في تلك المناطق وبثّ التلفزيون الرسمي صوراً لناخبين يصطفون في طوابير للمشاركة في التصويت بعدة مدن، ومن بينهم الرئيس بشار الأسد الذي اقترع في مركز انتخابي بحيْ المالكي وسط دمشق.
وأشار تقرير لوكالة فرانس برس للأنباء إلى تحليق الطيران الحربي على علو منخفض بشكل مكثف في أرجاء العاصمة، منوّهاً بصعوبة إجراء تغطية إعلامية دقيقة لسير الانتخابات في ظل الأوضاع الامنية في مناطق عدة والقيود التي تفرضها السلطات على التنقل وصعوبة دخول المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة.
الأسد وعقيلته خلال تصويتهما على الدستور الجديد - 26 شباط 2012
الأسد وعقيلته خلال تصويتهما على الدستور الجديد - 26 شباط 2012


وفي الانتخابات التعددية الأولى في سوريا منذ نحو خمسين عاماً، تنافس أمام الأسد مرشحان اثنان هما عضو مجلس الشعب ماهر الحجار والوزير السابق حسان النوري اللذان تركز حديثهما في حملتيهما الانتخابيتين عن أخطاء في الأداء الاقتصادي والاداري والفساد.
وأُجريت الانتخابات بموجب قانون لا يفسح المجال عملياً لترشح أي معارض مقيم في الخارج إذ ينص على ضرورة أن يكون المرشح مقيماً في البلاد خلال الأعوام العشرة الأخيرة.
يذكر أن آخر سبعة انتخابات رئاسية أجريت من خلال الاستفتاء لاختيار بشار أو والده الراحل حافظ الأسد. ولم يحقق حافظ الأسد أقل من نسبة 99% بينما حقق نجله 97.6 % قبل سبعة أعوام مع توقعاتٍ بألا يحقق منافساه في انتخابات الثلاثاء مستويات تأييد تُذكر.

هذا فيما رفض خصوم الرئيس السوري والقوى الغربية ودول الخليج الانتخابات التي اعتبروها مسرحية هزلية قائلين إنه لا يمكن إجراء انتخابات في بلد بها مساحات شاسعة من الأراضي خارج سيطرة الدولة فضلاً عن ملايين النازحين.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري وصَفَ الانتخابات السورية بانها "إهانة" و"مهزلة" و"تزوير". فيما نَـعــتَها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأنها انتخابات "مزعومة" قائلاً إن نتائجها "معلنة مسبقاً" وذكرت بريطانيا أنه لن تكون للانتخابات "أي قيمة".
أما الأمم المتحدة فقد أعلنت أن اجراء انتخابات رئاسية في سوريا سيقوّض الجهود الرامية للتوصل الى حل سياسي.

تقرير لوكالة رويترز للأنباء أفاد بأن قوات المعارضة التي تقاتل من أجل الإطاحة بالأسد كثفت هجماتها في مناطق تحت سيطرة الحكومة خلال فترة الاستعداد للانتخابات في محاولة لتعطيل التصويت. فيما توقع مسؤولون حكوميون إقبالاً كبيراً وقالوا إن المشاركة القوية ستكون بأهمية النتيجة نفسها.

وفي هذا الصدد، نُقل عن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي تصريحه بأن حجم الإقبال هو بمثابة "رسالة سياسية". وأضاف أن "الجماعات الإرهابية المسلحة" زادت من تهديدها خوفاً من نسبة المشاركة العالية.
وكان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا دعا في كلمة بثتها فضائية (العربية) الاثنين المواطنين السوريين إلى "ملازمة منازلهم" و"عدم النزول بأرجلهم الى حمامات الدم والعار التي تريدها عصابة الأسد"، محذراً من "سلسلة تفجيرات وقصف على التجمعات ومراكز ما يسمى الاقتراع" التي يعد النظام لها، بحسب تعبيره.
وبُثــــّت كلمة الجربا بعد بضعة أيام من دعوة مماثلة وجّهها (الجيش السوري الحر) لمقاطعة الانتخابات التي أُجريت بوجود وفود مراقبين من دول داعمة أو صديقة للنظام بينها إيران وروسيا وكوريا الشمالية والبرازيل.

ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) واثق الهاشمي الذي أشار في تعليقه لإذاعة العراق الحر إلى إجماعٍ في آراء خبراء ومحللين بأن الانتخابات التي أُجريت في سوريا الثلاثاء "لا تشكّل شيئاً جديداً أو انعطافاً في المشهد السوري الذي سيبقى معقّداً"، بحسب تعبيره.
ناخبة في دمشق تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية السابقة - 7 أيار 2012
ناخبة في دمشق تدلي بصوتها في الانتخابات النيابية السابقة - 7 أيار 2012


وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، اعتبر الهاشمي أن الانتخابات الرئاسية السورية قد تكون فعلاً "مسرحية" كما يصفها البعض "لسبب هو أن سوريا نظام شمولي لا يعترف بالديمقراطيات ولكنها في ظل الضغط الدولي الكبير تحاول أن ترسل رسائل أنها ماضية في قضية الإصلاحات..". وأضاف "أن الغرب لا تعنيه هذه الانتخابات لأنه غير مؤمن بها ولكن الرسالة قد تكون إلى الداخل السوري أولاً وإلى العراق وإيران وروسيا وبعض الدول القريبة ثانياً..فضلاً عن أنها انتخابات ينظر إليها كفرض إرادة وأمر واقع على الجميع بأن الأسد سيعاد التجديد له في عملية تنظمها الحكومة السورية وبالتالي قد تكون هذه المعادلة غير متكافئة لاتجاهات متعددة بينها عدم وجود معارضة حقيقية تشترك فيها"، بحسب رأيه.

وخلص المحلل السياسي العراقي إلى القول إن الصورة التي تريدها دمشق "لن تكتمل بأخرى جديدة ناصعة لديمقراطية جديدة إذ ستبقى صورة مشوّشة وغير واقعية ومُرسلة إلى الداخل السوري أولاً ولحلفاء نظام بشار الأسد بطريقة ثانية، ولكنها إلى العالم قد تكون رسالة غير مقبولة بالمرة"، على حد تعبير الهاشمي.

من جهتها، قالت مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية الروسي الدكتورة ييلينا سوبونينا في ردها على سؤال بشأن موقف موسكو الداعم "إن روسيا أيّدت الانتخابات الرئاسية في سوريا وأرسلت بعثة مراقبين تضم ثلاثة أعضاء من مجلس الشيوخ الروسي أفادوا من هناك بأن المشاركة في رأيهم لا بأس بها مشيرين إلى طوابير من الناخبين في دمشق...".

وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجابت الخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط عن سؤالين آخرين أحدهما عما إذا كانت دمشق بحثت مسبقاً مع حليفيْها الروسي والإيراني فكرة إجراء انتخابات رئاسية في الوقت الذي كانت مفاوضات السلام تُجرى في إطار ما عُرفت بمحادثات (جنيف 2) برعاية واشنطن وموسكو والأمم المتحدة والثاني حول مصير هذه المحادثات في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات.

مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع رئيس (المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية) واثق الهاشمي، ومديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية الروسي
د. ييلينا سوبونينا.
please wait

No media source currently available

0:00 0:14:42 0:00
رابط مباشر
  • 16x9 Image

    ناظم ياسين

    الاسم الإذاعي للإعلامي نبيل زكي أحمد. خريج الجامعة الأميركية في بيروت ( BA علوم سياسية) وجامعة بنسلفانيا (MA و ABD علاقات دولية). عمل أكاديمياً ومترجماً ومحرراً ومستشاراً إعلامياً، وهو مذيع صحافي في إذاعة أوروبا الحرة منذ 1998.
XS
SM
MD
LG