روابط للدخول

خبر عاجل

الدستور العراقي.. مفخخ، أم يقرؤونه حسب المرام؟


تطرق مفردة "الدستور" أسماع العراقيين يوميا، وتحضر في مختلف المناسبات والظروف، فهي مقترنة بالمطالبات بالتوظيف الحكومي مثلا، والحصول على المنافع المالية، والدستور حاضر بقوة في النزاعات والخلافات السياسية والإدارية وما يرافقها من تصريحات نارية، والدستورمقترن بالحديث عن النفط وتوزيع عوائده على الشعب العراقي باعتباره مالكا للنفط، بحسب الدستور الذي يحضر للدفاع عن حقوق الإنسان، وضد اقصاء فرد او جماعة او مكون، والدستور حجة يلجا إليها المختلفون كلٌ يؤله بحسب غايته ومنفعته.
تقول ديباجة الدستور العراقي الدائم:
"نحنُ شَعْب العراقِ الذي آلى على نَفْسهِ بكلِ مُكَونِاتهِ وأطْياَفهِ أنْ يُقَررَ بحريتهِ واختيارهِ الاتحادَ بنفسهِ، وأن يَتَّعِظَ لِغَدِهِ بأمسهِ، وأن يَسُنَّ من مِنْظُومَةِ القيمِ والمُثُلِ العليا لِرسَالاتِ السَماءِ ومِنْ مسْتَجداتِ عِلْمِ وحَضَارةِ الإنْسَانِ هذا الدُسْتورَ الدائمَ. إنَّ الالتزامَ بهذا الدُسْتورِ يَحفَظُ للعراقِ اتحادَهُ الحُرَ شَعْبَاً وأرْضَاً وسَيادةً."

تُرى هل من الصحيح القول أن الكثير مما يثار من أزمات هذه الأيام سببُها الدستور؟
يرى السياسي المستقل شاكر كتاب أن الدستور لم يكن واضحا وحاسما في بعض مواده، ما أدى الى ان يكون عرضة للاجتهاد والتفسير المتباين، من قبل القوى السياسية.
لكن عضو اللجنة القانونية عن التحالف الكردستاني النائب لطيف مصطفى أكد في حديث لإذاعة العراق الحر، أن من الظلم الانتقاص من الدستور العراقي، فهو الأفضل في دول المنطقة، بحسب رأيه، وقد كُتب بمشاركة جميع مكونات الشعب العراقي دون ضغط وفرض، وجرى الاستفتاء عليه. لكن المشكلة في عدم التزام البعض ببنود هذا الدستور. أوالاتفاق على تفسير مواده، باللجوء الى المحكمة الاتحادية، ولمح مصطفى الى وجود انتقاد الى المحكمة الاتحادية لانحيازها الى الحكومة..

هو مرجعية تشريع القوانين

الدستور الذي شارك بكتابته والاستفتاء عليه جميع العراقيين وممثليهم، هو القانون الأعلى في كل بلد، وهو مرجعية تشريع القوانين وتنظيم الحياة الإدارية والسياسية في البلاد، كما أوضح أستاذ القانون الدولي في جامعة بغداد الدكتور هادي نعيم، الذي بيّن أن الكثير من المواد في اغلب دساتير العالم تحتاج الى تفسيرات قانونية لاحقة، عند التطبيق، لذا فليس المستغرب اللجوء الى المحكمة الدستورية( الاتحادية بحسب تسميتها في العراق) لبيان الرأي وحسم الاجتهاد.
وزير الخارجية هوشيار زيباري أشار خلا ل كلمته مؤخرا أمام مؤتمر كتابة الدساتير في دول الربيع العربي الذي عقد برعاية العراق (رئيس القمة العربية الحالية)، الى ان الدستور العراقي يعد الأول الذي أسس نظاما سياسيا ديمقراطيا برلمانيا قائما على فصل السلطات، وفرض احترام الحقوق والحريات، وأوجب إدارة الدولة والحكم من قبل كافة المكونات والأقليات، وجعل مشاركة المرأة في الحياة السياسية والنيابية نصا دستوريا وشرطا أساسيا لشرعية السلطات.

كلمة حق يراد بها باطل!

ويرى عضو مجلس النواب السابق القاضي وائل عبد اللطيف، أن الدستور العراقي واضحٌ غير ملتبس، لكن البعض يلوي عنق الحقيقة لتبرير مواقفه، لافتا الى أن للمحكمة الاتحادية القول الفصل عند الاختلاف.
من جانبه يعتقد النائب عدنان الدنبوس أن التوافقات السياسية والمحاصصة التي اعتمدها السياسيون للحصول على المكاسب، هي التي أضرت بالدستور وسهلت اختراقه والاجتهاد في تفسيره.
يشهد الواقع السياسي في العراق أزماتٍ متلاحقة ومتضخمة بحسب مراقبين، ويدعي المختلفون أن كلاً منهم ملتزمٌ بالدستور وان الآخر هو من يخرقه، السياسي المخضرم النائب الكردي المستقل محمد عثمان، عند سؤاله هل أن جميع السياسيين يلتزمون بالدستور، نفى ذلك، واتهم جميعهم، عرباً وكردا بتجاوزهم على الدستور، والسعي لكسب المغانم السياسية، من خلال الاتفاقيات الجانبية، التي لا تصمد بعد حين، ومن ثم يجري الحديث عن مخالفات دستورية. عثمان قال إن السياسيين لا يُصدقون القول َ عند حديثهم عن الالتزام بالدستور، فهي كلمة حق يراد بها باطل، بحسب تعبيره.

دستور مفخخ

كتب الإعلامي سالم مشكور أن أحد أسباب الأزمة المتواصلة فصولها محصور بالتعاطي الانتقائي مع الدستور، وأضاف مشكور في مقالة بعنوان دستورنا المفخخ بصحيفة الصباح الجديد الأحد، أرادوا سلقه فجاءنا "نصف مسلوق" يسبب اضطرابات وآلاما كل حين. التوافق الذي صكوّا أسماعنا به جاء بدستور ركيك مهلهل، كثيرٌ من مواده حماّل أوجه، بحيث يعطي المجالَ لكل طرف لتفسيره حسب هواه، وإذا ما استُفتيت المحكمة الاتحادية حول تفسير مادة ، يأتي جوابها حماّل أوجه أيضاً، مراعاة للتوافق فيبقى كل طرف مفسرّا "التفسير" على انه يصب في مصلحته؟. ويبقى البلد يدور في حلقة مغلقة.
وبهذا الاتجاه يخشى المحلل السياسي واثق الهاشمي من أن الدستور العراقي أصبح مجالا لافتعال الأزمات، وليس لحلها، لكونه –بحسب الهاشمي- كتب من قبل سياسيين توافقوا على تثبيت مصالحهم ومصالح مكوناتهم، ما يوجب اليوم التفكير بإعادة كتابة بعض مواده وتعديلها
لكن أستاذ القانون غسان السعدي يؤكد أن المشكلة ليست بالدستور الذي كثيرا ما رُمي من قبل السياسيين عند تعارضه مع مصالحهم، بل بسبب التوافقات التي إلتفت على بنود الدستور وقواعده.

عثمان: ركنوه على الرف!

تحمل اغلب الرسائل المكتوبة والصوتية التي تصل الى إذاعة العراق الحر، انتقادات للقادة السياسيين والمسؤولين المشغولين في مشاكلهم والأزمات المتتابعة، في حين تغيب خارطة التنمية والتطوير، والخدمات والرعاية في حياة اغلب العراقيين.
السياسي الكردي المستقل النائب محمود عثمان أشار في اتصال هاتفي مع إذاعة العرا ق الحر، الى أن المواطن يشعر بالإحباط الشديد من تجاهل سياسييه، وانحدارهم الى حروب إعلامية على الهواء، من خلال القنوات الإعلامية المختلفة في تبادل التهم والانتقادات لبعضهم البعض، بعيداً عن ما وفره الدستور العراقي من حلول للمشاكل، وكأني بهم قد "وضعوا الدستور على الرف، وانشغلوا بحروبهم الكلامية".

please wait

No media source currently available

0:00 0:15:24 0:00
رابط مباشر
XS
SM
MD
LG