روابط للدخول

خبر عاجل

الأسلحة.. أو المسكوت عنه في الحملتين الإنتخابيتين


مع سقوط أكبر عدد من الناس بين قتلى وجرحى بفعل أشخاص يحملون أسلحة، شهد العام الحالي تسجيل رقم قياسي مروع في الولايات المتحدة. إلا أنك ما كنت ستدرك هذه الحقيقة من خلال استماعك لأي من الرئيس باراك أوباما أو متحديه مِت رومني، فقد ابتعد كلاهما في حملته الانتخابية عن الحديث حول مسألة السيطرة على السلاح. أما عدد القتلى فكان 12 في كولورادو، 9 في وسكونسن، 7 في كاليفورنيا، 5 في مينسوتا، وحتى هذه القائمة الجزئية لحوادث القتل في الأماكن العامة تثير الذهول.

وكان الرقم القياسي قد تم تسجيله أثناء الحملة الانتخابية لرئاسة البلاد، وبعد أن استخدم رجل مختل عقلياً بندقية شبه آلية ومسدسين وبندقية صيد في قتل 12 شخصا في صالة سينما بولاية كولورادو، وأشار المرشحان إلى ضرورة تعزيز فرض قوانين الأسلحة الحالية، ولكن أي منهما لم يطالب بقوانين جديدة.
وحين وجه أحد الحاضرين في مناظرة بين المرشحين عمّا سيفعله المرشح في حال فوزه من أجل سحب الأسلحة الهجومية من شوارع المدن، لم تكن إجابة أي منه المرشحين مباشرة، فقد صرح رومني بأنه لا يؤيد تشريع قوانين أسلحة جديدة كما أشار إلى أهمية العائلات القوية. أما أوباما فقد أشار إلى محاولة إعادة فرض الحضر على الأسلحة الهجومية، قبل أن يشدد على أهمية التعليم الجيد. وقد سخر كوميديون في برنامج تلفزيوني واسع الانتشار، قائلين:
إحدى السيدات: كنت أتساءل حول ما سيفعله أي منكما لمنع الأسلحة الهجومية – مثل الـAK47 (المعروفة باسم كلاشنكوف) – في الشوارع؟
رومني: لا شيء.
أوباما: أنا أيضا لن أفعل شيئا.

قلة الحديث عن السيطرة على الأسلحة ضمن الحملة الانتخابية تثير الدهشة، إذ كان كل من أوباما ورومني سبق لههما وأيدا قوانين صارمة في هذا الشأن. فكان رومني – كحاكم لولاية ماساتشوسيتس –تعهد بحماية ما وصفها بـ "القوانين المتشددة" في ولايته، وصادق على تشريع جديد يمنع الأسلحة الهجومية. أما أوباما – حين كان عضواً في مجلس شيوخ ولاية ألينوي عن مدينة شيكاغو المعروفة بنسبتها العالية من الإجرام – فقد أكد "إنه من الضرورات القصوى أن نشرع سيطرة صارمة على الأسلحة على الصعيد الفدرالي وفي الولايات أيضا". إلا أنه – بعد أن أمضى أربع سنوات كرئيس للبلاد – لم يوقع أوباما على أي تشريع يخص الأسلحة باستثناء تشريع واحد يتيح إدخالها إلى المحميات القومية وفي القطارات.

وفي أعقاب حادث صالة السينما في كولورادو تحدث أوباما عما حققته إدارته في شأن السيطرة على الأسلحة، منوّهاً بأن حادث إطلاق النار في مدينة توسون بولاية آريزونا – التي راح ضحيته ثمانية أشخاص، وتسبب في إعاقة عضو مجلس النواب الأميركي غابرييل غيفوردز – كان بمثابة تفويض له بالتحرك. وتابع أوباما قائلا:
"حين تقع كارثة مأساوية كتلك التي شاهدناها، تنطلق المطالبات في أعقابها بضرورة التحرك، فهناك حديث عن إصلاحات جديدة، وهناك حديث عن تشريعات جديدة، ولكن كثيرا ما تفشل هذه الجهود بسبب السياسة والوساطة وكذلك بسبب انشغالنا في مجمل اهتماماتنا الأخرى. ولكن الذي قلته في أعقاب حادث توسون هو أننا سنضل نتابع الموضوع بكل مثابرة، ما يشير إلى أننا قد اتخذنا بعض التدابير بمفردنا".

غير أن التدابير التي سردها كانت في معظمها جهودا حكومية للمشاركة مع المدارس والكنائس والسلطات المحلية لفرض القانون من أجل تخفيض نسبة الجرائم.
ويقول روبرت سبيتزر – أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية نيو يورك ومؤلف كتاب "سياسة السيطرة على الأسلحة" إن الحزب الديمقراطي معروف تاريخيا بتأيده لقوانين أسلحة صارمة، غير أنه بدأ في التراجع عن ذلك الموقف في أعقاب انتخابات عام 2000 حين خسر مرشحه آل غور أمام جورج بوش الابن بفارق ضئيل. ويضيف سبيتزر:
"شعر الديمقراطيون بأن غور ربما فشل في الانتخابات – ولو بشكل جزئي – بسبب تأييده القوي لتشريعات الأسلحة الصارمة. صحيح عن التدقيق اللاحق في أسباب فشل غور لم تؤيد ذلك الانطباع، إلا أن الحزب الديمقراطي ظل مقنعا بأن قضية الأسلحة لم تكن عنصرا ناجحا في حملاته الانتخابية. فلجأ الديمقراطيون بعد ذلك إلى التخلي عن المطالبة بتشريعات أشد للسيطرة على الأسلحة وبادروا إلى استقطاب مرشحين معروفين بتأييدهم لامتلاك السلاح، سعيا منهم إلى توسيع التأييد الشعبي لحزبهم".

أما رابطة البنادق القومية ذات النفوذ الكبير فتعتبر مت رومني قادراً على حماية حرية تملك الأسلحة. وأكد رومني أمام جلسة للرابطة في نيسان الماضي قائلا:
"نحن بحاجة إلى رئيس يحمي حقوق الصيادين والرياضيين والراغبين في حماية مساكنهم وعائلاتهم. الرئيس أوباما لم يفعل ذلك. فمن أجل حماية الحق الدستوري بامتلاك السلاح لا بد لنا من انتخاب رئيس سيدافع عن الحقوق التي يتجاهلها الرئيس أوباما أو يقلل من شأنها. أما أنا فسوف ألتزم بحماية الحق الدستوري للشعب الأميركي".
ويمضي سبيتزر فينبه إلى أن رومني – حين يتحدث أمام الأميركيين من غير المؤيدين لامتلاك السلاح – يلتزم جانب الصمت، ويقول سبيتزر:
"يواجه رومني وضعا يجعله محتاجا إلى كسب أصوات الوسط وأصوات الذين لم يتخذوا قرارهم الانتخابي بعد، وهم الناس الذين لا يلتزمون التطرف. لذا بات رومني يقترب من الوسط في السياسة الأميركية، والإفراط في الحديث عن حقوق امتلاك الأسلحة وعن عدم فرض قوانين جديدة لهذا الشأن لا يساعده في مساعيه لكسب أصوات المعتدلين والمتذبذبين".

أما ابتعاد كلا المرشحين عن الحديث في شأن الأسلحة فيعود جزئيا إلى عدم مطالبتهما بذلك من قبل الأميركيين. في 1990 كان 78% من الناس يؤيدون فرض قوانين صارمة للسيطرة على الأسلحة. أما في 2011 انخفضت هذه النسبة إلى 43%. والآن يعتبر نحو 55 من الناس أن القوانين الحالية يجب تخفيفها.
ويعتبر سبيتزر أن هذا التوجه يعود جزئيا إلى حوادث إطلاق النار العلنية التي تروج لها وسائل الإعلام والتي تتسبب بدورها في زيادة تطرأ على مبيعات الأسلحة للدفاع عن النفس. ويضيف:
"لقد تزايدت القناعة الآن بأن أصحاب الأسلحة لديهم الحق في امتلاكها، كما تعززت الآمال بأن غالبية أصحاب الأسلحة يتمتعون بروح المسئولية وبأنهم لن يستخدموها ضد الناس الأبرياء".

أعدت هذا التقرير هيذر ماهر لغرفة الأخبار المركزية بإذاعة أوروبا الحرة وترجمه أياد الكيلاني.
XS
SM
MD
LG