روابط للدخول

خبر عاجل

مصر: إغلاق صحف وملاحقة صحفيين بتهمة اهانة رئيس الجمهورية


صادرت أجهزة سيادية مصرية صحيفة الشعب الناطقة بأسم حزب العمل، بينما من المقرر ان تعقد محكمة جنايات القاهرة الخميس(23آب) أولى جلسات محاكمة رئيس تحرير جريدة الدستور الكاتب الصحافي إسلام عفيفي المتهم بإهانة رئيس الجمهورية، والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم، وقررت نيابة أمن الدولة كذلك استدعاء رئيس تحرير صوت الأمة عبدالحليم قنديل، ورئيس تحرير الفجر عادل حمودة وتوجيه الاتهام النفسه اليهما.

واعتبرت "جبهة الإبداع" إن "الإعلام في مصر يتعرض لهجمة شرسة، الأمر الذي ينذر بولادة فرعون جديد، يعيد سياسة تكميم الأفواه والقمع، التي اعتاد عليها نظام مبارك وإن كان يمارسها في خفاء، فالنظام الجديد يمارسها في العلن".

وكان محام من جماعة الإخوان المسلمين قد تقدم ببلاغات للنائب العام بشأن "اهانة" صحيفتا صوت الأمة، والفجر لرئيس الجمهورية، ووصف صحيفة الدستور رئيس الجمهورية محمد مرسي بـ"الرئيس الفاشي، راعى الإرهاب"، و"الرئيس الخادم لأميركا وقطر".

وقال سكرتير عام نقابة الصحافيين كارم محمود إن "النقابة ترفض بشدة ما يحدث حاليًا، مؤكدا أن النقابة لن تسمح بالعودة إلى سياسات نظام مبارك، وترهيب الصحفيين ومنعهم من التعبير عن آرائهم".

كما استنكرت حركة كفاية الإسكندرية- في بيان أصدرته الثلاثاء(21آب) قرار إحالة متحدثها الرسمي الكاتب الصحفي الدكتور عبد الحليم قنديل وآخرين إلى نيابة أمن الدولة، واعتبرته "اعتداء صارخا وصريحا على حرية الرأى والتعبير، والحريات بصفة عامة".

وقالت الحركة، إنها "لن تقبل إحلال جماعة الأخوان المسلمين وحزبها محل الحزب الوطني المنحل".

ووصف الكاتب الصحافي عبد الحليم قنديل قرار استدعائه إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه بشأن البلاغ المقدم ضده بتهمة إهانة رئيس الجمهورية بـ"التكرار الهزلي لتجربة نظام حكم مبارك"، وتساءل عن علاقة أمن الدولة العليا بالقضية.

وقال قنديل "لا يوجد ما يسمى بتهمة إهانة الرئيس، لأن الرئيس ليس إلها أو نصف إله أو نبيا، هو موظف عام ولا بد أن يدفع ضريبة ذلك وهي النقد، وحق النقد له متاح".

أما رئيس تحرير جريدة الدستور إسلام عفيفي فأعرب عن استيائه "إزاء العدد الهائل من البلاغات ضد الصحافيين والإعلاميين في الفترة السابقة"، وقال إنها "حملة منظمة من الإخوان المسلمين ضد الإعلام يريدون إسكات أي معارضة لسياساتهم".

وفي الوقت نفسه، اتهم رئيس تحرير جريدة الشعب الجديد الكاتب الصحفي مجدي حسين أجهزة سيادية بمصادرة جريدة الشعب، وقال إنه "تمت مصادرة أعداد الجريدة بعد طباعتها بمؤسسة الأهرام، بدعوى وجود أخطاء فنية في الطباعة".

ودعا عضو مجلس الشعب السابق عمرو حمزاوي القوى الليبرالية إلى "التوحد حفاظاً على مصر المدنية والديمقراطية، ومواجهة تعقب الصحافيين والإعلاميين، والتصدي للماكينة السلطوية التي ستنتج بلا محالة ديكتاتوراً دينياً"، حسب قوله.

وقال حمزاوي إنه "لابد من مواجهة الآراء المرتدية زيفاً عباءة الدين وتروج لاستبداد جديد بتحريم وتجريم التظاهر وبإهدار دم المتظاهرين"، وبحديث "لا لإهانة الرئيس".

ونفت الحكومة المصرية مرارا أي نية لفرض رقابة على الرأي، وأكد وزير الإعلام المصري صلاح عبد المقصود ـ عضو جماعة الإخوان المسلمين ـ حرص الحكومة على حرية الرأي والتعبير وحرية النقد، لكنه رفض "السب والقذف والتحريض على الفتنة".

وقال سعيد غزلان المتحدث باسم الإخوان المسلمين إن "الذين تقدموا ببلاغات للنائب العام ضد صحافيين ليسوا من الإخوان"، وأضاف "هناك أيضا أناس عاديون يشعرون بالقلق من الإهانات المثيرة للاشمئزاز التي كانت بعض وسائل الإعلام تنشرها".

ومن جهته، علق الناشط الحقوقي جمال عيد بأن "تحركات الإخوان في الآونة الأخيرة ضد الإعلام قاسية وغير مقبولة وتنبئ بعودة الطريقة التي كانت تدار بها الأمور أيام مبارك"، وقال إن "هناك تجاوزات من الإعلام ولكن هناك أيضا وسائل لمعاقبة الصحافيين بدلا من جرهم للمحاكم والسجون".

وامتنع العديد من الكتاب الصحافيين عن نشر أعمدتهم الصحفية، وتركت الصحف مساحات المقالات بيضاء احتجاجا على ما وصفته بـ"الغزو" الذى تقوم به جماعة الإخوان للصحافة المصرية.

وكتب الكاتب الصحفي جمال فهمي أعلى مساحة مقاله التي تركها بيضاء في صحيفة "التحرير" "هذه المساحة بيضاء اليوم قرفا واعتراضا واحتجاجا، ضد سطوهم على الصحف ووسائل الإعلام العامة المملوكة للشعب المصري تماما كما كانت تفعل عصابة المخلوع".

وكانت جماعة الإخوان المسلمين بدأت ملاحقتها للإعلاميين بوقف بث قناة "القراعين" التي يملكها الإعلامي توفيق عكاشة، وأحالته إلى محكمة الجنايات بتهمة التحريض على قتل مرسي وإهانته.

وكان عكاشة قال في برنامج بثته القناة التي يملكها "إن مرسي وجماعته يستحقون القتل"، وهو ما دفع مواطنون ينتمون للتيار الإسلامي لمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي للمطالبة بوقف بث القناة، وتعدوا بالضرب على إعلاميين بينهم رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع خالد صلاح.
وتوالى بعد ذلك التضييق على الإعلاميين والصحفيين، بمصادرة جريدة الدستور وإحالة عدد من الصحفيين للجنايات، وتقديم بلاغات ضد بعض الإعلاميين بتهمة نشر أخبار غير صحيحة تتعلق بلقاء رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد بديع.

يشار إلى أن الرئيس المصري محمد مرسي كان قد توعد في خطاب سابق بالانتقام بالوسائل القانونية من المسيئين إليه في وسائل الإعلام.

وشكلت لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة لجنة وطنية دائمة للدفاع عن حق الشعب المصرى في الرأي والتعبير، وتنسيق كافة الجهود التى تمكن اللجنة من استخدام جميع الإجراءات الاحتجاجية السلمية لمواجهة مصادرة وإغلاق الصحف وتقييد حرية الرأى والتعبير ومطاردة الصحفيين.

وفي واقعة زادت حالة الاستياء لدى الصحفيين، تدخلت صحيفة الأخبار بتعديل عنوان مقال للكاتبة نهاد عرفة، وهي نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار، من "ثقافة الحوار.. فى زمن الإخوان"، ونشرته بعنوان "ثقافة الحوار" فقط، كما قالت الكاتبة.

وقالت الكاتبة الصحفية إنها قامت بمخاطبة كارم محمود سكرتير عام نقابة الصحفيين، وطلب منها تقديم شكوى للنقابة، لكنها رفضت، مؤكدة أنها ستستمر في الكتابة والدفاع عن حرية الرأي.

ومن المعروف أن صحيفة الأخبار هي أحد أكبر الصحف القومية في مصر، التي عين مجلس الشورى ذو الأغلبية الإسلامية رؤساء تحريرها مؤخرا، الأمر الذي قوبل باستياء شديد من المعارضة واعتبرته استمرارا لنهج النظام السابق.

ولم يتوقف الأمر على ذلك، فقد قرر الاربعاء(22آب) رئيس تحرير صحيفة الجمهورية جمال عبد الرحيم إلغاء باب "الثقافة والفن" اليومي، وأثار ذلك القرار احتجاج الصحفيين في الجمهورية، ولم يبرر رئيس التحرير قرار إلغاء الباب الذي يصدر يوميا بصفة منتظمة منذ نحو ستين سنة، غير أن محرري الصحيفة المحتجين قالوا إن القرار يأتي في إطار سلسلة إجراءات يقوم بها الأخوان المسلمون تستهدف الثقافة والإبداع، على حد تعبيرهم.

وكان الإغلاق والمصادرة أمرا مستبعدا في ظل نظام مبارك، ومن بين الخطوط الحمراء التي لم يتجاوزها إلاّ في حالات محدودة.

وتشهد الساحة الإعلامية محاولات لتنظيم تحرك يستعيد حرية الصحافة والإعلام، غير أنها لم تفض حتى الآن إلى تشكيل جماعة ضغط يعتد بها، كما تشهد الساحة السياسية المصرية حالة من الاحتقان.
XS
SM
MD
LG