روابط للدخول

خبر عاجل

فرحان باقر: طببتُ أربعة رؤساء وصدام أقالني و48 من زملائي بلا مبرر


استاذ الطب الدكتور فرحان باقر
استاذ الطب الدكتور فرحان باقر
يتاح للبعض منا ان ينال شهرة وسمعة قد يحسده الآخرون عليها، ومن هؤلاء الأطباء الحاذقون الذين نجحوا في مجال عملهم وكسبوا رضا الناس ودعاءهم، بسبب حذقهم ومهارتهم واخلاصهم للمهنة التي اختاروا وبرعوا فيها
ومن هؤلاء اختصاصي الباطنية والقلب الاستاذ الدكتور فرحان باقر الذي تخرج في كلية طب بغداد عام 1948 .

يدين الدكتور فرحان باقر بالفضل الى آخيه الأكبر الطبيب الدكتور عباس باقر، والى أستاذه في الفيزياء في الاعدادية وصديقه ومريضه من ثم الدكتور عبد الجبار عبد الله، اذ حثه الاثنان على اختيار دراسة الطب بعد تخرجه من الإعدادية بتفوق.

ويستذكر خلال الحوار المستوى العاني الرفيع لكلية الطب العراقية التي أسست عام 1927 وهي من أوائل كليات الطب في منطقة الشرق الأوسط.على يد اطباء بريطانيين وعراقيين(على رأسهم العميد سندرسن باشا الطبيب المرافق للجيش البريطاني ومن ثم طبيب العائلة المالكة)، وفق منهج واحدة من اعرق الكليات وهي كلية الطب في ادنبره،( وشمل هذا النهج كليتي طب الموصل وطب البصرة عند تأسيسهما فيما بعد).

وقد عمل فرحان باقر وعدد آخر من زملائه الأطباء الاختصاصيين على ترسيخ تقاليد العمل الطبي الرصين في المستشفيات العراقية.

ويؤكد فرحان باقر ان خريجي الكليات العراقية كانوا على الدوام محط تقدير وثقة ومن قبل أرقى المعاهد والكليات الطبية العالمية لرصانة مستواهم ومهارتهم العلمية والفنية.

ولد فرحان باقر في مدينة الكاظمية في عام 1926 أنهى الدراسة الابتدائية في مدرسة المفيد سنة 1937، وتخرج من متوسطة الكاظمية سنة 1940 وانهى الدراسة الاعدادية في الثانوية المركزية سنة 1942 وكان من المتقدمين الأوائل في جميع المراحل الدراسية.

دخل الكلية الطبية الملكية 1942 عام ليتخرج طبيبا سنة 1948، ولتفوقه عمل مدرسا في الكلية نفسها لغاية عام 1952، ثم اختار التوجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية للتخصص في الطب الباطني وبقي أربع سنوات حصل فيها على شهادات الاختصاص في الطب الباطني ام أر سي بي.

بعد عودته الى العراق عام 1957 عين مشرفا ومدرسا في قسم الباطنية في كلية الطب ، شارك الدكتور فرحان باقر في تأسيس نقابة الأطباء وأصبح سكرتيراً للجمعية الطبية عام 1960 وفي تلك الفترة كان أستاذا في الطب الباطني.

على يديه تعافت حالات مرضية معقدة، وذاع صيت علمه بين مواطنيه وحرص أغلب حكام العراق المعاصر على أن يكون طبيبهم الأقرب، فيذكر باقر خلال الحوار انه كان طبيبا لأربعة رؤساء، هم عبد الكريم قاسم وعبد الرحمن عارف واحمد حسن البكر الذي خوله باختيار وترشيح أي طبيب الى القصر الجمهوري وآخرهم صدام حسين.

كثيرا ما أبدى الدكتور فرحان باقر تساؤله واندهاشه من قرارا مفاجئ اتخذه الرئيس صدام حسين عام 1979 بإقالة قائمة من 48 طبيبا اختصاصيا من أطباء مدينة الطب بقرار رئاسي ، وضع اسم فرحان باقر على رأس القائمة.

ويعتقد فرحان باقر أن وشاية ربما سربها البعض الى الرئيس صدام حسين دفعته إلى اتخاذ هذا القرار المتسرع والخطير النتائج على الطب العراقي، وقد تناولت صداه المؤسسات الطبية العالمية وأطلقت على الحادثة تلك (مذبحة مدينة الطب)، وشملت أيضا الأطباء زهير البحراني والدكتور نجم الحديثي والدكتور سالم الدملوجي وغيرهم.

دفعه الحادث الى مغادرة بلده العراق مهاجرا الى الولايات المتحدة حيث عمل فيها فترة تدريسيا وفي عيادته الخاصةن، حتى دعته دولة الإمارات العربية لتسنم مركز اداري مرموق في مؤسساتها الطبية.

يعود فرحان باقر الى العراق بعد عام 2003 وبالرغم من عمله لفترة قصيره مستشارا لرئيس الوزراء عام 2007 وبرغم حبه للتدريس في كلية الطب، الا أن وطأة السنين والمرض دفعتاه الى الاعتذار عن مواصلة وظيفته فضلا عن الظروف العامة، فغادر بلده ثانية ليبقى متنقلا بين الإمارات العربية والولايات المتحدة.

تطرق فرحان باقر الى العلاقة المتينة والرابطة الدائمة بين طالب الطب وأستاذه، وهو سلوك درج عليه الأطباء منذ أجيال وقرون وربما يعود السبب إلى أن هناك قاسما مشتركا بين الاثنين وهو المريض الذي أوصت الشرائع السماوية والأخلاقية باحترامه ومساعدته وهذا ما انطوى عليه قسم أبي قراط او من يعرف بابي الطب الذي صاغ قسَماً ينطوي على قدسية المهنة وواجبات الطبيب واخلاقياته.
ومازال قسم الطبيب يردده الآلاف منهم كل سنة، وقد اجتهدت الشعوب والمجتمعات في اختيار صيغة القسم لكنها جميعا تلتقي في نفس المحاور والغرض مع الاخذ بالحسبان طبيعة المجتمع وثقافته وديانته.

فالقسم الطبي حسب المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي ينص على: "أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايتي الطبية للقريب والبعيد، الصالح والطالح، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم، أسخِّره لنفع الإنسان لا لأذاه. وأن أوقر من علمني، وأعلّم من يصغرني، وأكون أخًا لكل زميل في المهنة الطبية في نطاق البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقيًا مما يشينني والله على ما أقول شهيد"

ويتهدج صوت فرحان باقر وهو يشهد لوفاء بعض طلابه الذين غدوا اطباء مرموقين وأساتذة طب، حينما نكبوا على يده لتقبيلها بعد سنين من فراقهم له، في صورة بليغة ومؤثرة عن الامتنان والوفاء والشكر.

ويلاحظ استاذ الطب فرحان باقر دراسة الطب قد تاثر مستواها فيالعراق نتيجة ظروف قاسية شهدها البلد وشعبه خلال العقود الثلاثة الاخيرة، برغم حرص ودأب الاطباء ونضالهم لترصين التدريس في كلياتهم برغم قلة المصادر والحصار العلمي والذي اضر كثيرا بفرص التطور والنجاح.

please wait

No media source currently available

0:00 0:15:00 0:00
رابط مباشر
XS
SM
MD
LG